تركيا: 50 ألف معتقل ومعزول جراء "التطهير"

في أعقاب الانقلاب الفاشل، بدأت السلطات التركية بشن حملة "تطهير" للمؤسسات الحكومية، بحسب تعبير إردوغان، وتخللت اعتقالات وعزل بالجملة من المؤسسات التابعة للحكومة التركية، والتي بلغت نحو 50 ألف عملية اعتقال وعزل من وظيفة.

تركيا: 50 ألف معتقل ومعزول جراء "التطهير"

 في أعقاب الانقلاب الفاشل، بدأت السلطات التركية بأمر من الرئيس رجب طيب إردوغان بشن حملة 'تطهير' للمؤسسات الحكومية، بحسب تعبير إردوغان، وتخللت اعتقالات وعزل بالجملة من المؤسسات التابعة للحكومة التركية، والتي بلغت نحو 50 ألف عملية اعتقال وعزل من وظيفة. 

وبحسب مصادر تركية، تم اعتقال تسعة آلاف عسكري، بينهم ضباط برتب رفيعة، واعتقال وعزل نحو تسعة آلاف آخرين من منتسبي الأجهزة الأمنية الأخرى، فيما تم عزل 15 ألف موظف في جهاز التعليم، بينهم محاضرون وعمدة جامعات، بالإضافة إلى عزل نحو آلاف المعلمين في المدارس، وعزل واعتقال نحو ثلاثة آلاف من العاملين في الجهاز القضائي، بينهم قضاة ومدعين عامين، ومنهم أعضاء في مجلس المحكمة الإدارية التركية. 

وتوعدت تركيا، اليوم الثلاثاء، باجتثاث أنصار رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة، فتح الله غولن، الذي تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة الأسبوع الماضي، بينما توسع من نطاق عملية تطهير كبيرة في الجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام.

وقالت السلطات إنها أوقفت عن العمل أو احتجزت نحو 50 ألفا من الجنود وأفراد الشرطة والقضاة والموظفين الحكوميين في سلك الإعلام والتعليم وغيرها منذ محاولة الانقلاب.

وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في البرلمان 'هذه المنظمة الإرهابية الموازية لن تكون بعد الآن بيدقا فعالا في يد أي دولة، سنجتثهم من جذورهم حتى لا تجرؤ أي منظمة سرية على خيانة شعبنا مرة أخرى'.

ونفى غولن (75 عاما)، وهو حليف سابق لإردوغان يعيش في منفى اختياري بولاية بنسلفانيا الأمريكية، أي علاقة له بمحاولة الانقلاب ورجح أن تكون من تنفيذ الرئيس نفسه ليتخذها ذريعة لحملة قمع.

'تطهير' الإعلام والتعليم

واليوم الثلاثاء، أغلقت السلطات وسائل إعلام تتهمها بتأييد غولن، وقالت إنها سرحت أكثر من 15000 من وزارة التعليم و492 من إدارة الشؤون الدينية و257 من مكتب رئيس الوزراء بالإضافة لمئة من مسؤولي المخابرات.

وتراجع سعر صرف الليرة التركية لما دون ثلاث ليرات للدولار بعد أن قالت محطة (تي.آر.تي) التلفزيونية الرسمية إن جميع عمداء الجامعات وجهت لهم طلبات بالاستقالة في تذكير بعمليات تطهير مماثلة أعقبت انقلابات عسكرية ناجحة في الماضي.

وعبر حلفاء غربيون لتركيا عن التضامن مع حكومتها في وجه محاولة الانقلاب لكن عبروا عن القلق من حجم الرد وسرعته وحثوا السلطات على الالتزام بالقيم الديمقراطية.

'اجتثاث من الجذور'

وسعيا لنفي أي إشارات إلى وجود حالة من عدم الاستقرار، قال الجيش إنه استعاد السيطرة الكاملة. ونفى نائب رئيس الوزراء نعمان قورتولموش ما ورد في تقارير عن اختفاء 14 قطعة بحرية وسعي قادتها للانشقاق. وقال قورتولموش للصحفيين إن 9322 شخصا قيد التحقيق حاليا لصلتهم بمحاولة الانقلاب.

وطلب ثمانية جنود أتراك حق اللجوء السياسي في اليونان وتقول تركيا إن على أثينا تسليمهم فورا من أجل العلاقات بين الجارتين والتي ليست في أفضل حالاتها بالأساس.

وفي خطاب يتسم بالتحدي، قال يلدريم إن استهداف المدنيين أثناء محاولة فصيل من الجيش الاستيلاء على السلطة غير مسبوقة في تاريخ تركيا التي شهدت آخر انقلاب عسكري منذ أكثر من 30 عاما.

