خطاب الرئيس السوري بشار الاسد امام مجلس الشعب

نحن مستعدون للمفاوضات من دون شروط وبحسب قرارات مرجعية مدريد وهذا يعنى أننا نبدأ من حيث انتهت المفاوضات الاخيرة فى التسعينيات...

خطاب الرئيس السوري بشار  الاسد امام مجلس الشعب
أيها السيدات والسادة أعضاء مجلس الشعب أيها الاخوات والاخوة المواطنون00

أخاطبكم فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سورية والمنطقة بأحداثها الكبرى التى تعيشونها بفيض مشاعركم وغيرتكم على وطنكم وتثبتون مرة تلو المرة صدق ولائكم لقيمه وحرصكم على كبريائه وكرامته

ولعل لقائى بكم اليوم فى هذا الظرف الذى نمر فيه ينبعث من حرصى على أن تكونوا فى صورة التطورات الاخيرة وعلى أن تطلعوا بصورة مباشرة على موقع بلدكم منها 00وعلى رغبتى فى أن أقدم لكم اجابة عن تساوءلات عديدة تدور فى أذهانكم 00وفاء لهذه العلاقة الحميمة00 الشفافة معكم00 وتوكيدا على حقيقة أساسية هى أن ما نقوم به من أعمال وما نتخذه من مواقف00 أنتم مصدر الهامنا الاساسى فيه 0

لقد عاشت سورية خلال العامين الماضيين فى قلب مجموعة متشابكة من الاحداث والتطورات00 الاقليمية والدولية التى تسارعت بصورة عاصفة00 وفرضت ضرورة التعامل معها بقدر كبير من الاهتمام والحرص 00وكان تسارع الاحداث بحد ذاته يفرض واقعا معقدا من ردود الافعال والاراء لدى قطاعات واسعة من المعنيين بالشأن السياسى يتوازى مع حملات اعلامية مكثفة ومنسقة وغير بريئة فى كثير من الاحيان 00خلقت تشويشا واسعا لدى الرأى العام العربى والمحلى00 وطرحت تساوءلات كثيرة عن طبيعة التحديات واتجاهاتها وموقفنا منها0

وكانت أبرز القضايا التى تشغل بال العالم الراهن00 أو تدخل فى مخططات بعض قواه الكبرى00 أو تحدد خياراتها السياسية00 تمر عبر سورية بصورة مباشرة أم غير مباشرة00 سواء قضية السلام فى الشرق الاوسط أو الارهاب أو القضية العراقية أم تداعيات الوضع اللبنانى 0

وكنت قدمت فى مناسبات مختلفة شرحا مفصلا لموقفنا ورؤيتنا لهذه الامور المتداخلة00 لذلك فاننى لست بصدد استعراض ما حدث00 على ما فيه من معان ودلالات00 ولكننى سأقف عند اخر التطورات فيها وأبين مواقفنا منها وتصوراتنا المستقبلية حيالها00 وذلك من أجل أن يكون الجميع على بينة منها وأن يطلعوا على الجهود التى بذلناها للوصول الى نتائج مرضية0

وفى هذا الاطار00 يمكن التأكيد على أن نهجنا السياسى ومواقفنا من الاحداث وتطوراتها00 يقوم على قاعدتين أساسيتين00

الاولى00 حماية مصالحنا الوطنية والقومية00 من خلال التمسك بهويتنا واستقلالنا ووفائنا لمبادئنا وقناعاتنا00 وكذلك توفير الظروف الملائمة لصيانة استقرارنا السياسى والاجتماعى باعتباره جزءا من استقرار المنطقة ككل00 وتكريس ذلك لاستعادة أراضينا المحتلة0

الثانية00 حرصنا فى اطار العمل على تحقيق المسائل انفة الذكر00 على التعامل مع الاطراف المعنية بعقل مفتوح بعيدا عن الاحكام المسبقة00 وبقدر كبير من الواقعية والمرونة والمسؤولية00 مدركين طبيعة الظروف الدولية الراهنة خاصة فى السنوات الاخيرة 00ومعادلة الممكن والمأمول فى سياق كل ذلك00 أى التمسك بالحقوق وفى نفس الوقت التعامل بواقعية مع التحديات والتطورات الطارئة0

لقد كانت قضية السلام فى قلب هذه الاحداث00 وأرخت بظلالها على القضايا الاخرى00 وشهدت هذه العملية تراجعا من حيث مناخها العام00 خطوات الى الوراء 00ليس بسبب تعنت اسرائيل ورفضها الاستجابة لاستحقاقات السلام فحسب00 بل بسبب افتقاد الارادة المسؤولة عن تطبيق القرارات الدولية عندما يتعلق الامر باسرائيل00 وعدم جدية الاطراف المعنية فى المجتمع الدولى00 بالنهوض بمسؤولياتها فى هذا الاتجاه 0

وفيما يتصل بنا00 أكدنا فى مناسبات كثيرة00 على أن السلام فى منطقتنا لن يتحقق ما لم تتم استعادة أرضنا المحتلة00 وعلى أن كثيرا من المشكلات التى تظهر فى الوقت الراهن00 تجد بعضا من حلولها فى ايجاد فرص سلام عادل يلغى أسباب التوتر والصراع وعوامل الاحباط والخيبة0

وطرحت سورية استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة00 ولكن فى المقابل أكدنا أن عدم وجود شروط على استئناف المفاوضات لا يعنى اهدار المرجعيات والقواعد والقرارات التى يجب الالتزام بها وتطبيقها0 ومرجعيتنا التى نستند اليها هى مرجعية مدريد المتضمنة لقرارات الشرعية الدولية ولم يكن مفاجئا لنا أن ترفض اسرائيل استئناف المفاوضات00 وأن تضع هى الشروط تحت ذرائع مختلفة00 وذلك تهربا من استحقاقات السلام0

بكل بساطة00 لو بسطنا الامور00 عملية السلام بحاجة الى متطلبات00 أولها نية الاطراف المتصارعة بالوصول الى السلام 00ثانيها وجود راع نزيه وحيادى 00ثالثها متطلبات تقنية كالمفاوضات والمرجعيات والمعايير00 مالذى ينقصنا اليوم000 تنقصنا نية الطرف الاسرائيلى وهى غير موجودة على الاطلاق 00ينقصنا اهتمام الراعى بشكل أساسى الولايات المتحدة00 وهذا الكلام هم يعلنونه وليس توقعات البعض0 وأيضا المعايير غير موجودة0

