غادرت القوات الأميركية مطار صرين، الذي اتخذته قاعدة عسكرية لها ،تعتبر الأكبر في شمال سورية، تنفيذاً لقرار واشنطن الأخير بسحب نحو ألف جندي من تلك المنطقة.
وأفادت وكالة فرانس برس بأن أكثر من سبعين مدرعة وسيارة عسكرية ترفع العلم الأميركي وتعبر مدينة تل تمر في محافظة الحسكة، بينما كانت مروحيات برفقتها تحلق في الأجواء، اليوم الأحد.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، للوكالة نفسها، إن القافلة أخلت مطار صرين، على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً جنوب مدينة كوباني (عين العرب).
وتقع هذه القاعدة على أطراف منطقة عازلة تسعى أنقرة لإقامتها في شمال شرق سورية، حيث تشن مع فصائل سورية موالية لها هجوماً، منذ التاسع من الشهر الحالي ضد المقاتلين الأكراد، وتمكنت بموجبه من السيطرة على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً.
وأعلنت واشنطن، في 14 تشرين الأول/أكتوبر، أن نحو ألف جندي أميركي موجودون في المنطقة تلقوا الأوامر بالانسحاب. وبدأت واشنطن تنفيذ قرارها بسحب جنود من نقاط حدودية مع تركيا، ما اعتبر بمثابة ضوء أخضر لأنقرة لتبدأ هجومها، الذي لاقى تنديداً دولياً واسعاً وتسبب بنزوح أكثر من 300 ألف شخص.
وقال عبد الرحمن إن قاعدة صرين هي "الأكبر للقوات الأميركية في شمال سورية، وهي القاعدة الرابعة التي تنسحب منها" خلال نحو أسبوعين. وانسحبت القوات الأميركية، خلال الأسبوع الماضي، من ثلاث قواعد أخرى، بينها قاعدة في مدينة منبج وأخرى بالقرب من كوباني.
وباتت جميع القواعد التي اتخذتها القوات الأميركية "في شمال محافظة الرقة وشمال شرق حلب خالية" اليوم، وفق عبد الرحمن، بينما لا يزال الأميركيون يحتفظون بقواعد في محافظتي دير الزور والحسكة، بالإضافة إلى قاعدة التنف جنوباً.
وبعد تصريحات متناقضة من الإدارة الأميركية، انتزعت واشنطن اتفاقاً مع أنقرة، يوم الخميس الماضي، وافقت الأخيرة بموجبه على تعليق الهجوم لمدة 120 ساعة يُفترض أن تنتهي بعد غد، الثلاثاء، على أن تنسحب وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة العازلة التي تريدها أنقرة بعمق 32 كيلومتراً ضمن الأراضي السورية.
وتبادلت القوات الكردية وأنقرة، أمس، الاتهامات بانتهاك بنود الاتفاق، وهدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قبل ثلاثة أيام من الموعد النهائي لانسحاب القوات الكردية بـ"سحق رؤوس" المقاتلين الأكراد.
واتهمت قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات الشعب الكردية عمودها الفقري، أمس، أنقرة بمنع مقاتليها من الانسحاب من مدينة رأس العين المحاصرة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، مقتل جندي تركي وإصابة آخر بجروح في هجوم بأسلحة خفيفة ومضادة للدبابات، "نفّذه إرهابيون أثناء مهمة استطلاع ومراقبة" في منطقة تل أبيض الواقعة على بعد أكثر من مئة كيلومتر غرب رأس العين.
إسبر: نقل القوات من سورية إلى العراق
قال وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، إنه بموجب الخطة الحالية، ستنتقل جميع القوات الأميركية التي تغادر سورية إلى غرب العراق، وسيواصل الجيش عملياته ضد تنظيم "داعش" لمنع عودته مرة أخرى.
ولم يستبعد إسبر، خلال حديثه لصحافيين سافروا معه إلى الشرق الأوسط، فكرة قيام القوات الأميركية بمهام لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا".
وذكر إسبر أنه تحدث إلى نظيره العراقي حول خطة نقل أكثر من 700 جندي من سورية إلى غرب العراق. وتظهر هذه التصريحات أن مبرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لسحب القوات من سورية لن يتحقق قريبا. فقد قال ترامب، يوم الأربعاء الماضي، إنه "حان الوقت لإعادة جنودنا إلى الوطن".
وقال إسبر إن القوات التي ستدخل العراق ستقوم بمهمتين، "أولاهما المساعدة في الدفاع عن العراق، وثانيهما القيام بمهمة مكافحة تنظيم الدولة بينما نتفحص الخطوات التالية. يمكن أن تتغير الأمور من الآن وحتى إكمال الانسحاب، لكن هذه هي الخطة الآن".
وهناك أكثر من 5000 جندي أميركي في العراق حاليا، بموجب اتفاق بين البلدين. وسحبت الولايات المتحدة قواتها من العراق، عام 2011، لكنها عادت بعد أن بدأ تنظيم "داعش" السيطرة على مساحات شاسعة من البلاد، عام 2014. وظل عدد القوات الأميركية في العراق قليلا بسبب الحساسيات السياسية في البلاد، بعد مرور سنوات من الاحتلال الأميركين الذي بدأ بالغزو الأميركي عام 2003.
التعليقات