هل ستصبح سرت اللليبية "عاصمة خلافة" داعش؟

أجبرت تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على اتباع خطط جديدة، والبحث عن مدن أخرى لاستخدامها كـ"عاصمة لخلافته" ومعقلًا أساسيًا له بعد الرقة والموصل، وأفضل الخيارات المتاحة أمامه هي مدينة سرت الليبية، مسقط رأس العقيد معمر القذافي.

هل ستصبح سرت اللليبية

يبدو أن الضربات الجوية في العراق وسورية وخسارة معارك مع فصائل المعارضة السورية والأكراد أجبرت تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على اتباع خطط جديدة، والبحث عن مدن أخرى لاستخدامها كـ"عاصمة لخلافته" ومعقلًا أساسيًا له بعد الرقة والموصل، وأفضل الخيارات المتاحة أمامه هي مدينة سرت الليبية، مسقط رأس العقيد معمر القذافي.

ويسعى التنظيم لاستخدام مدينة سرت الليبية، الواقعة بين بنغازي وطرابلس، كقاعدة له ينطلق منها للسيطرة على الأراضي الليبية، مستغلاً استمرار الانقسام في البلاد التي تحكمها حكومتان وتتوزع في أرجائها جماعات عدة مقاتلة. وفيما تتواصل الجهود للوصول إلى حل للأزمة الليبية، والتي سيكون آخرها اجتماع دول جوار ليبيا على مستوى وزراء الخارجية، اليوم الثلاثاء، في الجزائر.

إذ نقلت صحيفتا "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" الأميركيتان، أمس الاثنين، عن مصادر أمنية مطلعة، إن التنظيم بدأ بإرسال قياديين إلى سرت من سورية والعراق، بعد أن أحكم داعش قبضته عليها وعلى مدينة مصراتة الليبية كذلك.

ولفتت الصحيفتان إلى أن التقهقر الذي تشهده قوات "داعش" في سورية والعراق، دفع التنظيم إلى العمل على إنشاء قاعدة جديدة له في ليبيا، مقترباً بذلك من أوروبا ومن المناطق الثرية بموارد النفط وعناصر الإرهاب على حد سواء. وقالت "وول ستريت جورنال"، إن الإعلان عن وجود "داعش" في سرت بدأ، في فبراير/شباط الماضي، بـ200 مسلح فقط، وأصبح عناصره، الآن، يشكّلون قوة قوامها 5000 مقاتل، وفقاً لتقديرات نقلتها الصحيفة عن مصادر استخبارية ليبية ومقيمين في سرت.

ورأت الصحيفة، أن هذه التطورات جاءت نتيجة الانقسام السياسي العميق في ليبيا بين حكومتين متنافستين، مشيرة إلى أن إغلاق تونس حدودها مع ليبيا، لمدة 15 يوماً، يأتي بسبب هذه التطورات التي يعتبرها جيران ليبيا خطيرة. كما اعتبرت "وول ستريت جورنال" أن ما يحرزه تنظيم "داعش" من تقدّم في ليبيا دليل على أنه قادر على التكيّف مع الأوضاع التي فرضتها الغارات الجوية الروسية والفرنسية والأميركية على معاقله في سورية.

وأعرب مسؤولون ليبيون عن مخاوفهم من أن الأمر، لم يعد سوى مسألة وقت قبل أن يبدأ مقاتلو "داعش" بفرض سيطرتهم على المزيد من حقول النفط والمصافي الواقعة بالقرب من سرت لتعزيز إيراداته من الأموال التي يمكن أن تموّل هجماته المحتملة على المنطقة العربية وعلى أوروبا والولايات المتحدة. يشار إلى أن سرت هي بوابة إلى العديد من حقول النفط الكبرى والمصافي على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد استهدفت قوات "داعش" تلك المنشآت العام الماضي مراراً.

ونقلت الصحيفة نفسها عن إسماعيل شكري، التي قالت إنه رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في المنطقة التي تقع مدينة سرت في إطارها، إن تنظيم "داعش" يستفيد من الصراع السياسي الدائر في ليبيا وضعف سيطرة الحكومة على الأوضاع في البلاد.

ومن التطورات الملحوظة المهمة، في الأسابيع الأخيرة، توافد موجات من المقاتلين الأجانب وعائلاتهم إلى سرت، في مؤشر على أن المدينة أصبحت مأمونة بالنسبة لمقاتلي التنظيم. وقال مسؤولون في الاستخبارات الليبية، إن تنظيم "داعش" بدأ يشجع العناصر الجديدة على التوجه إلى ليبيا بدلاً من محاولة الدخول إلى سورية، في حين أرسل أعداداً من قادته الميدانيين من سورية والعراق إلى ليبيا، وعلى وجه التحديد إلى سرت ومصراتة، حسب تأكيدات "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز".

ونقلت الصحيفتان عن مصادرهما في ليبيا، أن التنظيم عيّن أمراء في سرت لإدارة المدينة حسب النمط الأيديولوجي الذي يتبناه، وبدأ هؤلاء الأمراء بمنع الموسيقى والتدخين والهاتف المحمول، كما بدأت عناصر الشرطة الدينية التابعة للتنظيم تجوب شوارع المدينة رافعة العلم الأسود.

وحسب ما يردده الجهاديون في منابرهم، فإنهم يعتبرون الغارات الجوية على عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" في سورية والعراق، تستدعي نقل عاصمة خلافتهم إلى ليبيا وتهريب قيادات التنظيم إليها، وبدأت التكهنات تتزايد عن احتمال تحوّل سرت الليبية إلى عاصمة لـ"داعش" بدلاً من الرقة السورية. لكن في المقابل فإن اقتراب التنظيم من أوروبا قد يسهّل مهمة استهداف قادته وعناصره من طيران التحالف الغربي، وربما يسهّل لأوروبا مهمة القضاء على "داعش" في ليبيا، وهو ما قد يقود في نهاية المطاف إلى حل المشكلة الليبية التي تؤرق كثيراً من العواصم القريبة سواء تلك الواقعة شمال البحر الأبيض المتوسط أو جنوبه.

التعليقات