باعتقادنا فان عملية السلام ستبقى متوقفة فى المدى المنظور0 ولكن حتى ذلك الوقت لا يجوز ان نتوقف عن الحديث عن عملية السلام وعن ابداء رغبتنا المستمرة بالتوصل الى السلام00 لذلك نحن مع اصدقائنا الاوروبيين وغيرهم من الدول فى هذا العالم المعنية والمهتمة بعملية السلام نتابع معهم الحوار بهدف معرفة أخطاء الماضى00 ووضع تصورات المستقبل00 وعندما تتغير كل هذه الظروف نستطيع ان ننطلق باتجاه عملية السلام0

طبعا اسرائيل طرحت او دائما تطرح بأنها مستعدة للعودة الى المفاوضات من دون شروط 0 الكثير من الوفود الاجنبية التى تأتى الينا فى سورية00 تقول ما هى الشروط السورية000 وعندما نقول لا توجد شروط فهم يفاجؤون00 يقولون لكن اسرائيل تقول بأن لديكم شروطا0 الهدف هو أن يكون العالم فى تصور بالنسبة لاسرائيل أنها مستعدة لعملية السلام00 لكن المشكلة هى فى الشروط التى تضعها سورية وهى العائق 0

الحقيقة ان هذه الشروط هى ماتقوله اسرائيل أى العودة الى نقطة الصفر نحن نتحدث عن استئناف المفاوضات 00والاستئناف يعنى ان نتابع من حيث انتهينا 00هم يريدون العودة الى نقطة الصفر0 نقول لهذه الدول وهذه القوى الدولية التى تأتى وهذه الشخصيات الدولية0 كيف يمكن ان تقولوا انكم تريدون السلام وبنفس الوقت تقولون لنا اختلفوا على مااتفقتم عليه00 اذا أردنا ان نصل للسلام لابد من ان نتفق على النقاط المختلف عليها00 والاسرائيليون يريدون العودة الى الصفر0 وهذا يعنى عدم جدية من قبل الاسرائيليين وعدم مصداقية لان كل حكومة فى اسرائيل تأتى فتقول انه لا علاقة لها بالحكومة التى سبقتها0 فأكدنا نحن أننا مستعدون للمفاوضات من دون شروط وبحسب قرارات مرجعية مدريد وهذا يعنى أننا نبدأ من حيث انتهت المفاوضات الاخيرة فى التسعينيات0

كما أكدنا فيما يتصل بالساحة الفلسطينية على الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى اطار الحل الشامل0 أما بصدد المسالة العراقية فان مواقفنا كانت ولا تزال تنطلق من اعتبارنا وتقديرنا لمصالحنا الوطنية00 ومصالح الشعب العراقى00 حيث عارضنا الحرب كما عارضها كثيرون على امتداد الوطن العربى والعالم0 وكان لنا فى معارضتنا أسبابنا الوطنية والقومية والاستراتيجية00 لاننا كنا نرى أن هذه الحرب ستؤدى الى حالة من الفوضى والاضطراب00 ليس فى العراق وحده00 ولكن فى المنطقة كلها00 وانها ستطالنا بتاثيراتها المباشرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا 0 انطلاقا من ذلك 00كان استقرار العراق والمنطقة يقع فى بؤرة اهتمامنا ومشاغلنا00 لذلك عبرنا عن حرصنا على الحوار الوطنى فى العراق 00وكنا من اوائل من دعا الى اجراء الانتخابات على قاعدة وطنية لايستبعد منها اى طرف0

وهنا وضعنا اولويات واضحة بالنسبة لموضوع العراق00 لكى يفهمها الجميع00 الاولوية الاولى هى وحدة العراق00 وهى أهم شىء بالنسبة لنا لانها لا تمس العراقيين فقط وانما تمس سورية00 تمس الامن القومى والوطنى فى سورية بنفس المقدار0 الاولوية الثانية هى الانتخابات وهذه الانتخابات المقصود بها التصويت على الدستور0 لا أقصد فيها انتخابات بمعنى الانتخاب الحر انما التصويت على الدستور00 وهذا الدستور سيعطى مؤسسات00 واى دستور فى العراق لا يكون عليه اجماع من قبل كل العراقيين فهذا يعنى تفكيك العراق وحربا أهلية0 وأيضا سندفع الثمن0 فاذا البند الثانى مرتبط بالبند الاول ... الوحدة بحاجة لاستقرار وبحاجة لحوار وطنى وبحاجة لدستور عليه اجماع من قبل العراقيين .. النقطة الثالثة أو الاولوية الثالثة وهى الاستقلال والاستقلال بشكل الى يعنى انسحاب القوات الاميركية الغريب أن معظم الوفود الاميركية التى استقبلناها تحدثت بنفس الاولويات فكنا نقول لهم اذا أين الخلاف000 هم يتحدثون عن حرصهم على وحدة العراق وموضوع الدستور00 والذى جرى التصويت عليه بشكل ديمقراطى وأيضا كانوا يقولون نحن لانريد ان نبقى بشكل مستمر فى العراق00 بالنسبة لنا موضوع الاحتلال هو موضوع مبدأ00 أما الاليات فقد كنا نقول لهم ان الموضوع يدرس مع العراقيين وليس مع الاخرين0 وفى مقابل ذلك00 فقد أخذت الاتهامات تتوالى نحو سورية00 تارة تحت ذريعة التدخل فى الشؤون العراقية وتارة اخرى تحت ذريعة عدم ضبط الحدود ومنع المتسللين الى العراق00 وتارة ثالثة تحت ذريعة ايواء أنصار النظام السابق بالرغم من اننا قمنا بكل مامن شأنه ان يحفظ استقرار العراق ضمن الامكانات المتاحة من ضبط للحدود ورفض لاستخدام الاراضى السورية للتدخل فى الشؤون العراقية وتأييد للعملية السياسية الجارية فيه 0

تذكرون قبل حرب العراق كانت هناك اتهامات لسورية بأنها ترسل أسلحة الى بغداد 00أو كما يقولون للنظام فى العراق00 قلنا لهم فى ذلك الوقت اعطونا معلومة واحدة تدل على هذا الشىء00 ونحن بالنسبة لنا هذا مخالف للقانون وسنقوم بمحاسبة من يقوم بهذا العمل 0 الحقيقة لم يعطونا أية معلومات0

