دير الزور: موجات نزوح هربا من تجنيد إجباري ل"داعش"

التنظيم الإرهابي منح الشباب أسبوعا واحدا فقط للالتحاق بمكاتب "الاستنفار"، وسرعان ما ساء الوضع مع رفض الكثير من الشباب الأوامر الجديدة* الكثير من الشبان لا يزالون عالقين ولا يستطيعون الخروج

دير الزور: موجات نزوح هربا من تجنيد إجباري ل

نازحون من دير الزور (أ.ف.ب.)

أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مؤخرا فرض "التجنيد الإجباري" على شباب دير الزور، آخر المحافظات السورية التي لا تزال تحت سيطرته، ما أدى إلى موجات نزوح جديدة من المحافظة ليلجأ المئات إلى مخيم للنازحين يبعد سبعة كيلومترات عن منطقة العريشة في محافظة الحسكة المحاذية لدير الزور.

وقال محمود العلي (26 عاما)، وهو أحد النازحين عن دير الزور، إنه "أبلغنا التنظيم بأن الجهاد بات فرضا علينا وعلى كل الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاما، الالتحاق بصفوفه للقتال في كل سورية".

وأضاف الشاب الذي فرّ مع عائلته من بلدة العشارة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، أنه "رفض غالبية الشباب القرار وتركوا مناطق سيطرة التنظيم بالآلاف"، ما يعكس "المزاج العام برغبة الأهالي التخلص من التنظيم".

ولجأ "داعش" إلى الخطابات الدينية خلال الصلاة في المساجد فضلا عن المناشير والمكبرات الصوتية في الشوارع لدعوة شباب دير الزور إلى التجنيد الإرهابي، وفق ما أفاد سكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ومنح التنظيم الإرهابي الشباب أسبوعا واحدا فقط للالتحاق بمكاتب "الاستنفار". وسرعان ما ساء الوضع مع رفض الكثير من الشباب الأوامر الجديدة.

وأفاد مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، عن "اعتقالات يومية في محافظة دير الزور على خلفية التجنيد الإجباري".

وفي المخيم، الذي تتصاعد على بعد كيلومترات منه أعمدة دخان أسود ناتجة عن تكرير النفط بطرق تقليدية في منطقة قريبة، يقول أحمد العبد (23 عاما) إن المجند من قبل التنظيم المتطرف "يخضع لدورة (تدريبية) لمدة شهر، قبل أن يبقى معهم أربعة أشهر للقتال".

وإن كان الكثير من الشبان تمكنوا من الفرار من قبضة الجهاديين، لم يحالف الحظ آخرين. وقال العبد إن "الكثيرين لا يزالون عالقين ولا يستطيعون الخروج"، موضحا أنه "دفعنا نحن مليوني ليرة سورية (حوالي أربعة آلاف دولار) عن خمسة عشر شخصاً من أفراد العائلة".

ويجازف المدنيون الفارون من مناطق سيطرة "داعش" في الرقة ودير الزور بحياتهم للوصول إلى بر الأمان متكلين على مهربين يدفعون لهم مبالغ مالية طائلة غير كفيلة بحمايتهم من النيران أو من أعين عناصر التنظيم.

وبرغم فرارهم من قرارات وقواعد "داعش" الصارمة، وجد الفارون من دير الزور أنفسهم في ظروف معيشية صعبة في مخيمات تقل فيها الخيام ذاتها وتشهد نقصا حادا في المياه النظيفة والمواد الغذائية وحتى الأدوية الأساسية.

وأقيمت عشرات المخيمات في مناطق صحراوية نائية في محافظتي الحسكة والرقة المجاورة. وتقول المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، انجي صدقي، إن "تلك الخيام موجودة في قلب الصحراء حيث تشكل الأفاعي والعقارب تهديدا يوميا للناس". وتضيف أنه "ترى أطفالا يلعبون بالنفايات السامة ويشربون مياه ملوثة ويستحمون بها".

ويعيش في مخيم العريشة 7100 شخص فيما لا تتوفر فيه سوى 400 خيمة، وفق ما يقول أحد مسؤولي المخيم. واضطرت بعض العائلات إلى البقاء في العراء بانتظار الحصول على خيمة، وعمدت أخرى إلى تعليق بطانيات بين الشاحنات والسيارات لتقيها حرارة الشمس.

وبانفعال شديد، يقول الشاب إبراهيم خالد (28 عاما) "نحن استطعنا الفرار والنجاة بأرواحنا، وأنا متأكد أن من تبقى أصبح خروجه شبه مستحيل".

التعليقات