باريس: قمّة المناخ تبدأ أعمالها غدًا على وقع مظاهرات عارمة

شكل محتجون سلسلة بشرية، الأحد، قرب إحدى جادات باريس، التي شهدت هجمات دامية الشهر الماضي، بينما اشتبك آخرون مع الشرطة رغم حظر التظاهر في العاصمة الفرنسية، عشية وصول 150 من قادة العالم للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ.

باريس: قمّة المناخ تبدأ أعمالها غدًا على وقع مظاهرات عارمة

شكل محتجون سلسلة بشرية، الأحد، قرب إحدى جادات باريس، التي شهدت هجمات دامية الشهر الماضي، بينما اشتبك آخرون مع الشرطة رغم حظر التظاهر في العاصمة الفرنسية، عشية وصول 150 من قادة العالم للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ.

وفيما شارك مئات الآلاف في تظاهرات في مختلف أنحاء العالم، هدفت السلسلة البشرية في باريس إلى توجيه رسالة رمزية للقادة عشية الافتتاح الرسمي لمؤتمر المناخ الذي تشارك فيه 195 دولة.

وبدأ مندوبو 195 بلدًا مكلفون التفاوض حول مشروع اتفاق في شان المناخ، الأحد، مشاوراتهم في بورجيه قرب باريس بالوقوف دقيقة صمت تكريمًا لضحايا اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني/نوفمبر.

وقال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس "ينبغي أن يسمح لنا كل يوم بإحراز تقدم".

وأضاف مخاطبا رؤساء الوفود المجتمعين في بورجيه "أسمح لنفسي بأن أعول عليكم للتفاوض وبناء تسويات اعتبارًا من الساعات المقبلة".

من جهته، كتب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على صفحته في موقع فيسبوك قبل دقائق من مغادرته واشنطن إلى باريس "أنا متفائل بما يمكن أن ننجزه لأنني سبق أن شاهدت أميركا تحرز تقدمًا كبيرًا في الأعوام السبعة الأخيرة".

وألغت السلطات الفرنسية تظاهرتين تتعلقان بالمناخ في مدينة النور، بعد الاعتداءات التي أدت إلى مقتل 130 شخصًا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر.

ورغم أن الطابع السلمي طغى على احتجاجات باريس، إلا أن مجموعة من النشطاء المناهضين للرأسمالية خاضوا، بعد الظهر، مواجهات مع شرطة مكافحة الشغب.

وبدلًا من التظاهر، قام نشطاء بترك آلاف الأحذية، التي يزيد وزنها على أربعة أطنان طبقا للمنظمين، في ساحة الجمهورية. ووضعوا زوجًا من الأحذية نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأرسل البابا فرنسيس زوجًا من الأحذية نيابة عنه.

وفي أول تظاهرة منظمة تجري في العاصمة الفرنسية منذ الهجمات الدامية، اصطف المحتجون على التغيرات المناخية من جميع الأعمار في الشوارع في سلسلة بشرية امتدت كيلومترين.

وهتف المتظاهرون "اسمعوا أصواتنا! نحن هنا!" وحملوا لافتات كتب عليها عبارات من بينها "من أجل مناخ من السلام".

رابط قوي

وقالت المتحدثة باسم جماعة أتاك المنظمة للتظاهرة، جنيفيف أزام "اتسم المتظاهرون المصطفون على الأرصفة بالجدية والكرامة، وكانت المشاعر التي تربط أيدي الناس قوية".

وأضافت "كان من الجيد تخفيف الحالة التي أثقلت قلوب الفرنسيين منذ الهجمات".

وخلف المتظاهرون ثغرة بطول 100 متر في السلسلة وضعت فيها الزهور أمام قاعة باتكلان للحفلات، التي شهدت أسوأ الاعتداءات في 13 تشرين الثاني/نوفمبر حيث قتل فيها 90 شخصًا.

ولكن بعد ساعات، أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع على المحتجين، الذين رشقوها بالزجاجات والشموع في ساحة الجمهورية وهتفوا "حالة طوارئ، دولة بوليسية" في إشارة إلى القيود التي فرضتها السلطات عقب اعتداءات باريس.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، أن عناصر الشرطة اعتقلوا، الأحد، 208 أشخاص بينهم 174 تم توقيفهم احتياطيا بعد تظاهرة تخللتها مواجهات في ساحة الجمهورية عشية افتتاح المؤتمر العالمي حول المناخ.

وشارك أكثر من 570 ألف شخص في 2300 تظاهرة دفاعًا عن المناخ نهاية هذا الأسبوع في أنحاء العالم، وفق تقديرات أولى أعلنتها منظمة "آفاز" غير الحكومية، احدى الجهات المنظمة.

وسيشارك نحو 150 من قادة العالم من بينهم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والصيني شي جينبينغ، والتركي، رجب طيّب إردوغان، ورئيس وزراء الهند، نارندرا مودي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في افتتاح المؤتمر، الإثنين، الذي من المقرر أن يتم خلاله التوصل إلى أول معاهدة عالمية حقيقي بشأن المناخ.

وسيتم نشر نحو 2800 من عناصر الشرطة والجيش لتامين موقع المؤتمر، كما سيتم نشر 6300 آخرين في أرجاء باريس.

وتهدف المعاهدة المرجوة إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بمعدل درجتين مئويتين أو أقل فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وذلك عن طريق الحد من انبعاثات الكربون، التي يعزى إليها التغير المناخي.

وتزايدت الاحتجاجات، التي جرت في أنحاء مختلفة من العالم للمطالبة بالحد من انبعاثات الكربون، وشارك عشرات الآلاف في مسيرات في أنحاء أستراليا، الأحد.

فرصة تاريخية

وفي لندن، حيث تظاهر الآلاف، دعت الممثلة الحائزة على جائزة أوسكار، غيما ثومسون، قادة العالم إلى اغتنام هذه "الفرصة التاريخية" للتوصل إلى اتفاق.

وقالت "لقد ذهبت إلى القطب الشمالي مع ابنتي العام الماضي وشاهدت بعيني تدهور حالة البيئة هناك، وقد ساعدني ذلك على فهم ما يحدث لكوكبنا".

وشارك أكثر من 325 شخصًا في 175 بلدًا في المسيرات، بحسب تقديرات أولية لمنظمة "غرين بيس" (السلام الأخضر) التي شاركت في تنظيم الاحتجاجات.

ووجه مسؤولون دينيون في باريس، كذلك، نداءات إلى منظمي قمة المناخ حملت نحو 1,8 مليون توقيع تطالب بالتحرك الفوري.

وهذا الأسبوع، ذكرت وكالة المناخ في الأمم المتحدة أن معدل ارتفاع درجة حرارة العالم خلال عام 2015 سيصل إلى درجة مئوية واحدة.

ويقول محللون إنه حتى إذا التزم عدد من الدول التي قدمت طوعًا بتعهدات بخفض انبعاثات الكربون لدعم التوصل إلى اتفاق في باريس، فإن درجة حرارة الأرض متجهة إلى الارتفاع بمعدل 3 درجات مئوية.

وثمة كثير من العوائق أمام مؤتمر باريس، من بينها تمويل الدول المعرضة لتأثيرات التغير المناخي، ومراقبة خفض انبعاثات الغاز، وحتى الوضع القانوني للمعاهدة.

وفشلت المحاولة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق عالمي أثناء قمة كوبنهاغن 2009، بسبب خلافات بين الدول الفقيرة وتلك الغنية.

التعليقات