70 عامًا على أول قمة عربية: هل ظلت فلسطين البوصلة؟

في 28 /أيّار/مايو من العام 1946 استضافت مصر أوّل قمّة عربيّة من أجل فلسطين، إذ بلغ حينها سقف الموقف العربيّ من فلسطين "أقصى مدى"؛ ليتمّ التّأكيد على "عروبة كلّ أرض فلسطين"، وعلى الاستعداد لمساعدتها بالمال وكلّ الوسائل الممكنة.

70 عامًا على أول قمة عربية: هل ظلت فلسطين البوصلة؟

قمة إنشاص/مصر 1946

في 28 أيّار/مايو من العام 1946 استضافت مصر أوّل قمّة عربيّة من أجل فلسطين، إذ بلغ حينها سقف الموقف العربيّ من فلسطين 'أقصى مدى'؛ ليتمّ التّأكيد على 'عروبة كلّ أرض فلسطين'، وعلى الاستعداد لمساعدتها بالمال وكلّ الوسائل الممكنة.

والسبت، الذي يوافق بالتّمام مرور 70 عامًا على هذه القمّة، شهدت العاصمة المصريّة اجتماعًا غير عاديّ لمجلس جامعة الدّول العربيّة على مستوى وزراء الخارجيّة، بناءً على دعوة من الأمين العامّ للجامعة العربيّة، نبيل العربيّ؛ لتحديد الموقف العربيّ، الذي سيتمّ طرحه أمام المؤتمر الدّوليّ، الذي تستضيفه باريس في 3 حزيران/يونيو المقبل؛ لإعادة إحياء عمليّة السّلام بين الفلسطينيّين وإسرائيل.

لكن مع مرور هذه العقود السّبعة، تغيّرت الوجوه العربيّة والفلسطينيّة، وتغيّر معها سقف الطّموح العربيّ بالنّسبة لفلسطين؛ حيث أعلن الرّئيس الفلسطينيّ، محمود عبّاس، في اجتماع السّبت، قبوله تطبيعًا عربيًّا إسلاميًّا مع إسرائيل مشروطًا بإقامة دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشّرقيّة على حدود حزيران/يونيو 1967.

الهدف الأساسيّ، الذي قامت عليه غالبيّة القمم العربيّة منذ عام 1946، ارتبط بالدّفاع عن القضيّة الفلسطينيّة والأراضي المحتلّة، وذلك بعد عام واحد على تأسيس الجامعة العربيّة، عام 1945.

وتمّ عقد حوالي 40 قمّة عربيّة على مستوى الرّؤساء، كان أوّلها قمّة أنشاص (شمالي مصر) يوم 28 أيّار/مايو 1946.

وفيما يلي أبرز محطّات القمم العربيّة التي ناقشت القضيّة الفلسطينيّة، وأبرز ما صدر عنها من قرارات ومواقف:

قمة إنشاص/مصر 1946

كان مضمون بيان أوّل قمّة عربيّة انعقدت في مدينة إنشاص المصريّة في 28 أيّار/مايو 1946، مؤكّدًا على 'عروبة فلسطين، وأنّها قضيّة كلّ عربيّ، وأنّ مصير فلسطين هو مصير كلّ دول جامعة الدّول العربيّة كافّة، ومساعدة الشّعب الفلسطينيّ، بالمال وجميع الوسائل الممكنة'.

 قمة الإسكندرية/مصر 1964

صدر عنها بيان ختاميّ تضمّن مجموعة من القرارات أهمّها: خطّة العمل العربيّ الجماعيّ في تحرير فلسطين عاجلًا أم آجلًا، والتّرحيب بإنشاء 'منظّمة التّحرير الفلسطينيّة' في هذا العام، كممثّل شرعيّ وحيد للشعب الفلسطينيّ داخل وخارج فلسطين، ودعم قرارها بإنشاء 'جيش التّحرير الفلسطينيّ'.

قمّة الدار البيضاء/المغرب 1965

أعلنت القمّة في بيانها الختاميّ عن عدّة قرارات أهمّها: دعم 'منظّمة التّحرير الفلسطينيّة' و'جيش التّحرير الفلسطينيّ'، ودراسة مطلب إنشاء 'المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ' (كسلطة عليا للشعب الفلسطينيّ في كافّة أماكن تواجده، والذي يضع سياسات منظّمة التّحرير الفلسطينيّة ويرسم برامجها)، وإقرار الخطّة العربيّة الموحّدة للدفاع عن قضيّة فلسطين في الأمم المتّحدة والمحافل الدّوليّة.

