أرشيف 67: التهجير كعقاب جماعي منذ أيام الاحتلال الأولى

منح 110 فلسطينيين مهلة 3 ساعات للكشف عن منفذي زرع لغم وإلا ستتم معاقبتهم جميعا ولما لم يستجيبوا لذلك مع انتهاء المهلة تقرر نقلهم إلى سيناء وتركهم هناك لمصيرهم ويبدو أنه تم تنفيذ العقوبة كما قام الجيش بتفجير 8 منازل

أرشيف 67: التهجير كعقاب جماعي منذ أيام الاحتلال الأولى

جنود الاحتلال في غزة

كشفت مجموعة من الوثائق الإسرائيلية في أرشيف الجيش الإسرائيلي، أفرج عنها بمناسبة مرور 50 عاما على حرب 1967، أن سياسة التهجير وهدم البيوت كان أدوات عقابية منذ الأيام الأولى للاحتلال، وإن اختلفت الذرائع والمبررات.

وكشفت وثيقة سرية وضعت في الخامس عشر من حزيران/ يونيو 1967، في وزارة الخارجية الإسرائيلية، قرارا بتهجير عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وذلك كعقاب جماعي على زرع لغم يستهدف قوات الأمن الإسرائيلية.

وعلم أنه تم توثيق الحادثة في أعقاب زيارة مسؤولين في الخارجية إلى غزة. وقام بتوثيقها المسؤول في وزارة الخارجية أفنر أرزي، والذي أشغل لاحقا منصب قنصل إسرائيلي في ميلانو واسطنبول.

يتحدث أرزي في الوثيقة، عن الزيارة التي جرت في 14 حزيران/يونيو في قطاع غزة، بعد أيام معدودة من انتهاء الحرب. ويصف لقاءه مع الحاكم العسكري لغزة، حيث جرى الحديث عن أحداث الأيام الأخيرة منذ احتلال القطاع.

'في 12 أو 13 من حزيران/ يونيو انفجر لغم في محيط غزة. وبينت التحقيقات أنه تم زرع اللغم قبل وقت قصير من انفجاره. وقاد تتبع الآثار إلى عدد من البيوت في مخيم اللاجئين الطرابشة (بحسب المصدر). وطلب من سكان تل البيوت الإشارة إلى من قاموا بزرع اللغم. وبعد فترة من الزمن ظهر 110 أشخاص عرفوا أنفسهم كجنود في جيش التحرير الفلسطيني، وألقوا بالتهمة على عاتقهم بشكل جماعي'، بحسب الوثيقة.

تشير الوثيقة إلى أنهم 'لم يصغوا للإلحاح  بالإشارة إلى من قام بفعل ذلك. ومنحت لهم 3 ساعات للكشف عن المنفذين، وإلا ستتم معاقبتهم جميعا. ولما لم يستجيبوا لذلك مع انتهاء المهملة، تقرر نقلهم إلى سيناء، وتركهم هناك لمصيرهم. ويبدو أنه تم تنفيذ العقوبة، كما قام الجيش بتفجير 8 منازل كانت الآثار تقود إليها'.

وتصف الوثيقة حوادث أخرى عن محاولات الجيش الضغط على السكان الفلسطينيين لتسليم السلاح والمقاتلين لقوات الأمن الإسرائيلية.

وجاء في الوثيقة 'توجه الحكم العسكري إلى سكان مخيمات اللاجئين في القطاع، وطلب منهم تسليم كل السلاح الموجود بحوزتهم. ولم تتم الاستجابة للطلب. ولذلك توجه الحكم العسكري إلى ممثل الأنروا في المكان، وطلب منه الإعلان عن مخزن يستطيع من كان بحوزته سلاح أن يضعه فيه في ساعات الليل بدون إجراء تحقيق معه، وبدون أن يكشف نفسه. على أمل أن تنجح هذه الطريقة'.

وكتب في الوثيقة أيضا أنه 'انطلاقا من فرضية أن جزءا من عناصر الجيش المصري قد اختبأوا في البيوت في مخيمات اللاجئين، فقد تم توجيه نداء لكل سكان المخيمات بتسليم هؤلاء الجنود، ولكن لم يكن هناك أي استجابة'.

إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن البحث التاريخي الإسرائيلي يشير إلى أن الحديث ليس عن المرة الوحيدة التي يتم فيها طرد مدنيين بعد الحرب. ففي مقال نشره البروفيسور دافيد كرمتسر وغرشوم غورنبرغ في مجلة 'القضاء والحكم' الصادرة عن جامعة حيفا، تم استعراض حادثة أخرى في رفح، حيث تم طرد آلاف العرب البدو من منطقة شمال شرق سيناء.

وبحسب المقال، ففي بداية العام 1972 قامت إسرائيل بطرد 9 عشائر بدوية من مناطق واسعة قرب قطاع غزة. ويصف المقال أزمة سياسية وقعت بين 'مباي' و'مبام' بشأن تشكل لجنة تحقيق في القضية، بيد أن ذلك لم يؤد إلى إعادة المهجرين إلى ديارهم.

ونقلت صحيفة 'هآرتس' عن د. غاي لرون، وهو محاضر في قسم العلاقات الدولية في الجامعة العبرية، والمختص بدراسة حرب 1967، قوله إنه لم يسمع بعملية طرد 110 فلسطينيين من قطاع غزة. ومع ذلك يشير إلى 'وقوع عمليات تهجير ومجازر في نهاية الحرب'. ويضيف 'لم تكن تلك جزءا من التاريخ الرسمي، ولكنها حصلت'.

ويشير لرون إلى شهادات بشأن تهجير جماعي فور انتهاء الحرب من الضفة الغربية. ويقول 'كما يبدو كان هناك خطة منظمة، لم يتم الإفراج عن وثائق بشأنها. ولكن هناك شهادات حول جنود كانوا يأتون مع شاحنات، ويشجعون السكان على الرحيل، ويقومون بنقلهم إلى الجسور'.

ويتابع أن 'أوري أفنيري، في مذكراته التي يصدرها الآن، يدعي أنه التقى بجنود قالوا له إن دورهم كان تنفيذ عملية منظمة تهدف إلى طرد سكان الضفة الغربية'.

وتضيف الصحيفة أن ذلك كان استنادا إلى وثيقة تم العثور عليها في أرشيف الدولة من قبل باحثي معهد 'عكفوت'. ويقول المدير العام للمعهد، ليؤور يفني، للصحيفة أن 'الشهادات الواردة في الوثيقة تظهر أن هدم البيوت والتهجير كانت أدوات عقابية في الأراضي التي احتلها الجيش في الأيام الأولى للاحتلال. واعتاد الحقوقيون من قبل الدولة على نفي حقيقة أن الهدم البيوت كانت جزءا من سياسة عقابية، إلا أن شهادة الضابط غؤون تؤكد الطبيعة الحقيقية لعلميات الهدم التي تطاول الأبرياء دائما'.

التعليقات