أتى باول بعد الحرب بثلاثة اسابيع وقلت له الان اصبحتم موجودين فى بغداد ولديكم الوثائق فتفضلوا وأعطونا وثيقة واحدة تدل على هذا الشىء0 طبعا لم يأتنا أى شىء من المطلوب0 تحدث فى ذلك الوقت00 ولم تكن المقاومة قد بدأت فى العراق00 حول ضرورة ضبط سورية لحدودها فقلنا له فى ذلك الوقت هذا مستحيل0 يعنى فى الثمانينيات00 كانت تأتينا سيارات شاحنة كبيرة معبأة بالمتفجرات وتصل الى قلب دمشق وتنفجر فى أماكن مختلفة وتقتل المئات والعشرات 00ولم نكن قادرين على ايقافها0 فكيف نستطيع الان أن نمنع اشخاصا مشاة يدخلون على الحدود00 هذا الكلام غير ممكن وخاصة أننا على الحدود العراقية لانمتلك التقنيات العالية الموجودة فى الدول الاخرى لضبط هذه الحدود0 لاحقا أتى وليام بيرنز فى صيف /2003/ وسمع نفس الكلام00 بعدها حصلت فترة انقطاع طويل مع أى وفد اميركى ماعدا وفود الكونغرس ولكن التقينا بعدد من الوفود العراقية التى تمثل مجلس الحكم ولاحقا الحكومة المؤقتة 00وكان دائما هناك عتب بيننا وبينهم حول نفس الموضوع0 وقلنا لهم اننا نسمع من خلال الاخبار أنكم القيتم القبض على مجموعة أتت من سورية او على سورى00 فلماذا لا تعطون الاسماء000 وجواز السفر00 وهل هو مزور00 هل هو حقيقى00 وكيف وصل هذا الشخص الى العراق000 أين حصل الامداد00 تقولون انه أتى من دول اخرى وعبر سورية00 لابد من نقاط امداد سواء مال00 منامة00 طعام00 والى اخره 00سموها امدادا لوجستيا0

كانوا يقولون سنقوم بهذا الشىء ولكن لم تأتنا حتى الان اية معلومة عن اى سورى او شخص ذهب الى العراق0 لانقول ان الحدود مضبوطة00 كما قلت لااحد يستطيع فى العالم ان يضبط حدوده0 حتى الوفود الاميركية تقول لنا نحن لانستطيع ان نضبط حدود أمريكا مع المكسيك00 لكن المطلوب منكم ان تضبطوا حدودكم 0 فالمعادلة صعبة 0

فى الزيارة الاخيرة لوفد برئاسة/ وليام بيرنز/ فى شهر ايلول الماضى كان وفد من وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ومن المخابرات ومن الجيش تحدثوا معنا بشكل واضح وقالوا نريد ان نعرف رغبة سورية0 هل سورية تريد التعاون000 فقلنا لهم نحن من العام/1974/ عندما عادت العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية00 تذكرون فى زيارة الرئيس نيكسون الى سورية فى عام/1974/ قال له الرئيس /حافظ الاسد/ نحن نريد احسن العلاقات مع امريكا00 وكنا خارجين من حرب تشرين00 وكان هناك اتحاد سوفييتى والظروف كلها كانت مختلفة0 فمن غير المعقول اليوم ان نقول اننا لانريد علاقات جيدة0 أما عن التعاون فعلينا ان نفرق بين الرغبة فى التعاون والامكانيات 0 لايعنى اذا كان لديك رغبة انك تمتلك الامكانيات00 ومع ذلك لانريد ان نقول ماهى السيناريوهات المطروحة00 نحن سنترك الامر عندكم0 اطرحوا سيناريوهات00 ماذا تريدون000 قبل عدة ايام كان وزير الداخلية العراقى قد اتى الى سورية واستقبلته انا وقال لى ان الاميركيين سيطرحون اتفاقية ثلاثية للتعاون الامنى لضبط الحدود بين سورية والعراق والقوات الامريكية00 طبعا0 قلنا نحن مستعدون0 طبعا طرحوا هذا الموضوع فى اللقاء وقلنا لهم نحن مستعدون00 لكن ربما كان البعض منهم لايريد ان يسمع هذه الكلمة00 غالبا يريدون منا ان نقول دائما لا فقلنا لهم نحن جاهزون00 ضعوا السيناريوهات وكل هذه التفاصيل0 وارسلوا المعنيين الى سورية ليلتقوا بالمستويات المختلفة من المؤسسات الامنية او الجيش أو غيره لنضع خطة تنفيذ 0 طبعا حتى هذه اللحظة لم يأت احد منهم0 الشىء الوحيد الذى يطلب منذ فترة 00من وقت لاخر 00هو عبارة عن لوائح باسماء معظمها لانعرف من هم0 وثبت ان بعض الاسماء فعلا كانت موجودة وتم طردها وهذا الكلام تردد حتى خلال الحرب0 هناك اسماء اتت الى سورية كانت جزءا من النظام وطردت ولايشعر الانسان بالندم لانهم من الاشخاص المسؤولين عن الجرائم التى حصلت فى سورية فى الثمانينيات00 فهؤلاء الاشخاص 00نحن فى ذلك الوقت اما طردناهم عند الحدود أو علمنا بدخولهم الى سورية فطلبنا منهم الخروج واخرجوا0 أما بقية الاسماء فكنا نقول لهم بأنكم ترسلون اسماء لاشخاص لانعرف شكلهم ولانعرف من هو هذا الشخص أو ذلك 0 والان هناك فى العراق فوضى00 ربما يكون هؤلاء الاشخاص موجودين فى سورية لكن بأسماء مزورة00 فنحن بحاجة للمزيد من المعلومات0

طبعا الهجوم الاعلامى كما تلاحظون مستمر ولايتوقف00 ولا اعتقد أن له علاقة بالتعاون السورى لاننا لم نطرح أى شرط 0 بالنسبة لنا نحن لنا هموم فى العراق هى الوحدة كما قلت والاستقرار00 وعلينا ان ننتظر0

أيها الاخوات والاخوة00

لاشك أن الوضع اللبنانى باشكالياته المعقدة00 يشكل أبرز الاحداث الضاغطة فى هذه المرحلة0 ولست هنا فى مجال البحث فى الماضى ولا الدخول فى تفاصيل الاحداث التى شهدها لبنان أو العلاقات السورية / اللبنانية ولكننى سأتوقف عند تداعيات القرار /1559/ وموقفنا منه 0

حيث شهدت الساحة اللبنانية00 منذ صدور القرار المذكور سجالا حادا حوله00 لانه خلق00 بحيثياته المختلفة00 حتى لدى مؤيديه00 مشكلات جدية من حيث المنعكسات السلبية التى يمكن أن تنجم عن تطبيقه على لبنان واستقراره دون وجود اليات مناسبة وفى حال لم يراع الظروف الموضوعية لتطبيقه0

