​نشطاء يصفون معاناتهم بعد منعهم مغادرة مصر

تقول المنظمات الحقوقية إن 217 شخصا منعوا من مغادرة البلاد في الفترة من حزيران/ يونيو 2014 إلى أيلول/ سبتمبر 2016 بينهم 115 من منتقدي الحكومة.

​نشطاء يصفون معاناتهم بعد منعهم مغادرة مصر

شاب مصري يجر رزقه في الشوارع (أ.ف.ب)

كانت عزة سليمان تستعد لركوب الطائرة لحضور مؤتمر في الأردن عندما منعها مسؤولون أمنيون في مطار القاهرة قائلين إن قاضي تحقيق أمر بمنعها من السفر.

وكانت عزة، وهي محامية حقوقية مخضرمة، من بين ستة على الأقل من النشطاء والمحامين والصحافيين منعوا من مغادرة مصر في غضون أسبوع.

وتقول المنظمات الحقوقية إن 217 شخصا منعوا من مغادرة البلاد في الفترة من حزيران/ يونيو 2014 إلى أيلول/ سبتمبر 2016 بينهم 115 من منتقدي الحكومة.

وتقول المنظمات إن القيود جزء من تحرك أوسع لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإسكات المعارضين ومحو الحريات التي اكتسبها المصريون في انتفاضة 2011 التي أنهت حكم الرئيس حسني مبارك بعد 30 عاما في السلطة.

وقالت عزة إنها اكتشفت بعد منعها من السفر يوم 19 تشرين الثاني أن أرصدتها الشخصية وأرصدة المنظمة غير الحكومية التي ترأسها جمدت على الرغم من أنها لم تكن على علم بأي دعوى قضائية مرفوعة عليها.

وقالت "دي دولة بتدوس على القانون وبتدوس على الدستور. أنا حاسة إني أخذت مقص حرامية"، في إشارة إلى أنها أخذت على غرة بقرار المنع من السفر.

وأضافت "أنا ما شفتش أي ورقة لغاية دلوقت بتقول انه أنا ممنوعة من السفر أو إن فيه قرار بالتحفظ على أموالي".

وبعد أربعة أيام، في 23 تشرين الثاني تحديدا، منع المسؤولون ناشطة مخضرمة تدير مركزا لتأهيل ضحايا التعذيب ومذيعا بث تقريرا ينتقد الحكومة في برنامجه التلفزيوني من السفر. ومنع صحفي آخر من السفر يوم 24 تشرين الثاني، ومنعت ناشطة بارزة في مجال حقوق النساء من السفر يوم 25 تشرين الثاني.

وأثار هذا الكم غير المعتاد من قرارات المنع من السفر انتقاد مايكل فورست، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الذي قال إن هذا الإجراء جزء من مسعى لإسكات المنتقدين.

وقال فورست في بيان "القيود التي فرضت على... حرية التنقل صارت للأسف شيئا معتادا في نطاق ما يعتبر حملة أوسع على المجتمع المدني المصري استمرت منذ 2011".

وقال مسؤول في إدارة الإعلام والعلاقات العامة بوزارة الداخلية إن الشرطة لا تمنع من السفر إلا من يصدر بشأنه قرار من قاضي تحقيق أو النيابة العامة.

وأضاف المسؤول "ليس اختصاص الضابط الذي يقف في المطار أن يبلغ الشخص (الممنوع من السفر) بالسبب".

وردد مسؤولو الأمن في المطار نفس القول لكنهم قالوا إن الضباط المختصين بفحص جوازات السفر يتصلون بجهاز أمني أو جهاز مخابرات عندما يتقدم النشطاء البارزون للسفر وفي بعض الأحيان تصدر تعليمات بمنع السفر.

وتنفي وزارة الداخلية أن تكون هناك حملة حكومية على المعارضين.

لكن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان يخضع لمزيد من التدقيق بما في ذلك من الولايات المتحدة الحليف المقرب للقاهرة.

