موسى: موقف واشنطن تجاه الاستيطان الاسرائيلي تطور خطير للغاية

وزراء خارجية دول عدم الانحياز يدعون الى منع المستوطنين ومنتوجاتهم من دخول اراضي دول التحالف* اسرائيل تستخف بالقرار وتعتبره مجرد تصريح غير قابل للتنفيذ

موسى: موقف واشنطن تجاه الاستيطان الاسرائيلي تطور خطير للغاية
تلقت سياسة الاستيطان الاسرائيلية، ضربة قاسمة جديدة على المستوى الدولي، في نهاية الاسبوع المنصرم، حيث قرر وزراء خارجية دول عدم الانحياز دعوة الدول الاعضاء في هذا التحالف الى "اتخاذ اجراءات منفردة، أو جماعية لمنع سكان المستوطنات الاسرائيلية من دخول اراضيها".

يشار الى ان هذا التحالف يضم 114 دولة تشمل غالبية الدول الافريقية والاسيوية والاميركيتين الجنوبية والوسطى. وهناك بين هذه الدول من تعتبر مراكز سياحية مفضلة بالنسبة للاسرائيليين، ومنها تايلندا، الهند وقبرص والبيرو.

وجاءت هذه التوصية، التي ستصبح سارية المفعول، اذا ما وافقت عليها دول عدم الانحياز، ردا على التعامل الاسرائيلي الصفيق مع محكمة العدل الدولية في لاهاي، ورفض وجهة نظرها الداعية الى هدم جدار الفصل العنصري المقام على اراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

ودعا بيان لوزراء خارجية هذه الدول، في ختام اجتماعه، في دربن في جنوب افريقيا، الى فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية والسياسية على اسرائيل، تشمل "منع دخول البضائع المصنعة في المستوطنات الاسرائيلية غير القانونية الى اسواق دول عدم الانحياز، ومنع دخول المستوطنين الى اراضيها، وفرض عقويات على الدول المتورطة في بناء السور العنصري الفاصل، وكل نشاط اسرائيلي آخر تقوم به إسرائيل بشكل غير قانوني في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في القدس الشرقية".

واكد بيان دول عدم الانحياز الذي حمل عنوان "بيان فلسطين"، امتعاظه من الموقف الاسرائيلي ازاء وجهة نظر محكمة العدل الدولية، وقال ان "الجدار الذي تبنيه إسرائيل يتعارض مع القانون الدولي، ونحن نسجل أمامنا الرد الاسرائيلي السلبي على قرار محكمة لاهاي، واعلانها بأنها ستواصل البناء على الأراضي الفلسطينية".

الا ان مصادر دبلوماسية قالت، حسب صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، إن فرص قيام دول عدم الانحياز ببذل جهود للدفع نحو تطبيق هذا القرار تقارب الصفر، وهو ما تعتقده وزارة الخارجية الاسرائيلية، ايضا، حسب الصحيفة.

واعتبرت وزارة الخارجية الاسرائيلية الدعوة الى منع المستوطنين من دخول دول عدم الانحياز، بمثابة قرار سياسي يصعب تطبيقه. وبرأيها "تملك تلك الدول مصلحة في وصول السياح ورجال الأعمال الاسرائيليين اليها. واشارت مصادر دبلوماسية اسرائيلية الى صعوبة التعرف على هويات الاسرائيليين الذين يقيمون في المستوطنات، ولذلك تعاملوا مع القرار باستخفاف.

واشارت الخارجية الاسرائيلية الى كون العديد من دول عدم الانحياز تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع اسرائيل، واستبعدت قيام هذه الدول بتنفيذ القرار. وحسب مصدر دبلوماسي اسرائيلي، فان العديد من هذه الدول التي تدعم قرارات ضد اسرائيل، تعتبر ذلك مجرد ضريبة شفوية تدفعها للعالمين العربي والاسلامي. وحسب المصدر تعتبر الهند احدى هذه الدول.

وبرأي المصدر، ايضا، "هناك العديد من دول التحالف التي تتحفظ من قرارات تمت بلورتها بـتأثير من الكتلتين العربية والاسلامية في دول عدم الانحياز".

الا ان احد الدبلوماسيين الاسرائيليين حذر من تجاهل بيان دول عدم الانحياز وخطورة التوصيات التي ينطوي عليها. واوضح لصحيفة "هآرتس" ان المقصود توصيات تستهدف خلق قاعدة للعمل العربي، خاصة لمبادرات منظمة التحرير الفلسطينية في الامم المتحدة ضد اسرائيل. وقال "ان دول عدم الانحياز تشكل ظهيرة سياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في الامم المتحدة، وكذلك للمجمع الذي يضم الغالبية التي تصوت دائما ضد اسرائيل في الامم المتحدة".

وحسب رأي هذه الدبلوماسي، يعمل الفلسطينيون، دائما، على تجنيد دول عدم الانحياز لتبني قرارات تتحول عادة الى قاعدة لمبادرات سياسية ضد اسرائيل في الجمعية العامة".