وعلى الرغم من ملاحظاتنا على القرار /1559/ من حيث هو تكريس لتدخل بعض الاطراف الدولية تحت عنوان سيادة لبنان00 فقد كان قرارنا التعامل معه بايجابية فى ضوء حرصنا على استقرار لبنان ووحدته0

أريد أن اجرى بعض الاضاءات على بعض النقاط0 اذا أردنا أن نأخذ قرارا علينا أن نعرف لماذا نأخذ القرار00 على أية أرضية نسير وسأعطى بعض الايضاحات أو الاسس لكى نفهم أين نحن 0

معظمكم قرأ المقابلة التى أجراها الرئيس الامريكى مع احدى الصحف الفرنسية والتى يقول فيها بأن الرئيس الفرنسى طلب منه اعداد أو تحضير مشروع لاخراج سورية من لبنان فى شهر حزيران0 هذا يؤكد ماقلته أمام مؤتمر المغتربين بأنه لا علاقة بين هذا الموضوع والتمديد0 ولاحظتم أن أحدا لم يعد يتحدث بالتمديد 0 البعض من القوى المعنية بموضوع التمديد سلبا00 أرسلت أخبارا رسمية مؤخرا00 هذا الموضوع أصبح وراءنا00 هم يبحثون عن شىء اخر0

الذى اكتشفناه فى الاشهر الاخيرة أن جزءا من مضمون القرار /1559/00 بعض البنود المعلنة وبعض البنود المخفية00 هى محضرة أو بدىء بالتحضير لها بعد حرب العراق مباشرة00 ولا أتحدث عن فكرة القرار وانما اتحدث عن بعض المضامين وسنمر عليها لاحقا0

النقطة الثانية00 كما قلنا عندما صدر القرار بأنه مخالف لميثاق الامم المتحدة00 وبأنه انتقائى وبأنه لم يأت بطلب من الدول المعنية00 ولكن بما أننا نعيش فى عالم ليس فيه قانون00 ولا فيه ميزان عدل فهذا الكلام هو مضيعة للوقت00 يعنى نعرفه ولكن ليس أساسا نسير عليه00 لكن فقط للذكر والتذكير0

النقطة الثالثة00 من مبادىء السياسة السورية هى أنها داعمة للامم المتحدة0 لايمكن لسورية أن تكون فى أى ظرف من الظروف00 معارضة أو فى مواجهة الامم المتحدة0

النقطة الرابعة00 بالنسبة للقرار /1559/ هو عدة بنود0 البند المرتبط بسورية هو بند الانسحاب00 بعكس الصورة الموجودة لدى الجميع الان00 بأنها هى المشكلة الحقيقية هذا البند هو البند الابسط00 لان سورية ليست ضد الانسحاب كمبدأ00 فنحن بدأنا بالانسحاب منذ عام /2000/ أى عندما نتحدث عن الانسحاب هل نحن00 هل أى أحد فيكم أو فى سورية يقول بأننا نريد أن نبقى فى لبنان0000 هذا الكلام غير موجود0 فاذا هذا البند هو الابسط وليس المشكلة0 البنود الاخرى هى مشكلة00 وهى مشكلة بالنسبة للبنان0 يعنى ستعيدنا الى الوراء00 ربما الى الثمانينيات أو الى المرحلة التى سبقتها0

النقطة الخامسة00 التقرير الذى سيصدر00 اعتقد فى شهر أيار أو نيسان المقبل00 هو الذى سيحدد توجهات هذا القرار00 أى لانستطيع ان نقول الان ان هذا القرار هو سلبى أو ايجابى 0 ان راعى العوامل الموضوعية فهو غير سلبى00 ان لم يراع هذه العوامل الموضوعية سيتحول الى مشكلة فى لبنان وربما فى المنطقة0 والنقطتان الاساسيتان فى هذا التقرير تتعلقان باليات الانسحاب وبموضوع المقاومة00 المقاومة اللبنانية0

النقطة السادسة00 انسحاب سورية من لبنان لايعنى غياب الدور السورى00 فهذا الدور تحكمه عوامل كثيرة00 جغرافية وسياسية وغيرها00 بالعكس تماما00 نكون أكثر حرية وأكثر انطلاقا فى التعامل مع لبنان 0

أيضا النقطة السابعة 0 هى ماقلته أنا فى أحد اللقاءات /مع محطة فرنسية/ مع التلفزيون الفرنسى عام /2001/ عندما سئلت عن وضع القوات السورية فى لبنان فأجبت بشكل واضح أن المكان الطبيعى للقوات السورية هو فى الاراضى السورية0 يعنى هذه مبادىء00 لكى لايتهمنا أحد00 ولان التفسيرات والتشويهات كثيرة الان0 أريد ان أذكر هذه النقاط لكى يسمعها الجميع على الاعلام00 لمن لايعرف00 أو يشك بغير ذلك0

لايجوز أن نبقى يوما واحدا ان كان هناك اجماع لبنانى على خروج سورية00 لايجوز أن تكون سورية فى لبنان موضع خلاف أو انقسام00 لان سورية دخلت لمنع التقسيم فلا يجوز أن تكون هى موضع انقسام اللبنانيين0 هذه من الثوابت 0

النقطة الاخيرة00 الانسحاب لا يمس المصالح السورية00 بالعكس الانسحاب يعزز المصالح السورية بمعزل عن الظروف الحالية0 ولذلك ابتدأنا الانسحاب منذ خمس سنوات وسحبنا أكثر من /63 /بالمئة من القوات00 وهذا الشىء ربما الكثير من السوريين لايعرفونه00 كان عدد القوات أربعين الف جندى فأصبح الان أربعة عشر الفا00 وطبعا لا أحد يذكره اما عن عدم معرفة وغالبا فى كثير من الاحيان فى وسائل الاعلام00 عن قصد 0 لذلك نريد أن نؤكد على هذه النقطة لانهم يريدون أن يظهروا أن سورية تنسحب تحت الضغط00 هذا هو المحور بالنسبة لهم0

الان أتحدث عن لقاءات لارسن مبعوث الامم المتحدة وبعض المسؤولين الاخرين الذين زاروا سورية مؤخرا0 ملخص هذه اللقاءات00 كانوا يبدؤون بالسؤال كيف ستتعاملون مع القرار /1559/ فكنا مباشرة نعطى جوابا واضحا00 سوف نتعامل بايجابية00 بالرغم من التحفظات سوف نتعامل بايجابية 0 وكنا نشرح لهم كيف بدأت سورية بالانسحاب فى عام /1999/00 فى بداية /1999/00 بعد استلام الرئيس لحود ببضعة اشهر كان واضحا ان الجيش اللبنانى أصبح قويا والمؤسسات الامنية والاستقرار فى لبنان قطع أشواطا كبيرة00 فبدأنا نفكر فى سورية00 بأن الانسحاب اصبح الان ضرورة0 وضعت الخطط فى ذلك الوقت وبدأنا بالانسحاب الاول اما فى نهاية /1999/ أو فى عام/2000/00 لا أذكر بالضبط00 ولكن فى هذه الفترة0 طبعا هذا ما كنت اشرحة للموفدين 0

