هل تتحول الهجمات التكتيكية الإسرائيلية على سورية إلى خطر إستراتيجي؟

بحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" فإن ما يشجع رئيس الحكومة على مواصلة هذه السياسة هو عدم تغيير روسيا لسياستها بشأن الهجمات الإسرائيلية

هل تتحول الهجمات التكتيكية الإسرائيلية على سورية إلى خطر إستراتيجي؟

الدبابات الإسرائيلية في الجولان المحتل

تناول المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، الثلاثاء، إصرار إسرائيل على مواصلة هجماتها على سورية، وذلك بدافع منع إقامة قواعد عسكرية، مجددا، لحزب الله وحرس الثورة الإيرانية في سورية، وسط تساؤلات عن إمكانية تحول "هجمات تكتيكية" إلى "خطر إستراتيجي"، في حين يشير إلى أن ما يشجع رئيس الحكومة على مواصلة هذه السياسة هو عدم تغيير روسيا لسياستها بشأن الهجمات الإسرائيلية.

كما يشير إلى هدف آخر لدى نتنياهو، وهو مواصلة العمل لإقناع الأميركيين بالاعتراف بضم الجولان السوري المحتل لإسرائيل، بداعي الاستفادة من الظروف القائمة اليوم. وفي الوقت نفسه مواصلة العمل على عرقلة نقل أسلحة نوعية من سورية إلى حزب الله.

يقول هرئيل إن الحادثة التي وقعت يوم الجمعة الماضي، والتي تم فيها اعتراض صاروخ سوري بصاروخ "حيتس"،  أدت إلى إظهار التعامل العلني لإسرائيل مع الهجمات التي تنفذها في سورية. وإذا كانت القيادة الإسرائيلية قد اكتفت، حتى اليوم، بالتصريحات العامة والتي بموجبها سيتم استهداف القوافل التي تنقل أسلحة نوعية من سورية إلى حزب الله، ولكنها تجنبت التطرق للتقارير التي تتناقلها وسائل الإعلام العربية بشأن الهجمات على سورية، فإن الوضع اليوم مختلف. وكان الصاروخ السوري الموجه إلى طائرات سلاح الجو الإسرائيلية قد اقتضى تفعيل بطارية صواريخ "حيتس"، كما اقتضى النشر الرسمي الأول الذي يتضمن تأكيد إسرائيل للهجوم الذي شنته على سورية، كما اضطر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت للتطرق لذلك اليوم.

وفي حديثه مع المراسلين المرافقين له في زيارته للصين، قال نتنياهو إنه أوضح للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن إسرائيل ستواصل استهداف قوافل الأسلحة. وادعى أن روسيا لم تغير سياستها بشأن الهجمات الإسرائيلية.

جاءت أقوال نتنياهو ردا على ادعاءات سفير سورية في الأمم المتحدة بأن روسيا أبلغت إسرائيل أن "عهد الهجمات قد ولى".

أما آيزنكوت، وفي محاضرة في كلية نتانيا، فقد قال إن إسرائيل تمكنت من إنشاء منظومة لمنع الاحتكاك مع الروس، رغم توترات الأسبوع الماضي. وأضاف أن "إسرائيل ستواصل منع تعاظم قوة من لا يجب أن يعزز قوته بأسلحة متطورة"، أي منع نقل وسائل قتالية كهذه إلى حزب الله.

وبحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" فإن رئيس الحكومة ورئيس أركان الجيش يتعاملان مع الأهداف السياسية لإسرائيل كيفما تمت صياغتها قبل أكثر من 5 سنوات: تجنب تورط إسرائيل في القتال الدائر في سورية، من جهة؛ ومن جهة أخرى عرقلة نقل الأسلحة بطريقة محسوبة. وكانت النتيجة أن التزمت إسرائيل بالهدف الأول، أما بالنسبة للهدف الثاني فإن تقارير كثيرة عن الهجمات تحدثت عن إيقاع أضرار بجزء من الأسلحة التي يتم نقلها. وفي المقابل، فإن نتنياهو اعترف في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في تشرين أول/ أكتوبر عام 2015 أن منظومات أسلحة متطورة وصلت إلى هدفها.

