عملية الدهس ووعد ترامب والمعركة القادمة على القدس

عملية القدس الطلقة الأولى في المعركة القادمة على القدس، التي بدأت بالوعد الانتخابي الذي يحمله ترامب، والمتمثل بنقل السفارة الأميركية للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل

عملية الدهس ووعد ترامب والمعركة القادمة على القدس

عملية القدس التي وقعت، الأحد، وقتل فيها أربعة جنود إسرائيليين، أعادت القدس إلى الأضواء بصفتها مركز الصراع، مثلما أعادت إلى الواجهة الصراع على القدس الذي تلوح بوادره مع اقتراب دخول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهي، إن صح التعبير، الطلقة الأولى في المعركة القادمة على القدس، التي بدأت بالوعد الانتخابي الذي يحمله ترامب، والمتمثل بنقل السفارة الأميركية للقدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

القدس التي كانت مهد ما سمي إسرائيليا بـ"انتفاضة الأفراد" التي انطلقت في تشرين أول/أكتوبر 2015 وسميت فلسطينيا باسمها، شكلت في الآونة الأخيرة بؤرة تفجير كامنة، بحكم الوضعية الخاصة التي تتمتع بها، فهي خارج دائرة التنسيق الأمني بحكم وقوعها خارج السيطرة الأمنية الفلسطينية، وهي تقع في ذات الوقت على خط التماس المباشر مع الاحتلال ومخططاته الساعية إلى إفراغها اقتصاديا وثقافيا بعد اغتيال مكانتها ودورها السياسي.

هي في مركز الصراع اليومي مع الاحتلال، تقاوم الاستيطان الزاحف إلى عتبات البيوت في سلوان والشيخ جراح، وترد التقسيم الزمني القادم عن درة تاجها، المسجد الأقصى، في ذات الوقت الذي تصارع من أجل بقاء أهلها ولقمة عيشهم. وتكفي الإشارة إلى أن أكثر من 60 شهيدا من شهداء الهبة الأخيرة الذين تجاوزوا الـ 260 شهيدا منذ تشرين أول/أكتوبر 2015 هم من القدس. وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي الإسرائيلي يسرائيل يسسخاروف، إنه رغم انخفاض عدد العمليات فإن الأسباب التي أدت إلى اندلاع "انتفاضة الأفراد"، وفي مقدمتها غياب أفق سياسي والإحباط من السلطة الفلسطينية والغضب على إسرائيل، ما زالت قائمة، ما يعني أن الانتفاضة قائمة، وهو يتوقع أن تجر العملية الأخيرة سلسلة عمليات شبيهة.

محاولة نتنياهو البائسة نسب العملية لداعش:

وفي رد الفعل الإسرائيلي، وجريا على عادته في الآونة الأخيرة، سارع فيها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى إلصاق صفة داعش بمنفذي عمليات فلسطينيين، وهي محاولة مكشوفة لدمغ نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال بالإرهاب، وتحويل الجاني إلى ضحية وتحرير إسرائيل من الاستحقاقات الدولية التي تطالبها بإنهاء احتلالها لأراضي الغير والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقد سبق أن سارع نتنياهو بوصف منفذ عملية "ديزنغوف"، التي وقعت العام الماضي في تل أبيب، نشأت ملحم، بأنه من داعش، وهي تهمة ثبت بطلانها لاحقا، كما أن عمليات الدهس التي يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى اعتمادها كمقياس باعتبارها طرازا داعشيا يجري التصنيف وفقه، تلك العمليات مارسها الفلسطينيون كأفراد وفصائل قبل نشوء داعش بسنوات طويلة، حيث وقعت أول عملية دهس، قبل اندلاع الانتفاضة الأولى بعشرة أشهر في 18 فبراير/شباط 1987 عندما قام شاب فلسطيني بدهس دورية راجلة لحرس الحدود في مخيم عسكر قرب نابلس في الضفة الغربية، وأسفرت العملية عن إصابة جنديين بجراح، وفي 11 تشرين الأول/أكتوبر عام 1991، قام فلسطيني بدهس مجموعة من الجنود، في مفترق "تل هشومير" جنوبي تل أبيب أسفرت في نهاية المطاف عن مقتل جنديين، وإصابة 11 جنديا آخر، وفي عام 1996، وقعت عملية دهس إضافية في حي "التلة الفرنسية" غربي قرية العيساوية، أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي، وبعدها وخلالها توالى هذا النمط من العمليات تارة بجرافة، وطورا في تراكتور وسيارة، وصولا إلى عملية الشاحنة الأخيرة.

إجراءات انتقامية تحت مسمى الردع:

فور وقوع العملية باشرت إسرائيل بالقيام بإجراءاتها العقابية حيث قرر الكابينيت احتجاز جثمان منفذ العملية وهدم بيته، وقامت الشرطة باعتقال شقيقاته ووالديه وبعض أقاربه.

وعن عدم فاعلية هذه الإجراءات كتبت عميرة هس في صحيفة "هآرتس" أن ما تصفه إسرائيل بإجراءات ردع لم تردع الشهيد فادي القنبر من جبل المكبر، فهو كان يعرف أن إسرائيل ستحتجز جثمانه، وأنها ستهدم بيته وستفصل بعض أقاربه من عملهم، وستبعد بنات عائلته اللاتي لا يحملن هوية زرقاء عن القدس، فقد هدمت إسرائيل منذ تموز 2015 وحتى كانون ثاني 2016 ثلاثة بيوت، وأغلقت بيتين آخرين في جبل المكبر. ومنذ تموز/يوليو 2014 وحتى كانون ثاني/يناير 2017 هدمت 35 بيتا، بينها 6 بيوت في القدس، وأغلقت 6 بيوت، بينها بيتان في القدس.

التعليقات