وأصيب نحو 1400 شخص عندما قاد جنود دبابات وطائرات هليكوبتر ومقاتلات مساء الجمعة في محاولة للاستيلاء على السلطة وهاجموا البرلمان ومقر المخابرات وحاولوا السيطرة على المطار الرئيسي وجسور في اسطنبول.

وقالت رئاسة أركان الجيش إنها ستعاقب 'بأعنف الطرق' أي عنصر من القوات المسلحة مسؤولا عما وصفته 'بهذا العار' وأضافت أن معظم أفرادها لا علاقة لهم بمحاولة الانقلاب.

وأبدى بعض الزعماء الغربيين قلقهم من أن يكون إردوغان، الذي قال إنه كاد يقتل أو يقع في أسر الانقلابيين، قد انتهز الفرصة لتكريس نفوذه ومواصلة عملية تحجيم خصومه.

وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الأمير زيد بن رعد الحسين، عن 'قلق بالغ' اليوم الثلاثاء إزاء عزل أعداد كبيرة من القضاة وممثلي الادعاء وحث تركيا على السماح لمراقبين مستقلين بزيارة المعتقلين.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن انتقاد رد فعل الحكومة يرقى إلى حد دعم الانقلاب.

عقوبة الإعدام في قلب الجدل

ألغت تركيا عقوبة الإعدام في عام 2004 في إطار السعي للانضمام للاتحاد الأوروبي وحذر الزعماء الأوروبيون أنقرة من أن إعادة العمل بها سيعرقل طموحاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

لكن إردوغان دعا البرلمان مرارا بعد الانقلاب إلى دراسة مطالب أتباعه بتطبيق عقوبة الإعدام على المتآمرين. وقال يلدريم إن تركيا ستلتزم بسيادة القانون ولن تكون مدفوعة بالرغبة في الانتقام أثناء محاكمة المشتبه بهم في تدبير محاولة انقلاب.

وأضاف رئيس الوزراء الذي كان يتحدث وهو يقف بجوار زعيم حزب الشعب الجمهوري، الحزب المعارض الرئيسي في البلاد، أن تركيا يجب أن تتجنب احتمال أن يحاول بعض الأشخاص استغلال الوضع الراهن وأضاف 'نحتاج للوحدة والأخوة الآن'.

وقال زعيم حزب الحركة القومية التركي، وهو تجمع يميني وأصغر أحزاب المعارضة الثلاثة الممثلة في البرلمان، إن الحزب سيدعم الحكومة إذا قررت إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في ظل دعوات بإعادتها بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.

أكين أوزتورك

واعتقلت السلطات أكثر من ستة آلاف جندي ونحو 1500 آخرين منذ إحباط محاولة الانقلاب. وتم عزل نحو ثمانية آلاف ضابط شرطة في مناطق مختلفة من بينها العاصمة أنقرة وفي اسطنبول للاشتباه في صلتهم بالانقلابيين.

وتم كذلك عزل نحو 1500 من موظفي وزارة المالية من مناصبهم. وأوقفت العطلات السنوية لأكثر من ثلاثة ملايين من موظفي الدولة في حين تم عزل نحو ثلاثة آلاف من القضاة وممثلي الادعاء. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن محكمة أمرت أمس الاثنين بحبس احتياطي لستة وعشرين جنرالًا وأميرالًا محتجزين.

ويقول مسؤولون في أنقرة إن قائد القوات الجوية السابق، أكين أوزترك، الذي ظهر محتجزا وتظهر كدمات على وجهه وذراعيه وكانت أذنه مضمدة هو أحد قادة محاولة الانقلاب. وذكرت وسائل الإعلام التركية أمس الإثنين أنه نفى ذلك أمام ممثلي الادعاء قائلا إنه حاول منع محاولة الانقلاب.


>> اقرأ/ي أيضًا:

'تطهير' إردوغان يطال 15 ألف موظف في قطاع التعليم

اتهام إردوغان بإعداد قوائم الاعتقالات مسبقًا

إردوغان يدعو للبقاء بالشوارع ويتوعد أنصار غولن بالاستئصال

إردوغان يواصل 'التطهير': 6 آلاف اعتقال خلال يومين

تركيا: اعتقال قائد لواء الكوماندوز في أعقاب الانقلاب الفاشل

وزير الدفاع التركي: 'دحر الانقلاب' نجح لكن الخطر قائم

يلدريم: 181 قتيلا واعتقال 2839 جنديًا

التعليقات