صفقات الغواصات: نتنياهو وأذرع الأخطبوط..

نتنياهو دفع باتجاه عقد صفقات شراء غواصات ألمانية الصنع. ورغم أن موقف الجيش هو أن إسرائيل ليست بحاجة إلى مزيد من الغواصات، إلا أن الحكومة الأمنية المصغرة صادقت على صفقات يستفيد منها محامي نتنياهو ومعارف آخرين

صفقات الغواصات: نتنياهو وأذرع الأخطبوط..

(أ.ف.ب)

تتبُعْ القضية التي تفجرت في اليومين الأخيرين، حول صفقة مشبوهة تشتري بموجبها إسرائيل ثلاث غواصات أخرى من طراز 'دولفين' إضافة إلى ست غواصات اشترتها قبل سنوات قليلة، يشير إلى نهج متأصل لتسريب المال العام إلى أيدي أشخاص يعملون في مجال وساطة بصفقات الأسلحة بالتعاون مع جهات حكومية مؤثرة، وغالبيتهم الساحقة ضباط سابقون في الجيش الإسرائيلي.

ووفقا لما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية حتى الآن، فإن الحكومة الإسرائيلية وقعت في السر على مذكرة تفاهمات لشراء ثلاث غواصات 'دولفين' مع حوض بناء الغواصات الألماني 'تيسينكروب'، بعد أن كانت إسرائيل قد اشترت ست غواصات من الطراز نفسه، قبل عدة سنوات، وتسلمت خمس غواصات من تلك الصفقة وهي بانتظار تسلم الغواصة السادسة.

وقد عارض الجيش الإسرائيلي، وكذلك وزير الأمن السابق، موشيه يعالون، صفقة الغواصات الثلاث الجديدة، وحتى أن سجالا عاصفا جرى بين يعالون ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي قال مجلس الأمن القومي في بيان، أمس، إنه هو الذي طرح الصفقة الجديدة. ورغم معارضة الجيش، إلا أنه جرت مفاوضات سرية مع الشركة الألمانية، وصادق عليها المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، بذريعة 'الحصول على التخفيض من الألماني قبل أن تخسر المستشارة أنجيلا ميركل في الانتخابات'.

لكن يبدو أن 'التخفيض' ليس السبب الحقيقي للصفقة. بل لا يمكن أن يكون سببا لصفقة بحجم مليارات الشواقل. وكشفت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، أمس الأربعاء، عن أنه ضالع في الصفقة الجديدة المحامي دافيد شيمرون، وهو محامي نتنياهو الشخصي ومقرب منه وحافظ سره، كما تصفه الصحافة الإسرائيلية. وتبين أن شيمرون هو محامي رجل الأعمال ميخائيل غانور، الذي يمثل شركة 'تيسينكروب' في إسرائيل.

وفي هذا السياق أشارت صحيفة 'معاريف' اليوم، الخميس، إلى أن شيمرون قدم خدمات قانونية لعائلة نتنياهو تقدر بملايين الشواقل في السنوات الماضية، لكنه كان يرفض دائما الإجابة على سؤال حول حجم الأتعاب التي تلقاها، فيما قالت مصادر عليمة إنه لم يتلق أتعابا أبدا من عائلة نتنياهو. وهناك أمر لافت آهم، وهو أن شريك شيمرون في مكتب المحاماة هو المحامي يتسحاق مولخو، مبعوث نتنياهو الخاص في المجال السياسي – الأمني والذي تتركز بين يديه صلاحيات هائلة في مجال العلاقات الخارجية.

ومع تفجر قضية الغواصات الثلاث الجديدة، يتبين الآن أنه دار خلاف حول الغواصة السادسة في الصفقة السابقة. فالجيش أعلن أنه ليس بحاجة إلى غواصة سادسة. وخلال ولاية حكومة ايهود أولمرت، عارض وزير الأمن في حينه، ايهود باراك، شراء الغواصة السادسة. لكن باراك نفسه، الذي تولى حقيبة الأمن في حكومة نتنياهو، غير موقفه ودفع باتجاه شراء هذه الغواصة رغم معارضة الجيش وسلاح البحرية.

ويتبين الآن أيضا، أن المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي، أفريئيل بار يوسف، كان ضالع في المفاوضات حول الصفقة الجديدة سوية مع المحامي شيمرون وغانور. وبار يوسف هذا، أوقفته الشرطة الإسرائيلي أول من أمس بشبهة تلقيه رشوة في إطار قضية تتعلق بصفقات غاز طبيعي. والمثير في الأمر أن نتنياهو عارض تعيين بار يوسف نائب لرئيس مجلس الأمن القومي، لكنه، لسبب ما، غير رأيه وعينه رئيسا لمجلس الأمن القومي. لكن بار يوسف سحب ترشيحه للمنصب بعد أن التصقت شبهات فساد به.

إضافة إلى كل ما تقدم، فإن هناك علاقة قديمة بين الضالعين في هذه القضية: شيمرون محامي نتنياهو؛ بار يوسف تجند لسلاح البحرية في العام 1972 سوية مع صديقين حميمين هما غانور (الذي شيمرون محاميه أيضا) وتسفي ماروم، الذي كان نتنياهو يعمل في شركته 'باتم'. وادعى نتنياهو أنه لا يعرف غانور، لكن من الواضح أنه يعرف أصدقاءه، شيمرون وبار يوسف وماروم.

وهناك معلومة هامة جدا، أشارت إليها القناة العاشرة، وهي أنه بموجب صفقتي الغواصة السادسة والغواصات الثلاث الجديدة، فإن صيانتها أخرجت من أيدي الجيش لصالح شركة خارجية. ودفع غانور وشيمرون بوضع هذا البند في الصفقة. وقالت صحيفة 'ذي ماركر' اليوم، إن 'الكنز' موجود في هذا البند، إذا أن صيانة الغواصات تكلف أموالا طائلة.

في غضون ذلك، بدأت النيابة أمس بإجراء تدقيق حول مدى وشكل ضلوع نتنياهو في هذه القضية، وما إذا تعين فتح تحقيق جنائي ضده، وذلك بعد توجه جهات عدة إلى المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت.

واعتبر خبراء قانونيون إن 'هذه القصة شبيهة جدا بقضية مركز الاستثمارات التي أدين بها رئيس الحكومة السابق ايهود أولمرت وصدر ضده حكم ليس بسيطا' بالسجن.

اقرأ/ي أيضًا | شركة الغواصات الألمانية متورطة بدفع رشاوى لجهات مختلفة

ليس واضحا ما ستفضي إليه هذه القضية، لكن يبدو أنه يتحكم فيها شخص أو جهة أشبه ما تكون بالأخطبوط الذي يمسك بأذرعه صلاحيات واسعة، يستفيد منها أشخاص لجني أرباح طائلة لا تعود بالفائدة على غيرهم.     

التعليقات