كنا نرتب مع المؤسسات اللبنانية المعنية وننسحب ومن ثم نرتب وننسحب بشكل تدريجى00 وتعرفون أننا قمنا بأربعة انسحابات قبل صدور القرار /1559/ والانسحاب الخامس كان فى شهر أيلول00 والشىء الايجابى أن هذه الطريقة فى الانسحاب أبقت الاستقرار فى لبنان00 وكان الوضع مطمئنا الى حد كبير0 فاذا كنا نقول لهم نحن لا توجد لدينا مشكلة فى القرار /1559/00 ولا نعتبر أنه ضد مصالحنا0 هو يتحدث عن الانسحاب0 واتفاق الطائف الذى تلتزم به سورية وتدعمه ودعمته دائما00 فيه انسحاب والطرف السورى دائما يتحدث عن انسحاب00 والتطبيق على الواقع فيه انسحاب0 فاذا لاتوجد مشكلة بيننا وبين الامم المتحدة00 أو بيننا وبين القرار /1559/00 لاتوجد مشكلة فى المبدأ0 المهم هو الاليات00 ماالفرق بين الطائف وبين القرار /1559/000 الطائف لديه اليات00 والقرار /1559/ لم يطرح اليات0

قالوا /انسحاب/00 وكل دولة فى العالم الان تفسر بطريقتها00 البعض يريد الانسحاب بمفعول رجعى ربما قبل /1976/ 00 الله أعلم0

نحن طريقتنا هى الانسحاب التدريجى المنظم بالتنسيق مع المؤسسات اللبنانية 0 ان كنتم أنتم كأمم متحدة تعتقدون بأننا يجب أن ننسحب فورا بالرغم من أى سلبيات تنعكس على لبنان فتحملوا المسؤولية0 نحن لا نقول لا00 انتم تحددون00 انتم امم متحدة 00لكن حددوا هذا الشىء00 انتم لم تحددوا0

طبعا00 هم بتوجهاتهم كلهم لايريدون الاستقرار0 قالوا نحن نريد الاستقرار00 فقلنا جيد00 كيف تريدون الاستقرار000 وأنتم قلتم بأنكم أتيتم للتعاون00 طبعا الاجواء كانت ايجابية جدا فى هذه الحوارات0 هناك رؤية قريبة جدا من رؤيتنا00 وكانوا يحاولون ان يجدوا الربط بين الاستقرار وبين تطبيق القرار/1559/ فقلنا لهم النقطة الاولى للتقرير00 التقرير هو الذى سيحكم هذا الشىء0 ان كان التقرير سيخضع لمزاجيات البعض فى العالم فنحن نضيع وقتنا بأى أمل ايجابى أو تفاؤل00 أما ان افترضنا بأن التقرير سيبنى على القرار بمعزل عن المزاجيات00 فعلينا أن نعطى ثلاث اجابات لثلاثة أسئلة0

السؤال الاول00 كيف ستجدون التوافق أو الارضية المشتركة بين القرار /1559/ وبين الاستقرار000 هنا يأتى الجواب من خلال الالية0

السؤال الثانى00 كيف ستجدون التوافق أو الارضية المشتركة بين القرار /1559/ وبين السيادة000 لان هذا القرار صدر من أجل سيادة لبنان00 والسيادة عادة تمثلها الدولة0 ماذا لو قامت هذه الدولة بمطالبة الامم المتحدة بشىء معين هى ترغب به0 هل تلتزمون به أم لا00 وبالتالى ماهو تفسير السيادة00 فسروا لنا السيادة00 من يحدد السيادة000 السؤال الثالث00 كيف تجدون التوافق بين القرار /1559/ واتفاق الطائف00 لان اتفاق الطائف أولا مذكور فى هذا القرار00 ثانيا لانه معترف به بشكل رسمى من قبل الامم المتحدة0

ان وجدنا أجوبة موضوعية لهذه الاسئلة الثلاثة00 يصبح القرار قرارا يحقق الاستقرار ويخدم سورية ولبنان والمنطقة0 لا يجوز أن ننظر للقرار على انه شر مطلق أو شىء سلبى00 الحقيقة هو الان فى المنطقة الرمادية بحسب الاليات00 او بمعنى بحسب مايستخدم0 سيعود لارسن الى سورية قريبا00 أعتقد خلال عشرة ايام لنتابع الحوار0 وكما لاحظتم خرج لارسن وتحدث بشكل ايجابى عن الطائف وعن اتفاقية التعاون وعن العلاقات التاريخية0 وبدأ التصعيد بعدها مباشرة00 كان المطلوب على مايبدو أيضا فشل مهمة لارسن0

أيضا المبعوثون الاخرون الذين زاروا سورية من الاوروبيين كانوا بنفس الاجواء تماما0 تحرك اخواننا العرب00 من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات وغيرها0 وكان هناك توجه أيضا ضمن الصورة الخاطئة الموجودة الان فى العالم بأن سورية فى ورطة فى موضوع الانسحاب00 وعلينا أن نوجد لها المخرج0 يريدون حفظ ماء الوجه فقلنا لهم أولا القوات السورية يحفظ ماء وجهها ان نجحت فى مهمتها00 وهى نجحت فى هذا الموضوع فى عام /1990/00 وبالتالى ماء الوجه محفوظ0

