دعم ترامب لحفتر يكشف خيوط اللعبة في ليبيا

ترامب أجرى اتصالا مع حفتر الذي تهاجم قواته طرابلس، وأحبط مشروع قرار بريطانيا لوقف إطلاق النار* دبلوماسيون: حفتر ما كان ليطلق هجومه من دون ضوء أخضر من داعميه الأميركيين والروس والمصريين والسعوديين

دعم ترامب لحفتر يكشف خيوط اللعبة في ليبيا

متظاهرات في طرابلس مناهضة لحفتر ويصفونه بـ"مجرم حرب"، أمس (رويترز)

أعلن البيت الأبيض في ساعة متأخرة من مساء أمس، الجمعة، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هاتف شخصيا مع المشير خليفة حفتر، الذي تشن قواته هجوما للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، ما يكشف عن الخطوط العريضة للعبة الدولية، التي تبدو فيها واشنطن وموسكو في صف واحد، مجازفتين بذلك بتهميش دور الأمم المتحدة في ليبيا.

وبينما كانت بريطانيا تقدم مشروع قرار لوقف إطلاق النار ينتقد الهجوم على العاصمة، تحدث الرئيس ترامب، في اليوم نفسه، إلى المشير حفتر عن "رؤية مشتركة" لمستقبل ديمقراطي لليبيا، بحسب البيت الأبيض.

وهذا الدعم الواضح لرجل الشرق الليبي القوي على حساب رئيس الحكومة المعترف بها دوليا، فايز السراج، رغم اعتراف الأسرة الدولية به كسلطة شرعية وحيدة في ليبيا، أرفق بإشادة "بالدور المهم للمشير حفتر في مكافحة الإرهاب وضمان أمن الموارد النفطية في ليبيا" حسب بيان الرئاسة الأميركية.

ورأى خبراء، اليوم السبت، أن إشادة ترامب بالمشير حفتر، دليل على دعم أميركي يفسر تصميم حفتر على مواصلة هجومه للسيطرة على طرابلس.

وقال دبلوماسي في الأمم المتحدة، طلب عدم كشف هويته، إن الدعم الأميركي يسمح بفهم سبب اندفاع "حفتر في منطق الذهاب إلى النهاية" بشكل أفضل. وأشار دبلوماسيون آخرون إلى أنه رغم الصعوبات العسكرية وانزلاق الجبهة يواصل حفتر التأكيد أن "بإمكانه الانتصار"، بعد مرور 15 يوما على بدء حملته.

وقال دبلوماسي آخر إن الدعم الذي عبرت عنه واشنطن الجمعة "يوضح الأمور" في الأمم المتحدة أيضا، حيث حاولت بريطانيا لخمسة أيام، من دون جدوى، التوصل إلى قرار يدعو لوقف لإطلاق النار ودخول غير مشروط للمساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال.

وفي موقف غريب، خلال المشاورات، وقفت روسيا والولايات المتحدة في صف واحد للمطالبة "ببعض الوقت"، أو التأكيد أنهما "ليستا مستعدتين للقرار" من دون توضيح سبب ذلك لشركائهما.

وفي الوقت نفسه على الأرض، كان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، يطلق تحذيرات من اتساع رقعة النزاع ويطالب برد عاجل.

وأضافت الدول الأفريقية الثلاث الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، جنوب إفريقيا وساحل العاج وغينيا الاستوائية، يوم الأربعاء الماضي، أصواتها إلى التحفظات الأميركية والروسية عبر عرقلة عملية التفاوض. وقال خبير في الملف أنها تقدمت بطلبات "لا معنى لها"، مؤكدا أنه لا يستبعد أن تكون عرقلت ذلك "بتوجيه عن بعد" من قوى كبرى أو من قبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، "المؤيد جدا لحفتر" والقريب من ترامب.

وتتولى مصر حاليا رئاسة الاتحاد الأفريقي، الذي يفرض وجهات نظره على الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس الأمن في معظم الأحيان. وفي توازن القوى بين حفتر والسراج، يتمتع المشير بدعم مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وروسيا والولايات المتحدة علنا منذ أمس، الجمعة.

أما رئيس حكومة الوفاق، الذي لا يتمتع بهامش حركة كبير حيال المسلحين الذين يسيطرون على طرابلس، كما يرى الغربيون الذين لا تثير قدراته القيادية إعجابهم، فمدعوم من قطر وتركيا.

وقال دبلوماسيون إن حفتر ما كان ليطلق هجومه من دون ضوء أخضر من داعميه، معتبرين أن الخروج من "المأزق" الحالي مرتبط إلى حد كبير بهم. وفي الأمم المتحدة، وضعت بريطانيا مشروع قرارها جانبا، وإن كانت دول مثل ألمانيا التي عبرت عن "خيبة أملها"، تأمل في أن يتم تبنيه الأسبوع المقبل.

وأيا كان مستقبل هذا النص، تبدو كفة المناورات الدبلوماسية حول ليبيا لن ترجح لمصلحة الأمم المتحدة. وكان هجوم حفتر تزامن مع زيارة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى ليبيا للدفع نحو مؤتمر للمصالحة الوطنية، وشكل "انتكاسة" حقيقية له. واضطر سلامة، الذي وصفه العديد من الدبلوماسيين بأنه "شجاع" و"نزيه"، لإلغاء هذا المؤتمر. وانتقد سلامة بقسوة خلال الأسبوع الجاري المشير حفتر وذهب إلى حد وصف هجومه "بالانقلاب"، مجازفا بذلك بإضعاف موقفه في ليبيا إذا نجح حفتر في السيطرة على كل ليبيا.

التعليقات