أولمرت يسعى للخروج من «مؤتمر الخريف» بسلامة ائتلافه لا بعملية سلام ترفضها حكومته..

-

أولمرت يسعى للخروج من «مؤتمر الخريف» بسلامة ائتلافه لا بعملية سلام ترفضها حكومته..
يهمس المحيطون برئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود اولمرت أن باستطاعته «تنفس الصعداء» في أعقاب ما حققه خلال اجتماعه السادس، (الأربعاء)، مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) و «إقناعه» بالتخلي عن «اتفاق الإطار»، الذي طالب عباس بإنجازه قبل «مؤتمر الخريف» في أنابوليس الشهر المقبل، وبالتخلي عن مطلب وضع «وثيقة واضحة ومحددة» تتطرق إلى قضايا الحل النهائي «ضمن إطار زمني محدد» (في غضون ستة شهور).

ويرى هؤلاء في اتفاق المسؤولين على أن يكون «الإعلان المشترك»، الذي سيعمل على صوغه فريقا العمل الفلسطيني والإسرائيلي، عمومياً يتجنب العثرات وأن تبدأ مفاوضات الحل الدائم بعد المؤتمر من دون تحديد سقف زمني لإنهائها، «انتصاراً» لاولمرت يحفظ له ائتلافه الحكومي الذي يعارض معظم أركانه أي التزام إسرائيلي مسبق بطرق القضايا الشائكة ويقبلون في أقصى الحدود حديثاً فضفاضاً غير ملزم عن إقامة دولة فلسطينية بشروط «خريطة الطريق» الدولية كما يحلو لإسرائيل تفسيرها ورسالة «الضمانات الأميركية».

ويرى مراقبون أن مهمة اولمرت في «تجاوز» اللغم، أو «وجع الرأس»، المتمثل في المؤتمر الدولي في أنابوليس والخروج منه بسلامة (ائتلافه) لا بعملية سلام حقيقية، ستتكلل بالنجاح في أعقاب الاتفاق مع عباس بشأن «الوثيقة العامة» وإرجاء المفاوضات الحقيقية إلى ما بعد المؤتمر.

وإلى أن يحين موعد المؤتمر، ثم انطلاق المفاوضات، تنتظر رئيس الحكومة الإسرائيلية مهمة لا تقل صعوبة عن «عملية السلام» تتمثل في إنقاذ نفسه من شبهات الفساد التي تحوم فوق رأسه منذ سنوات والتي ستباشر الشرطة الإسرائيلية التحقيق معه بشأنها «تحت التحذير القضائي» في قضيتين في هذه المرحلة، بانتظار بت المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية في قضيتي فساد أخريين يشتبه أن رئيس الحكومة تورط فيهما.

وكان المستشار أعلن قبل أسبوعين أن الشرطة ستباشر التحقيق مع اولمرت غداة انتهاء موسم الأعياد اليهودية التي اختتمت أمس بعيد «فرحة التوراة».

وكالعادة تتباين توقعات المراقبين عما ستؤول إليه تحقيقات الشرطة والتوصيات التي سيخرج بها المستشار القضائي في أعقابها إلى جهة تقديم لائحة اتهام أو أكثر من عدمه.

وبينما يتوقع بعض المعلقين أن تحمل التحقيقات في طياتها إدانة شعبية لرئيس الحكومة، حتى قبل استيضاح خطورتها قضائياً، قد تضطره إلى الاستقالة، يرى آخرون أن اولمرت الذي نجح في تجاوز صدمة فشل الحرب على لبنان وأفلت من سيف تقرير «لجنة فينوغراد» في شأن مسؤوليته عن الفشل، وتخطى كما يبدو «انفجار» ائتلافه على خلفية المفاوضات مع الفلسطينيين، سيعرف هذه المرة أيضاً كيف يزيح سيف الفساد عن رقبته.

وثمة من يعتقد أن غياب معارضة برلمانية قوية قادرة على إسقاط اولمرت عن الحكم يلعب في مصلحة الأخير الذي يعتبره المراقبون مناوراً سياسياً من الدرجة الأولى مشيرين إلى نجاحه في إخماد ما بدا تمرداً ضده في أوساط حزبه «كاديما» ثم استمالته أكثر الدعاة لتنحّيه (داخل «كاديما» أو القطب البارز في حزب «العمل» عامي أيالون) إلى جانبه.

ومع ذلك وعلى رغم أن أوساط اولمرت تنفي أن تكون ثمة علاقة بين تحقيق الشرطة مع رئيس الحكومة وبين إصراره على إفراغ مؤتمر أنابوليس من مضمون حقيقي لتفادي اتهام اليمين له بأنه يريد من الحراك السياسي صرف الأنظار عن تورطه في الفساد، إلا أن معلقين يرون جيداً وجود مثل هذه العلاقة ويستذكرون مثلها عندما لجأ رئيس الحكومة السابق أرييل شارون إلى «فك الارتباط» عن قطاع غزة العام 2005 لصرف الأنظار عن تورطه في قضايا فساد هددت بإسقاط حكومته.

ويميز المتابعون بين سلوك كل من شارون واولمرت في أمرين رئيسيين: الأول أن اولمرت الذي اعترف شخصياً بأنه «رئيس حكومة غير محبوب» يعرف تماماً أن شارون، حين أقدم على الانسحاب من القطاع، تمتع بشعبية واسعة لم ينل مثلها أي من أسلافه فيما شعبيته في أدنى مستوى. ويتمثل الثاني، وهو الأهم، في حقيقة أن «فك الارتباط» عن القطاع حظي بتأييد برلماني واسع ضمن لشارون بقاءه على كرسيه بينما «القضايا الجوهرية» في الصراع (الحدود والقدس واللاجئون) المطلوب فلسطينياً من اولمرت طرقها في المؤتمر الدولي هي محط «إجماع صهيوني»، برلماني وشعبي، على رفض تقديم تنازلات فيها.

وحيال هذه الفوارق لم يكن مفاجئاً رفض اولمرت المطلب الفلسطيني وضع «اتفاق إطار» يتطرق إلى «لب» الصراع.

وهكذا تبقى المهمة الرئيسة لرئيس الحكومة ضمان سلامة ائتلافه معتبراً ما حصل لاثنين من أسلافه تجرأَ على السباحة ضد التيار وفقدا منصبيهما على الفور وهما: بنيامين نتانياهو (في أعقاب مفاوضات واي بلانتيشين) وايهود باراك (بعيد مفاوضات كامب ديفيد 2000).

والواضح أن اولمرت مقتنع بأن عدم تخطيه «الخطوط الحمر» التي رسمها «الإجماع الصهيوني» في كل ما يتعلق بمستقبل الدولة العبرية سيضمن له فترة أطول في منصبه على رغم تحقيق الشرطة معه في قضايا الفساد بل حتى في حال اتهامه.

التعليقات