ماهى تصوراتكم00 البعض تحدث بخجل أو بحياء معنا عن الطائف00 وكأننا نرفض الطائف0 قلنا له اذهب وقل عن لسان الرئيس لكل المسؤولين نحن مع الطائف ومع القرار /1559/ 00 ومع الانسحاب كمبدأ منذ زمن طويل00 فاذا لا توجد مشكلة فى هذا الموضوع0 لدينا مصلحة فى الانسحاب00 لماذا00 لماذا بدأنا فى الانسحاب00 لو عدنا الى عام /2000 / أو نهاية عام /1999/ لدينا مصلحة لان القوات أنهت مهمتها فى نهاية العام /1990 / واستمرت للتأكد من حفظ الامن00أى أكثر من ثمانى سنوات0 فى الحقيقة اخر طلقة أطلقت عندما توحدت بيروت نهاية عام /1990 / بعد حوالى عشر سنوات عندما تبقى القوات موجودة من دون عمل وخارج المعسكرات وفى دولة اخرى00 من الطبيعى أن تتراجع الجاهزية وتصبح القوات غير قادرة على تنفيذ مهامها على الشكل الامثل00 وتتحول الى عبء مادى00 القوات المسلحة مصاريفها كبيرة جدا00 تتحول الى عبء سياسى0 هذا شىء طبيعى ومنطقى لو كان فى أى بلد فى العالم00 ولكن يضاف عليها الان هذه المصلحة0 البند الرابع وهو الرغبة الجماهيرية التى أراها الان وأنا فى الحقيقة تأخرت فى هذا الخطاب بشكل مقصود كان لابد من رصد الاحداث ومن رصد تساؤلات الناس ومن رصد رغبات الناس00 الان أرى اجماعا حول هذه النقطة0

فاذا أصبح لدينا عدة بنود بالنسبة لهذا الموضوع تحقق المصلحة السورية00 طرحناها على الاخوة العرب وأوضحنا لهم هذا الموضوع00 لكن أنا أيضا أريد أن ادخل فى بعض التفاصيل لاننا فى ظرف خاص جدا00 ربما لا تكون ضرورية لكن أريد ان أتحدث بها00 هى عن كيف يشوهون موقف سورية بالاضافة الى الاشياء التى ذكرتها00 أى أن هناك بعض وسائل الاعلام كما تلاحظون تقوم بهجوم مركز على سورية0 التركيز الاساسى على أن سورية متمسكة بالبقاء ولا تريد ان تترك لبنان00 أنا أسالهم سؤالا وأتحدى أى واحد من هؤلاء أن يعطينا الجواب0 اذا كنا متمسكين والان نخرج تحت الضغط لماذا خرجنا فى عام /2000 / أو بدأنا بالخروج000 ولماذا نفذنا أكثر من /60/ بالمئة من الانسحاب بشكل طوعى وبرغبة سورية وبارادة سورية000 لم تكن هناك ضغوطات ولم تكن هناك مطالبات ولاشىء00 اذا استطاعوا أن يعطونا الجواب سنرفع لهم القبعة كما يقال باللغة الفرنسية0

أيضا فى نفس الاطار يظهرون سورية متضررة من الانسحاب0 كما شرحت قبل قليل لنا مصلحة بشكل عام فى هذه الظروف وفى ظروف سبقتها0 لو كانت كل الامور جيدة كنا سنستمر بشكل طبيعى0

البعض أيضا فى وسائل الاعلام يتحدث وينظر ما هى الاوراق التى تمتلكها سورية فى وجه الامم المتحدة والعالم0 لم أسمع بأن سورية حاولت فى يوم من الايام أن تمتلك اوراقا فى وجه الامم المتحدة00 ولا أعتقد بأن أية دولة فى العالم / حتى الدول العظمى / تستطيع ذلك وتجربة العراق واضحة0 حتى أكبر دولة فى العالم عندما تسير بعكس ارادة المجتمع الدولى كيف تخسر الكثير وتفشل 0

فى الايام الاخيرة الماضية ايضا حاولوا أن يدسوا بالنسبة للقاءات بيننا وبين المسوولين العرب00 وضعوا صورتين بأن سورية تذهب لتستجدى النجدة من المسؤولين العرب00 وبأنهم يضغطون على سورية أو يرهبونها أو ربما يقنعونها00 لنوضح هذه النقطة00 لارسن أتى مرتين الى سورية00 المرة الاولى كانت فى نهاية عام /2004/00 قلنا له نحن سنتعاون0 أتى الينا فى الشهر الماضى فقلنا له نحن عندما تكون الرؤية واضحة لديكم نحن مستعدون مباشرة للقيام بالانسحاب00 أى ان هذا كله سبق كل اللقاءات مع المسؤولين العرب0

عندما نلتقى مع مسؤول عربى نحن نحترم بعضنا بعضا00 نشرح له وجهة نظرنا00 نقول له نحن سنقوم بهذا العمل0 نشرح له بأننا نحن لسنا ضد الطائف ولسنا ضد القرار /1559/00 وكل المسؤولين العرب كانوا متفهمين تماما لموقف سورية وداعمين00 وليس كما يصور فى الاعلام0

ماذا نستجدى منهم 000 القرار /1559/ صدر0 هل يستطيعون أن يعيدوا عقرب الساعة الى الوراء 000 فاذا أين المشكلة فى القرار/ 1559/ 000 المشكلة ليست فى بند الانسحاب0 انتهينا من هذه النقطة00 المشكلة هى اولا فى بند المقاومة00 وهى مشكلة على المستوى اللبنانى00 وستخلق مشكلة اذا لم تعالج بشكل جيد فى التقرير المقبل0 هناك البند المخفى ليس فى القرار /1559/ وانما فى استخدام القرار /1559/ فى المستقبل00 وهو بند التوطين0 وبند التوطين مع بند المقاومة هما من الاشياء التى ابتدأت بعد حرب العراق0

ولو أردنا ان نرسم صورة وجدنا هذا الزخم بالنسبة للمسار الفلسطينى00 اغتيال الرئيس عرفات00 اغتيال الرئيس الحريرى ربما 00 الضغط على سورية00 الوضع فى العراق وكثير من الامور المتشابهة00 لو ربطناها نشكل مشهدا0 انتم تستطيعون ان تفهموا ماذا أقصد تماما0

لقد كانت الجريمة المنكرة التى ذهب ضحيتها الرئيس الحريرى تستهدف وحدة لبنان واستقراره00 كما تستهدف دور سورية ومكانتها فى لبنان والمنطقة0

لذلك فاننا نؤكد أن الكشف عن الجناة وعمن يقف خلفهم00 هو ضرورة سورية بمقدار ما هو ضرورة لبنانية0

ان هذه الجريمة أتت لتزيد من حدة التصعيد هناك00 وليبدأ البعض سواء تحت تأثير الصدمة التى أحدثتها الفجيعة00 أو بفعل مخطط مسبق مشبوه00 أو بفعل سوء النية00 باستخدام هذه الجريمة استخداما دنيئا من أجل تأجيج المشاعر العدائية ضد سورية وتصعيد الاتهامات نحوها0 فى كل جريمة هناك عدة احتمالات الا فى هذه الجريمة لم يكن هناك الا احتمال واحد وهو سورية0

