13/08/2016 - 21:40

والد باسل عزام لـ"عرب 48": السلطة والسفارة وتركيا قتلوا ابني

"ضحية تتحمل مسؤوليتها السفارة الفلسطينية في أنقرة والسلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة التركية وجيش التحرير الفلسطيني الموالي للنظام السوري، لأن باسل حاول طوال أربع سنوات على الأقل أن يجد بلدًا آمنًا يعيش فيه كلاجئ، لينتهي به الأمر شهيدًا"

والد باسل عزام لـ"عرب 48": السلطة والسفارة وتركيا قتلوا ابني

باسل عزام

لا يذكر محمود عزام، اللاجئ الفلسطيني في سورية، التواريخ جيدًا، إذ يقول إن ابنه باسل الذي قضى في غارة روسية على ريف أدلب في السابع من آب/ أغسطس، ضحية تتحمل مسؤوليتها السفارة الفلسطينية في أنقرة والسلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة التركية وجيش التحرير الفلسطيني الموالي للنظام السوري، لأن باسل حاول طوال أربع سنوات على الأقل أن يجد بلدًا آمنًا يعيش فيه كلاجئ، لينتهي به الأمر شهيدًا على الأراضي السورية بعمر الخامسة والعشرين.

بدأت قصة باسل عام 2012، حين كان مجندًا في جيش التحرير الفلسطيني، كانت الأحداث العسكرية قد بدأت تصل إلى دمشق، وكان باسل حينها يتابع خدمته الإلزمية في بلدة جرمانا بريف دمشق، حين قرر الانشقاق عن جيش التحرير والتوجه إلى لبنان بلا أي أوراق ثبوتية، ليعيش في مخيم عين الحلوة محاصرًا تقريبًا، بعد أن عجزت عائلته عن تأمين إقامة لهم في بيروت، لكن المحاولات لم تتوقف لإخراجه من لبنان بأي ثمن كان.

حاول باسل أن يغادر لبنان عبر استخدام جواز سفر شقيقه الأكبر الذي كان قد حصل لتوه على الجنسية السويدية، لكن الأمن العام اللبناني كشف خدعته، فألقى القبض عليه وأودعه السجن لمدة شهرين، بعد أشهر من إطلاق سراحه، توجه باسل إلى طرابلس، حيث كانت تسير رحلات بحرية غير شرعية، تنقل فلسطينيين وسوريين من لبنان إلى شواطئ مرسين التركية، ومن جديد ألقى الأمن العام اللبناني القبض على مئة واثنين من اللاجئين على شاطئ طرابلس، أودع باسل في السجن لمدة شهرين. وأطلق سراحه بعدها ليبقى في مخيم عين الحلوة.

'كان الحل الأفضل بعد المحاولتين الفاشلتين هو استصدرا جواز سفر فلسطيني لباسل'، يقول والده، محمود عزام، لـ'عرب48'، لكن 'تعذر إصداره من بيروت'، فاستعان عزام الأب ببعض المعارف في أبو ظبي، ومن هناك وصل جواز السفر، واستصدرت تأشيرة دخول لروسيا تحمل اسم باسل، كانت الخطة التي رسمتها العائلة تقول إن باسل سيصل موسكو وسيدخل النرويج تهريبًا بعد ذلك، ليلتحق بعائلته في السويد، لكن باسل كان قد بدأ رحلته إلى سورية من دون أن يعرف.

أسر أتاتورك

في السابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر عام 2015، غادرت طائرة باسل من مطار رفيق الحريري في بيروت باتجاه موسكو مرورًا بمطار أتاتورك في إسطنبول، حيث كان من المفترض أن يصل عند الثالثة فجرًا من صباح الثامن والعشرين ليغادر في العاشرة صباحًا إلى موسكو، لكن باسل، الذي وصل منهكًا إلى إسطنبول، قرر أن ينام قليلًا في منطقة الترانزيت، ليصحو عند الثامنة صباحًا ويجد أن كل أوراقه وما معه من مال قد سرق، قليل من الوقت فقط، حتى أعيد باسل إلى مطار رفيق الحريري من قبل السلطات التركية.

يقول محمود عزام إن بكائه ملأ الحي حين علم أن باسل أعيد إلى بيروت 'كنت وحدي في المنزل، كنت أعتقد أن الأمن اللبناني سيعيد باسل إلى سورية، وأنت تعرف ما الذي سيفعله النظام إذا وصل إلى مطار دمشق بعد أن انشق عن جيش التحرير، لم أنم تلك الليلة، وسملت أمري لله'.

وقرر الأمن اللبناني إعادة باسل إلى مطار إسطنبول، وهناك أودع في سجن الأجانب لمدة أربعة أشهر قبل أن يدخل في إضراب مفتوح عن الطعام استمر لثلاثة أسابيع، قابل باسل خلالها محامين وموظفين في مفوضية اللاجئين، ورفضت طلب لجوءه إلى تركيا لمرتين.

إلى إدلب سرًا

التقى 'عرب 48' باسل في آذار/ مارس الماضي في إسطنبول حين كان مضربًا عن الطعام، وكان يتحدث حينها عن أن السلطات التركية تنوي تركه في إسطنبول، لتفقد الاتصال مع بعد ذلك، حين أشيع أنه نقل لسجن أخر داخل المدينة التركية.

وفي أيار/ مايو، تلقى 'عرب 48' رسالة من باسل يقول فيها أنه نقل إلى الأراضي السورية، إلى قرية 'خربة الجوز' تحديدًا القريبة من الحدود السورية التركية، وأبلغنا باسل حينها أنه يود أن يترك الخبر طي الكتمان خوفًا على والده ووالدته من وقعه.

ويؤكد لنا محمود عزام أنه لم يكن يعلم طوال أشهر أن باسل صار في إدلب، وأنه كان يظن أنه مودع في سجن في إسطنبول 'كنت أحاول التواصل مع السفارة الفلسطينية في بيروت من أجل إخراجه من السجن، لم أكن أعلم موقعه الجديد'.

اقرأ/ي أيضًا | فلسطيني محتجز بـ'أتاتورك' منذ شهور

من إدلب، حاول باسل أكثر من عشر مرات أن يجتاز الحدود السورية التركية، لكن حرس الحدود التركي أطلق النار عليه وعلى آخرين لعدة مرات، أصيب في مرة منها بكسور وجروح، ليعود من جديد إلى خربة الجوز، ورغم أنه كان مستعدًا لدفع مبالغ تصل إلى ألف دولار كي يعبر الشريط الحدودي فقط، إلا أنه لم يكن يثق في أي من المهربين المحليين.

'سأفضحهم'

'سأفضحهم'، يتوعد محمود عزام كل من يرى أن تسبب في استشهاد باسل، متهمًا أولًا السفارة الفلسطينية التي كانت قد قالت في تصريح صحافي إن باسل هو من طلب إعادته إلى سورية، ووقع على أوراق بذلك، وهو ما ينفيه والده تمامًا، ثم يوجه الاتهام إلى الحكومة التركية التي رفضت طلب لجوء باسل، ثم إلى جيش التحرير الفلسطيني الموالي للنظام والذي انشق باسل عنه، قبل شهرين فقط من انتهاء خدمته الإلزامية.

*سيقوم موقع 'عرب 48' بنشر تعقيب السفارة الفلسطينية فور الحصول عليه.

اقرأ/ي أيضًا | عشرات القتلى في مجازر للنظام وروسيا بإدلب

التعليقات