اكدت مصادر مطلعة، مساء أمس الاثنين، قيام جهاز الشاباك الاسرائيلي باتباع اساليب مخجلة ومنحطة لتأليب الرأي العام الاسرائيلي ضد اسير الذرة مردخاي فعنونو، المنتظر اطلاق سراحه، غدا الاربعاء، بعد ان امضى محكوميته في السجن، لمدة 18 عاما، بتهمة تسريب معلومات حول القوة النووية لاسرائيل.
واشار مراسل القناة الاولى في التلفزيون الاسرائيلي، في اطار استعراضه لبعض ما جاء في الشريط المسجل لمحادثة جرت بين مسؤول في جهاز الشاباك ومردخاي فعنونو، في السجن، وتم تسليمها الى وسائل الاعلام لبثها، اليوم، الى قيام جهاز الشاباك باجراء عملية تحرير منهجية للشريط، استهدفت تأليب الرأي العام ضد فعنونو، حيث تم بث عبارات بعضها مقتضب وتم تشويهها كي لا يسمع صوت فعنونو جيدا، وبعضها اعيدت صياغته عبر الصاق عبارات لا تمت الى بعضها بصلة، ما ادى بالتالي الى اظهار فعنونو على صورة المسخ المعادي لاسرائيل وللشعب اليهودي، وهي الصورة التي يتعمد جهاز الشاباك اظهاره عليها عشية اطلاق سراحه.
ومع نشر تفاصيل الشريط المزيف، في الصحف الاسرائيلية،أمس، بدأ يتضح تأثير هذا التزييف في الشارع الاسرائيلي، حيث قامت مجموعة من اوباش المتطرفين اليوم، باعتراض الوالدين المتبنيين لفعنونو، نيك وماري اولوف، والصحفي البريطاني بيتر هونام، لدى حضورهم لزيارة فعنونو في السجن، وشتموهم واسمعوهم كلمات نابية.
يشار الى ان هونام هو الصحفي الذي تعاون مع فعنونو قبل 18 عاما، على كشف اسرار المفاعل النووي الاسرائيلي في صحيفة "ساندي تايمز" اللندنية.
الى ذلك، علم ان فعنونو اختار الاقامة في مدينة يافا، قرب تل ابيب، في وقت اصدر فيه وزير الداخلية، ابراهام بوراز، اليوم، امرا يمنعه فيه من مغادرة البلاد، لمدة عام، اضافة الى فرض العديد من القيود عليه.
وكان ديوان رئيس حكومة اسرائيل، اريئيل شارون، قد اصدر، صباح اليوم، تعليمات جرى تعميمها على الوزراء في الحكومة الاسرائيلية تقضي بعدم التحدث الى وسائل الاعلام في موضوع الاسير مردخاي فعنونو.
وتم استثناء وزير القضاء الاسرائيلي، تومي لبيد، الذي قالت مصادر ديوان شارون بانه الوحيد المخول بالحديث في الموضوع عن حكومة اسرائيل.
وأكد فعنونو، في المقابلة التي تم بثها ليلة أمس، والتي اجراها معه مندوب "الشاباك" ومسؤول امني اخر، ان قيامه بالكشف عن القدرة النووية لاسرائيل ليس خيانة او عمل جاسوسي. واضاف ان "ما فعلته كان من اجل اعلام العالم بالموضوع خلافا لسياسة اسرائيل" حيال التكتم على قدرتها النووية.
وسيتعرض فعنونو بعد الافراج عنه لاجراءات تقيد حرية تحركاته اضافة الى منعه من السفر الى خارج اسرائيل. ونقلت تقارير صحفية قوله خلال "المقابلة" التي اجراها معه مندوب "الشاباك"، ان "لا حاجة الى دولة يهودية، بل يتوجب قيام دولة فلسطينية يسمح لليهود بالعيش فيها". واحتج فعنونو ايضا على ان العالم لم يفعل شيئا تجاه اسرائيل على اثر كشفه عن قدراتها النووية. وقال انه "بالرغم من كل ما تم نشره الا ان احدا لم يتوجه الى اسرائيل... ومثلما تم تدمير المفاعل النووي في العراق، اريد ان يدمروا المفاعل في اسرائيل".
وقال فعنونو، ايضا، ان المعلومات التي بحوزته حول المفاعل النووي الاسرائيلي لم تعد ذات علاقة، "فانا اقبع في السجن منذ 20 عاما وقد تغير كل شيء. ولا شك ان كل شيء قد نشر فالعلم تطور والتكنولوجيا تطورت بخطوات كبيرة للغاية. ويبدو لي ان ما شاهدته اصبح قديما. ولا اعتقد ان الامريكيين او الاوروبيين بحاجة الى المعلومات التي بحوزتي. انهم لا يحتاجون الى فعنونو ليخبرهم. واذا كانوا يريدون الحصول على معلومات فان بامكانهم الحصول عليها".
ويشار الى ان جهاز الامن الاسرائيلي سيعمل على مراقبة فعنونو بعد اطلاق سراحه، كما تتأهب الاجهزة الامنية لحملة اعلامية واسعة النطاق بالتزامن مع الافراج عنه. وتأتي هذه الخطوات الاسرائيلية "لمواجهة" الاحتفالات التي ستقام بمناسبة الافراج عن فعنونو حيث ستحضر الى اسرائيل مجموعة كبيرة من النشطاء في مجال حقوق الانسان واعضاء في البرلمان الاوروبي وغيره.
واعرب فعنونو عن شكوكه حيال قدرة اسرائيل بمنعه من التحدث عن ارائه السياسية وخصوصا ما يتعلق بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وقال انه "سيكون لدي جهاز حاسوب وانترنيت ولا يمكنكم فعل شيء ضدي".
ويسعى فعنونو من خلال محاميه الى الغاء القيود المفروضة عليه، بينها منعه من السفر الى خارج البلاد ومنعه من الاقتراب الى مناطق تتواجد فيها السفارات الاجنبية في تل ابيب والتحدث عن الفترة التي عمل فيها في المفاعل النووي الاسرائيلي في ديمونا.
غدا، الأربعاء، يطلق سراح أسير الضمير، مردخاي فعنونو، بعد أن أمضى 18 عاما في السجون الإسرائيلية بسبب كشفه عن إسرار الذرة والمفاعل النووي في ديمونا. وسوف يسلم فور الافراج عنه رسالة تحذير اضافة الى سلسلة من القيود التي تحدد حريته وتحركاته.
وسوف يقوم المئات من مؤيدي فعنونو، اليوم الثلاثاء، بالتظاهر تضامنا معه، أمام سجن "شيكما" في عسقلان. وسوف يشارك في هذه التظاهرة نحو مائة شخص أجنبي قدموا خصيصا للتضامن مع فعنونو.
ويحظى الافراج عن فعنونو باهتمام عالمي، أما في إسرائيل فان مؤامرة الصمت ما زالت تلف إسرار الذرة وما تمتلكه إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل. فحتى الان بقى النقاش الجماهيري العام في إسرائيل حول هذه الأسلحة خاملا، باستثناء بعض الهوامش التي لا تصل الى مسامع الجمهور. وتحاول إسرائيل، بالتواطئ مع أجهزة الاعلام الإسرائيلية، التستر عن هذه الأسلحة، وفرض حالة من التعتيم عليها.
وما القيود المفروضة على فعنونو الا محاولة لفرض الصمت على الجمهور ومنعه من اجراء نقاش حول مخاطر ما تمتلكه إسرائيل من أسلحة دمار، وخطورتها على المواطنين أنفسهم.
التعليقات