واشارت "هآرتس" الى ان بيان دول عدم الانحياز ينطوي هذه المرة على اهمية بالغة، كونه يمنح قرار محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الفاصل، زخما ودعما دوليين، ويشدد على القرار الذي يدعو اسرائيل الى وقف بناء الجدار وهدم ما تمت اقامته على اراضي الفلسطينيين،

ونقلت "هآرتس" عن دبلوماسي غربي قوله انه سيتم استغلال بيان دول عدم الانحياز لتجديد العقوبات التي يطالب بفرضها على اسرائيل على خلفية بناء الجدار العنصري.

وحسب صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، لم تتأثر وزارة الخارجية الاسرائيلية بقرار وزراء خارجية دول عدم الانحياز، واعتبرته "مجرد تصريح وليس خطوات قابلة للتنفيذ على المدى القريب".

وبرأي مصدر في الخارجية الاسرائيلية، فإن " فرض عقوبات اقتصادية ومقاطعة على الشركات الفاعلة في المستوطنات يحتم اقامة اجهزة مركبة ومعقدة، وهذا ليس بالامر الذي يمكن اقامته خلال ايام معدودة".

واشار المصدر الى صعوبة التمييز بين المستوطن وكل مواطن اسرائيلي اخر، كون جواز السفر الاسرائيلي لا يحمل العنوان الكامل لصاحب الجواز. الا ان بعض هذه الدول يمكنها تمييز ذلك من خلال تأشيرة الدخول التي يلزم الاسرائيلي بالحصول عليها اذا ما رغب بزيارة تلك الدول، ذلك انه يطلب اليه في التأشيرة تسجيل عنوان اقامته الدائم في اسرائيل.

ورغم ما تبديه من عدم اكتراث بالقرار، الا ان الخارجية الاسرائيلية تشير الى ما ينتظر اسرائيل خلال الاسابيع القريبة، حيث ينتظر ان تناقش الجمعية العامة للامم المتحدة قرار محكمة لاهاي.

وتتخوف اسرائيل من مصادقة الجمعية العامة على قرار جارف يدعو الى فرض عقوبات على اسرائيل، كما حدث عام 1982 اثر قرار الكنيست الاسرائيلي المصادقة على قانون ضم الجولان السوري المحتل. وتتخوف الخارجية الاسرائيلية من ان يؤدي قرار كهذا الى فرض عزلة دولية على اسرائيل، في وقت تواجه فيه مكانتها الدولية تدنيا ملحوظا. وصف عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية اليوم الاحد تغير موقف الادارة الاميركية تجاه الاستيطان الاسرائيلي بانه تطور خطير للغاية.ولمحت واشنطن أمس السبت الى انها قد تقبل نموا محدودا داخل المستوطنات الحالية في الضفة الغربية رغم انها كانت تعارض حتى ما تصفه اسرائيل بالنمو الطبيعي.وقال موسى الفترة القادمة ستشهد تحركا عربيا خاصة بعدما حدث في موضوع المستوطنات الاسرائيلية وهو تطور خطير للغاية.وهي مسألة لا ننظر اليها باطمئنان ولا ننظر اليها الا بكل أسى.


وأضاف وهنا يثور تساؤل أين دور الرباعية والقانون الدولي.ووضعت اللجنة الرباعية التي تضم الامم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي خطة خارطة الطريق التي تدعو اسرائيل لتجميد كل الانشطة الاستيطانية.


ورغم ان البيت الابيض ينفي اي تحول رسمي في الموقف الامريكي بضرورة وقف كل الانشطة الاستيطانية فان مسؤولا امريكيا قال ان جهودا تبذل مع الاسرائيليين لتوضيح ما يعنيه النشاط الاستيطاني.وقال موسى للصحفيين في مطار القاهرة اليوم قبل مغادرته متوجها لابوجا للمشاركة في المفاوضات بشأن دارفور التي تبدأ في نيجيريا يوم الثلاثاء اتخاذ الولايات المتحدة مثل هذه المواقف... يسيء لعملية السلام اذا وجدت من الاساس ويسيء للموقف كله ويجعله أكثر صعوبة.


من جهته انتقد نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات اليوم الاحد الموقف الاميركي ازاء توسيع الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، واعتبر انه يشجع اسرائيل في تصعيد العدوان على الفلسطينيين.وقال ابو ردينة لوكالة فرانس برس ننتقد بشدة موقف الولايات المتحدة بدعم توسيع المستوطنات، وتابع ان الموقف الاميركي ضار بعملية السلام وخرق لخطة خارطة الطريق ويمثل انتهاكا لقرار محكمة العدل الدولية.


واشار ابو ردينة الى ان موقف الولايات المتحدة من الاستيطان الاسرائيلي يوضح الموقف الاميركي الذي يشجع حكومة اسرائيل في تصعيد عدوانها وحربها ضد الشعب الفلسطيني.وقال مسؤول اميركي لم تكشف هويته في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز امس السبت ان واشنطن تؤكد رسميا عزمها على الالتزام ب"خارطة الطريق التي تنص على تجميد الاستيطان، غير ان الرئاسة الاميركية قررت هذا الاسبوع التغاضي عما تسميه اسرائيل النمو الطبيعي للمستوطنات والذي يقوم على بناء وحدات استيطانية جديدة داخل نطاق المستوطنات القائمة على اساس استيعات الزيادة السكانية المفترضة.

التعليقات