قمّة الخرطوم/السّودان 1967

عُقدت بعد النّكسة - الهزيمة العربيّة في حرب يونيو/حزيران 1967، ودعت إلى إزالة آثار العدوان الإسرائيليّ واللاءات العربيّة الثّلاث آنذاك: لا صلح، ولا تفاوض مع إسرائيل، ولا اعتراف بها.

قمّة الجزائر 1973

صدر عنها بيان ختاميّ ومجموعة من القرارات أهمّها: إقرار شرطين للسلام مع إسرائيل: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربيّة المحتلّة وفي مقدّمتها القدس، واستعادة الشّعب الفلسطينيّ لحقوقه الوطنيّة الثّابتة، وتقديم جميع أنواع الدّعم الماليّ والعسكريّ للجبهتين السّوريّة والمصريّة من أجل استمرار نضالهما ضدّ العدوان الإسرائيليّ، واستمرار استخدام سلاح النّفط العربيّ، ورفع حظر تصدير النّفط إلى الدّول التي تلتزم بتأييدها للقضيّة العربيّة.

قمّة الرّباط/المغرب 1974

تضمّنت قراراتها التّأكيد على ضرورة التّحرير الكامل لجميع الأراضي العربيّة المحتلّة في عدوان حزيران/يونيو 1967، وتحرير مدينة القدس، وعدم التّنازل عن ذلك، وتعزيز القوى الذّاتية للدول العربيّة عسكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، وتجنّب المعارك والخلافات الهامشيّة.

قمّة بغداد/العراق 1978

تمّ عقدها إثر توقيع مصر على اتّفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، وأهمّ قراراتها: عدم موافقة المؤتمر على اتّفاقية كامب ديفيد، وتوحيد الجهود العربيّة من أجل معالجة الخلل الاستراتيجيّ العربيّ، ودعوة مصر إلى العودة عن اتّفاقية كامب ديفيد، وحظر عقد صلح منفرد مع إسرائيل، ونقل مقرّ الجامعة العربية من القاهرة، وتعليق عضويّة مصر في الجامعة، وتطبيق قوانين المقاطعة على الشّركات والأفراد المتعاملين في مصر مع إسرائيل، والتّمييز بين الحكومة والشّعب في مصر.

قمة تونس 1979

صدر عنها بيان ختاميّ فيه مجموعة من القرارات، منها: الصّراع مع إسرائيل طويل الأمد، وهو عسكريّ وسياسيّ واقتصاديّ وحضاريّ، وتجديد الإدانة العربيّة لاتّفاقية كامب ديفيد، والتّصدّي لنقل العاصمة الإسرائيليّة إلى القدس، وإدانة العدوان الإسرائيليّ على الجنوب اللبنانيّ، والتّأكيد على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته الوطنيّة، وإدانة قرار النّظام المصريّ تزويد إسرائيل من مياه النيل، واستمرار إحكام المقاطعة للنظام المصريّ.

قمّة عمان/الأردن 1980

صدر عنها بيان ختاميّ تضمّن مجموعة من القرارات أهمّها: عزم القادة العرب على إسقاط اتّفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل، والتّأكيد على أنّ قرار مجلس الأمن رقم 242 لا يتّفق مع الحقوق العربيّة، ولا يشكّل أساسًا صالحًا لحلّ أزمة القضيّة الفلسطينيّة.

قمّة فاس/المغرب 1982

اعترفت فيها الدّول العربيّة ضمنيًّا بوجود إسرائيل، وصدر عن المؤتمر بيان ختاميّ تضمّن مجموعة من القرارات أهمّها: إقرار مشروع عربيّ للسلام مع إسرائيل، وشملت بنوده انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربيّة التي احتلّتها عام 1967 (وليس عام 1948)، وإزالة المستعمرات الإسرائيليّة في هذه الأراضي وقيام الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس، وتأكيد حقّ الشّعب الفلسطينيّ في تقرير مصيره، وتعويض من لا يرغب في العودة.

قمّة عمّان/ الأردن 1987

صدر عنها بيان ختاميّ ومجموعة من القرارات أهمّها: التّمسّك باسترجاع كافّة الأراضي العربيّة المحتلّة والقدس الشّريف كأساس للسلام، وضرورة بناء القوّة الذّاتيّة للعرب.

قمّة الجزائر 1988

صدر عن المؤتمر بيان ختاميّ، ومن قراراته: دعم الانتفاضة الشّعبيّة الفلسطينيّة وتعزيز فعاليّتها وضمان استمراريّتها، وتجديد التزام المؤتمر بتطبيق أحكام مقاطعة إسرائيل.