وأشار تقرير وزارة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان لعام 2015 الذي صدر في نيسان/ أبريل القيود على الحريات الأكاديمية وعلى المجتمع المدني كما أشار إلى الحصانة من العقاب التي يتمتع بها بعض رجال الأمن الذين يمارسون التعذيب وربما القتل.

وفي آذار/ مارس قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إنه يشعر بقلق عميق إزاء تدهور حقوق الإنسان في مصر ومن ذلك القرار الخاص بإعادة فتح التحقيق في قضية المنظمات الحقوقية القائمة بتوثق الانتهاكات.

وقال رئيس مجلس النواب الأميركي، بول ريان، في نيسان/ أبريل إن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان يجعل دعم القاهرة صعبا على نحو متزايد. لكن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أبدى في الشهر الماضي إعجابه بالسيسي ووصفه بأنه "رجل رائع".

وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية في بيان مشترك في تشرين الثاني السلطات في مصر بالتوقف عن منع المدافعين عن حقوق الإنسان من السفر.

وقال نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، جو ستورك، إن "السلطات المصرية تريد قطع الصلة بين حركة حقوق الإنسان المصرية والعالم الخارجي". وقالت منظمة العفو الدولية إن السلطات المصرية تستخدم المنع من السفر في تخويف المدافعين عن حقوق الإنسان وعرقلة عملهم.

سجن كبير

كان محمد زارع في طريقه لحضور ورشة عمل في تونس في أيار/ مايو عندما أعادوه من المطار. ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الذي يعمل فيه من بين عدة جمعيات حقوقية يجري التحقيق معها في القضية التي فتحت في 2011 بتهمة تلقي أموال من الخارج لنشر الفوضى.

لكن زارع لم توجه له اتهامات رسميا ولم يبلغ مسبقا بالمنع من السفر ولم يحصل على تفسير للإجراء المتخذ ضده.

وقال مشيرا إلى رواية فرانز كافكا (المحاكمة) التي يحاكم فيها بطل الرواية في ملابسات غامضة "الموضوع كافكاوي للغاية. أنا مش عارف أنا ممنوع ليه. مش عارف مين منعني ومش عارف حتى أجيب ورقة بتقول دا منين".

وأضاف "البلد كلها سجن كبير ومش عارف حتى مدتي (في السجن) قد إيه".

ومنذ الانقلاب العسكري في 2013 وتولي السيسي الرئاسة، قتل آلاف وسجن آلاف آخرون. لكن الملاحقة الأمنية اتسعت لتشمل نشطاء علمانيين عارضوا الإخوان لكنهم تعلقوا بآمال التغيير السياسي.

وفي تشرين الثاني وافق مجلس النواب على قانون للجمعيات الأهلية تقول المنظمات الحقوقية إنه يوقف نشاطها فعليا كما يجعل من الصعب على الجمعيات الخيرية وجمعيات التنمية أيضا القيام بعملها.

ويوجب القانون حبس العاملين في المنظمات غير الحكومية إذا تعاونوا مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة دون إذن مسبق من السلطات.

ويقول محامون حقوقيون وعاملون في المنظمات غير الحكومية إنهم يخشون الآن تخويفهم بالمنع من السفر سواء خالفوا القانون أو لم يخالفوه.

وقال مالك عدلي، وهو محام حقوقي منع من السفر في وقت سابق من تشرين الثاني، إنه لم يتلق تفسيرا لقرار منعه من مغادرة البلاد.

وأضاف عدلي أنه يعتقد أنه مستهدف لمعارضته للسيسي. وتابع "أنا ما شفتش وما استلمتش أي ورقة بتقول إن أنا ممنوع من السفر".

وعدلي هو أحد أعضاء فريق من المحامين يحاول أمام المحاكم إبطال اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية نقلت إلى المملكة تبعية جزيرتي تيران وصنافير.

التعليقات