15/10/2019 - 22:49

غزّة تتنفّس معزوفات في مهرجان "البحر والحرية"

تبدو الشمس غير بعيدة، وصوت موج البحر كآلة موسيقية شاركت أوركسترا غزّة معزوفتهم، التي بدؤوا فيها وسط البحر المحاصر كطيورٍ حُرة في سماءها، عزفًا وغناء من قلوبٍ محبة للحياة، وكلمات "يا نسيم الريح" أغنية مارسيل خليفة الشهيرة تعم في المكان.

غزّة تتنفّس معزوفات في مهرجان

من حفل أوركسترا معهد إدوارد سعيد (فيسبوك)

تبدو الشمس غير بعيدة، وصوت موج البحر كآلة موسيقية شاركت أوركسترا غزّة معزوفتهم، التي بدؤوا فيها وسط البحر المحاصر كطيورٍ حُرة في سماءها، عزفًا وغناء من قلوبٍ محبة للحياة، وكلمات "يا نسيم الريح" أغنية مارسيل خليفة الشهيرة تعم في المكان.

لوحة فنية رسمتها أوركسترا غزّة التابعة لمعهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى من متعة نظرٍ وسمع، لتعزف الموسيقى كوجه آخر للنضال في نظر عدد من الشباب المهتمين بإنتاجها في غزة، آملين بغد أفضل للمدينة المحبة للحياة. 

الأوركسترا في حفل أول أمس (فيسبوك)

الباص الموسيقي

جاب الباص الموسيقيّ شوارع المدينة حاملًا بداخله أنواعًا عديدة من الآلات الموسيقية الشرقية، مثل آلة القانون، إضافة إلى الناي والعود، والّتي تشكّل بدورها لوحة موسيقية متكاملة، مرسومة بالموسيقى والأُغنيات التي "تبعث الحياة" في أرواح يسمعها. 

ويعتبر الباص الموسيقي إحدى فعاليات مهرجان "البحر والحرّيّة" الّذي ينظّمه معهد إدوارد سعيد بدعم من الممثلية النرويجية لدى السلطة الوطنية الفلسطينية. تضمنت الفعاليات ثماني مدارس لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتتخلل برنامجها عروض موسيقية كلاسيكية، ومن المقرر أن تختتم فعاليات المهرجان في حفل للجوقات الغنائية ضمن مشروع "غزّة تُغني"، سيضُم 440 طالبًا وطالبة من الملتحقين بمدارس الأونروا في محافظات قطاع غزّة.

شكّل صوت حسام الفالوجي وأطفال مدارس قطاع غزّة لوحة فنية ممزوجة بأغانٍ تُراثية فلسطينية، ويقول الفالوجي في حديثه لموقع "عرب 48" إنّ "مهرجان البحر والحرية فضّل أن يكون مختلفًا هذه السنة، وهو يقوم بفعاليات جديدة غير التي سبقتها، لتستهدف الأطفال بشكل خاص لنعلمهم ثقافة  الفن والموسيقى" ويركز الفريق على أغنيات تراثية ووطنية يتفاعل معها الجمهور. 

حسام الفالوجي

واستطرد الفالوجي: "غنينا بصوت واحد جميع الأغاني الفلسطينية مثل "يا زريف الطول"، "على دلعونا"، "بكتب اسمك يا بلادي"، كانت فعالية أكثر من رائعة ولم نتوقع أن يكون الإقبال بهذه الحفاوة، كانت فعالية مفاجئة لهم أيضا لأنها المرة الأولى في القطاع تذهب فيها فرق موسيقية بآلاتها إلى المدارس".

ثقافة الألم وولادة الإبداع

ولا تعتبر ثقافة الحفلات الموسيقية في الأماكن العامة أمرًا اعتياديًّا في غزة، لعدّة أسباب تجعل من هذه التّجمعات مرفوضة خاصة في ظّل حكم حركات الإسلام السياسي، فقد تم رفض إقامة مثل هذه الحفلات أكثر من مرة، ولعلّ عدم إقامة الفنان الفلسطيني ابن غزة محمد عساف لحفلة عامة واحدة في مدينته دليلًا على ذلك. 

وغالبًا ما تكون الموسيقى والحصار نقيضين، لا يمكن أن يعيش أحدهما في ظل الآخر، لكن في مدينة عاش مواطنوها حصارًا دام ثلاثة عشر عامًا وثلاثة حروب، وأزمات متتالية، اضطرّوا لأن يخلقوا من الكَدّ حياة وحرية، فاستطاعت مواهب كثيرة أن تخرج من سكاكين المدينة، مثل المغني الفلسطيني محمد عساف الذي بدأ الغناء في سن مبكرة، وعانى حتى استطاع الوصول لمقر mbc للمشاركة في برنامج "آراب أيدول" ليصبح فيما بعد من أشهر المغنين العرب، كما تمكّنت فرقة "صول باند" من المشاركة في احتفال في الضفة الغربية رغم رفض الاحتلال المستمر لإصدار التصاريح لهم، وسواهم الكثير من المواهب الّتي تنتظر الفرصة.

"ولنا أحلامنا الصغرى, كأن
نصحو من النوم معافين من الخيبة
لم نحلم بأشياء عصية
نحن أحياء وباقون ... وللحلم بقية"

بدأت زينة الحمارنة العزف في السابعة عندما اتخذت القانون صديقًا لها، وتقول حمارنة في حديثها لـ"عرب48" إنّ "القانون آلتي المفضلة، وهو منفذي الوحيد عندما أكن في قمة فرحي وحزني، أفرغ طاقتي السلبية أيضًا من خلاله"، واستطردت زينة قائلةً: "مازلت طالبة في معهد إدوارد سعيد، شاركت في الكثير من الحفلات التي تنظم في القطاع، وفي مهرجان ‘البحر والحرية‘ الذي يقام كل عام".

زينة الحمارنة

وأوضحت الحمارنة "الحصار والمعابر كانا حاجزين أمام مواهبنا في العزف، حُرمنا من مهرجانات دُعينا إليها خارج القطاع، ومن مخيمات صيفية كانت تُقام في الضفة الغربية، السّفر لا غنى عنه ومن خلاله نستطيع إيصال رسالتنا للعالم، لكنّنا مستمرّون ولن نتوقف عن المحاولة".

الكثير من العقبات التي تعترض عملهم الفرق الموسيقية في غزة، لعل عدم توفر الآلات الموسيقية أحد أبرز هذه العقبات، لكن مريدي الموسيقى لديهم أغصان لا تنكسر وفي خاصرتهم ورود أمل وحياة ما زالت مؤمنة بالمعجزات، لنشر الفرح والحب في طرقات المدينة. 

التعليقات