ملايين المصريين يحيون الذكرى الأولى لثورة 25 يناير

يقوم ملايين المصريين، ومنذ صباح اليوم الأربعاء، بإحياء الذكرى الأولى لانطلاق ثورة "25 يناير"، في القاهرة ومختلف محافظات مصر. وما زال آلاف المواطنين يتوافدون إلى ميدان التحرير حتى الآن، رغم اكتظاظه عن آخره بالجموع.

ملايين المصريين يحيون الذكرى الأولى لثورة 25 يناير

 

- مسلة الشهيد: كتبت عليها أسماء الشهداء ونصبت في الميدان -

يقوم ملايين المصريين منذ صباح اليوم الأربعاء، بإحياء الذكرى الأولى لانطلاق ثورة "25 يناير"، في القاهرة ومختلف محافظات مصر.

وما زال آلاف المواطنين يتوافدون إلى ميدان التحرير حتى الآن، رغم اكتظاظه عن آخره بالجموع.

وقد وقع ععد من الإصابات بالميدان نتيجة الازدحام الشديد والتدافع بالأيدي، أعلن مساعد وزير الصحة، عادل عدوي، أنها بلغت 122 إصابة.

وقد طالب المتجمهرون في التحرير بتحقيق باقي مطالب الثورة، رافعين لافتات تطالب برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن السلطة وتسليمها إلى المدنيين، ممثلين برئيس مجلس الشعب، كما رفعوا صورا للرئيس السابق حسني مبارك وعليها علامة خطأ.

غياب الشرطة والجيش

على صعيد آخر، خلت الشوارع من الشرطة أو الجيش، وحين مر المشاركون بالمسيرة بقسم شرطة الدقي القريب من نهر النيل، كانت أبوابه قد أغلقت، في تطبيق على ما يبدو لإعلان وزارة الداخلية التي قالت إنها ستتجنب الاحتكاك بالمتظاهرين، لكنها ستوفر الحماية للمنشآت العامة.

ووضعت أسلاك شائكة جديدة في شارع قصر العيني، الذي يطل عليه مقرا مجلس الشعب ومجلس الوزراء، كما شوهدت تعزيزات أمنية أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون، ومبان أخرى مهمة قريبة من ميدان التحرير.

- لم يستطع الميدان استيعاب الحشود فامتلأت الشوارع المؤدية إليه -

أبو الفتوح والبرادعي

وفي مسيرة انطلقت من جامع مصطفى محمود باتجاه ميدان التحرير، حمل مشاركون خلالها دمية لعسكري يداه ملطختان بالدماء، في إشارة إلى قتل متظاهرين من قوات الجيش.

وتحدث للمشاركين بالمسيرة، القيادي الإخواني السابق، والمرشح المحتمل للرئاسة، عبد المنعم أبو الفتوح، داعيا المشاركين إلى استكمال الثورة مهما كانت التضحيات.

كما احتشد الآلاف من أنصار المعارض السياسي، محمد البرادعي، الذي تراجع أخيرا عن الترشح لانتخابات الرئاسة، أمام مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة.

وردد المتظاهرون وهم يحيطون بالبرادعي، شعارات تنادي بتنحي العسكر عن الحكم وتسليم السلطة للمدنيين، ومن ثم توجه المتظاهرون من ساحة الجامع لميدان الجيزة.

مطالبات بالمحاكمات العادلة والتطهير وتسليم السلطة إلى المدنيين

وطالب المتظاهرون في مسيراتهم التي جابت أنجاء مصر، بتسريع محاكمات قتلة متظاهري الثورة، وبتطهير مؤسسات الدولة من الفساد ورموز النظام السابق، خاصة في القضاء ووسائل الإعلام.

وكانت مسيرات قد وصلت إلى التحرير من مختلف مناطق محافظتي القاهرة والجيزة، منذ ليل أمس، أبرزها مسيرات انطلقت من جامعتي القاهرة وعين شمس، وكذلك مسيرة من الأزهر، ردَّد المشاركون فيها هتافات تطالب المجلس العسكري بتسليم إدارة البلاد إلى سلطة مدنية، والقصاص لدماء "الشهداء"، من خلال محاكمات ثورية عاجلة، حاملين الأعلام الوطنية وبعض صور "الشهداء".

