التاسع من آب: تساؤلات حول بناء وخراب "الهيكل الثالث"

بمناسبة "التاسع من آب"، التاريخ الافتراضي الذي يحتفل فيه اليهود بخراب "الهيكل"، بما يحمله من رمزية دينية وسياسية، والتي تتزامن هذا العام مع الأحداث الأخيرة في الأقصى المبارك، تناولت العديد من المقالات التي نشرت في الصحف الإسرائيلية موضوع الصراع

التاسع من آب: تساؤلات حول بناء وخراب

(توضيحية)

بمناسبة "التاسع من آب"، التاريخ الافتراضي الذي يحتفل فيه اليهود بخراب "الهيكل"، بما يحمله من رمزية دينية وسياسية، والتي تتزامن هذا العام مع الأحداث الأخيرة في الأقصى المبارك، تناولت العديد من المقالات التي نشرت في الصحف الإسرائيلية موضوع الصراع على السيادة في الحرم القدسي الشريف ببعديه الديني/ التاريخي والسياسي/ الصهيوني.

الصحافي شلومو شمير، أوضح في مقال نشرته صحيفة "معاريف"، أن "ثمة مجالا للجدال فيما يتعلق بضرورة وتوقيت الصراع الذي يستهدف إيضاح السيادة الإسرائيلية على الحرم كـ"رمز وطني"، ولكن ينبغي أن يكون واضحا من الناحية الدينية والفقهية، أنه لا إلزام وفريضة للحجيج إلى الحرم، لا بهدف الزيارة ولا بهدف التواصل الديني.

ومضى شامير يقول "من ناحية دينية، فإن للصلاة في كنيس في مالبورن، في بيت الصلاة في أمستردام، أو في دار عبادة في بروكلين، قيمة أكبر وحضور أعلى مما للصلاة لدوافع سياسية ولأغراض التظاهر والاستفزاز في الحرم".

واعتبر الكاتب دعوة حاخامات "الصهيونية الدينية" للحجيج إلى الحرم، على غرار البيان الذي نشروه مؤخرا، دعوة تحمل الكثير من التضليل والوقوع في الخطيئة، مشيرا إلى أن خطيئة الحاخامات أكبر لأنهم يدفعون ويعظمون هدف تحويل الحرم إلى رمز "قومي متطرف"، وهم بذلك يسيئون لقدسية الموقع ويشككون بخصوصيته في تاريخ الشعب اليهودي".

وأشار الكاتب إلى فتوى الـ"رمبام" في أن قدسية الحرم سارية المفعول وقائمة في عصرنا أيضا، وعليه فإنه محظور على اليهود، على سبيل تدنيس الموتى، الحجيج إلى مجال الموقع، وهو ينتقد صمت كبار الحاخامات عن ذلك، سعيا لعدم إحراج ممثليهم في الائتلاف الديني، ولكن الأكثر غرابة وإثارة للتساؤل، حسب رأيه، هو صمت كل الذين يحتجون على مظاهر التدين في "الجيش الإسرائيلي" و"جهاز التعليم"، عن الحملات التي يقودها السياسيون المتدينون والحاخامات لتديين الحرم، الموقع الذي ليس له أي مكانة دينية.

في السياق ذاته، اتهم يسرائيل كوهين في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، "الصهيونية الدينية" باللعب بالنار، مؤكدا موقف كبار حاخامات الحريديم الذي يمنع دخول اليهود إلى الحرم القدسي الشريف، لسببين رئيسيين، الأول يتعلق بالطهارة والثاني يتعلق بعدم استفزاز الأغيار حفاظا على النفس. ويرى الكاتب الفرق بين الصهيونية الدينية التي تقدس القتال والتضحية بحياة البشر مقابل الحصول على السلطة والسيادة والحريديم الذين يعتقدون بوجوب التنازل عن كل شيء لإنقاذ حياة إنسان واحد، ويستشهد بفتاوى الحاخام إليعيزر مناحيم، الحاخام شاخ والحاخام عوفاديا يوسيف، التي رأت بأن الحفاظ على النفس يهمش أي سؤال آخر حول السيادة وشرعوا التنازل عن أراضي لأجل صنع السلام.

وهاجم الكاتب الحملة التي تقوم بها الصهيونية الدينية، منذ سنوات، والتي نجحت في إقناع شبان من التيار الحريدي من الفتية وطلاب المدارس الدينية بالـ"حجيج" للحرم القدسي، داعيا إلى التعامل معهم كمن يقومون بمخالفة وليس كمن يقومون بأداء فريضة، لأن الشريعة اليهودية، كما يقول، لا تجيز ذلك بتاتا وترى بمرتكبي هذا الفعل كمن ينتهكون قدسية السبت أو يتناولون الطعام في يوم الغفران.

وأشار المقال إلى استنكار جريدة "ييتد نئمان" التابعة للتيار الحريدي، لأفعال هؤلاء الفتية "غريبي الاطوار" واصفة إياهم بأنهم جزء من فرقة "مسيحانية" مستفزة، تقيد النار التي من شأنها إشعال المنطقة وتشكل خطرا على "شعب إسرائيل". ووصف من يحتفلون ويفرحون وكأنهم أعادوا احتلال الموقع من المسلمين بأنهم مشعلي نيران داعيا إلى استبعادهم من قبل الحاخامات والناشطين.

ويختم كوهين بالقول، قبل 2000 سنة واجه الحاخام يوحنان بن زكاي زعيم "الفريسيين"، الذين اعتبروا حريديم ذلك العصر، مع القيصر الروماني بغية التوصل لاتفاق يمكن من إنقاذ الهيكل، إلا أن "السكيريكيم" في القدس، تلك الفرقة القومية المتطرفة، أرادت الحرب بدون مساومة، ما أدى إلى خراب وحرق الهيكل، واليوم يحاول السائرون على درب تلك الفرقة الغريبة والمتطرفة، أخذ الأمور إلى المكان نفسه، إلى الحرب والخراب والدمار.

ويحمل مفهوم خراب الهيكل في التاريخ اليهودي أبعادا أوسع من "المعبد" ذاته، ليطال اليهود ككيان سياسي اجتماعي وكمجموعة بشرية.

التعليقات