قمة الدار البيضاء/المغرب 1989

صدر عنها مجموعة من القرارات، بينها: تقديم الدّعم والمساعدة المعنويّة والماديّة للانتفاضة الفلسطينيّة، وتأييد قيام دولة فلسطين المستقلّة والعمل على توسيع الاعتراف بها، ودعم الموقف الفلسطينيّ في موضوع الانتخابات، وأن تتمّ بعد الانسحاب الإسرائيليّ من الأراضي الفلسطينيّة وبإشراف دوليّ، وفي إطار عمليّة السّلام الشّاملة.

قمّة بغداد/العراق 1990

صدر عنها بيان ختاميّ تضمّن مجموعة من القرارات أهمّها: تأييد استمرار الانتفاضة الفلسطينيّة، والتّأكيد على دعمها ماديًّا ومعنويًّا، وإدانة تهجير اليهود وعدم شرعيّة المستوطنات، وإدانة قرار الكونغرس الأميركيّ اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وتوفير الحماية الدّوليّة للشعب الفلسطينيّ.

قمّة القاهرة/مصر 1996

صدر عنها بيان ختاميّ تضمّن مجموعة من القرارات بينها: التّأكيد مجدّدًا على شروط السّلام الشّامل مع إسرائيل، وهي: الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينيّة بما فيها القدس، ومن الجولان والجنوب اللبنانيّ، والتّوقّف عن النّشاط الاستيطانيّ.

قمّة القاهرة/مصر 2000

عقدت إثر انتفاضة الغضب الفلسطينيّة، التي تفجّرت عقب زيارة أجراها رئيس الوزراء الإسرائيليّ السّابق، أرئيل شارون، للحرم القدسيّ الشّريف، وسمّي بمؤتمر قمّة الأقصى، وتضمّن البيان الختاميّ عدّة قرارات أهمّها: إنشاء صندوق تمويل باسم 'انتفاضة القدس' برأس مال 200 مليون دولار لدعم أسر الشّهداء وتأهيل الجرحى والمصابين، وإنشاء صندوق تمويل باسم 'صندوق الأقصى' برأس مال 800 مليون دولار لدعم الاقتصاد الفلسطينيّ، والسّماح باستيراد السّلع الفلسطينيّة بدون قيود كميّة أو نوعيّة.

قمّة عمّان/الأردن 2001

من أهمّ قراراتها: إدانة العدوان الإسرائيليّ المتواصل على الشّعب الفلسطينيّ وانتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان، كما عبّرت عن الاستياء البالغ لاستخدام الولايات المتّحدة حقّ النّقض (فيتو) في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرار حول حماية الشّعب الفلسطينيّ في الأراضي الفلسطينيّة وإنشاء قوّة الأمم المتّحدة للمراقبة في تلك الأراضي.

قمّة بيروت/لبنان 2002

أقرّت مبادرة السّلام العربيّة التي أطلقها الملك عبد الله بن عبدالعزيز، عاهل السّعوديّة الرّاحل، وتقوم على إقامة دولة فلسطينيّة معترف بها دوليًّا على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشّرقيّة، وحلّ عادل لقضيّة اللاجئين الفلسطينيّين، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السّوريّة المحتلّة، والأراضي التي مازالت محتلّة في جنوب لبنان، مقابل اعتراف الدّول العربيّة بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها. وشهدت هذه القمّة أوّل حديث عربيّ عن القدس الشّرقيّة عاصمة لدولة فلسطين، بدلًا من القدس كلّها.

قمّة تونس 2004

وافقت على وثيقة عهد ووفاق وتضامن بين قادة الدّول العربيّة، وتمسّكت بمبادرة السّلام العربيّة مع التّعهّد بحشد التّأييد الدّوليّ لها، وإقامة الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة وعاصمتها القدس الشّريف.

اقرأ/ي أيضًا | الجامعة العربية تعلن دعمها دولة فلسطين حتى تحصيل حقوقها

قمّة 2016

أمّا السّبت 29 أيّار/مايو 2016، ناقش الاجتماع الوزاريّ مبادرة إحياء عمليّة التّفاوض التي أعلنها وزير الخارجيّة الفرنسيّ، جان مارك إيرولت، في 21 نيسان/أبريل الماضي، وخلال كلمته، قال الرّئيس الفلسطينيّ، محمود عبّاس، إنّ تطبيع العلاقات العربيّة والإسلاميّة مع إسرائيل لن يتمّ قبل إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشّرقيّة على حدود حزيران/يونيو 1967.

التعليقات