وأخذت بعض الاطراف الدولية تعمل بصورة غير مبررة00 لاول وهلة00 بالتنسيق والتحريض فى اتجاه محدد0 وبدأ اطلاق سهام غدر ونكران باتجاه سورية التى لم تبخل يوما فى تقديم امكاناتها ودمائها لنصرة بعض من هؤلاء0ولكن سورية ستكون اكبر من ان تأبه بها او ترد عليها 0

وهذا الكلام00 لا يعنى أن ممارساتنا فى لبنان كانت صوابا كلها00 بل لابد من الاعتراف بكل وضوح وشفافية00 أن ثمة أخطاء ارتكبت على الساحة اللبنانية00 حيث غرقنا فى بعض التفاصيل والاجراءات00 واندفعنا بعض الاحيان فى علاقاتنا مع بعض اللبنانيين على حساب البعض الاخر00 لاعتقادنا بأن التعامل مع الوضع الراهن يعزز الدور السورى فى مساعدة لبنان على تحقيق الاستقرار00 ولكن الواقع لم يكن كذلك00 كما أن استغلال البعض لوجود القوات السورية لاعتبارات مصلحية ضيقة مادية أو سياسية أو انتخابية أو غيرها00 أدى الى الكثير من التراكمات السلبية0 وذلك دون أن ننكر دور المخلصين الاوفياء من الاشقاء اللبنانيين الذين وقفنا واياهم فى خندق واحد فى مواجهة أعداء لبنان وسورية00 وعملوا معنا جنبا الى جنب من أجل خير لبنان وسورية0

اتفاق الطائف أنجز فى عام /1989/00 وفرض نفسه على القوى المختلفة فى لبنان /الميليشيات/0 البعض اقتنع بأن الدولة هى المكان الطبيعى للبنان00 او هى الملجأ الطبيعى للبنان0 والبعض الاخر لم يقتنع لكنه لم يستطع ان يقف فى وجه التحولات فى ذلك الوقت فدخل الى الدولة واعتقد بأن هذه الدولة من الممكن ان تكون هى الميليشيا الكبيرة التى يتقاسمها مع الاخرين00 لمصالح مادية وسياسية0 بالنسبة لنا فى سورية بعد الطائف وبعد توحيد بيروت تحديدا00 كانت الاولوية بالنسبة لنا هى السلم الاهلى0 لم نكن ننتبه كثيرا لبعض الجوانب الاخرى0 بالاضافة للاولوية الثانية00 اطلاق العملية السياسية فى ذلك الوقت00 وكانوا مقبلين على انتخابات مجلس نيابى فى عام /1992/ وكما قلت كنا نحاول ان نساير الجميع فى ذلك الوقت00 لاننا لا نريد مشاكل ونريد أن يكون الجميع مع الدولة00 وفى المرحلة الاولى بعد الحرب كان البعض يقول دولة الميليشيا لبضع سنوات أمر ممكن00 لكن هذا الوضع استمر زمنا طويلا وبدأ استخدام اسم سورية بشكل مباشر

البعض كان يقول انه حليف سورية ويستخدم علاقته مع سورية لمصالحه الخاصة0

البعض من اللبنانيين كان يطلق عليهم اسم تجار السياسة00 أنا اسميهم تجار مواقف سياسية0 طبعا التجارة00 تجارة البضائع هى مهنة محترمة لكن تجارة المواقف السياسية هى كتجارة الرقيق منبوذة0 فكان هؤلاء بالنسبة لنا تجار مواقف سياسية يبيعون ويشترون المواقف ويتقلبون بين يوم واخر واعتقد معظمهم معروف بالنسبة لكم 0

عندما حصرنا الخيار باتجاه الدولة اللبنانية بدأت المشكلة مع هؤلاء000 وبدأ الحديث عن السيادة0 طبعا الحديث عن السيادة شىء مشرف لاى كان يتحدث فى بلده عن السيادة00 وأى لبنانى يتحدث عن السيادة فنحن معه فى هذا الشىء0 لكن أردنا أن نعرف ماهو نوع هذه السيادة التى يتحدثون عنها00 فاكتشفنا انها ليست سيادة اللبنانيين على لبنان000 وانما سيادة أية دولة اخرى غير سورية على لبنان 0 هذه هى المشكلة بيننا وبينهم 0

لذلك كما تلاحظون عندما يأتى أى مسؤول أجنبى الى بلدهم00 الى لبنان00 ويقف فى أى مكان رسمى أو غير رسمى ويصرح فى صلب أمورهم الداخلية يكونون سعداء0 أما ان نقول كلمة واحدة فى سورية أو نقوم بعمل واحد00 فنحن ضد السيادة ومحتلون والى اخره 0

طبعا هذه القوى بكل الاحوال يجب أن نعرف أنها جزء طبيعى من تاريخ لبنان00 هى موجودة منذ أكثر من مئتى عام0 هناك دائما فى لبنان قوى تمد يدها الى الخارج وقوى وطنية00 وطبعا الوطنية هى الاكثر0 وهذه القوى التى تمد يدها الى الخارج فشلت فى عدة مرات0 فشلت فى /1958/ أن تجعل لبنان جزءا من حلف بغداد00 وفشلت فى /1969/ أن تضرب المقاومة الفلسطينية00 وفشلت فى /1983 / ان تعطى الحياة لاتفاق /17/ ايار00 وستفشل فى كل مرة طالما أن هناك قوى وطنية سنقف معها بشكل مستمر0 وهذا الكلام يدفعنى لتأكيد حقيقتين أساسيتين0 الحقيقة الاولى التى أكدتها مرارا00 وهى أن لا مصلحة لنا فى لبنان عندما يفتتح سوق الحسابات الرخيصة والمصالح الضيقة0 واذا كان لنا من مصلحة فهى مصلحة قومية ذات طبيعة استراتيجية تتصل بأمننا القومى فى سورية ولبنان0 وقد حملنا مع أشقائنا أعباء هذه العلاقة فى ضوء روويتنا وادراكنا لوحدة المصير المشترك الذى نتحمل مسؤوليته معا0 أما وجود قواتنا السورية فى لبنان فنحن فقط من يتحمل أعباءه0

الحقيقة الثانية00 هى أن قوة سورية ودورها فى لبنان ليس رهنا بوجود القوات السورية هناك00 بل ان هذه القوة تتصل بحقائق التاريخ والجغرافيا والامتدادات السياسية والثقافية والروحية والانسانية0 لذلك فاننا لا نريد للعلاقة مع لبنان أن تكون ضحية لاخطاء البعض00 البعض غالبا من السياسيين 0

