20/10/2014 - 16:13

أبو بكر البغدادي: أصدقاء "الخليفة" يروون قصته

«البغدادي» خرج من سجن بوكا أكثر تطرفا وكفر بـ«الإخوان»… ودرّسه الفقه عالم صوفي * أصدقاء "الخليفة" يروون تفاصيل علاقته بالجماعة في العراق... وتفضيله البقاء ملثما

أبو بكر البغدادي: أصدقاء

في بداية عام 2000 جلس البغدادي مع أحد قادة العرب البارزين اليوم، بدا غاضبا يشتكي من قيادته في الإخوان المسلمين، «جماعتنا مو حيل محتضنينا»، كلمات قالها البغدادي ويتذكرها القيادي، كان البغدادي حينها طالب دكتوراة في جامعة صدام للعلوم الإسلامية.

البغدادي كان عضوا في تنظيم الإخوان المسلمين لكنه كان على خلاف دائم معهم لتوجهاته السلفية، وانفصل عنهم بعد الاصطدام بهم وانضم لـ «القاعدة»، هذا بحسب قيادات وشخصيات سنية كانوا على علاقة بالبغدادي منذ اقامته في الطوبجي في بغداد حتى دراساته العليا في الشريعة.

ويقول القيادي العراقي الذي كان يعرف البغدادي من أيام دراسته للدكتوراة، إنه وبرغم انتماء البغدادي للإخوان إلا أنه كان ذا ميول سلفية معروفة تماما كحال مرشده الأول القيادي الجهادي محمد حردان، قائد جيش المجاهدين السلفي في العراق. حردان كان قياديا معروفا في تنظيم الإخوان المسلمين العراقي، ولكنه غادر لأفغانستان للقتال مع الجهاديين وعاد في بداية التسعينيات بميول سلفية واضحة، وخرج من التنظيم الإخواني في العراق.

وارتبط البغدادي بمجموعة حردان تنظيميا وفكريا، وبعد سقوط بغداد أسس حردان جيش المجاهدين السلفي، أحد أكبر الفصائل الجهادية في العراق. وبحسب مقربين من الفصائل الجهادية فإن البغدادي لحق بمعلمه حردان وانضم لفترة وجيزة الى جيش المجاهدين. وبعد خروج البغدادي من سجن بوكا بدا أكثر تطرفا، وانضم لمجلس شورى المجاهدين بقيادة قاعدة التوحيد والجهاد.

ويتذكر صديق آخر للبغدادي وهو من قيادات "القاعدة" في الفلوجة "خصلة ملفتة في شخصية البغدادي" فيقول: "كل تنظيم خرج منه البغدادي أصبح معاديا له، خرج من الإخوان فأصبح يكفرهم علنا ويسميهم عملاء زلماي خليل زاده، خرج من جيش المجاهدين للقاعدة فاصطدم بهم كثيرا خصوصا في الكرمة".

ويتذكر بعض قادة الفصائل الذين اجتمعوا مع البغدادي في أحد الاجتماعات عام 2007 لوضع حد للإقتتال السني - السني بين «القاعدة» والفصائل الجهادية السنية الأخرى، يتذكرون كيف كان البغدادي يقول «هؤلاء حربهم أولى من الأمريكان» وكثيرا ما كان يهاجم الفصائل المقربة من الإخوان في العراق كجامع وكتائب صلاح الدين».

ويروي قيادي من أحد الفصائل أن البغدادي كان يفضل إخفاء هويته والبقاء ملثما حتى في الاجتماعات مع فصائل تضم أقرباء له، وفي أحد الاجتماعات المخصصة للتفاوض من أجل إيقاف الحرب بين «القاعدة» والفصائل الإسلامية السنية عام 2007 كان البغدادي يجلس ملثما، وعندما تحدث عرفه أحد أقربائه بفضل علاقة نسب، فقد كان القيادي ينتمي لمدينة كبيسة العراقية وهي نفس مدينة زوجة البغدادي، وقال له: «يعني انت نسيبنا وتتلثم علينا» فضحك البغدادي ونزع اللثام.

