12/12/2016 - 11:05

فلسطين 2030

تتوقع دراسة أن يرتفع عدد سكان الضفة الغربية بما فيها القدس من 4.7 مليون في 2015 إلى 6.9 مليون في العام 2030، وإلى 9.5 مليون وربما أكثر في العام 2050.

فلسطين 2030

نشر صندوق الأمم المتحدة للسكان، الأسبوع الماضي، دراسة بالغة الأهمية بعنوان "فلسطين 2030 - التغيير الديموغرافي: فرص التنمية". وتظهر هذه الدراسة، التي آمل أن يطلع عليها كل من له علاقة بصنع السياسات أو التنمية أو الحكم في فلسطين، التحولات الديموغرافية الجارية في فلسطين مع توقعات لما سيكون عليه حال السكان عام 2030 وكذلك في عام 2050.

وتتوقع الدراسة أن يرتفع عدد سكان الضفة الغربية بما فيها القدس من 4.7 مليون في 2015 إلى 6.9 مليون في العام 2030، وإلى 9.5 مليون وربما أكثر في العام 2050.

المفاجأة أن عدد سكان قطاع غزة في العام 2050 سيكون أكبر من عدد سكان الضفة الغربية (4.8 مليون في غزة مقابل 4.7 مليون في الضفة).

إذا افترضنا أن نسبة نمو عدد الفلسطينيين داخل أراضي 1948 ستكون مماثلة أو أقل قليلا، فإن عدد الفلسطينيين فوق أرض فلسطين التاريخية في العام 2030 لن يقل عن 9 ملايين نسمة. وفي ذلك مغزى مهم للإسرائيليين الذين يعملون ليل نهار على القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية، التي لن يكون لها أي بديل مهما فعلوا، إلا دولة ديمقراطية واحدة .

غير أن الكم وحده لا يكفي فنوعية الاقتصاد والتنمية وتوظيف القوى البشرية عامل حاسم. إذ تشير الدراسة إلى أن التنمية لن تنطلق إلا بإزالة الاحتلال وإزالة الاستيطان، وتحقيق الاستقلال الحقيقي والسيادة .

ويحدد النمو السكاني الاحتياجات الفلسطينية للتنمية في ثلاثة مجالات لا غنى عن أي منها، الصحة والتعليم وإيجاد فرص عمل للقوة العاملة الفتية. وهذا يعني أن جل تنمية الصمود يجب أن يركز على مشاريع الصحة والتعليم وخلق فرص العمل.

ولعل أهم مؤشرات الدراسة أنها تشير إلى أن القوة العاملة ستنمو بسرعة أكبر من سرعة نمو عدد السكان، خاصة بسبب ارتفاع نسبة النساء المتعلمات اللواتي سيصبحن جزءًا من القوة العاملة. وهذا النمو في القوة العاملة، الذي سيقلل من مستوى نسبة الإعالة والاعتمادية، هو ما تتمناه كل دولة في العالم، ويعود سببه إلى فتوة المجتمع الفلسطيني، لأنه يعنى أن نسبة الناس القادرة على الانتاج سترتفع بوتيرة أعلى من نسبة المعتمدين عليهم.

غير أن هذا الكنز والمنجم البشري، الذي يمكن أن يشكل رافعة هائلة للتطور الاقتصادي والإنساني، يمكن أن يتحول إلى كارثة إن لم يتم فورا وضع سياسات تضمن تخفيض نسبة البطالة، وخلق فرص عمل للشباب المتعلم في الضفة والقدس والقطاع.

وهذا يعني تغيير كل السياسات والموازنات القائمة على تشجيع الاستهلاك والقطاعات غير المنتجة كالبناء والاستهلاك الخدماتي والأجهزة الحكومية، إلى قطاعات تعزز الصمود وتخلق فرص العمل المنتجة والقادرة على التوسع للأجيال الجديدة.

سيكون لدينا في العام 2030 أربعمائة ألف طالب جامعي ولا يمكن تخيل أن تستطيع الجامعات استيعابهم أو أن يستطيع أهلهم توفير نفقات تعليمهم دون إقرار "قانون الصندوق الوطني للتعليم العالي"، الذي ينتظر التنفيذ منذ عشر سنوات.

وسيصل عدد طلاب المدارس إلى مليوني طالب وطالبة. ولكم أن تتخيلوا عدد المدارس التي سيحتاجونها، علما بأننا سنحتاج إلى 32 ألف معلم إضافي منهم 23 ألفا في قطاع غزة.

حسب الدراسة، لدينا اليوم 767 مركزا صحيا للرعاية الأولية وسنحتاج إلى 1114 مركزا في العام 2030، أي 350 مركزا إضافيا، وهذا ما يجب أن يدركه بعض المسؤولين الذين لا يعبأون بأهمية الحفاظ على المراكز الصحية القائمة والعمل على تطويرها.

ولن يمكن تلبية الاحتياجات التعليمية والصحية، وحتى الحفاظ على مستواها الحالي من دون تعاون فعال بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني .

أخطر مؤشرات الدراسة تعاظم نسب الفقر في القدس، بسبب التضييقات الإسرائيلية، وانعدام سياسات تركز على دعم صمود المقدسيين وتطوير وسائل حياتهم.

باختصار، مؤشرات الدراسة تشير الى أربعة أمور:

أولا: أن اسرائيل فشلت وستفشل في وأد الوجود الفلسطيني البشري على أرض فلسطين.

ثانيا: أن التنمية الحقيقية مستحيلة من دون كسر العقبات السياسية التي سببتها إسرائيل، ولذلك فإن مهمة النضال لإزالة الاحتلال والاضطهاد العنصري هي عنصر إستراتيجي لتحقيق التنمية.

ثالثا:  إن السياسات العامة يجب أن تتغير بسرعة لتركز على دعم الصحة والتعليم وخلق فرص العمل.

رابعا: إن لدى فلسطين منجم ذهب واعد من القوة البشرية، ولكن هذا المنجم يمكن أن يتحول إلى كارثة إن لم يتم التركيز فورا على حل مشاكل البطالة بين الشباب المتعلم في الضفة والقدس والقطاع

​* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطيني

التعليقات