31/05/2016 - 11:01

انتهاكات "داعش" وتشويه الإسلام بالإعلام الغربي

توضح مصطفى أن ممارسات الإعلام الغربي هي بمثابة حلقة ضمن سلسلة طويلة من الحروب الغربية ضد الوجود العربي على الخريطة الدولية، تهدف من خلالها إلى تعزيز قوى الاستعمار الغربي في السيطرة على الدول العربية الفاعلة في المنطقة

انتهاكات "داعش" وتشويه الإسلام بالإعلام الغربي

هجمات بروكسل (أ.ف.ب)

وصفت وسائل الإعلام الغربية انتهاكات تنظيم داعش في العراق، بأنها محاولات طائفية لزعزعة استقرار البلاد، الذي يتخذ من خلالها ذريعة لفرض تشدده الديني، والخلاص بالبلاد من أيدي ما يطلق عليهم “الرافضة والمرتدون”، وقد تناولت هذه الوسائل عناصر التنظيم في بعض عناوينها بـ”فائقي التطرف” و”المتشددين الإسلاميين”، كما وصفت عمليات القتال التي يقومون بتنفيذها داخل المدن العراقية وعلى رأسها الفلوجة والموصل بالصراع السني الشيعي، مشيرة إلى أن التنظيم باعتباره ممثل الطوائف السنية داخل العراق، ويصورونه بأنه تنظيم دولي يمتلك من القوة المادية والعسكرية، ما يؤهله للسيطرة على معظم دول المنطقة العربية، ويربطونه ببعض سياسات الدول المجاورة مثل تركيا بشأن إبرام اتفاقيات اقتصادية متبادلة، يفيد بعضها بشراء تركيا النفط الذي يستولي عليه التنظيم جراء عملياته العسكرية المتعاقبة، بالرغم من عدم تطابق ما تعرضه وسائل الإعلام الغربية مع تصريحات بعض المسؤولين الغربيين، مثل “ماري هارف” المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، التي أكدت عدم وجود أدلة قاطعة على تعاون تنظيم الدولة مع دول أخرى، بشأن تعزيز جناحيها الاقتصادي والعسكري.

وحول هذا توضح د. هويدا مصطفى، عميدة المعهد الدولي للإعلام بأكاديمية الشروق بالقاهرة ، أن الإعلام الغربي يتبع سياسة مستفزة وغير لائقة في تناول انتهاكات تنظيم داعش داخل المدن العراقية بالرغم من وصفه للتنظيم بأنه “إرهابي”، إلا أن المعاني الضمنية التي يرميها خلف التصريحات، تعد قذفا للطوائف السنية ليس في العراق فقط وإنما في المنطقة العربية بأكملها، حيث لا يمثل تنظيم الدولة السنة العرب ولا غيرها من الطوائف، ولا يمتد إلى الإسلام بصلة حتى يلصقه الإعلام بالمسلمين بهذه الطريقة، حتى وإن كان التنظيم يعتبر نفسه معبرا عنه أو منبثقا منه.

وتابعت: كما أن القنوات الفضائية الغربية تناولت هذه الانتهاكات بسطحية، حيث أنها لم تتطرق لمعاناة الشعب العراقي، كما أنها لم تتناول الحروب الدامية التي لاقاها أهالي الموصل مؤخرا ويلاقيها أهالي الفلوجة خلال هذه الفترة، وعمليات التصفية الجسدية التي يقومون بها نحو مئات المواطنين العزل، وتكتفي فقط بالحديث عن التنظيم الذي يقاوم هجمات التحالف الدولي، ووضعه الاقتصادي وثقله السياسي الذي يزداد يوما بعد آخر داخل المنطقة العربية.

وتوضح مصطفى أن ممارسات الإعلام الغربي هي بمثابة حلقة ضمن سلسلة طويلة من الحروب الغربية ضد الوجود العربي على الخريطة الدولية، تهدف من خلالها إلى تعزيز قوى الاستعمار الغربي في السيطرة على الدول العربية الفاعلة في المنطقة، لا سيما أن وسائل الإعلام الغربية من أكثر الوسائل تأثيرا في شعوبها، بالمقارنة بمثيلاتها من وسائل الإعلام العربية، في إطار الفارق الثقافي والتعليمي بين الجانبين.