ولكن قياديا بارزا من الإخوان المسلمين في الفلوجة ينفي انتماء البغدادي لتنظيم الإخوان العراقي، ويقول إنه كان مقربا فقط منهم، بفضل علاقته بمحمد حردان.

ويقول القيادي إن البغدادي كان متشددا سلفيا ولم يكن لينسجم مع فكر الجماعة المعتدل، وحتى القيادي حردان الذي كان مع الإخوان ترك التنظيم بسبب رفضنا ذهابه لأفغانستان.

ويكشف القيادي مزيدا من المعلومات التي لم تكشف من قبل عن مسيرة البغدادي، ويقول إنه جاء للفلوجة لدراسة العلوم الشرعية في التسعينيات، وإنه درس النحو والفقه والقراءات القرآنية على يد علماء الفلوجة. ويوضح: «كثير من العلماء الذين درس البغدادي على يدهم في الفلوجة هم صوفيون، خصوصا في العلوم التي لا تتعلق بالمنهج السلفي، وهذا لا يعني أن البغدادي صوفي إذا درس على يد صوفيين».

ويقول القيادي الإخواني إن البغدادي درس علوم الفقه على يد عالم صوفي من الفلوجة هو حمزة العيساوي.

ويظهر البحث الذي قمنا به على مدى أشهر أن البغدادي كان معروفا في أوساط الإسلاميين من الإخوان والسلفيين، ولم يكن شخصية مجهولة كما روج البعض، بل أن عمه هو إسماعيل البدري، عضو هيئة علماء المسلمين في العراق، ولكنه يكفره كما يكفر الهيئة وعلماءها جميعا، ومن صلات القرابة الأخرى للبغدادي أن شقيقة زوجته متزوجة من قيادي في الحزب الإسلامي العراقي وهو تنظيم الإخوان المسلمين العراقي، وقد اعتقل الرجل أكثر من مرة من قبل الأمريكان بسبب صلة النسب هذه.

وتتعمد بعض الفصائل السنية في العراق وسوريا الانتقاص من البغدادي بسبب روح الخصومة الدموية التي تسيطر على علاقتهم بتنظيم الدولة الإسلامية - داعش الذي أراد فرض سلطته على باقي الفصائل السنية بالقوة والبطش الوحشي، فلم يكن البغداي مجرد لاعب كرة قدم ماهر يطلق عليه ميسي في حي الطوبجي حيث كان يقيم هناك في مسجد، لكنه وحسب المعلومات التي تكشفت أيضا من رفاق البغدادي كان قياديا تدرج في مهام الإدارة بعد انضمامه للتنظيم، فتولى منصب المسؤول الشرعي لـ«القاعدة» في قضاء الكرمة شرق الفلوجة، ثم المسؤول الشرعي لمحافظة صلاح الدين، ثم الشرعي العام لتنظيم «القاعدة في العراق»، وفي تلك الفترة اعتمد عليه أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر المصري بسبب عدم معرفة شخصيته للأجهزة الأمنية والقوات والأميركية، وبعد مقتل أبو عمر والمهاجر تولى أبو بكر البغدادي قيادة التنظيم عام 2010.

ورغم أن معظم الشخصيات الإسلامية التي جرى التوجه لها لإعداد هذا التقرير، تؤكد انتماء البغدادي للإخوان سابقا إلا أنها تشير أيضا الى العلاقة المتوترة فيما بينهم بسبب ميوله السلفية، واليوم فإن الإخوان المسلمين في العراق هم العدو الأول لتنظيم البغدادي وسقط بين الطرفين آلاف القتلى في المواجهات المسلحة الأهلية بين الفصائل السنية عام 2007.

ومن غير الموضوعي النظر لهذه العلاقة بين الإخوان والجهاديين بقالب الحالة المتحالفة بناء على أصولهم الفكرية، كما تفعل الأنظمة العربية المعادية للإخوان (الذين فازوا في كل الانتخابات الديمقراطية التي جرت لأول مرة في الوطن العربي)، كما يشترك بهذه النظرة التيارات المعادية للإسلام السياسي واختزالهم بكتلة متطرفة واحدة.

التعليقات