فالمواطن اللبنانى كان على مدى العقود السابقة00 الداعم الفعلى للدور السورى فى لبنان وهو الذى بنى معنا فى سورية تلك العلاقة الصافية المبرأة عن أية مصلحة انية0 وأوجه كلمة لكل مواطن ولكل مواطنة سورية أن ماتشعرون به من مشاعر الخيبة تجاه النكران والغدر وعدم الوفاء فيما قدمته سورية للبنان هو لايمثل الحالة اللبنانية00 هو يمثل مجموعات كلنا نعرف من هى هذه المجموعات ومن هو خلفها حتى فى الكاميرات كانوا دائما يركزون على المركز لانهم اذا وسعوا ساحة التصوير سنكتشف أنه لايوجد اخرون على المحيط0 فأرجو منكم أن لا نؤخذ ببعض ردود الافعال التى برزت فى أوقات معينة00 والتى كان معظمها مخططا بصورة مسبقة 00 فقلب سورية الذى اعطى لبنان دما لايمكن ان تمسه بعض الاساءات0

وستبقى سورية تقدم للبنان فى كل مرحلة لانكم عرب سوريون أبناء وأحفاد عرب سوريين0

ان رؤية جديدة للتعامل مع الاشقاء اللبنانيين يجب أن تسود0 وهذه الرؤية تنطلق من ضرورة توسيع العلاقة معهم وأن تكون على المسافة عينها مع جميع الوطنيين المخلصين وأن تتجه هذه العلاقة الى بناء قاعدة شعبية مؤسسية لها على المستوى التعليمى والثقافى والتربوى والاقتصادى والاجتماعى00 لتدعيم العلاقات الثنائية وحمايتها 0

العلاقة السورية اللبنانية الان هى بناء كبير ليس بناء صغيرا له نوعان من الاساسات00 النوع الاول00 صلب00 متين00 متماسك0 النوع الثانى00 متحرك يتحرك بحسب هذه الرمال الموجودة فى الاسفل0 علينا ان نستبدل هذه الاساسات غير السليمة والضعيفة بأساسات متينة وأن نوسع الاساسات مع كل الشرائح اللبنانية0

وانطلاقا من هذه الحقائق والاعتبارات00 واستكمالا للخطوات التى نفذت سابقا فى اطار اتفاق الطائف الذى يتماشى مع القرار/ 1559/00 سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة فى لبنان بالكامل الى منطقة البقاع00 ومن ثم الى منطقة الحدود السورية اللبنانية واتفقت مع رئيس الجمهورية اللبنانية السيد /اميل لحود/ على أن يجتمع المجلس الاعلى السورى اللبنانى فى بحر الاسبوع الحالى لاقرار خطة الانسحاب0 وبانهاء هذا الاجراء تكون سورية قد أوفت بالتزاماتها حيال اتفاق الطائف ونفذت مقتضيات القرار /1559/0

ان كل ذلك لن يعنى تخلى سورية عن مسؤولياتها تجاه الاخوة والاصدقاء فى لبنان الذين جمعتنا واياهم وحدة الهدف والارادة فى لحظات حرجة من تاريخنا المشترك بل ستبقى سورية حصنهم ومرجعهم وداعما لهم فى كل الاوقات00 وستبقى معارك الشرف التى خضناها معا رمزا للتلاحم المصيرى بيننا والذى سيتعزز فى المستقبل بعون الله0 واقول لهم ان /17/ ايار الجديد يلوح فى الافق فاستعدوا لمعركة اسقاطه كما فعلتم قبل عقدين ونيف 0

أيها الاخوات والاخوة00

أردت من هذه المعلومات والافكار التى قدمتها لكم أن أوضح ما قمنا به خلال الفترة الماضية وأن أبين حقيقة مواقفنا تجاه القضايا المطروحة00 خاصة وأن هنالك من يعتقد أن سورية تتعامل مع التطورات بتشدد وتعنت أو أنها لا تمتلك المرونة الكافية0 وفى الواقع00 وكما شرحت00 فان سياستنا تقوم على التعامل مع الاخرين00 سواء كانوا دولا كبرى أم صغرى00 على قاعدة الصداقة والاحترام المتبادل00 وعلى أن الحوار الموضوعى كفيل بحل جميع المشكلات القائمة0 طبعا كل ذلك لايعنى أننا سنشعر بالامان قريبا00 يعنى ستسمعون الهجوم على هذا الخطاب مباشرة بعد الانتهاء من الخطاب00 لذلك قبل ان يقولوا لا يكفى سنقول لهم لا يكفى0

ولذلك وفى مثل هذه الظروف وطبعا فى كل الظروف0 لكن خاصة فى مثل هذه الظروف00 يجب أن نحاول دائما ان تبنى القرارات كمثل هذا القرار وغيره على قاعدة شعبية عندما نكون نحن متوحدون دولة وشعبا لن نخاف من أى شىء وهذا ماحرصت عليه0 وكما تلاحظون00 فقد كان طبيعيا أن تؤثر هذه الاحداث المتشابكة سلبا على أوضاعنا الداخلية وأن تضغط على أدائنا التنموى وعلى تفعيل عملية الاصلاح التى نقوم بها0 وذلك لا يعود فقط الى انشغالنا بهذه الاحداث وتفاعلاتها فقط00 بل يعود أساسا00 الى ما تخلقه من توتر فى المناخ العام00 وهو ما يؤدى الى اعاقة ما نطمح الى القيام به على المستويات المختلفة0 وقد يكون السؤال المطروح00 كيف نواجه هذا الواقع000 بالمضى قدما فى مسيرتنا التنموية وبالمزيد من التطوير والانفتاح0 وبالرغم من انشغالى الكبير بهذه الاوضاع الصعبة00 فلن يمنعنى ذلك من متابعة الوضع الداخلى بتفاصيله00 لانه يبقى فى مقدمة الاولويات بالنسبة لى0 طبعا فى هذه المواضيع الهامة لم أكن أريد التطرق الى الوضع الداخلى ومع كل ذلك بما أننا تحدثنا ببضع جمل00 نحن الان فى صدد التحضير الى المؤتمر القطرى المقبل فى هذا العام ونتمنى أن يكون هو القفزة الكبيرة فى هذا البلد0

ان لسورية00 أيها الاخوة00 دورها ومكانتها فى محيطها العربى والاقليمى الامر الذى يسعد البعض00 ويثير حفيظة البعض الاخر0 وسيبقى لها هذا الدور والمكانة وسيتعززان أكثر فأكثر بمشيئة الله وارادة شعبنا00 وسيبقى هدفنا الاول حمايتها00 والثانى منعتها00 والثالث تطويرها0

تحية لكم جميعا00

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته0

التعليقات