البروفيسور عبـد الله حاج يحيى - طموح لا يتوقف عنـد انجاز!

-

البروفيسور عبـد الله حاج يحيى - طموح لا يتوقف عنـد انجاز!
٭ يضيق المقام بهم فلا تتّسع هذه الرقعة من الارض لطموحاتهم وتتجاوز تطلّعاتهم الافق المخنوق هنا، أو الخانق، الذي يصله المرء ماشيا في بضع ساعات.. ويشبّون على طوق خانق فرضته سياسات المتعاقب من الحكومات الاسرائيلية، العمالية والليكودية أو «اليسارية» واليمينية، حتى لكأنها اجتمعت على قمع طموحاتهم وتطلّعاتهم الى الأرقى وإلى ما يجيب على آمالهم العريضة.. يطرقون الأبواب وجميعها موصدة يردّ صداها ان لا مكان للعربيّ في هذه المواقع، فقد رسم لكم أن تظلّوا الى وراء وان تبقوا حطابين وسقاة ماء.. لكم الباطون والقصارة و»الندالة»، من نادل. ولنا المقاعد الوفيرة والمراتب العالية، يقولون، فأنتم الخدم ونحن الأسياد... وجاء جوابهم حاسماً، إذ تباشقوا الى السماوات السبع والى ما فوق رؤوس من رسموا لتحديد طموحات الفلسطيني.. وتصدئة ذهنه، فحرثوا وبحثوا في بطن الارض وعلى سطحها وفي الأجواء، وأكثروا العطاء اليما فيه خير العالم، ومصلحة العلم.٭

جاب الدنيا من مشارقها الى مغاربها.. ولم تعرف حركته استراحة أو استرخاء ولم يرض طموحه التوقّف عند انجاز.. فقد «جاب» لنا بطن أمه قبل ثمانية وأربعين عاما، مولودا هو استثناء وخروج على الطبيعة والمألوف.. لم يكن فيه شيء طبيعي سوى شكله، فهو يبدو كما كل البشر، فما عدا ذلك خارق وكأنّه يجمع عشرة طموحات وعشرين أصيلا وأربعين كريما وضعفها من الذكاء وعشرة أضعافها من المثابرة والبحث الدائبين اللذين لا يلوذان الى راحة..

لم يدفعه أحد ولم تؤازره ظروف، فهو لا يذكر أن حظي بمكافأة على تفوّقه بل لم يربّت أحد على كتفه.. كل ما توصّل اليه كان، في الغالب، بجهده الخاص الخارق.. ولا يعني هذا انّه لا يدين بفضل لأحد.. فقد كاد يسقط في محطّات معيّنة أو تأخذه الملهيات لولا تصادف أبناء حلال صحّوه الى خطئه..

في مدينة الطيبة ولد وترعرع، وفي بيت عربي عادي يحوي ثمانية أبناء، ثلاثة اولاد وخمس بنات، وأمّا وأبا هو المعيل الوحيد الذي جنى رزق بيته من رعاية الأغنام.. وهناك في المدينة العربية، التي كانت قرية الى ان اكتشفتها «المدنيّة» الاسرائيلية، حصل على تعليمه الابتدائي والثانوي.. أمّا بعد ذلك، فإن البروفيسور الذي يحمل البروفيسورة من احدى الجامعات الامريكية، والدكتور المحاضر في الجامعة العبرية في القدس، والطبيب الذي يعالج المرضى بتفان واخلاص، والباحث الذي تسجّل على اسمه خمس عشرة براءة اختراع، والعربي الوحيد من بين خمسة متفوّقين، والمحاضر العربي الأوّل في الجامعة العبريّة، والانسان عبدالله حاج يحيى الذي جمع كل هذا في شخص واحد، يحدّثنا، بكثير من التواضع والاختصار، عن بعض من مسيرته الخاصة الصاخب إيقاعها على أنغام كل المعترضات وما يواجهه عربي فلسطيني من الباقين في هذه الديار، فكأنّ ابن راعي الغنم، الولد الطيباوي «النزق» قد حمل السلّم بالعرض وسبح ليس في اتجاه التيّار، ووصل الى محطّته الراهنة بفضله هو وباجتهاده هو وبمثابرته وعناده هو، وكأنّه يستنكر أن نبقى حطّابين وسقاة ماء ورعيان غنم.. وكأنّه ينهض بنا معه الى أعلى مصاف الرقيّ والحضارة..

