26/01/2016 - 18:18

خليفة حفتر... أداة أميركا في ليبيا منذ الثمانينيّات

أنقذته أميركا في عملية استخباراتية خاصة من الأسر في تشاد، قبل أن تمنحه اللجوء السياسي عشرين عامًا.

خليفة حفتر... أداة أميركا في ليبيا منذ الثمانينيّات

أنقذته أميركا في عملية استخباراتية خاصة من الأسر في تشاد، قبل أن تمنحه اللجوء السياسي عشرين عامًا.


 

من ضابط مؤيد للزعيم الليبي الراحل، معمّر القذافي، إلى أسير حرب في تشاد، إلى عسكري مناهض للجهاديين وقائد انقلاب ضد المجلس الوطني الليبي، يبدو الجنرال المثير للجدل والشخصية النافذة في المشهد الليبي، خليفة حفتر، اليوم، بالنسبة إلى الليبيّين عقبة أمام إعادة توحيد سلطات البلد الممزق.

وتشهد ليبيا منذ أكثر من عام ونصف صراعًا داميًا على الحكم بين سلطتين، واحدة في الشرق تحظى باعتراف المجتمع الدولي ويقود حفتر قواتها، وأخرى في طرابلس، تدير العاصمة بمساندة جماعات مسلحة بعضها إسلامية.

وفيما تسعى الأمم المتحدة إلى توحيد هاتين السلطتين، في اتفاق سلام ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تقف مادة في الاتفاق حجر عثرة أمام اعتماده بشكل نهائي، وهي تنص على شغور المناصب العسكرية العليا مع تسلم الحكومة مهامها، حيث تهدد هذه المادة دور حفتر. إذ صوّت البرلمان المنحل في طبرق، أمس الإثنين، على رفض هذه المادة، مؤجلا بذلك إقرار الاتفاق السياسي الذي وقعه برلمانيون وسياسيون وممثلون عن المجتمع المدني في المغرب في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي، إلى حين البت بهذه المادة.

ونادرًا ما يطل "الفريق أول ركن" خليفة حفتر على الإعلام من دون بزته العسكرية. وهو مرفوض بتاتًا من سلطات طرابلس، التي ترفض أي دور مستقبلي له، في حين أنه يتل قى دعمًا مباشرًا من النظام المصري والإمارات.

ويقود حفتر، صاحب الشعر الرمادي والشارب الأسود، منذ أيار/مايو 2014، عملية عسكرية أطلق عليها اسم "الكرامة"، وتهدف إلى القضاء على "الجماعات الإسلامية المتشددة في مدينة بنغازي ومناطق أخرى في الشرق الليبي" لكن العملية استهدفت قواتٍ حاربت نظام القذافي بشّدة أيام الثورة الليبيّة، مثل فجر ليبيا، التي تؤمّن العاصمة طرابلس؛ حيث تسبّبت الغارات العشوائية التي يشنها طيران حفتر بمقتل عشرات المدنيين في بنغازي ومدن ليبية أخرى.

إلا أن حملة حفتر هذه، التي تعتبر انقلابًا على السلطات الحاكمة، رغم تبني الحكومة المعترف بها دوليًا في شرق البلاد لها، فشلت في تحقيق أهدافها، خصوصًا في بنغازي حيث قُتِل أكثر من 1960 شخصًا في عامين من المعارك المتواصلة بحسب منظمة "ليبيا بادي كاونت" المستقلة.

ووصف رئيس الحكومة المعترف بها، عبد الله الثني، القوات التابعة لحفتر مع بداية العمليات العسكرية بأنها "مجموعة خارجة عن القانون"، قبل أن تتحول، بحكم الأمر الواقع، إلى الذراع العسكري الرئيسي لهذه الحكومة، التي تدير معظم مناطق الشرق الليبي.

وأكد حفتر، حينها، أنه لا يرغب في الاستيلاء على السلطة، بل أنه يستجيب لـ "مطالبة الشعب بمحاربة الإرهاب". على الإثر، انضمت إلى قوته وحدات في الجيش والشرطة، وتحولت القوة التي يقودها إلى ما يسمى بـ"الجيش الوطني الليبي".

ومؤخرًا، بدأت قوات حفتر تطلق على نفسها اسم "القوات الليبية العربية المسلحة".

منقذ أم مشروع دكتاتور؟

وينظر مؤيدو حفتر إلى العسكري المتقاعد، الذي رُقِّيَ إلى رتبة فريق أول (الأرفع في ليبيا عسكريًا) في 2015، تحت قبة برلمان طبرق، على أنه "منقذ" يحارب "الإرهاب"، بينما يرى فيه منتقدوه "مشروع ديكتاتور".

وحفتر، الذي يتحدث بهدوء وبطء وقلما يبتسم للمصورين، من مواليد العام 1943. تخرج في الكلية العسكرية في بنغازي وشارك في الانقلاب الذي قاده معمر القذافي في 1969، قبل أن ينشق عنه في نهاية ثمانينات القرن الماضي ويغادر إلى الولايات المتحدة ويقيم هناك وينضم إلى قيادات معارضة.

وخلال خدمته في صفوف قوات القذافي، ترأس حفتر في خضم الحرب الليبية التشادية (1978-1987) وحدة خاصة، لكنه وقع في الأسر مع مئات العسكريين الآخرين، ليتبرأ منه نظام القذافي في وقتها، قبل أن ينقل إلى الولايات المتحدة في عملية استخباراتية غامضة، وقدمت له واشنطن اللجوء السياسي، فنشط مع المعارضة الليبية في الخارج.

بعد عشرين سنة من المنفى، عاد حفتر ليرأس القوات البرية للجيش إبان ثورة 17 شباط/فبراير 2011، التي سقط بفعلها نظام معمر القذافي.

وبعدها، أحاله المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان الأول بعد الثورة، إلى التقاعد مع عدد من الضباط الكبار، قبل أن يطلق مسيرته العسكرية من جديد بنفسه عبر عملية "الكرامة".

وأعاده برلمان طبرق إلى الخدمة العسكرية مع 129 ضابطًا متقاعدًا آخرين، مطلع شهر كانون الثاني/يناير 2015 بعد نحو ستة أشهر من العملية.

التعليقات