11/04/2013 - 16:50

قضية الأرض والمسكن../ د. باسل غطاس

لتكن لجنة الدفاع عن الأرض المعروفية حجر الأساس لإعادة تشكيل لجنة الدفاع عن الأراضي العربية

قضية الأرض والمسكن../ د. باسل غطاس

تابعت في الأشهر الأخيرة النشاطات المختلفة في الكثير من القرى العربية الدرزية في الموضوع الأهم الذي يواجه المجتمع العربي في الداخل، وليس فقط القرى العربية الدرزية، ألا وهو موضوع الأرض ومسطحات البناء والمسكن.

وتأتي هذه النشاطات بعد تأزم الأوضاع في كافة القرى العربية، بما فيها العربية الدرزية، على نحو خاص بعد مصادرة أراضي الجلمة والمنصورة وعدم توسيع المسطحات وانعدام الأراضي المخصصة للبناء للأزواج الشابة وانتشار ظاهرة البيوت المبنية بدون ترخيص والمهددة بالهدم خاصة في عسفيا والدالية، ناهيك عن النقص الشديد في الخرائط الهيكلية، فهي إما غير موجودة أو قديمة، ولا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان. أما عن البنى التحتية أو قل انعدامها تقريبا فحدث ولا حرج. في موضوع المناطق الصناعية حصرا هناك ظلم وتمييز مضاعف بل ومثلث، فأغلب الحدائق الصناعية الكبيرة في الشمال قامت على أراضينا المصادرة، والمستفيد الأول والوحيد منها هو المجالس الإقليمية والبلديات اليهودية، بينما تغيب المناطق الصناعية الملائمة من خرائطنا الهيكلية. أما أدهى ما يواجهنا في موضوع الأرض والمسكن فهو استخدام معايير الحفاظ على البيئة والطبيعة باعتبارها معايير انسانية وعالمية للتضييق على القرى والمدن العربية، ولربما أهم وأخطر حالتين نذكرهما تتعلقان بقرى عربية درزية مثل بيت جن والمحمية الطبيعية في أراضي الزابود وعسفيا ودالية الكرمل ومحمية جبل الكرمل.

تتعرض الطائفة العربية الدرزية لـ"وضع خاص" ناجم عن قانون التجنيد الإجباري والمحاولات المستمرة لفصل هذه الطائفة عن شعبها العربي الفلسطيني، وهي فيه جذع أصيل لا ينكسر من خلال مناهج التدريز وتشويه الهوية (وهذا الموضوع يتعرض له العرب عامة وليس الدروز فقط). وهنا نذكر بالدراسة الأخيرة التي قام بها الباحث الدكتور يسري خيزران في معهد "فان لير" حول مناهج التعليم في المدارس العربية الدرزية التي تستهدف محو الذاكرة وقطع العلاقة مع الثقافة والتراث الفكري والمعرفي العربي.

هذا "الوضع الخاص" الذي تروج له وتستثمر فيه المؤسسة الإسرائيلية لم يسعف القرى العربية الدرزية، ولم يدفع عنها سيف المصادرة، لا في الماضي ولا في الحاضر، بل أني أجرؤ على القول إنه بالمقارنة مع سائر القرى والمدن العربية فإن أزمة الأرض والمسكن في القرى العربية الدرزية مستفحلة أكثر. هذا ما كشف عنه اجتماع الأرض والمسكن الذي انعقد في يركا الأسبوع الماضي وكذلك تشكيل اللجنة المعروفية للدفاع عن الأرض.

السؤال الذي أطرحه هنا على قيادات ونخب الطائفة العربية المعروفية الذين أجمعوا في اجتماع يركا على التصدي لهذه السياسة ولمطالبة الحكومة بتغيير جدي فيها، وهو سؤال مطروح بنفس الدرجة على كافة القيادات السياسية والحزبية العربية: ألم يحن الوقت لكي ندرك أن في قضية الأرض والمسكن حصريا "كلنا في الهوا سوا"؟ وأنه في هذا الموضوع حصريا يكون العمل المشترك وتكون الوحدة الشاملة أجدى وأنفع؟، أليس الدرس الأول الذي نتعلمه من تاريخ القضية أن فصل الطائفة عبر كل ما ذكرنا سالفا (وفي هذا لا أقصد لوم أحد بقدر التنويه بما حصل) قد أضعفها وجعلها في موضوع الأرض والمسكن حتى أكثر هشاشة من سائر القرى والمدن العربية؟ ونذكر هنا، عسى أن تنفع الذكرى، أن المرحوم الشيخ الجليل فرهود فرهود الذي كان أول المحذرين من عمليات سلب الأرض والمصادرة هو نفسه الذي أسس وترأس لجنة المبادرة الدرزية لمقاومة قانون التجنيد الإجباري على الشباب الدروز، وأكثر من دافع عن عروبة الطائفة المعروفية وجذورها الوطنية.

لقد تعلمنا من تاريخ علاقتنا بالدولة ومؤسساتها أنه في موضوع الدفاع عن الأرض وفي كل ما يتعلق بالتخطيط والبناء فقط بالوحدة والعمل والنضال المشترك نجحنا في الحفاظ على ما تبقى لنا من أرض في وطنا. إني أرى في هذا الموضوع وفي هذا الوقت بالذات فرصة حقيقية لإعادة اللحمة لشعبنا في كل هذه الديار، والدور الآن على النقب الذي سيواجه في السنوات القريبة "مخطط برافر" الذي يستهدف مصادرة أكثر من نصف مليون دونم واقتلاع عشرات الآلاف من سكان القرى غير المعترف بها من بيوتهم، فهل نترك أهل النقب يواجهون هذا المخطط لوحدهم؟

لقد دقت ساعة وحدة العمل ولتكن لجنة الدفاع عن الأرض المعروفية حجر الأساس لإعادة تشكيل لجنة الدفاع عن الأراضي العربية التي لعبت الدور المركزي في تنظيم يوم الأرض، إعلان الاضراب العام في الثلاثين من آذارعام 1976 والذي بفضله وبفضل تضحياته وخاصة الشهداء منعت مصادرة أرض المل في قرى البطوف. لتكن الوحدة النضالية التي تجلت في اجتماع يركا هي الخميرة لإنشاء وحدة نضالية شاملة في موضوع الأرض والمسكن لكل شعبنا. هذه مسؤولية تقع على عاتقنا جميعا ومن خلال هذه الأزمة نستطيع خلق فرصة استعادة الوحدة الاجتماعية والقومية لكافة مركبات شعبنا ومجتمعنا العربي الفلسطيني.

التعليقات