توقّع تقرير رسمي مصريّ، أعدته أجهزة الدولة الأمنية والطبية، لغرض عرضه على لجنة إدارة أزمة وباء كورونا، أن يبلغ عدد الإصابات ذروته خلال الأسبوع الثالث من شهر أيار/ مايو المقبل، فيما مُنِعَت احتفالات "شم النسيم" لأول مرة، كما سُجّلت 11 وفاة جديدة و189 إصابة بكورونا، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة المصرية، اليوم الإثنين.
ووفق التّقرير، فإن الذروة ستوافق نهاية شهر رمضان وحلول عيد الفطر، فيما شمل التقرير مؤشرات سلبية بدأت في الظهور بعد خطاب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي في 7 نيسان/ إبريل الحالي، والذي قال فيه إن "خسائر التوقف الاقتصادي أكبر من خسائر إصابات كورونا"، ثم بعد قرار الحكومة في اليوم التالي تقليص فترة حظر التجول لمدة ساعة، مع استمرار وقف التعليم والطيران وأماكن التجمّع والترفيه.
وأجرى التقرير مقارنةً بين وضعية ترصّد الوباء في مصر والنسب المكتشفة في عدد من دول العالم، ليتّضح تغيُّر معدل اكتشاف الحالات الموجبة بالنسبة لعدد من يتم التحليل لهم، ليصبح حالة واحدة من كل 14 حالة، بعد أن كان 1/17 في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، وهو معدل يُعادل نصف المسجل في إيطاليا التي تُعدّ ضمن أكثر دول العالم تأثّرًا بالوباء.
ورغم أن عدد التحاليل التي أُجريت في مصر، ارتفعت من 25 ألفا إلى 43 ألفا تقريبا خلال الأسبوع الماضي، إلا أن هذا الرقم ما يزال ضئيلا، ولا سيّما أن معدله العام أقل من 900 تحليلٍ في اليوم.
وازدادت نسبة الوفيات من إجمالي الإصابات في البلاد، إذ بلغت 7.3% وهي نسبة مرتفعة تزيد نحو 1.3% عن المتوسط العالمي، فيما علّلت وزارة الصحة ذلك، بسبب وصول نسبة كبيرة من الحالات إلى المستشفيات في مرحلة متأخرة وعدم القدرة على منحها العلاج المناسب كي تُشفى من الفيروس.
ورغم اقتراب رمضان وعيد الفطر، إلا أنه لم يتم الاتفاق بعد على كيفية التعامل مع هذه المناسبات في ما يتعلق بالحظر والتباعد الاجتماعي، في ظل إرادة النظام الحاكم، استمرار الأنشطة الإنتاجية والاقتصادية، حتى لو كانت على حساب صحة المواطنين، كما أن التقرير لم يتحدث صراحة عن رمضان والفطر، بل وصف ما ترتب عليهما من آثار يمكن أن تؤدي إلى تخفيف القيود على الحركة في البلاد.
وازداد عدد المصابين المسجلين في الشرائح العمرية التي ينتمي إليها معظم العمال، والذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عاما، بنسبة 30% عن العدد المسجل فيها سابقا، بعد أيام من إعادة تشغيل كل المصانع الصغيرة والمتوسطة في ضواحي القاهرة الكبرى تحديدا، وزيادة نسب التشغيل في مشاريع المقاولات والإنشاءات.
وارتفعت أعداد الإصابات في المحافظات ذات الأنشطة الإنتاجية والمجمّعات الصناعية كالجيزة ودمياط والشرقية والإسماعيلية وبورسعيد، إلا أن توافُد المصريين على أماكن التجمّع والترفيه، قد تراجع ليصل حاليا إلى 25%، بعدما كان 50% من المعدل الطبيعي مع بداية الأزمة وعقب قرارات حظر التجول الجزئي ووضع قيود على الحركة بالبلاد.
وقلّ توافُد المصريين على أسواق الخضروات والفاكهة ومحال البقالة إلى أدنى مستوياته وهو 10% فقط، بعدما كان 15% منذ 10 أيام، فيما أصبح معدل التراجع في استخدام وسائل النقل 25% فقط، أي أقل من نصف المعدل الذي تم تسجيله مع بداية تطبيق الحظر، وهو 55% وأقل بنحو 10% مما تم تسجيله مع بداية تخفيف قيود الحركة في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري.
وساهمت عودة تحرُّك العمال بتكثيف الحركة على الطرق الداخلية، وبين المحافظات، مع استمرار رصد كثافة عالية للغاية داخل القاهرة الكبرى، التي لا تبدو نسبة تسجيل الإصابات فيها متماشية مع عدد السكان الضخم، إذا ما قورنت بمحافظات أخرى كدمياط، وبورسعيد، والإسكندرية.
وسجّل المعدّل الخاص بالتوافد إلى أماكن الترفيه المفتوحة مثل الحدائق، والمنتزهات، وشاطئ النيل، وشواطئ البحر، انخفاضا أكبر، إذ زاد من 40% إلى 65%، نتيجة لقرار إغلاق جميع الشواطئ بما في ذلك الخاصة بالقرى السياحية في الساحل الشمالي، ومطروح، والإسكندرية، ورأس البر، وبورسعيد، والعين السخنة، والغردقة، وشرم الشيخ، والتي زاد الإقبالُ عليها، بسبب تعطيل الدراسة، وعمل الكثيرين من منازلهم، تخوّفا من الفيروس.