يأتي اليه الناس من كل الأرجاء، ساعين الى صيته وسمعته الذائعة في توليف الدواء لدائهم كونه صيدليا باحثا في الصيدلة الطبية الى جانب كونه طبيبا متميزا.. حيث يقصده هؤلاء الى عيادته في صندوق المرضى «ميؤحيدت» في بيت صفافا، فيجدون لديه شفاءهم أو الحل الأمثل لتخفيف دائهم وأوجاعهم..ويأتي اليه يهود وعرب من بئر السبع والمثلث وتل ابيب وباقي المناطق فكأنّه محجّهم الذي يلوذون اليه لهدأة بالهم وطمأنينتهم إلى أنهم في أيد أمينة وعالمة..

هذا هو شعبنا المبدع، وهذا هو الإبداع في شعبنا، نلتقيهما، الابداع والمبدع، في شخص عبدالله حاج يحيى ونمضي معهما كما نستشفّهما من فيه وبعظمة لسانه..
يقول د. عبدالله، العام 1957، وتعلّمت في مدرسة الطيبة الابتدائية وفي ثانويّتها، وتخرجت منها في الفرع الأدبي حيث لم يكن في حينه فرع علميّ..


وقد تسجّلت الى الجامعة وقبلت لدراسة الطب وطب الاسنان والصيدلة.. وقد شاءت الصدفة ان اصدقاء لي اختاروا كلّية الصيدلة ممّا رجّح كفّتها لدي فبدأت في الدراسة في كليّة الصيدلة الى أن حقّقت الدكتوراة.. بعدها اقترحوا علي دراسة موضوع الطب حيث افتتحوا برنامجا في ذلك الوقت يتيح للطالب، المتميّز طبعا، دراسة الطب الى جانب الصيدلة بهدف تخريج أطباء باحثين، أي تحصيل md الى جانب phd ..وهكذا فقد كنت من اوائل الملتحقين بهذا البرنامج الذي اقتصر على أفضل خمسة كنت واحدا منهم، حيث ينتهج في هذا البرنامج تعليم خاص يؤهّل المشاركين فيه ان يكونوا أطباء بامتيازات خاصة.. وبما أن تعلّم الموضوعين يحتاج الى جهود خارقة، فقد كانوا كرماء في إغداق المال علينا، نحن الخمسة، مشترطين علينا ان لا نعمل بل ان نتفرّغ للبحث والدراسة.. وقد كان مصدر المال من انجلترا وبلغت المنحة اربعة آلاف باوند شهريا.. وهكذا فقد تفرّغت للدراسة وانهيتها بامتياز.. بعد ذلك سافرت في بعثة، حيث كنت أول من حصل على منحة «روتشيلد» من العرب، وهي منحة تعطى للحاصلين على الدكتوراة بتميّز ولمدة سنتين الى اربع سنين لغرض التخصّص والابحاث في مجالات ليست قائمة في البلاد، وذلك في مقابل التزام من الجامعة أو المؤسسة الاكاديمية باستيعاب الخريجين.. ولقد كانت كلية الصيدلة هنا تعاني من نقص في ما يسمّى «الطب الصيدلي» الذي كان ما زال في بداياته هنا.. هكذا تمّ انتدابي الى سان فرانسيسكو حيث أحسن مركز لتعليم الطب الصيدلي، حيث قضيت هناك اربع سنوات.. لقد كان شبه مستحيل على عربي تعيينه محاضرا في الجامعة العبرية، يمضي حاج يحيى، وانني استطيع هنا ان اشير الى انني شعرت بالغبن والتمييز اللذين يتعرّض لهما العربي في اسرائيل.. حيث انني اصطدمت ب «حاجز» رهيب يحول دون بلوغ العربي الى ما يستحقّه، فقد بدت الجامعة العبرية، كاسمها، لا تسمح لغير اليهودي، أو بالتحديد للعربي، أن يأخذ نصيبه الذي يستحق في التدريس فيها.. ولقد تمّ رأيي على أن أكسر هذا الحاجز، وهذا ما كان.. فعلى رغم ان الجامعة العبرية التزمت بتشغيلي وإعطائي الفرصة كما أي محاضر يهودي، الا انها لم تشأ ان تجعل من تعييني محاضرا سابقة يسهل بعدها تعيين العرب في السلك الاكاديمي لديها ولجأت الى التسويف والمماطلة وأخذت، كما يبدو، تبحث عن ذرائع وطرق للحس تعهّدها مع الحفاظ على ماء الوجه، فقد كنت الوحيد من متلقّي منحة روتشيلد الذي تدور حوله الف علامة استفهام لدى الجامعة العبرية، المؤسّسة التي بعثتني الى الاستكمال والى تلقّي المنحة.. أقول هذا، يزيد حاج يحيى، ولا أنكر انّني حظيت بمعاملة خاصة وباحترام كبير وتقدير على رغم قناعتي بأن قلّة المحاضرين العرب في الجامعة العبريّة مؤسسة على خلفيّة عنصرية دون أدنى شك..