ومن الشعارات التي رفعها المتظاهرون تبين مطالبهم، وعلى رأسها الشعار الأساسي والرسمي للثورة "عيش حرية عدالة اجتماعية"، بالإضافة إلى شعارات مثل "العسكر باعوا القضية وخلاص خانوا الثورة"، و"وحياة دمك يا شهيد ثورتنا باقية ومش هتحيد، عن مطالبها وبعزم حديد "، و"القصاص القصاص..عيش حرية عدالة اجتماعية"، و"يا شهيد نام واتهنا واحنا نجيك على باب الجنة "، و"عسكر يلا يمشي هو يحمي لكن ما يحكمشي"، و"القصاص لقتلة شهدائنا الأبرار"، و"نعم لمحاكمة مبارك وأعوانه الفاسدين سياسيا"، و"ثورتنا ثورة حرية"، و"حد أدنى للأجور والمعاشات"، و"مطالبنا مش فئوية مطالبنا لكل المصريين."

هذا بينما كتب ناشطون على مبنى للشرطة العسكرية بجوار مسجد الاستقامة بالجيزة عبارات حادة مثل "وزارة الداخلية بلطجية"، و"الشعب يريد إعدام المشير"، في إشارة لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسحلة، المشير محمد حسين طنطاوي، الذي يدير شؤون البلاد.

احتفال أم استمرار للثورة: مشادات بين شباب الإخوان وشباب الثورة

وفي المقابل، رفض آلاف المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وإلى ذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة"، تسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب، مطالبين بإتاحة الفرصة أمام المجلس العسكري لاستكمال الجدول الزمني الذي أعده لتسليم السلطة، والذي ينتهي في 30 يونيو/حزيران المقبل، بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وقد سعى الإخوان وعدد من المتظاهرين إلى تحويل مظاهرات التحرير لمهرجان احتفالي من خلال إذاعة الأغاني الوطنية، وعروض للألعاب النارية، في ظل إصرار حركات ثورية يسارية وغير يسارية على أن "الثورة مستمرة"، وأن الاحتفال بها لم يئن بعد.

وقد وقعت مشادات عنيفة بين مجموعات من المتاظهرين المعروفين بـ "شباب الثورة"، وبين شباب الإخوان المسلمين، حيث اتهم عديدون جماعة الإخوان بأنهم "خانوا دماء شهداء الثورة"، وتحالفوا مع المجلس العسكري وحصلوا على الأغلبية النسبية في مجلس الشعب بسبب السعي وراء مصالحهم فقط، فكانوا بذلك المستفيدين الوحيدين من الثورة.

"أسقطوا كل من يتلاعب بإدارة الناخبين المصريين"

وقد أقيمت ثلاث منصات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وحزب الوفد، والجمعية الوطنية للتغيير.

وشهدت منصة حزب الوفد المجاورة لمنصة الجمعية للوطنية للتغيير، إلقاء كلمات من قيادات ورموز حزب الوفد، بعد أن تم إصلاحها عقب انهيار أجزاء منها نتيجة للتدافع، ووجود أعداد كبيرة من المواطنين فوقها، ومن بين تلك الشخصيات النائب الوفدي محمد عبد العليم داوود، وكيل مجلس الشعب.

وأكد داوود في كلمته على "أهمية التزام نواب الشعب بمطالب الجماهير، داعيا لاستمرار الثورة في كل محافظات مصر وليس في ميدان التحرير فقط".

وطالب وكيل مجلس الشعب، المحتشدين في الميدان: "مراقبة أداء النواب في دوائرهم الانتخابية، ومتابعة قراراتهم داخل مجلس الشعب ومحاسبتهم"، وأضاف قائلا: "إذا رأيتم محمد عبد العليم ينحرف عن مطالبكم وأهداف الثورة، فأسقطوني وأسقطوا كل من يتلاعب بإرادة الناخبين المصريين في كافة الدوائر الانتخابية في مصر".

مشهد الصلاة يعيد للأذهان مشاهد الثورة

على الصعيد نفسه، قام العشرات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحزبها "الحرية والعدالة"، المشاركين في الفعاليات، برفع آذان المغرب من على المنصة الخاصة بهم أمام مجمع التحرير، وقام المئات بأداء الصلاة، بينما قام مشاركون آخرون من بينهم مسيحيون بتأمينهم، وتبليغ نداءات إمام الصلاة في مشاهد تعيد للأذهان ما كان يحدث في الميدان خلال أيام الثورة في العام الماضي.

وقامت جماعة الاخوان المسلمين بتفكيك منصتها الرئيسية في الميدان، التزاما بما تم إعلانه من خروج الجماعة ومؤيديها من الميدان بعد غروب شمس يوم 25 يناير، واقتصار مشاركتها على نفر قليل من أعضائها، يشاركون في لجان حماية الميدان.

حواجز أمنية

وأقام عدد من المتظاهرين حواجز أمنية بمداخل ميدان التحرير للاطلاع على هويات الداخلين للميدان وتفتيشهم ذاتيا، خشية أي محاولة من جانب الخارجين على القانون الاندساس وسط المتظاهرين وحمل أسلحة نارية أو بيضاء.

