"سيد المفاجآت" ينافس "الحكيم الجامع" على رئاسة اليمين بفرنسا

إثر فرز الأصوات في 94% من مكاتب الاقتراع في عموم فرنسا، حصل فيون على 44.2%، يليه جوبيه بـ 28.6%، وساركوزي بـ 20.6 %، بحسب النتائج الأولية للهيئة العليا المشرفة على الاقتراع.

(أ.ف.ب)

مضى بفوزه، أول أمس الأحد، بالدور الأول للانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي، عكس جميع التوقّعات التي رشحت لآخر لحظة، مرور رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه والرئيس السابق نيكولا ساركوزي، إلى الدور الثاني.

فرانسوا فيون "قلب الطاولة" على كل شيء، كما يقول الإعلام الفرنسي.. على نوايا التصويت، وحسابات الربح والخسارة، والوزن الانتخابي، والاعتبارية الذاتية.. أطاح بكافة التوقعات والقراءات التي رجّحت وبقوة صعود كل من جوبيه وساركوزي إلى الدور الثاني للاقتراع التمهيدي.

وتماما مثلما قدّم نفسه مرشحا لـ "القطيعة الحقيقية" المعتمدة على وصفة ليبرالية شبه تاتشرية (نسبة إلى الإصلاحات الاقتصادية التي خاضتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر)، أحدث فيون بتقدّمه من بعيد سباق اليمين الفرنسي لرئاسية 2017، فجوة وقطيعة حادة بين التوقعات والنتائج.

وإثر فرز الأصوات في 94% من مكاتب الاقتراع في عموم فرنسا، حصل فيون على 44.2%، يليه جوبيه بـ 28.6%، وساركوزي بـ 20.6 %، بحسب النتائج الأولية للهيئة العليا المشرفة على الاقتراع.

وفيما يلي لمحة عن المسيرة السياسية والأفكار والبرنامج الانتخابي لرجل ينظر إليه إجمالا على أنه شخصية قادرة على التحرّك وإحداث الفارق في أشد الوضعيات السياسية صعوبة وحلكة، والأهم أنه "سيّد المفاجآت" بلا منازع، على الأقل كما يصفه المقرّبون منه.

مسيرته السياسية

بدأ فيون حياته السياسية تحت جناح جويل لوذول، الوزير الديغولي السابق والنائب عن إقليم سارت شمال غربي فرنسا، والذي خلفه في مقعده بالبرلمان عقب الانتخابات التشريعية لعام 1981.  وتجوّل إثر ذلك بين الوزارات الفرنسية، فتقلّد حقيبة التعليم العالي ثم الشؤون الاجتماعية، قبل أن يعينه ساركوزي رئيسا لوزرائه في 2007.

وحافظ فيون على منصبه ذاك طوال الولاية الرئاسة لساركوزي التي دامت 5 سنوات، قبل أن ينتخب، في حزيران/يونيو 2012، نائبا عن إقليم باريس.

وبدا الرئيس السابق للحكومة الفرنسية مسكونا بهاجس الوصول إلى قصر "الإليزيه"، وبحلم قيادة فرنسا، حيث أعلن مبكّرا، وتحديدا منذ 2013، بأنه سيكون، "مهما حدث"، مرشحا لرئاسية 2017.

وفيون هو خصم شرس لساركوزي، و"منتقد" لاذع لما يسميه بـ "اعتدال" جوبيه، أضفى طابعا رسميا على ترشحه في أبريل/ نيسان 2015.

قدّم نفسه مرشح القطيعة "الحقيقية" استنادا إلى وصفة ليبرالية شبه تاتشرية كما يقول، تتضمّن تخفيض النفقات العامة بـ 110 مليار يورو، ورفع سن التقاعد إلى 65 عاما، إضافة إلى دمج المعاشات التقاعدية للقطاعين الخاص والعام، والعودة إلى نظام العمل لـ 39 ساعة أسبوعية وغيره.

أما خصمه، رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه، الذي حل ثانيا، فتولى جوبيه خمس حقائب وزارية ورئاسة الحكومة وكان نائبا ونائبا أوروبيا ورئيس حزب ورئيس بلدية بوردو، إحدى أكبر المدن الفرنسية ولم يعد يصبو سوى إلى سدة الرئاسة.

لكن للفوز بالرئاسة ممثلا لليمين في 2017، عليه أن يتغلب على فرنسوا فيون الذي حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التمهيدية، الأول من أمس، الأحد، بفارق مريح يجعل مهمته صعبة.

ويبلغ جوبيه من العمر 71 عاما. وهو رجل حاد الذكاء قال عنه الرئيس السابق جاك شيراك إنه "الأفضل بيننا". ونجح جوبيه في رسم صورة رجل صلب بارد وحاسم "لا تهزه الريح" كما يقول عن نفسه، ويمثل "الحكيم الجامع".

وحرص الرجل الذي يقوم بالترويج لفكرة "الهوية السعيدة" خلال حملته قبل الانتخابات التمهيدية، على التزام خطاب متوازن رافضا "تأليب الشعب على النخب"، ما ضمن له تأييد اليمين المعتدل من الوسط وجزء من اليسار.

وبعد أن ظل متصدرا استطلاعات الرأي لفترة طويلة، انقلب عليه الأمر بسبب حملته الهادئة التي وصفها معارضوه بأنها باهتة. لكنها ليست النكسة الأولى التي يمنى بها هذا الرجل الذي أعلنت وفاته السياسية قبل نحو عشر سنوات. فحياته المهنية التي كانت في أوجها في الثمانيات، اصطدمت بغضب الشارع عندما كان رئيسا للوزراء في 1995، حين نزل الملايين إلى الشارع احتجاجا على إصلاحاته الاجتماعية في أكبر تظاهرات تشهدها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبدا أن مصيره تقرر في 2004 عندما منع من الترشح لأي منصب في قضية التوظيفات الوهمية في بلدية باريس. بعدها اختار المنفى الطوعي في كندا لممارسة التدريس.

وبعد انتهاء المنع في 2005، استعاد في 2006 رئاسة بلدية بوردو التي باتت واجهة لتحركه واستخدمها قاعدة خلفية للعودة إلى السلطة.

اقرأ/ي أيضًا| آلان وفيون يتنافسان على رئاسة اليمين بفرنسا

وللمفارقة، فان فوز نيكولا ساركوزي في 2007 هو الذي أعاده إلى الواجهة كوزير للبيئة ثم للدفاع والخارجية وفي 2012، أدت هزيمة ساركوزي أمام فرنسوا هولاند إلى اندلاع حرب زعامة داخل اليمين لعب خلالها دور الوساطة.

 

 

التعليقات