لا تلعبوا في ملعب محاولات تشويش معادلة "احتلال- مقاومة"

لا شك أن حالة الارتباك والتلعثم التي ألمت بقيادتنا في الداخل، يرافقها مسارعة رئيس السلطة الفلسطينية للاتصال بنتنياهو لإعلان براءته من العملية، وهو اتصال لا أعتقد أنه سيكون، لو أن منفذي العملية من الضفة الغربية، هما من فتح الباب

لا تلعبوا في ملعب محاولات تشويش معادلة

(أ.ف.ب)

لا شك أن حالة الارتباك والتلعثم التي ألمت بقيادتنا في الداخل، يرافقها مسارعة رئيس السلطة الفلسطينية للاتصال بنتنياهو لإعلان براءته من العملية، وهو اتصال لا أعتقد أنه سيكون، لو أن منفذي العملية من الضفة الغربية، هما من فتح الباب واسعا أمام محاولات إسرائيل ودوائرها الأمنية المعنية، لتشويش معادلة الصراع الأساسية، مقاومة – احتلال، التي تشكل دولة الاحتلال وآلة قمعها، أحد أطرافها، بينما يشكل شعبنا الفلسطيني وأنصاره، من عرب ومسلمين وأمميين طرفها الآخر، وهي معادلة ترسخت عبر عشرات السنين من الكفاح ضد الحالة الكولونيالية الصهيونية واحتلال 1967.

هناك من يختلف على المقاومة كليا ويسميها "إرهابا"، وهذه هي حال إسرائيل، وذلك لأنها تريد نزع الشرعية عن نضال شعبنا، وتبرير الظلم والقمع والاحتلال الذي تمارسه، وهناك من يختلف مع بعض أشكال المقاومة وعملياتها و"يستنكرها" بدواعٍ إنسانية او إيديلوجية أو لمجرد الخوف من سطوة إسرائيل وأجهزة قمعها، المعادلة المسماة إن شئتم، المقاومة/ الإرهاب - إسرائيل/ الاحتلال.

إنها المرة الأولى التي نسمع فيها عبارات على غرار "قتل خمسة إسرائيليين" أو "خمسة من العرب" أو "مسلمون قتلوا دروزا" مشحونة بنبرات التحذير مما سمي بـ "الفتنة الطائفية"، وهي نغمة بدأها القائد العام لشرطة إسرائيل القادم من "الشاباك" روني الشيخ، وانتشرت كالنار في هشيم قياداتنا التي عنونت بياناتها بهذا "المانشيت" وفي وسائل إعلامنا، حيث أقامت بعضها ندوات ومناظرات تناولت الموضوع بمشاركة شيخ مسلم وشيخ درزي.

تناسى هؤلاء، أنه خلال عمر الصراع الطويل وفي مختلف مراحله ومحطاته، ساهم العشرات، إن لم نقل المئات من أبناء الداخل الفلسطيني في عمليات عسكرية، أو شبه عسكرية، وما زال العديد منهم يقبع خلف القضبان. وعلى الرغم من تكرار مثل هذه المشاركة، إلا أنها بقيت حالات استثناء خرجت عن مألوف العمل السياسي الذي طبع بطابعه، نضال هذا الجزء المتبقي في وطنه منذ عام 48.

وغني عن البيان، أنها ليست المرة الأولى التي يقتل فيها عرب ممن يخدمون طوعا أو عنوة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، بغض النظر عن مذاهبهم ومشاربهم، (مسلمون بدو، فلاحون، دروز أو مسيحيون) استهدفوا لكونهم جنود في جيش الاحتلال، وليس لأي سبب اخر، ولا أعرف اذا كانت هي المرة الأولى التي يقتل فيها جنود "عرب" بأيدي منفذي عملية من الداخل الفلسطيني، ولكن معلوم أن شهداء من الداخل سقطوا بعد إطلاق النار عليهم من قبل مجندين عرب، ومنهم شهداء سقطوا في هبة القدس والأقصى، ولم يطلب أحد بمحاسبتهم لانتمائهم، بل اعتبروا خدما في أجهزة أمن السلطة الغاشمة، ينطبق عليهم بالضبط ما ينطبق على سائر عناصرها لا أكثر ولا أقل، مثلما اعتبر الشهداء من الداخل مقاومين سقطوا على درب المواجهة الطويلة مع دولة الاحتلال.

يجب ان تبقى المعادلة واضحة في أذهان الأجيال القادمة، مقاومة واحتلال، وتقف في إحدى أطرافها إسرائيل وأدوات احتلالها بمن فيهم الجنود اليهود وغير اليهود، وفي الطرف الآخر، أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف مواقعه ومناصريه من عرب وعجم.

يستطيع من يريد أن يتحدث باللغة الإسرائيلية أن يسميها، "إرهابا" و"تحريرا"، إذا شاء، المهم هو الحفاظ على مضمون الصراع وأطرافه، وعدم خلط الأوراق، فنحن الفلسطينيين في الداخل، في صف شعبنا، ولم ولن نكون في صف الاحتلال، قد يختلف أو يتحفظ بعضنا على شكل او أسلوب نضال يمارس هنا وهناك ولكننا بشكل عام، شركاء في كفاح شعبنا العادل المناهض للاستيطان والاحتلال والساعي لإحقاق حقوقه المشروعة في العودة وإقامة الدولة الفلسطينية.

التعليقات