تقرير: النقل البحري في البحر الأحمر بصدد الانهيار

خبير في مجال النقل البحري يستعرض بيانات تؤكد تراجعت حركة سفن الحاويات في البحر الأحمر على خلفية هجمات الحوثيين، مشيرا إلى "تداعيات سلبية على سلسلة التوريد" تشبه التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا.

تقرير: النقل البحري في البحر الأحمر بصدد الانهيار

(Getty Images)

تراجعت حركة سفن الحاويات في البحر الأحمر بنسبة 70% تقريبًا منذ منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بسبب هجمات المتمرّدين الحوثيين على بواخر الشحن في هذه المنطقة، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس" عن خبير في مجال النقل البحري.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وقال مؤسّس ورئيس شركة "ويندوورد" التي تقدّم خدمات استشارية في مجال النقل البحري إنّ "بياناتنا تُظهر أنّه منذ الهجوم على ‘غالاكسي ليدر‘ في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، تضاعف ثلاث مرات عدد سفن الدحرجة (RO-RO، المتخصصة بنقل السيارات) التي تستخدم طريق رأس الرجاء الصالح" الواقع في أقصى جنوب قارة إفريقيا.

وكانت جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) اليمنية، قد أعلنت الاستيلاء على سفينة محملة بالسيارات تسمى "غالاكسي ليدر"، وما زالت الجماعة تحتجز أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 شخصًا رهائن؛ علما بأن السفينة كانت بدورها سفينة دحرجة مملوكة لشركة بريطانية صاحبها رجل أعمال إسرائيلي.

وأوضح الخبير في مجال النقل البحري ورئيس "ويندوورد"، عامي دانيال، أن "عبور سفن الدحرجة في البحر الأحمر هبط بنسبة 90%. هي لم تعد تمرّ في هذه المنطقة". أما في ما يتعلّق بالسفن الناقلة للبضائع الصبّ الجافّة (البضائع غير المعبّأة مثل الحبوب والإسمنت والفحم...) فانخفض عبورها في البحر الأحمر بنسبة 15% منذ بدأ الحوثيون هجماتهم.

وحدها ناقلات النفط لا تزال تستخدم قناة السويس بنفس الوتيرة التي كانت عليها قبل بدء الهجمات، وفقًا لدانيال، رجل الأعمال الذي تستخدم شركته الذكاء الاصطناعي وتجميع البيانات لتقديم المشورة للمتخصصين بالنقل البحري.

ويقول دانيال إنّ الوضع الراهن "سيؤدّي إلى مشكلة في سلسلة التوريد في السنوات المقبلة لأنّ معالجة هذا الأمر ستستغرق بعض الوقت". وأضاف "نحن لسنا بمستوى كوفيد، لكنّنا لسنا بعيدين عنه من حيث التداعيات على سلسلة التوريد".

وأسقطت القوات الأميركية والبريطانية، الثلاثاء، أكثر من 20 طائرة مسيرة وصاروخًا فوق البحر الأحمر أطلقها الحوثيون، في ما وصفته لندن بأنّه "أكبر هجوم" تنفذه الجماعة منذ بدء حرب غزة.

وأتى هذا الهجوم بعد أسبوع من تحذير وجّهته للحوثيين 12 دولة بقيادة الولايات المتحدة من أنهم سيواجهون عواقب إذا لم يوقفوا استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، أحد أهمّ الممرات المائية للتجارة العالمية.

وخلال الأسابيع الماضية، شنّ الحوثيون أكثر من 25 عملية استهداف لسفن تجارية مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الإستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر.

ويؤكد الحوثيون أنّهم يشنّون هذه الهجمات تضامنًا مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

والليلة الماضية، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يدعو إلى وقف "فوري" لهجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر، مطالبًا كذلك كلّ الدول باحترام حظر الأسلحة المفروض على الجماعة اليمنية.

والقرار الذي صاغته الولايات المتّحدة واليابان واعتمده المجلس بأغلبية 11 عضوًا وامتناع أربعة أعضاء عن التصويت (روسيا والصين والجزائر وموزمبيق) "يدين بأشد العبارات الهجمات التي لا تقلّ عن 24 على السفن التجارية".

ويطالب القرار "بأن يضع الحوثيون فورًا حدًّا" للهجمات "التي تعرقل التجارة الدولية وتقوّض حقوق وحريات الملاحة وكذلك السلم والأمن في المنطقة".

وشدّد المجلس في قراره على احترام القانون الدولي، مشيرُا إلى أنّه "أخذ علمُا" بحقّ الدول الأعضاء في الدفاع عن السفن ضدّ الهجمات.

وخلال جلسة مجلس الأمن، ندّدت روسيا بهذا التحالف على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا.

وقال السفير الروسي "لا يسعنا إلا أن نشعر بالقلق إزاء الوضع الحالي في البحر الأحمر (...) لكنّنا قلقون من أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها يفضّلون كما يحصل غالبًا، اختيار حلّ أحادي الجانب بالقوة".

وأكّد أحدث تقرير صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر عن خبراء تابعين لمجلس الأمن الدولي أنّ الحوثيين "يعزّزون بشكل كبير قدراتهم العسكرية البرية والبحرية، بما في ذلك الغواصات، فضلاً عن ترسانتهم من الصواريخ والمسيّرات".

ويدعو مشروع القرار إلى "معالجة جذور" الوضع "بما في ذلك الصراعات التي تساهم في التوترات الإقليمية".

وأرادت روسيا، التي اقترحت ثلاثة تعديلات لمشروع القرار تمّ رفضها جميعها، أن تضيف على وجه التحديد أنّ من بين العوامل التي تساهم في التوترات "الصراع في قطاع غزة".

وعلّقت السفيرة الأميركية ليندا توماس-غرينفيلد بأنّ ربط هجمات الحوثيين بالوضع في غزة "من شأنه أن يشجع الحوثيين ويخلق سابقة خطيرة في المجلس من خلال إضفاء الشرعية على هذه الانتهاكات للقانون الدولي".

التعليقات