فساد القمح المصري: عقود وهمية وقمح على ورق

خلص تقرير لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، في الفساد بقطاع القمح المصري، إلى دور حكومي في "إهدار المال العام" ببرنامج دعم الغذاء باهظ التكلفة. إليكم ما جاء بالتقرير، الذي سيعرض عذا على البرلمان المصري.

فساد القمح المصري: عقود وهمية وقمح على ورق

حقل قمح في محافظة القليوبية (رويترز)

خلص تقرير لجنة برلمانية لتقصي الحقائق، في الفساد بقطاع القمح المصري، إلى دور حكومي في "إهدار المال العام" ببرنامج دعم الغذاء باهظ التكلفة.

ويقول التقرير، الذي سيعرض في البرلمان غدا، الإثنين، إن "جهات حكومية تجاهلت مرافقها التخزينية لصالح مواقع تابعة للقطاع الخاص، تخضع لرقابة أقل، وأبرمت عقودا مع جهات وهمية وأشرفت على إصلاحات معيبة أدت إلى زيادة الإنفاق على الدعم بدلا من خفضه كما هو معلن.

ومن عقود الصوامع، إلى شهادات مسؤولي القطاع، مرورا بتحليل الميزانية، يشير تقرير تقصي الحقائق، الواقع في أكثر من 500 صفحة، إلى سوء إدارة من جانب الحكومة للدعم الهادف إلى تشجيع الزراعة وإطعام عشرات الملايين، وذلك على نحو أدى أحيانا إلى تسهيل الفساد.

وتحدث التقرير عن "خلل بيّن يصل إلى درجة التواطؤ من وزارة التموين بكافة أجهزتها المعنية بالرقابة على جميع مراحل منظومة توريد واستلام القمح".

وقال المتحدث باسم وزارة التموين، إنه استقال من منصبه ولم يعد بوسعه التعقيب على الأمر عند الاتصال به.

وتشهد مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، جدلا بشأن ما إذا كان جزء كبير من حوالي خمسة ملايين طن من القمح قالت الحكومة إنها اشترتها من محصول العام الحالي، لا يوجد إلا على الورق، بسبب قيام الموردين المحليين بتزوير الإيصالات لتقاضي مزيد من المدفوعات الحكومية.

ويقول مسؤولون بالقطاع، إن "كمية تصل إلى مليوني طن قد تكون مفقودة من الصوامع، وهو العجز الذي قد يجبر مصر على استيراد كميات كبيرة من القمح لتلبية الطلب المحلي، في وقت تواجه فيه نقصا حادا في العملة الصعبة".

وكان تقرير قد أعد مسبقا هذا العام، قد كشف كيف يشوب الفساد سلسلة توريد القمح الحكومية، من مشتريات قمح وهمية للموردين المحليين إلى اختراق البطاقات الذكية بما يسمح لأصحاب المخابز بسرقة الدقيق، مما كلف الدولة مئات الملايين من الدولارات سنويا.

>> التراخي في الإشراف

يلقي التقرير البرلماني الضوء على الدور المباشر لأجهزة حكومية عديدة في الممارسات الفاسدة، وبخاصة عن طريق ترسية العقود على موردي القطاع الخاص، الذين خضعت مرافق التخزين التابعة لهم لإشراف ضعيف، بينما ظلت المواقع الحكومية دون استخدام.

وقال التقرير، إن الشركة القابضة للصوامع والتخزين التابعة لوزارة التموين، قد خزنت أكثر من مليون طن في مخازن القطاع الخاص الخاضعة لإشراف أقل هذا الموسم، بينما لم تستغل 700 ألف طن من طاقتها التخزينية، في مخالفة صريحة للوائح التي تعطي الأولوية للمساحات الحكومية.

وأوضح أن الشركة لم تستخدم سوى 29.7% من الطاقة الاستيعابية لصوامعها.

وقال "رغم ذلك قامت الشركة بالتعاقد مع شركات القطاع الخاص بتأجير 16 صومعة و35 شونة بإجمالي ما تم تخزينه 1.147 مليون طن، وعدم استغلال السعات التخزينية الكاملة والمملوكة للشركة أدى إلى تحمل الشركة لخسائر كبيرة نتيجة لإهدار تلك السعات، إضافة إلى تحملها تكاليف الإيجار من القطاع الخاص".

وشكك التقرير أيضا في صحة كثير من العقود المبرمة مع مواقع التخزين التابعة للقطاع الخاص.

وقال إن الشركات الحكومية تعاقدت مع "بعض أماكن التخزين التي سبق اتخاذ إجراءات قانونية ضدها، والتي قام المالك بتعديل اسمها التجاري"، ومع أخرى "ثبت عدم وجود سجل تجاري أو بطاقة ضريبية لها، ما يجعل التعاقد قد تم مع كيان وهمي".

وكان وزير التموين خالد حنفي، قدم استقالته الأسبوع الماضي وسط انتقادات متصاعدة لإدارته لمنظومة الدعم، ويعد خروجه أكبر تداعيات فضيحة القمح حتى الآن.

وسبق أن قال حنفي مرارا، إن "إصلاحات منظومة الخبز التي استحدثت تحت إشرافه في 2014 قد وفرت على مصر الأموال والسلع الاستراتيجية، في زعم يقوضه التقرير".

ولم يكن الوزير السابق متاحا على الفور للتعليق على تقرير البرلمان عندما تم الاتصال به، للرد على ما جاء في التقرير.

>> حجم الانفاقات الحكومية على الخبز

وقال التقرير، نقلا عن وثائق لوزارة المالية، إن "الإنفاق الحكومي على دعم الخبز زاد 3.91 مليار جنيه مصري، بما يعادل 15.9% في السنة المالية 2014-2015 و1.89 مليار جنيه، أو 6.6% في 2015-2016.

اقرأ/ي أيضًا | مصر: تسلسل زمني لـ"فضيحة فساد القمح"

وقال "الدعم زاد ولم ينخفض نتيجة منظومة الخبز، كما تدعي وزارة التموين بشكل مستمر".

التعليقات