من جانبه، يؤكد د. محمود خليل، أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة، أنه لا يمكن تقييم الإعلام الغربي بصورة واضحة، ولكن يجب التنبيه حول الدور الذي يقوم به تجاه الحرب الدائرة في العراق، وما يقوم به تنظيم الدولة ضد المواطنين والجيش العراقي، بحكم العلاقات المتبادلة بين بعض الدول الغربية والتنظيم، الذي يشير إليها تاريخ معاملات هذه الدول مع التنظيمات الجهادية، مستهدفة تعزيز أحلام استعمارية قديمة وترجمتها واقعيا على الأراضي العربية، مضيفا: هناك فرق بين جماعات تدافع عن الإسلام وتصوره بشكل إيجابي وتعبر عن تعالميه ونواهيه، وبين تنظيمات تفتخر بعمليات القتال التي تقوم بتنفيذها، وهو ما يعرضه الإعلام الغربي باعتباره معبرا عن الإسلام والمسلمين، غير كاشفين لطبيعة الأهداف التي يرمي إليها خلف هذه الممارسات، وهي تثبيت أقدام سلطاتهم الفاعلة على أراضي العرب، لافتا إلى أن وسائل الإعلام الغربية تعطي منابرها لهذه التنظيمات لتكون وسيلة يعرضون من خلالها أفعالهم وأفكارهم، ويصورونها على أنها ممارسات منبوذة، غير مدركين أن هذه الممارسات ستتضح معالمها مع مرور الوقت، من خلال تحليل المضامين والبحث وراء أهدافها ذات البعد السياسي، التي تتوافق مع خطط الحكومات التابعة لها، مؤكدا أن التنظيمات الجهادية مثل “داعش” تستخدم هذه الأذرع لتحقيق أهدافها الوظيفية والسياسية بالتوازي، ما يعني أن هناك تقابل في الأهداف إن أخطأ تقدير وجود علاقة بين الطرفين.

ويشير خليل إلى أن هناك ثمة فارق بين التناول والتشهير، وما يحدث في الإعلام الغربي حاليا نحو ما يتم من انتهاكات للتنظيمات الجهادية في العراق، لا يخرج عن كونه تشهيرا، وهذا لا ينفي طبيعة العلاقة القائمة بين الطرفين الغربي والجهاديين، ولا يبعد أيضا الشبهة حول نوايا الإعلام الغربي في التشهير بمن يمثل بجثثهم وتقطع ألسنتهم ويسحقون، الأمر الذي يعني أن هذه الوسائل تمارس عنفا لا يختلف مطلقا عن العنف الذي تمارسه التنظيمات الجهادية.

وفي سياق متصل، تقول د. ليلى عبدالمجيد، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: وسائل الإعلام الغربية تعمل لحساب جهات متعددة وفق خطط سياسية ممنهجة، تتلاقى مع ممارسات التنظيم الجهادي في العراق المسمى “داعش”، والتي تطلق عليه التنظيم السني، فالأوضاع والمجريات تتم بالاتفاق بين الجانبين الغربي والجهادي، وتحاول إثارة نعرات طائفية يتوارى خلفها هدف تقسيم العراق إلى دويلات صغيرة، وهو ما يكشف التوجه الأيديولوجي التي تعبر عنه بالأساس أنماط العنف التي تتبعها وسائل الإعلام الغربية في طرح الحرب العراقية، وبالتالي لا يكون سوى الإقصاء السياسي داخل العراق نتيجة لهذه الأنساق، يترتب عليها سيادة العدوانية التي ستتخذ أطرا تمردية.

وتعتبر عبدالمجيد أن انسحاب الإعلام الغربي عن المشهد السياسي من الأمور التي يصعب تخيلها، عكس ما يرى البعض، لأنه يتمتع بصفة أساسية داخل اللعبة الدولية، التي تديرها الولايات المتحدة وإيران ودول أخرى داخل العراق، ما يعني التأكيد على أن التنظيمات الجهادية داخل العراق ما هي إلا ميليشيات شيعية تعمل بمعزل عن التوجه السني الذي يشير له الإعلام الغربي، ملفتا نظر وفكر القارئ والمشاهد بعيدا عن حقيقة ما يحدث.

اقرأ/ي أيضًا| تذلك عساكر تفكر تهاجر .. يذلك كفيل!

التعليقات