دخلت الاحتجاجات في مصر اليوم الأربعاء أسبوعها الثالث، وسط اتساع رقعة الاحتجاج بشكل غير مسبوق، وانضمام فئات جديدة للمعتصمين في ميدان التحرير الذين يطالبون بإسقاط النظام.
وسار آلاف المحتجين صباح اليوم للانضمام للمعتصمين أمام مبنى مجلس الشعب في القاهرة للمطالبة باستقالة النواب فورا. وكان عدد من المتظاهرين ناموا ليلة أمس أمام المبنى لمنع النواب من دخوله.
وأفادت وكالات الأبناء أن مناوشات حدثت بعد أن حاول عناصر الجيش إرجاع المعتصمين إلى الوراء قرب مبنى مجلس الشعب ومجمع الوزارات، لكن المعتصمين تدافعوا لرد محاولات الجيش ووقفوا كدروع بشرية ونجحوا في إحباط هذه المحاولات.
كما جاء أن المحتجين يبدون أكثر تصميما على خوض معركة طويلة ضد النظام، بعد أن حولوا ميدان التحرير إلى ما يشبه قرية مؤقتة، مشيرة إلى أن آلاف المحتجين يأتون يوميا للميدان وينام بعضهم في الخيم المنصوبة هناك.
وفي حديثه على قناة "الجزيرة" مساء أمس الثلاثاء، أكد المفكر د. عزمي بشارة أنه مطمئن إلى أن الثورة المصرية قد دخلت المسار الصحيح، ولم يعد بالإمكان وقفها.
وأشار د. بشارة إلى أنه ترسخت لدى الجماهير مجموعة مسلمات، من ضمنها إسقاط النظام وإنشاء دستور جديد وليس إدخال تعديلات على النظام. وأضاف أن الحركة الثورية في مصر وضعت النقاط على الحروف، ولم يعد بالإمكان تجاوز هذه المسلمات التي ترسخت مشيرا إلى أن من يخرقها هو الخاسر.
كما لفت إلى أن الثورة في مصر بدأت على شكل موجات متتالية، وما لبثت أن تحولت إلى إعصار لم يعد بالإمكان الوقوف في وجهه، حيث بدأ تحرك قطاعات شعبية أخرى بينها الصحافيون والمحامون وعمال المصانع ودوائر الاتصالات.
يذكر في هذه السياق أن وكالات الأبناء قد أشارت إلى أن مظاهرات يوم أمس الثلاثاء كانت الأضخم منذ اندلاع الثورة المصرية.
وفي معرض حديثه عن التعديلات الدستورية التي أعلنها النظام المصري، قال د. بشارة إن هناك فرقا بين الشرعية والقانونية، فالشرعية هي التي تكسب القانون قانونيته، والآن نشأت شرعية ثورية في مصر، وخرج الشعب إلى الشارع لبدء عهد جديد ووضع دستور جديد يضمن الحرية والسيادة والحقوق المدنية وحقوق الإنسان وحقوق المواطن.
وفي رده على الادعاءات بأنه قد يحصل تراجع في حماسة الشباب إضافة إلى تراجع اقتصادي، أشار إلى أن هذه لغة النظام القديم الذي يفكر بتوقف السياحة والاستثمارات، بيد أنه أكد على أن التغيير في نظام الحكم يحدث نموا اقتصاديا، وليس العكس، كما حصل في أندونيسيا، على سبيل المثال، مشيرا إلى أن محاربة الفساد وتوظيف الكفاءات يحدث التطور الاقتصادي ويزيد من حجم الاستثمارات.
فيما تتواصل أعمال الاحتجاج اليوم الأربعاء، وتدخل ثورة مصر أسبوعها الثالث، تشير المعطيات إلى اتساع رقعة الاحتجاجات يوم أمس، الذي أسمي "يوم حب مصر"، كما تتواصل الجهود لإشراك قطاعات شعبية أخرى في المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، وحشد أكبر عدد من المتظاهرين في مليونية يوم الجمعة، اليوم الثالث من أسبوع الصمود.
وفي إضافة إلى المظاهرة المليونية في ميدان التحرير وسط القاهرة، تظاهر نحو مليون في الاسكندرية ، ونحو ربع مليون متظاهر في المنصورة، ونحو 100 ألف متظاهر في دمياط، كما تظاهر أمس أيضا عشرات الآلاف في طنطا والفيوم والزقازيق والإسماعيلية والبحيرة وأسيوط وأسوان وسوهاج والأقصر وبني سويف والوادي الجديد والعريش والدقهلية.
اتسعت رقعة الاحتجاجات في مصر أمس في يومها الـ15، حيث احتل المتظاهرون الشارع الذي يقع فيه البرلمان (مجلس الشعب) ومجلس الوزراء. وتمكن أكثر من 3000 متظاهر من احتلال الشارع مساء أمس الثلاثاء ورفعوا لافتة على بوابة المجلس كتب عليها "مغلق حتى إسقاط النظام"، كما رفعوا لافتة على بوابة مجلس الوزراء الذي يقع على الناحية المقابلة كتب عليها "الشعب أسقط النظام".
ويقع الشارع على بعد 300 متر من ميدان التحرير، وهو من الشوارع الحيوية في القاهرة، حيث يضم مجلس الشعب ومجلس الوزراء ووزارة الصحة، وهو على بعد أمتار من مجلس الشورى. وتدفق أمس مزيد من المتظاهرين القادمين من ميدان التحرير معهم أغطيتهم وافترشوا شارع مجلس الشعب، وأصروا على عدم المغادرة حتى تتحقق مطالبهم وأولها إسقاط النظام.
وإلى جانب الاعتصام أمام مجلسي الشعب والشورى ومقر وزارة الداخلية, قالت الناشطة إسراء عبد الفتاح إن المتظاهرين قرروا تنظيم اعتصام عند مبنى التلفزيون الرسمي تأكيدا لمطالبهم بتنحية مبارك، وسط تصاعد الاحتجاجات على الدور الذي
لعبة الإعلام الحكومي منذ تفجر الانتفاضة.
في المقابل، رفض عمر سليمان نائب الرئيس المصري المطالبات برحيل الرئيس حسني مبارك، وعلق على استمرار المظاهرات في ميدان التحرير قائلا "إننا لا نستطيع أن نتحمل وقتا طويلا في هذا الوضع، ولا بد من إنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن".
وقال في هذا الصدد إن "التواجد الكبير في ميدان التحرير للمتظاهرين وبعض الفضائيات التي تهين مصر وتقلل من قيمتها تجعل المواطنين يترددون في الذهاب لأعمالهم".
وفيما يشير إلى قلق النظام من الدعوة للعصيان المدني، قائل سليمان "هذه الدعوة خطيرة جدا على المجتمع، ونحن لا نتحمل ذلك على الإطلاق ولا نريد أن نتعامل مع المجتمع المصري بأدوات الشرطة، وإنما بالحوار والموضوعية".
واتهم سليمان "جهات أجنبية" لم يسمها بتحريض الشباب، كما وقال إن التدخلات الأجنبية منها ما هو سياسي ومنها ما هو خاص ببعض العناصر التي تحاول التدخل وتوفير سلاح أو تهديد الأمن القومي في شمال سيناء. وتحدث سليمان عن عنصر آخر في الأزمة، فقال إنه يتمثل في نقص قدرات الشرطة بعد تدمير عدد كبير جدا من مقراتها.
بث مباشر - قناة الجزيرة
التعليقات