تونس: السياحة والإرهاب والطوارئ

أشار تقرير صادر عن خبراء في الأمم المتحدّة إلى أن عدد التونسيين الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية يفوق الـ 5000 تونسي بين سوريا والعراق وليبيا واليمن

تونس: السياحة والإرهاب والطوارئ

سيّاح أجانب يتضامنون مع تونس عقب هجوم سوسة

تواجه تونس، ومنذ أكثر من شهر، هجمة إرهابية شرسة كان أعنفها الهجوم الذي حصل في فندق في ولاية سوسة، وأدّى إلى مقتل 38 سائحًا منهم 30 بريطانيًا كانوا يستجّمون في تونس التي تشكّل السياحة ما بين 18 إلى 20 بالمئة من مدخولها السنوي، ممّا يشكّل ضربة موجعة للسياحة التونسية خاصة بعد أن أصدرت بعض الدولة الأوروبية وعلى رأسها بريطانية توصية بعدم زيارة تونس، ولحقتها توصيات مشابهة عدّة من دول مختلفة.

وبالإضافة إلى الضربة الموجعة للسياحة التونسية، أشار تقرير صادر عن خبراء في الأمم المتحدّة إلى أن عدد التونسيين الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية يفوق الـ 5000 تونسي بين سوريا والعراق وليبيا واليمن، ممّا يثير مخاف الأوروبيين والتونسيين خاصة أن الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية ليسوا أبناء طبقة مجتمعية واحدة، بل يتوزّعون على كافة الفئات المجتمعية في تونس.

وبعد أن أعلنت الحكومة التونسية حالة طوارئ منذ الشهر الماضي، قال مسؤول في الحكومة التونسية الجمعة، إنه يجري الإعداد لقرار جمهوري لدعوة جيش الاحتياط في خطوة تهدف لتعزيز الأمن في ظل تصاعد المخاطر الإرهابية غداة أحداث سوسة، ممّا يعد تصعيدًا آخر يُضاف إلى حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة التونسية.

جدار رمليّ مع ليبيا وإغلاق مساجد

وأكد المتحدث باسم خلية الاتصال والوزير لمكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية، كمال الجندوبي، إنه سيتم إصدار قرار جمهوري لدعوة جيش الاحتياط تنفيذا لقرار رئيس الحكومة لتعزيز التواجد الامني في المناطق الحساسة.

وأعلن الجندوبي في وقت سابق عن تخصيص أكثر من 100 ألف عون لحماية المواطنين وتأمين المناطق السياحية والمنشآت الحساسة إلى جانب المطارات والموانئ والفضاءات التجارية الكبرى.

ومن بين الخطوات التي تحاول الحكومة التونسية إجراءها للحد من الظاهرة والسيطرة على البلاد هي التنبيه بحل أحزاب دينية وغلق مساجد منفلتة، والتسريع في مد جدار رملي على الحدود مع ليبيا الغارقة في الفوضى.

وعن الجدار، وقال الجندوبي إن الجدار يدخل في إطار الحواجز لتدعيم الترتييبة الدفاعية وتشتمل على ستائر ترابية وخنادق ومنظومة مراقبة الكترونية تعتمد على رادارات أرضية ثابتة ومتحركة ومراقبة جوية عبر طائرات بدون طيار.

وأفاد الوزير أنه منذ تاريخ الهجوم الارهابي في سوسة 'نفذ الأمن 734 عملية مداهمة أمنية مكنت من ايقاف 127 عنصرا بشبهة الانتماء الى عصابات إرهابية'. وأشار إلى أن العمل مستمر بإغلاق المساجد المنفلتة التي اتخذها تكفيريون لبث خطابات متشددة.

وفي المقابل أعلنت وزارة الداخلية التونسية، أن قوات الأمن قتلت اليوم الجمعة، خمسة 'إرهابيين' في جبل عرباطة في ولاية قفصة وسط غرب تونس.