جدير بالذكر، يتابع عبدالله، ان مستضيفي في «البوست دكتوراة» هو يهودي كان رئيسا لقسم الصيدلة الطبية في جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو.. وقد حاول الدكتور الذي استبدله، وهو يهودي ايضا، ان يستبقيني للعمل لديهم، بل انه ابلغ المسؤولين في الجامعة العبرية أنه يمهلهم اسبوعا على الاكثر لتحديد موقفهم وما اذا كانوا يوافقون على تعييني محاضرا في الجامعة العبرية أم لا، وهدّدهم انه لن ينتظر اكثر.. وقال لي بأنّه معني أن أبقى للعمل في قسمه في سان فرانسيسكو.. وقد كنت قد تحضّرت لهذا حيث انني توجّهت الى جامعة ستانفورد وبقيت هناك لمدة سبعة اشهر اعمل في مجال الصيدلة الطبية وعلم الادوية، حيث انه بحسب الشروط الامريكية فان القبول كمحاضر في الجامعة يقتضي ان يرسل المرشح الى جامعة اخرى لفترة زمنية معينة لاختبار القدرات وابداء رأي آخر قبل الاستيعاب النهائي.. لكن جواب الجامعة العبرية جاء خلال اربع وعشرين ساعة يقول بأنهم جاهزون لاستيعابي محاضرا لديهم كما التزموا من قبل..

يعلم الدكتور حاج يحيى طلاب السنة الرابعة والماجستير والدكتوراة حيث ان موضوعه لا يدرّس في السنوات الاولى للدراسة.. ما يلزم بكتابة ابحاث ومقترحات لابحاث.. وقد أصدر في هذا المجال خمسة وأربعين مؤلّفا، في مجالي الصيدلة والطب، وحقّق حتى الراهن أكثر من خمس عشرة براءة اختراع جميعها عن الأدوية.. ويضيف حاج يحيى: انني لم افكر ابدا في افتتاح صيدلية مثلا كما هو متبع لدى خرّيجي الصيدلة.. فأنا أعشق الكيمياء وأحب الصيدلة وأمارس مهنة الطب.. هكذا أرى الى نفسي وهذا هو عبدالله حاج يحيى.. وكل اختراعات الادوية التي اقوم بتصميمها من خلال الكيماوي عبدالله»..
ينصح د. عبدالله حاج يحيى الطلاب الشباب بأن يلتزموا بحدّ أدنى هو تجنّب الرسوب، فالرسوب في الجامعة واعادة السنة أمر مكلف وباهظ جدّا.. المشكلة ان شبابنا يأتي من مجتمع محافظ الى مجتمع منفتح يجوز فيه أي تصرّف ولا رقابة فيه لا لاب ولا لأم، وعليه يجب الالتزام برقابة ذاتية يمارسها كل طالب على نفسه.. ويجب على الطالب ان يجعل لنفسه هدفا هو تحقيق النجاح، فهذا رسالة.. الأمر الآخر الذي يجب أن نعمل عليه، هو توفير مرشدين للطلبة في سنتهم الدراسية الاولى، وقد «أوصيت بهذا لدى لجنة الطلاب العرب».. فللأسف، يزيد حاج يحيى، «فإنه في موضوع الصيدلة مثلا، يدرس في السنة الاولى، عادة، نحو 120 طالبا نصفهم تقريبا من العرب، لكن الذين يصلون من العرب الى خط النهاية لا يتجاوزون الربع.. ففي السنة الأخيرة كانت 23 حالة ترسيب بحثت في اللجنة التي أنا عضو فيها، في موضوع الصيدلة، منها 18 عربا رسب منهم 15 طالبا فيما لم يتم ترسيب الثلاثة الآخرين لظروف طبيّة أو انسانية أو غيرها.. وعليه يجب على طلابنا ان يأخذوا زمام الامور بأيديهم وأن يكونوا واعين الى الخسارات الكبيرة التي يتسبّبها رسوبهم وليس أفدحها الخسارة المادية ولا ضياع الحلم والمجهود»..

