"الدفاع عن الديمقراطيات": وليدة "أيباك" وحليفة الإمارات ضد قطر

تعتبر مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" إحدى مؤسسات "اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة" (أيباك)، وتعتبر المؤسسة يمينية متطرفة وأحد أكبر مموليها هو شلدون إديلسون، الأب الروحي لنتنياهو وحليفه القوي

مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات

تردد اسم مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" وكبير مستشاريها، جون هانا، في كثير من المراسلات التي كشفت بعد اختراق البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، ودورها في التحريض ضد قطر ومحاولة التأثير على السياسة الأميركية الخارجية لصالح إسرائيل والإمارات، فمن هي هذه المؤسسة؟

تعتبر مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" إحدى مؤسسات "اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة" (أيباك)، وتعتبر المؤسسة يمينية متطرفة وأحد أكبر مموليها هو شلدون إديلسون، الأب الروحي لنتنياهو وحليفه القوي، والذي تربطه علاقة شخصية بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

وكشف تحقيق أجراه موقع "سلايت" (slate) أن المؤسسة المذكورة حاولت الضغط بشدة على إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، لمنع الاتفاق النووي مع إيران، بطلب من الإمارات وإسرائيل، ورغم فشلها في ذلك، استعانت بها الإمارات مرة أخرى، هذه المرة للتحريض على قطر وتغيير السياسات الخارجية الأميركية لتبني وجهة نظر أبو ظبي بما يتعلق بالعالم العربي، لا سيما في دول الربيع العربي حيث دعمت الإمارات الانقلابات ومجموعات متطرفة.

وحاول السفير الإماراتي بالتعاون مع المؤسسة التابعة للوبي الإسرائيلي في أميركا تشكيل مجموعة ضغط لزعزعة علاقات الولايات المتحدة بقطر، تحت ذريعة دعم قطر لمجموعات إرهابية ومتطرفة تابعة للإخوان المسلمين، ذاكرين بشكل خاص حركة حماس التي يقيم عدد من قيادييها في الدوحة.

واستعرض التحقيق الذي أجراه الصحافي جون جوديس للموقع دور "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في الدفاع عن مصالح إسرائيل وارتباط أعضاء هذه المؤسسة بالمنظمة الأم، أيباك. ويشير التحقيق إلى أنه خلال 18 شهرًا شارك خبراء وأعضاء في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" بـ17 جلسة استماع عقدها الكونغرس الأميركي حول الاتفاق النووي مع طهران، كما ظهر هؤلاء الخبراء 35 مرة على الأقل على شاشات "فوكس نيوز"، و"سي بي إس"، وسي إن إن"، ومحطات تلفزيونية أميركية أخرى لانتقاد الاتفاق النووي.

ولعب مدير المؤسسة، مارك دوبويتز، دورًا رئيسيًا في فرض عقوبات أميركية على النظام الإيراني عام 2010، كما تعاون عام 2013 مع عضوي مجلس الشيوخ، مارك كيرك، وروبرت ماننديز، لطرح مشروع قرار في الكونغرس يقترح فرض شروط في الاتفاق النووي يصعب على طهران الموافقة عليها.

تصف "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" نفسها باعتبارها "منظمة أبحاث دولية" وتقول إن هدفها القيام "بأبحاث حول الإرهاب الدولي الذي يشكل أكبر مصدر للخطر على أمن الولايات المتحدة والدول الديمقراطية". لكن من الناحية العملية، تركزت أبحاث المنظمة الموالية لإسرائيل على قضايا الشرق الأوسط.

وتناولت هذه القضايا فقط من زاوية مصالح الدول العبرية وأجندة حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو. ولم يقتصر هذا التوجه على محاربة الاتفاق النووي الإيراني، بل تبنت المنظمة بالكامل وجهة نظر نتنياهو في ما يتعلق بعملية السلام مع الفلسطينيين ورفض حل الدولتين.

يعود إنشاء "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" إلى عام 2001، وهي وليدة أفكار الناشط الجمهوري المحافظ، كليفورد ماي، الذي ترك منصبه كمدير للجنة الوطنية للحزب الجمهوري لينشط في مجال مجموعات الضغط في واشنطن، وتحديدًا في سياق الدفاع عن مصالح إسرائيل في العاصمة الأميركية.