وبحسب "العربي الجديد" فإنه "يمكن ربط نسبة الانخفاض هذه في ارتياد أماكن الترفيه المفتوحة بنسبة زيادة الإقبال المذكورة سلفا، والخاصة بأماكن التجمع والترفيه المغلقة، لا سيما المتاجر التجارية، فالنسبة بلغت 15 في المائة، مما يعطي مؤشرا على ثبات كتلة المواطنين المقبلين على التجمع تقريبا، بالتالي فما نجحت الدولة في منعه بالمنتزهات المفتوحة خسرته في أماكن التجمع المغلقة، لا سيما مع إعادة تشغيل أكبر عدد ممكن من المراكز التجارية بشرق القاهرة أخيرا وبطاقتها القصوى طيلة ساعات النهار".
وتوقّع التقرير أن تصل الأعداد المكتشفة يوميا إلى 200 إصابة في المتوسط خلال الأسبوعين المقبلين، في حال استمرت معايير إجراء التحاليل بالصعوبة الحالية، مما سيسهم بالتأكيد في انخفاض أعداد الحالات المكتشفة عن الواقع، فمن المنطقي أن تزيد الإصابات على 400 حالة يوميا بحلول الأسبوع الثالث من أيار/ مايو.
وذكر التقرير أن معدلات استكشاف الإصابات، وتحديد بؤر انتشار العدوى، ضئيلة، نتيجة ضعف أدوات الترصد الوبائي المتمثلة في التحليل الواسع لمخالطي الإصابات عشوائيا، أو بصورة شاملة، وعدم السماح لجميع المخالطين بدخول المستشفيات، إلا بشرط أن تظهر عليهم أعراض الإصابة بالفيروس.
واعتبر التقرير أن السبب الرئيسيّ في أن معدلات استكشاف الإصابات ما تزال ضئيلة نسبيًا، هو تخوف المواطنين من الإبلاغ عن أنفسهم وغيرهم من أفراد الأسرة بأعراض كورونا، خوفا من الوصمة المجتمعية ومن عدم إقامة جنازة للمتوفين.
وذكرت مصادر، لم يُورد "العربي الجديد" اسمها، أن المعضلة الحقيقية التي تواجه الدولة الآن تتمحور حول استحالة تحقيق التوازن بين متطلبات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، التي تحدث ممثلها في مصر يوم الإثنين الماضي داعيا الدولة للمرة الأولى، بما يحمل نقدا مبطنا، إلى الحدّ من تحرك المواطنين وتوسيع إجراءات الفحوص، وبين متطلبات مجتمع المستثمرين الذين تحاول الحكومة من خلال قرارات لوزارتَي السياحة والتجارة منعهم من تقليص العمالة.
وكانت مصادر حكومية قد كشفت عن ظهور آراء داخل لجنة إدارة أزمة وباء كورونا، ينتمي أصحابها لأجهزة سيادية وجهات اقتصادية نافذة، تقترح إلغاء حظر التجول بشكل عام خلال شهر رمضان، الذي سيبدأ مباشرة بعد انتهاء فترة الحظر الجزئي السارية حاليا، في 23 نيسان/ إبريل الجاري، فيما حذّرت التقارير الأخيرة من وزارة الصحة، من عواقب استمرار وضع الحظر الهش القائم حاليا.
وجاء تحذير وزارة الصحة بعد رصد فرق الترصد التابعة للإدارات الصحية العديد من الخروقات في تنفيذ قرارات الحكومة، مثل عودة تشغيل نسبة كبيرة من المطاعم خلال فترات السماح بالتجول، وغيرها من الخروقات.
على صلة، خلت منتزهات وحدائق وشواطىء البلاد، اليوم، من المواطنين في يوم يصادف الاحتفال بعيد "شم النسيم"، وهو مشهد استثنائي لم تعهده البلاد من قبل، بخسب ما أفاددت وكالة "الأناضول" للأنباء.
ونقلت وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة "الأهرام" المملوكة للدولة، صورًا ومقاطع مصورة لأشهر الشواطئ والحدائق خالية من المحتفلين بعيد "شم النسيم" في العاصمة القاهرة وعدة محافظات ساحلية.
ونشرت وزارة السياحة والآثار المصرية، عبر حسابها بموقع "فيسبوك"، فيديو لجولة افتراضية لمتحف حديقة الحيوان بالجيزة، غربي القاهرة، والتي تعد أكبر حدائق الحيوان بمصر وكانت تستقبل وحدها نحو 120 ألف زائر في عيد "شم النسيم" سنويا.
ووفق بيان لمجلس الوزراء المصري، فقد أجرى وزير التنمية المحلية، محمود شعراوي، اتصالات بجميع المحافظين، للتأكيد على منع أي تجمعات وإغلاق كامل للشواطئ والحدائق والمنتزهات والمراكز التجارية.