يقضي الدكتور حاج يحيى جلّ وقته في الجامعة العبرية، في المختبر والتدريس والبحوث.. وباقي وقته في التطبيب، وعليه فلا وقت لديه لتعاطي السياسة بمفهومها العام.. لكن لحاج يحيى موقفا ورأيا وحسّا وطنيا لا يتردّد في إشهاره، فهو عضو في التجمع الوطني الديمقراطي.. وكونه كذلك، فإن أمور شعبه والأمر العربي بشكل عام يشكّل هاجسا عاصفا في نفسه، لكنّ شيئا من رضا يجده في بذله اللامحدود في رعاية طلابه، وأكثريتهم عرب، وفي منحهم المعرفة وتحفيزهم على تحقيق الامتياز.. وهو يجد له وقتا للمشاركة في المظاهرات
يقضي الدكتور حاج يحيى جلّ وقته في الجامعة العبرية، في المختبر والتدريس والبحوث.. وباقي وقته في التطبيب، وعليه فلا وقت لديه لتعاطي السياسة بمفهومها العام.. لكن لحاج يحيى موقفا ورأيا وحسّا وطنيا لا يتردّد في إشهاره، فهو عضو في التجمع الوطني الديمقراطي.. وكونه كذلك، فإن أمور شعبه والأمر العربي بشكل عام يشكّل هاجسا عاصفا في نفسه، لكنّ شيئا من رضا يجده في بذله اللامحدود في رعاية طلابه، وأكثريتهم عرب، وفي منحهم المعرفة وتحفيزهم على تحقيق الامتياز.. وهو يجد له وقتا للمشاركة في المظاهرات وفي الندوات المختلفة، وقد كان حتى قبل عام واحد منسّقا للجنة القدس لدى التجمع الوطني الديمقراطي..
.. «لم يشجّعني أحد على التعليم ولا حتى أهلي.. حتى انهم لم يكونوا يرون شهادتي ولم يسألوا عن تحصيلي في المدرسة.. ولا أذكر ان أعطاني أيّهم مكافأة على تميّزي في الدراسة حيث كنت الأول دائما.. فلم يشتر لي أبي دراجة هوائية ولا «دحديلة» ولم يسألني أحد عن احتياجاتي، على رغم ان والدي كان يعتزّ لكوني متميّزا ويفخر بي بين أترابه ومعارفه.. أما الوالدة، فقد كان همّها ان تحرّضني على بناء البيت والزواج وتستنكر عليّ رغبتي في طلب العلم والاستزادة من المعرفة..

بعد الثانوية، توجّهت للعمل في سيناء وفي نويبة تحديدا.. وكان رفاقي من العمال من الشباب الذي بهره الانحلال والزائف من المغريات.. وكنت واحدا منهم لا يهمّني سوى «الكيف» والانبساط والراتب العالي.. وكان أن تلقيت مكالمة استدعوني فيها لاجراء امتحان «بسيخوتقني» النجاح فيه شرط لقبولي في الجامعة وفي المواضيع التي تسجّلت اليها.. فقرّرت ان لا أذهب.. لكن صديقا اسمه عبد مصاروة، من الطيبة، اتفق مع المشغل اليهودي، اسمه شالوم، فحمّلاني عنوة في سيارة شالوم الساعة الثالثة فجرا الى مكان الامتحان وانتظرتني السيارة واعادتني الى سيناء..»