 

ففي شهر نيسان/ أبريل 2001، أسس ثلاثة من أبرز المتبرعين لإسرائيل منظمة أطلقوا عليها اسم "العبرية من أجل الحقيقة" (EMET). وحسب الطلب المقدم لهيئة الضرائب الأميركية، فإن المجموعة "مهتمة بتحسين صورة إسرائيل في أميركا الشمالية وعرض القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي". لكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، تغير اسم المنظمة إلى "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات". وقال مجلس إدارة المنظمة "إنها ستركز جهودها على ترويج ثقافة محاربة الإرهاب في العالم".

وعلى الرغم من أن المنظمة لم تعد رسميًا واحدة من منظمات اللوبي الإسرائيلي بعدما غيرت اسمها، لكنها طوال السنوات الماضية أخذت على عاتقها الدفاع عن "ديمقراطية" واحدة هي ديمقراطية دولة الاحتلال في فلسطين. وذلك ليس غريبًا كون جميع مؤسسي المنظمة يدورون في فلك الجالية اليهودية في أميركا، ولهم تاريخ مديد في دعم المنظمات المؤيدة لإسرائيل. من هؤلاء، برنارد ماركوس، صاحب شركة "Home Depot"، والثري اليهودي، شلدون إدلسون، ورجلا الأعمال، بول سينجر، وليونارد أبرامسون، وغيرهم.

وترصد الوثائق الرسمية الأميركية أسماء أكبر المتبرعين لـ"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" بين عامي 2008 و2011، وهم على التوالي: أبرامسون، ماركوس، إدلسون، سينجر، ورجل الأعمال نيوتن بيكر. كما قدم هؤلاء المتمولون تبرعات مماثلة لمجموعات مثل "المنظمة الصهيونية في أميركا" و"مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" المتحالفة مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتتبنى دعوته إلى إقامة إسرائيل الكبرى واحتلال الضفة الغربية وكامل القدس الشرقية.

ومن أبرز الموظفين الذين يديرون عمل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" أشخاص معروفون في أوساط مجموعات الضغط الأميركية، ولهم تاريخ مديد في الدفاع عن مصالح إسرائيل. من بين هؤلاء، الإسرائيلي نير بومز، وهو موظف سابق في السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وقد عينه كليفورد ماي مساعدًا له، وتوبي ديرشويتز التي كانت على مدى 14 عامًا مسؤولة الاتصالات والعلاقات العامة في "أيباك"، ونائب رئيس المنظمة الحالي، جوناثان شانزر، الذي عمل أيضًا لسنوات عديدة لصالح "أيباك".

ومن أبرز النشاطات الدورية التي تقوم بها المنظمة المؤيدة لإسرائيل منذ تأسيسها، تنظيم رحلات وزيارات لأكاديميين وصحافيين أميركيين إلى فلسطين المحتلة في إطار الترويج لأيديولوجية حزب "الليكود"، وتقديم وجهة النظر الإسرائيلية حول الصراع مع العرب في الشرق الأوسط.

وفي عام 2009، كان كليفورد ماي من أبرز المنتقدين لإدارة أوباما بسبب الضغوط على حكومة نتنياهو من أجل التفاوض مع الفلسطينيين. وكتب ماي في الصحف الأميركية عدة مقالات تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، معتبرًا أنها "أرض متنازع عليها مع الأردن التي هاجمت إسرائيل عام 1967". وردًا على سؤال حول أسباب دعم المنظمة لإسرائيل، قال ماي إن "إسرائيل حاليًا هي أكثر مجتمع ديمقراطي عرضة للخطر"، وفق تعبيره.

في البدايات، تعاونت "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" مع عدد من الشخصيات الموالية للحزب الديمقراطي، مثل الكاتبة دونا برازيل، التي كانت مديرة الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الديمقراطي آل غور (عام 2000)، وسيناتور ولاية نيويورك، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، والنائبين في مجلس النواب، إليوت أنجل وجيم مارشال. كما تلقت تبرعات من الممول الإسرائيلي الأميركي، حاييم صابان، المحسوب على الحزب الديمقراطي. لكن في السنوات القليلة الأخيرة، تم استبعاد الديمقراطيين وتحولت "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" إلى منظمة ينتمي غالبية أعضائها والقيمين عليها إلى الحزب الجمهوري الأميركي. 

 

التعليقات