ويتابع، أنه حصل تحول نوعي في ما يحصل في سورية، فاستكمال السيطرة على حلب، والإنجازات البرية المحدودة التي حققها نظام الأسد في جبهات مختلفة في الشهور الأخيرة، أدى إلى تثبيت وضع النظام، واستبعاد إمكانية انهيار النظام قريبا، إلا في حال اغتيال الرئيس نفسه، وهو ما دفع النظام إلى تغيير سياسته، ومحاولة التعرض للطائرات الإسرائيلية، في الشهور الأخيرة، خلال عملها في الأجواء السورية، علما أن حادثة يوم الجمعة لم تكن الأولى من نوعها.

وبحسب هرئيل، فإن السؤال الذي سوف تتساءله القيادة الإسرائيلية، على ما يبدو في الفترة القريبة، سيكون "هل التغير في الظروف يقتضي تغيير السياسة: متى سيتحول توالي هجمات ناجحة لعرقلة نقل الأسلحة من الناحية التكتيكية إلى خطر إستراتيجي، بحيث يدفع سورية إلى رد أشد، أو يقنع موسكو بإرسال رسالة حادة إلى إسرائيل؟"، وهو أمر لم يحصل، بحسب نتنياهو.

ويضيف، أنه إذا كان يمكن الحكم بحسب التصريحات المعلنة، وفي أعقاب الهجمة الأخيرة التي نسبت لإسرائيل، يوم الأحد واستهدفت قياديا مواليا للنظام قرب القنيطرة، فإن إسرائيل لا تظهر إشارات تدل على أنها تنوي التراجع عن المواجهة. ومن الممكن أن يكون هذا التصميم مرتبط بأهداف أخرى وضعتها أمامها في الساحة السورية في الشهور الأخيرة.

ويشير هرئيل إلى أن الهدف المعلن الأساسي، الذي يشدد عليه مؤخرا كل من نتنياهو ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، هو منع عودة قوات حزب الله وعناصر حرس الثورة الإيرانية إلى هضبة الجولان. كما يشير إلى أن قوات المعارضة تمكنت في السنوات الأخيرة من إبعاد قوات النظام عن الحدود مع إسرائيل، وفي السنتين الأخيرتين سجل تواجد قليل للإيرانيين وحزب الله.

ويشير إلى أنه في أعقاب النجاحات التي حققها النظام في حلب، وتعزيز قواته في شمال الجولان، وتوقيع اتفاقيات وقف إطلاق نار مع قرى سبق أن تعاونت مع المعارضة، فإن إسرائيل تخشى من عودة عناصر حزب الله إلى النشاط قرب السياج الحدودي. وتعمل الآن على منع إقامة قواعد مجددا في المنطقة.

ولفت المحلل العسكري، إلى أنه خلال زيارة نتنياهو لواشنطن، عرض على ترامب هدفا آخر، وهو الاعتراف بضم الجولان لإسرائيل. وبحسب هرئيل، فإنه رغم أن المجتمع الدولي لم يعترف بضم إسرائيل للجولان عام 1981، فمن المحتمل أن نتنياهو عاين فرصة مواتية، بسبب إطالة أمد الحرب في سورية، والانتقادات الدولية لنظام الأسد، والتعاطف الذي أظهره ترامب تجاه إسرائيل في الأسابيع الأولى لدخوله إلى البيت الأبيض. كما يشير إلى أنه ليس من الواضح مدى تمسك نتنياهو بإقناع الأميركيين، ولكن من الجائز الافتراض أن أقوال نتنياهو وصلت إل دمشق وإلى موسكو.

وينهي المحلل العسكري بالإشارة إلى تصريحات آيزنكوت بشأن اغتيال رئيس أركان حزب الله مصطفى بدر الدين في ظروف غامضة في سورية في أيار/مايو الماضي، والتي قال فيها إنه تم اغتياله من قبل المسؤولين عنه في حزب الله. وقال إنه ثارت علامات شكوك بشأن صحة تقارير مماثلة في وسائل الإعلام العربية في الشهور الأخيرة، ولكن، بحسبه، فإن "رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هو من يقول ذلك اليوم. ومع الأخذ بالحسبان عمق التغطية الاستخبارية لإسرائيل بشأن ما يحصل في حزب الله، فمن الجائز القول إن الحديث عن تطورات مثيرة من جهتين: فهي تكشف شدة الصراعات الداخلية في المحور الذي تقوده إيران، وتؤكد أن إسرائيل ستكون مسروة من تعويم هذه الصراعات على السطح، في إطار الحرب النفسية المتشعبة التي تديرها ضد أعدائها في المنطقة".

التعليقات