عقوبة الإعدام... عبر التاريخ

يعود تاريخ أول سن لقانون عقوبة الإعدام إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، ضمن مجموعة قوانين “حمورابي” ملك بابل، حيث تضمن عقوبة الإعدام لـ25 جريمة مختلفة، في مقدمتها خيانة الملك، وجريمة القتل

عقوبة الإعدام... عبر التاريخ

يعود تاريخ أول سن لقانون عقوبة الإعدام إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، ضمن مجموعة قوانين “حمورابي” ملك بابل، حيث تضمن عقوبة الإعدام لـ25 جريمة مختلفة، في مقدمتها خيانة الملك، وجريمة القتل، كما تم النص على عقوبة الإعدام في القوانين الحيثية خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ولاحقا تضمن القانون الـ"دراكوني" والذي كان يعمل به في “أثينا” خلال القرن السابع قبل الميلاد، تطبيق عقوبة الإعدام لعدد من الجرائم.

وفي أعقاب تأسيس القانون الروماني، سنت اللوائح الـ12 للتشريعات القديمة، والتي نصت على عقوبات إعدام تتضمن أساليب كالقتل من خلال الصلب والإغراق والضرب حتى الموت والإحراق حيا، وهو يعد أول ظهور لطرق الإعدام المختلفة في القوانين الوضعية.

وكانت من أبرز طرق الإعدام على مدار التاريخ وأكثرهم قسوة، التعليق فالسحب ثم القطع، والتي ظهرت في إنجلترا خلال العصور الوسطى، حيث كان يتم إعدام الذين يحاكمون بتهمة الخيانة العظمى من خلال وضعهم على لوح خشبي يتم جره بالأحصنة إلى مكان الإعدام، ويتم شنقهم أمام العامة، ثم تقطع جثثهم إلى أربعة أجزاء، وكان العقاب مخصصا للرجال، في حين تم اعتبار أنه من المشين إعدام النساء بهذه الطريقة، ولهذا كان الحرق هو عقوبة النساء.

كما يعتبر السحق حتى الموت من الطرق التي استعملت بكثرة منذ أربعة آلاف عام، حيث كانت تقوم شعوب “الآزتيك” وجنوب شرق آسيا بسحق المدانين، من خلال أن تقوم الأفيال بالدهس عليهم، وفي أوروبا وأميركا الجنوبية، كان الضغط يستخدم كطريقة للتعذيب والإعدام، حيث يتم وضع أحجار أو أوزان ثقيلة على صدر الشخص من أجل تقديم الاعترافات، ودائما ما يتحطم القفص الصدري للضحية تحت وطأة الوزن، أو يموت خنقا، واستمر السحق حتى الموت للقرن التاسع عشر وبالتحديد في فيتنام.

في إطار البحث عن طريقة أخلاقية تضمن قطع رأس الضحية دون ضربات سيف متعددة، قام الطبيب الغربي جوسيف جيلوتين، باختراع آلة تقوم بقطع الرأس بضربة واحدة سريعة، والتي سميت بـ”الجيلوتين” أو المقصلة، ويعتبر قطع الرأس من أقدم وسائل الإعدام، لكن الفرنسيين قاموا بتنفيذه بطرق أكثر فاعلية خلال الثورة الفرنسية، حيث تم إعدام عشرات الآلاف، ويعتبر “الشنق” التطور لتلك الوسيلة في الإعدام، والذي اشتهر خلال العصور الوسطى كطريقة للإعدام، حيث يتم ربط أعناق الضحايا وتعليقهم في الهواء، حتى تنكسر رقبة الشخص أو يموت خنقا، وكانت الطريقة القديمة للتعليق هي رفع الضحية من رقبته من على الأرض حتى يموت مخنوقا، ولاحقا أوجدت طرقا أخرى كرمي الضحية من مكان أعلى، وتم تبني الشنق كأكثر وسيلة "إنسانية"، من وجهة نظرهم، للإعدام من قبل معظم دول العالم.

وعندما ظهرت الأسلحة النارية وأصبحت السلاح الأساسي في الحروب، اشتهر الإعدام رميا بالرصاص، والذي كان يتم قديما من خلال الرمي بالأسهم، مثل الراهب “سيباستيان” الذي نقل التارخ التصور في أنه أعدم بالأسهم على يد كتيبة رماة في العام 288 قبل الميلاد، وتستخدم هذه الطريقة في المحاكمات العسكرية ومن قبل الجيوش في أوقات الحرب، حيث يتم وضع عصابة على عين الضحية، ثم يطلق النار عليها.

وفي سجن “أوبورن” بولاية نيويورك الأميركية، تم اختراع الكرسي الكهربائي عام 1881م، حيث كان يفترض أن يتم الإعدام بطريقة أكثر "إنسانية"، إن جاز التعبير، وغير مؤلمة، وكان أول من تم إعدامه على الكرسي الكهربائي، وليام كيملر في العام 1890، هذا ولم يعد الكرسي الكهربائي مستخدما في الولايات المتحدة إلا في بعض الولايات الشمالية، وتم استبداله بالحقن القاتلة، وهي وسيلة إعدام مستخدمة في عدة دول، يتم فيها حقن الشخص بجرعات من مواد كيميائية تؤدي إلى الموت، ويمكن أن تستخدم هذه الوسيلة أيضا في القتل الرحيم وفي الانتحار، وفي العام الماضي 2015 عقدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة جلسة للنظر في دستورية الإعدام بالحقنة القاتلة، والتي اعتبرت في حينها أن الإعدام بالحقنة القاتلة ليس مخالفا للتعديل الثامن للدستور، والذي يضمن الحماية من العقاب “الوحشي وغير المعتاد”، إلا أنه تم تغيير العقاقير المستخدمة لتنفيذ العقوبة، والتي تعتمد حاليا في كثير من البلدان كوسيلة "رحيمة" لتطبيق حكم الإعدام.

ومع التطور الحضاري والإنساني والاهتمام بحقوق الإنسان في العصر الحديث، ارتفعت عدد الدول التي تخلت عن عقوبة الإعدام ليصل إلى 140 دولة، وعلى الرغم من ذلك، فإن أحكام الإعدام التي تم تنفيذها في العام 2015، تخطت أعلى مستوى لها منذ العام 1989.

اقرأ/ي أيضًا | لغة “الألخميادو”... سلاح العرب الثقافي في الأندلس

وبحسب تقرير منظمة العفو الدولية، الذي صدر مؤخرا، فإن 1634 حكما بالإعدام على الأقل نفذ في العالم، العام الماضي بارتفاع 54 بالمئة عن سنة 2014، ونفذت هذه الأحكام في 25 بلدا، شهدت ثلاثة منها 89% من تلك الأحكام، جاءت في مقدمتها إيران 977 عملية إعدام، و  320 حكما بالإعدام في باكستان واحتلت المرتبة الثانية، وأعدم 158 شخصا على الأقل في السعودية، التي احتلت المرتبة الثالثة، واحتلت الولايات المتحدة الأميركية المركز الرابع من حيث أكثر الدول تنفيذا لأحكام الإعدام بـ 28 إعداما.

التعليقات