وقال وليد الوقيني، المكلّف بالإعلام في الوزارة إن 'قوات الأمن التي كانت مدعومة بوحدات من الجيش، قتلت خمسة إرهابيين وصادرت أربعة قطع سلاح من نوع 'كلاشنيكوف'، وبندقية شتاير، وقنبلة يدوية، ومسدسًا كانت بحوزتهم'. وأضاف أنه 'لم يصب أي عنصر من قوات الأمن خلال العملية'.

عدد المقاتلين الاجانب التونسيين هو من بين الأعلى ضمن من يسافرون للالتحاق بمناطق نزاع

وقدّر خبراء في الأمم المتحدة الجمعة، عدد التونسيين الذين التحقوا بتنظيمات جهادية وخصوصًا في ليبيا وسوريا والعراق بأكثر من 5500 شاب، داعين تونس إلى منع التحاق مزيد من مواطنيها بهذه التنظيمات.

وقالت إلزبييتا كارسكا، التي ترأس فريق عمل أمميًا حول استخدام المرتزقة في بيان إن 'عدد المقاتلين الاجانب التونسيين هو من بين الأعلى ضمن من يسافرون للالتحاق بمناطق نزاع في الخارج مثل سوريا والعراق'.

أنظر أيضًا: ما هو مصير الحرّيات في تونس ؟

وقام الفريق الأممي بزيارة لتونس استمرت ثمانية أيام التقى خلالها 'ممثّلين للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وجامعيين، وممثلين لمنظمات مجتمع مدني، بينهم عائلات أشخاص انضموا الى مناطق نزاع في الخارج'.

وخلال هذه الزيارة، تم إعلام فريق العمل بـ 'وجود 4000 تونسي في سوريا، وما بين 1000 و1500 في ليبيا، و200 في العراق، و60 في مالي و50 في اليمن' وأن الـ 625 العائدين من العراق إلى تونس هم موضع ملاحقات عدلية'، وفق البيان.

وبحسب فريق العمل الأممي فإن 'أغلب التونسيين الذين يسافرون للانضمام إلى مجموعات متطرفة في الخارج، شبّان تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما'.

بريطانيا ثم الدنمارك وإيرلندا

وعلى صلة، وفي أعقاب الضربة التي تلّقتها تونس يوم 26 يونيو/حزيران وقتل في أعقابها 38 سائحًا منهم 30 بريطانيًا، لقت السياحة التونسية ضربة موجعة جديدة اليوم الجمعة، بدعوة الدنمارك مواطنيها لمغادرة تونس بسبب 'تصاعد' خطر حصول هجمات جهادية جديدة، وذلك غداة توصية مماثلة أصدرتها بريطانيا.

وأعربت الحكومة التونسية اليوم، عن أسفها للقرار البريطاني، وأعلنت أنها ستسعى لإقناع المملكة المتحدة بالعدول عنه.

وكانت بريطانيا، نصحت مواطنيها بعدم السفر إلّا للضرورة إلى تونس، لأن حصول هجوم إرهابي جديد مرجح بدرجة عالية، معتبرة أن التدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة غير كافية لحماية السياح البريطانيين في الوقت الحالي'.

وكان قد قتل 38 سائحًا أجنبيًا بينهم 30 بريطانيا يوم 26 يونيو/حزيران في هجوم نفذه طالب تونسي مسلّح برشاش كلاشنيكوف على فندق 'إمبريال مرحبا' في ولاية سوسة وتبناه تنظيم الدولة الإسلامية.

وتلقّى الشاب الذي قتلته الشرطة خارج الفندق، تدريبات على حمل السلاح في ليبيا المجاورة الغارقة في الفوضى، بحسب وزارة الداخلية التونسية.

والجمعة، قالت وزارة الخارجية الدنماركية في بيان، مخاطبة مواطنيها إنه 'إذا كنتم موجودين في تونس ولا سبب حيويًا لديكم للبقاء فيها، ننصحكم بالمغادرة بمساعدة وكالة سفر أو عبر رحلة تجارية'.

وأضافت أنه 'ينصح للمسافرين الذين لديهم أسباب حيوية للذهاب إلى تونس باتخاذ تدابير وقائية خصوصًا في الأماكن التي يزورها العديد من الأجانب، وبينها الحانات والفنادق'.