ونقلت "الأناضول" عن شهود عيان في الإسكندرية، والإسماعيلية، في تصريحات منفصلة، دون أن تُسمّهم، القول، إن السلطات المحلية غمرت الحدائق والمنتزهات العامة بالمياه، وأغلقت جميع الطرق المؤدية إليها.
وأوضح شهود العيان أن دوريات أمنية من قوات الشرطة المدنية والعسكرية تراقب بانتظام خلو الشواطئ والميادين الرئيسية من المواطنين، لفض أي تجمعات للاحتفال بالعيد.
ووفق المصادر نفسها، كانت محافظة الإسكندرية تستقبل نحو مليوني زائر، فيما كانت الإسماعيلية تستقبل أكثر من 500 ألف زائر خلال الاحتفال بعيد "شم النسيم".
وعادة ما يحتفل المصريون بعيد "شم النسيم" في المنتزهات والشواطئ والميادين العامة، التي كانت تشهد كثافة استثنائية غير مسبوقة.
وللمرة الأولى بمصر التي يتجاوز سكانها عتبة الـ100 مليون نسمة، تخلو المنتزهات والشواطئ والشوارع من المظاهر الاحتفالية بهذا العيد، والتي يتصدرها تناول أنواع مختلفة من الأسماك المملحة (الفسيخ).
تسيير 11 رحلة لعودة العالقين بالخارج
وفي سياق ذي صلة، أعلنت السلطات المصرية، اليوم الإثنين، تسيير 11 رحلة لعودة مواطنيها العالقين في 12 مدينة عربية وغربية.
وأفادت صحيفة أخبار اليوم المملوكة للحكومة، عبر بوابتها الإلكترونية، اليوم بأن "وزارة الطيران المدني بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والهجرة قررت تسيير 11 رحلة استثنائية الخميس لعودة العالقين المصريين بالخارج".
وأوضحت أن القرار يأتي "في ظل فرض العديد من الدول قيودا على الحركة الجوية، لاحتواء انتشار فيروس كورونا".
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة لم تسمها أنه "من المقرر أن تسيير الشركة الوطنية مصر للطيران 7 رحلات يوم الخميس إلى 7 مدن مختلفة وهي واشنطن والدار البيضاء وأمستردام وموسكو والمنامة وبومباي وجوانزو".
وأضافت: "بينما تسير شركة إيرو كايرو وهي إحدى شركات الطيران التابعة لوزارة الطيران المدني 4 رحلات إلى فرانكفورت، والمالديف والجزائر وبرشلونة".
وقررت القاهرة هبوط جميع الرحلات العائدة في مطار مرسى علم، لخضوع ركابها لإجراءات الحجر الصحي لمدة 14 يوما بأحد الفنادق.
وفي 14 نيسان/ أبريل الجاري، قالت وزيرة الهجرة نبيلة مكرم، في تصريحات أن عدد مواطنيها العالقين بالخارج يصل لنحو 3378، مشيرة إلى أن الوزارة تعيد الآن العالقين ممن ليس لديهم إقامة دائمة، على أن تكون المرحلة الثانية للمقيمين في الخارج، دون ذكر أعدادهم.
والسبت، وجه اجتماع رئاسي بمواصلة جهود إرجاع المواطنين العالقين، بعد أيام قليلة من تداول منصات لاستغاثات مصريين مقيمين بالسعودية والكويت يريدون العودة للوطن.
وفي 14 شباط/ فبراير الماضي، أعلنت مصر عن أول إصابة بالفيروس، كما اتخذت إجراءات احترازية للحد من انتشاره، كتعليق الدراسة، ومنع الصلوات وصلاة الجماعة في المساجد، وفرض حظر تجوال جزئي.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد اتهمت في تقرير أصدرته الثلاثاء الماضي، دولا بينها مصر، بـ"استغلال" انتشار فيروس كورونا لارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، والتضييق على الحريات.
وتضمن التقرير قائمة حكومات نحو 40 بلدا حول العالم، بينها مصر، ممن تسعى إلى احتواء تداعيات انتشار الفيروس مع احترام حقوق الإنسان في الوقت ذاته، مع رصد الممارسات والتدابير الطيبة والسيئة من قبل تلك الحكومات لمواجهة الوباء.
وأظهر التقرير أن المسؤولين الحكوميين في مصر، كانوا من بين "أكثر المسؤولين في دول العالم إنكارا بشأن تقديم معلومات دقيقة حول تفشي الفيروس".
وحتى عصر الإثنين، تجاوز عدد المصابين بالفيروس، مليونين و437 ألفًا في العالم، توفي منهم ما يزيد عن 167 ألفًا، فيما تعافى أكثر من 638 ألفًا، وفق موقع "worldometer" المختص برصد ضحايا الفيروس.
اقرأ/ي أيضًا | إقالة متحدث وزير الأوقاف المصري إثر تصريحات عن تراويح رمضان
اقرأ/ي أيضًا | كورونا مصر: اقتراح تفعيل قانون الطوارئ في احتفالات شم النسيم
التعليقات