وتمكّن المتظاهرون على النقاط الأمنية من ضبط 5 من الخارجين على القانون، حاولوا إدخال أسلحة بيضاء إلى الميدان، وقاموا باحتجازهم من دون تسليمهم إلى عناصر الشرطة التي لم تتواجد بالميدان منذ بدأت الاستعدادات للاحتفال بذكرى الثورة منذ نحو أسبوع.

غرق شاب في مياه النيل بعد أن حاول رفع راية مصر على أحد الجسور

وحول الإصابات التي وقعت اليوم في ميدان التحرير، نقل التليفزيون المصري عن مساعد وزير الصحة، عادل عدوي، أنها بلغت 122 إصابة، وقد قال: "تم إسعاف 93 حالة من خلال سيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة المتواجدة بالميدان، فيما نُقلت باقي الحالات إلى مستشفى المنيرة العام"، وأشار إلى أن من بين الحالات شاب غريق سقط من أعلى جسر قصر النيل، فيما كان يحاول تثبيت علم مصر فوقه.

إلى ذلك، سقطت إحدى المنصات التي أقامها المتظاهرون وسط الميدان، ما تسبب في إصابة عدد كبير بجروح.

وقد قال عدوي في وقت سابق للتلفزيون المصري: "إن الإصابات طفيفة وسطحية بفعل الازدحام الشديد".

وفي سياق متصل، تمركزت أعداد كبيرة من سيارات الإسعاف مجهّزة طبيا بمحيط ميدان التحرير، تحسبا لوقوع إصابات أو حالات اختناق، نتيجة التدافع بالأيدي والزحام.

مشادات بين ذوي الشهداء وأنصار الإخوان في الاسكندرية

وفي السياق ذاته، تظاهر مئات الآلاف بمختلف المحافظات، خاصة بمحيط مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، وبميدان "الشون" بمدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية، وبميدان الأربعين بمدينة السويس، للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.

هذا وقد شهد ميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية، مشادات كلامية بين أهالي الشهداء المعتصمين داخل حديقة الخالدين، وأعضاء حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، بسبب إصرار جماعة الإخوان على إعطاء يوم الخامس والعشرين صبغة الاحتفال بنتائج البرلمان، والتي تعد خطوة في طريق الديمقراطية، على حد تعبيرهم، بينما يطالب أهالي الشهداء بالقصاص لدماء من قتلوا واستكمال أهداف الثورة.

وانتهت المشادات إلى إقامة درع بشري من قبل لجنة النظام بالحرية والعدالة، للفصل بين متظاهري القائد إبراهيم وأهالي الشهداء.

كما بدأت أعداد من القوى والائتلافات الثورية في التجمع عند كنيسة القديسين لتنظيم مسيرة مطالبة بالقصاص واستكمال أهداف الثورة.

كما تجمعت أعداد من العمال والأحزاب اليسارية والاشتراكية بميدان الحقانية، استعدادا لمسيرة وتظاهرة تحت شعار "العدالة الاجتماعية والقصاص لأهالي الشهداء."

الأقصر

كما نظم المئات من قيادات وأعضاء التيارات الإسلامية، وأحزاب الحرية والعدالة والوسط والنور، وكذلك حزبي الأحرار والتجمع، احتفالا بالذكرى الأولى لانطلاق الثورة، في ساحة معبد الأقصر، بعد أن صلوا الظهر بمسجد أحمد النجم.

وتقاسم الإسلاميون الميدان مع شباب الثورة وحركة 6 أبريل، حيث رددوا النشيد الوطني المصري، وهتفوا بحرية مصر وكرامتها، كما رددوا الهتافات الداعمة للبرلمان وللاستقرار، والتمسك باستكمال مطالب الثورة، والتصدي للفوضى، والبعد عن التخريب، وحماية ممتلكات الشعب والوطن، كما أكدوا تمسكهم بإجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت.

وكانت الثورة المصرية اندلعت في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، وتمكَّن الثوار من خلع الرئيس السابق، وإزالة مؤسسات نظامه القمعية والحزبية عقب 18 يوما من الاحتجاجات السلمية.

وواجهت قوات الأمن المتظاهرين والثوار، ما أدى بحسب الإحصائيات الرسمية إلى مقتل 846 وإصابة نحو ثلاثة آلاف، بعضهم أصيب بعاهات مستديمة، بالإضافة إلى مقتل وإصابة المئات خلال تظاهرات واعتصامات شهدتها القاهرة ومحافظات أخرى في تظاهرات تالية.

 

التعليقات