إلى ذلك حذّرت سفارة فنلندا لدى تونس الجمعة، على موقعها الإلكتروني من 'اضطرابات سياسيّة داخلية، وخطر متزايد لحصول هجوم جديد ضد السياح في تونس. وقالت إن 'السلطات لا تؤمن المناطق السياحية بطريقة ملائمة'، منبهة من أن 'السفر إلى المناطق الحدودية ممنوع'.

بدورها، نصحت إيرلندا الجمعة مواطنيها بعدم التوجه إلى تونس، وقال وزير الخارجية الإيرلندي تشارلي فلاناغن، في بيان إنه 'قرّرنا تبديل نصائحنا للمسافرين إلى تونس عبر توجيه النصيحة لهم بعدم القيام بأي رحلة غير ضرورية'.

تونس تحاول طمأنة السائح الغربي

وأعرب وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في حكومة الحبيب الصيد، كمال الجندوبي عن 'تفهّم' بلاده للقرار البريطاني 'لأن المملكة المتحدة قد دفعت ثمنًا باهظًا، إلّا أننا نأسف له لأن الرهان المطروح اليوم هو حماية الديمقراطية التونسية الناشئة'

وقال إنه 'إذا كان البريطانيون والأوروبيون قد دفعوا ثمنًا باهظا لمقاومة الإرهاب، فإن التونسيين يدفعون اليوم ثمنًا شبيها من أجل حماية ديمقراطيتهم ونمطهم الاجتماعي'.

وأضاف أن 'تونس ستحرص على ضمان سلامة الرعايا الأجانب، الذين يفضلون البقاء على أراضيها'.

وتابع أن 'المعطيات المتوفرة لدى وزاتي الدفاع والداخلية التونسيتين لا تتضمن معلومات جديدة حول خطر حقيقي'.

وكان وزير الخارجية، طيب البكوش، أعلن الجمعة أن تونس تتفهم رد فعل بريطانيا لكنها ستحاول اقناعها تدريجيا لعلها تعود عن قرارها'.

وقال البكوش إنه 'لا يمكننا لومهم في الظرف الراهن، لكننا لن نتوقف عند هذا الحد، بل سنتواصل معهم ومع الشركاء الاوروبيين حتى لا يتم اتخاذ مثل هذه الإجراءات'.

وليل الخميس-الجمعة، قال رئيس الحكومة الحبيب الصيد، أمام البرلمان إنه 'سنخاطب صباح الغد الجمعة رئيس الحكومة البريطانية، وسنقول له إننا قمنا بكل ما بوسعنا لحماية المنشآت البريطانية في تونس'. وأضاف أنه 'نحن مستعدون لإجلاء مواطني المملكة المتحدة في أحسن الظروف وحماية كل من يريد البقاء في تونس'.

واشار إلى أن 'مجموعة من الخبراء البريطانيين الذين جاؤوا إلى تونس وقيّموا الوضع الأمني الحالي فيها أبدوا بعض الملاحظات حول الوضعية الأمنية في تونس'.

والسياحة أحد أعمدة الاقتصاد في تونس، إذ تشغل أكثر من 400 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر وتساهم بنسبة 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وتدر ما بين 18 و20 بالمئة من مداخيل تونس السنوية من العملات الأجنبية.

وفرض الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في الرابع من يوليو/تموز الحالي حالة الطوارئ لمدة شهر تحسبًا لحصول هجمات إرهابية جديدة في البلاد.

وكانت تونس رفعت في آذار/مارس 2014 حالة الطوارئ المفروضة منذ الإطاحة يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

ووقع هجوم سوسة بعد ثلاثة أشهر من هجوم استهدف في 18 آذار/مارس الماضي متحف باردو الشهير وسط العاصمة تونس وأسفر عن مقتل شرطي تونسي و21 سائحا أجنبيا وتبناه تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.

ونهاية الشهر الماضي، توقعت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي الرقيق أن يخسر اقتصاد بلادها في 2015 مليار دينار (أكثر من 450 مليون يورو) بسبب تداعيات الهجوم على فندق سوسة.

 

التعليقات