..» سكنت مع عبدالله صرصور، من كفر قاسم، في مساكن الطلبة بالجامعة العبرية سنة كاملة لم أره بعدها، لكنّني مدين له كثيرا بما وصلت اليه وفي حمايتي من فشل وضياع كانا يتربصان بي على هيئة شلّة أصحاب فوضويين من طلبة «الكافتيريا» و «العشب الأخضر»(الدّيشي) الذين يمضون أوقاتهم في كل شيء عدا الدراسة.. وقد كنت متماهيا معهم كوني أتيت من أجواء الانحلال في سيناء، ففشلت في نحو اثني عشر امتحانا في الفصل الدراسي الاول.. لكن عبدالله تصدّى لزمرة اصدقاء السوء هذه وهدّدهم الا يقتربوا منّي، بل انه اعتاد أن يقفل علي باب الغرفة حتّى أدرس.. والذي حصل انني نجحت في جميع الامتحانات في الاعادة، بل حصلت على معدل 97.. وكان عبدالله صرصور يذهب بنفسه لفحص العلامات وفي كل مرّة كانت تغمره السعادة ويعانقني على تحصيلي الممتاز..


عشق الخيل

«واحة السلام»، بالنسبة له، هي الصفقة الأجدى التي حقّقها في حياته،»حيث الهدوء وجمال الطبيعة والنظافة والشعور المتساوي مع الآخر والبيت الدافئ الذي بناه على «كيفه» وبحسب رؤيته وتخطيطه وذوقه.. يعيش فيه مع رفيقة دربه، السيدة سعاد، ابنة الطيبة وابنة صفه من ايام الدراسة الثانوية، ومع ابنائه الثلاثة والابنة الوحيدة آخر العنقود التي تعلن دائما عن رغبتها اقتفاء خطوات والدها البروفيسور.

..يعشق الخيل، ويمارس هوايته في امتطاء ظهورها والإنطلاق في شعاب ووديان وتلال المنطقة الخلاب لونها وجوّها وطبيعتها كما السحر، فيجدّد طاقة ويشحن بطّاريات ذهنه وينفض ما علق به من آفات وتلويثات العصر،على رغم أنه «يقع» عنها مرّة في الشهر تقريبا.. يربّي منها خمسة أو ستّة أحصنة وأفراس في مزرعته القريبة الى البيت والى «واحة السلام» حيث يعيش وزوجته وابناؤه الأربعة..

...الكلب «الدوبيرمان» هو حارس بالفطرة وأمين على بيت أصحابه.. جميل خمري اللون.. يربط البروفيسور حاج يحيى هذا «الأزعر» الى جانب البيت في جناحه الخاص ومملكته الخاصة نهارا، ليطلقه عند المساء مهدّدا كل ذي نيّة سوء بالبيت وبأصحاب البيت.. ولقد سبق أن تسبّب هذا «الجارح» بمشاكل لأصحابه حين اعتدى على قطط الجيران،(إذ يعرف عن كلاب «الدوبرمان» انها لا تطيق القطط) الى ان وجدوا له حلا في تعزيز وثاقه..




حنين الى الطيبة

يحن الى الطيبة والى مراتع الشباب والولدنة، ويذهب الى زيارتها كلما حانت له فرصة.. يزور الاخوات والاخوة والوالدة خاصة التي يتحيّن الفرص لرؤيتها وتقبيل يديها.. يقول إن رجوعه من الغربة كان بالاساس حرصه على ان يظل قريبا منها لتلبية احتياجاتها وطلباتها.. لكن اشغاله لا تترك له كثير وقت، إذ يتراوح يومه ما بين ممارسة مهنة الطب في عيادته وبين تدريسه في الجامعة وبين المختبر والابحاث.. وبين المؤتمرات الكثيرة التي يدعى اليها..

... "كنّا كأي عائلة عربية بسيطة.. بيتا من ثمانية أبناء ووالدين.. وكان ابي يعمل عندما كنت صغيرا راعي أغنام..الى أن ضاقت الامور ولم تعد تجدي تجارة الأغنام وتربيتها حيث لا مراقبة بيطرية ولا تسويق صحيحا، فتوجّه الوالد المرحوم ( توفي قبل نحو عامين)الى العمل في بيارة ليهودي في بيت يتسحاق.. أما الوالدة، فهي سيدة بيت عادية لا تقرأ ولا تكتب ولكنّها تحسن تدبير أمر بيتها وأمر العائلة.."

التعليقات