سابقة منذ نهاية 2002: سعر اليورو ينخفض إلى ما دون الدولار الأميركيّ الواحد

انخفض سعر اليورو، اليوم الأربعاء، متأثرا بالتوقعات القاتمة للاقتصاد الأوروبي، وباحتمال قطع إمدادات الغاز الروسي بالكامل، إلى ما دون عتبة الدولار الأميركي الرمزية، والتي لم يتمّ تجاوزها منذ كانون الأول/ ديسمبر 2002.

سابقة منذ نهاية 2002: سعر اليورو ينخفض إلى ما دون الدولار الأميركيّ الواحد

لافتة خارج محلّ للصرافة ببولندا (Getty Images)

انخفض سعر اليورو، اليوم الأربعاء، متأثرا بالتوقعات القاتمة للاقتصاد الأوروبي، وباحتمال قطع إمدادات الغاز الروسي بالكامل، إلى ما دون عتبة الدولار الأميركي الرمزية، والتي لم يتمّ تجاوزها منذ كانون الأول/ ديسمبر 2002.

وتم تداول اليورو مقابل 0,9998 دولار قرابة الساعة 12:45 بتوقيت غرينتش، في سابقة منذ بداية التداول بالعملة الأوروبية، بعدما أظهرت أرقام رسمية ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة في شهر حزيران/ يونيو، ما عزز التوقعات باتباع الاحتياطي الفدرالي الأميركي سياسة نقدية أكثر صرامة.

يأتي ذلك فيما انخفضت قيمة اليورو أمس الثلاثاء، لتبلغ دولارًا واحدًا، في مستوى لم يُسجّل منذ طُرحت العملة الموحدة للتداول قبل عشرين عامًا كذلك.

ويخيّم القلق على الأسواق بسبب أزمة طاقة كبيرة في القارة العجوز، إذ تسري شكوك بشأن إذا كانت روسيا ستستأنف تسليم الغاز بعد تعليقه لإجراء أعمال صيانة في أنبوبَي غاز نورد ستريم 1. ويزيد هذا الوضع المخاوف من ركود في أوروبا.

ويرى المحلل لدى شركة Oanda، جيفري هالي، أن موارد الطاقة الروسية هي "في قلب العاصفة في أوروبا" وإعلان كندا، يوم السبت الماضي، إعادتها لألمانيا توربينات مخصصة لأنبوب غاز نورد ستريم لتخفيف حدة أزمة الطاقة مع روسيا "كان بدون تأثير إيجابي".

وبدأت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة، الأول من أمس، الإثنين، فترة صيانة لأنبوب نورد ستريم 1، تستمرّ 10 أيام. وتنتظر ألمانيا ودول أوروبية أخرى لمعرفة ما إذا كانت روسيا ستستأنف تسليم الغاز بعد هذه الفترة.

ويعتبر هالي أن "المسألة الرئيسية هي معرفة ما إذا كان الغاز سيأتي بعد 21 تموز/ يوليو. يبدو أن الأسواق استبقت الأحداث وأخذت قرارها".

وحذّر المحلل لدى شركة UBS، مارك هيفيلي، من أن وقف تسليم الغاز الروسي لأوروبا "سيسبب ركودًا في كل منطقة اليورو مع انكماش اقتصادي لثلاثة فصول متتالية".

تحذير من مشهد اقتصاديّ دوليّ "يزداد قتامة"

وفي سياق ذي صلة، حذّرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، اليوم من أن المشهد الاقتصادي العالمي "ازداد قتامة" وقد يتدهور أكثر بفعل الحرب في أوكرانيا والتضخّم السريع الذي تسببت به.

ويأتي التحذير بعد أشهر فقط من خفض صندوق النقد توقعاته للنمو العالمي للعامين 2022 و2023.

وجاءت الحرب في أوكرانيا في وقت كان العالم يكافح للتعافي من تداعيات وباء كوفيد وأدت إلى تسارع وتيرة التضخم ما يشكل تهديدا للمكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين.

وقالت غورغييفا في مدونة نشرتها قبيل اجتماع وزراء مالية دول مجموعة العشرين وحكام المصارف المركزية في بالي الجمعة والسبت، إن صندوق النقد الدولي "يتوقّع مزيدًا من التدهور في النمو العالمي" في 2022 و2023.

وكتبت: "سيكون عام 2022 صعبا - وربما يكون عام 2023 أكثر صعوبة مع زيادة مخاطر الركود".

ومن المقرر أن يصدر صندوق النقد الدولي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي المحدث في وقت لاحق من هذا الشهر، والذي قالت غورغييفا إنه سيخفض بشكل أكبر تقديرات النمو العالمي عن تلك الصادرة في نيسان/ أبريل والتي بلغت 3,6 في المئة.

وقالت: "لقد حذرنا من أنه قد يزداد سوءا بالنظر إلى مخاطر الانحدار المحتملة. ومنذ ذلك الحين، تحققت العديد من هذه المخاطر واشتدت حدة الأزمات المتعددة التي تواجه العالم".

وأضافت أن التوقعات "لا تزال غير مؤكدة للغاية"، وحذرت من أن الأشد فقرا سيكونون الأكثر تضررا.

وأوضحت أن خطر "الاضطرابات الاجتماعية" يتزايد بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

وبعد عقد من التضخم المنخفض، ارتفعت الأسعار في جميع أنحاء العالم وسط طلب قوي على السلع فاق العرض مع بدء الاقتصادات في العودة إلى طبيعتها. لكن الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات المفروضة على موسكو دفعت أسعار الوقود والغذاء للارتفاع بشكل حاد.

وتعتبر أوكرانيا وروسيا منتجين رئيسيين للحبوب، كما تعد روسيا مصدّرا رئيسيا للطاقة لأوروبا، وقلصت إمدادات الغاز الطبيعي إلى المنطقة.

كما أدى التضخم إلى تعقيد عملية صنع السياسات إذ ترفع المصارف المركزية الرئيسية أسعار الفائدة لاحتواء الأسعار، لكن هذا يزيد من تكاليف الاقتراض للأسواق الناشئة والدول النامية التي تواجه أعباء ديون عالية.

لكن غورغييفا قالت إن محاربة ارتفاع الأسعار أمر بالغ الأهمية على الرغم من مخاطر الركود.

وأوضحت أن "القيام بعمل ما الآن سيكون له آثار أقل ضررا مما لو تم التحرك لاحقا".

وقالت إن تدارك آثار الحرب والوباء من الأولويات القصوى التي لا يمكن معالجتها إلا من خلال المساعدات المالية "المتعددة الأطراف" وتخفيف الديون.

وذكرت أن "تخفيض الديون ضرورة ملحة، خاصة في الاقتصادات الناشئة والنامية التي تقوّم التزاماتها المالية بالعملات الأجنبية والتي تعد بدورها الأكثر عرضة للظروف المالية العالمية المشددة".

ونوهت غورغييفا إلى أن الأولوية القصوى تتمثل في خفض التضخم، بما في ذلك من خلال خفض الإنفاق الحكومي الذي من شأنه أن يساعد جهود المصرف المركزي.

ودعت مجموعة العشرين إلى تعزيز "العمل الدولي المنسق"، بما فيها الدول الغنية التي تقدم مساعدات أساسية للدول الفقيرة.

وحذرت غورغييفا من أن معظم اقتصادات الدول "معزولة تماما" عن الأسواق العالمية بسبب الضغوط المالية، وتفتقر إلى شبكة أمان سوق محلي كبير.

وقالت: "هم يدعون المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات جريئة لدعم شعوبهم. هذه دعوة يجب أن نلتفت إليها".

التعليقات