الاحتجاجات الإيرانية: تصاعد حملات القمع ورئيسي يلقي باللوم على واشنطن

بعد مرور ما يقرب من أربعة أسابيع على وفاة أميني، لا يوجد أي مؤشر على تراجع الاحتجاجات. من جانبه، اتهم الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الولايات المتحدة، بالعمل على زعزعة استقرارها،

الاحتجاجات الإيرانية: تصاعد حملات القمع ورئيسي يلقي باللوم على واشنطن

(Getty Images)

كثفت قوات الأمن الإيرانية حملات القمع في المناطق الكردية مع مواصلة محاولات السلطات في طهران، إخماد الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد، وكانت قد أشعلتها وفاة مهسا أميني خلال احتجازها لدى ما يعرف بـ"شرطة الأخلاق".

وبعد مرور ما يقرب من أربعة أسابيع على وفاة أميني، وهي كردية إيرانية تبلغ من العمر 22 عاما، في طهران بسبب "ملابسها غير اللائقة"، لا يوجد أي مؤشر على تراجع الاحتجاجات.

واتهم الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، اليوم الخميس، الولايات المتحدة، بالعمل على زعزعة استقرارها، فيما تلقّى القضاة الإيرانيون تعليمات بعدم التساهل في الأحكام التي سيصدرونها بحق من يظهر أنهم "العناصر الأساسيون للشغب"، وفق ما أفاد الموقع الإلكتروني للسلطة القضائية.

وأورد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية، أنّ رئيسها غلام حسين محسني إجئي، "أعطى توجيهاته للقضاة بتفادي تبسيط المسألة وإبداء تعاطف غير مبرر وإصدار عقوبات مخففة للعناصر الأساسيين لأعمال الشغب هذه". ورأى أنّ عقوبات مخفّفة بحق هؤلاء هي "ظلم بحق الشعب والمستقبل".

وسلطت الاحتجاجات الضوء على الإحباط المكبوت بشأن الحريات والحقوق في إيران، مع انضمام العديد من النساء إليها. وأصبحت الأنباء الواردة عن مقتل العديد من الفتيات المراهقات أثناء تظاهرهن بمثابة صرخة للخروج في مزيد من الاحتجاجات.

وألقى الرئيس الإيراني، رئيسي، باللوم مجدّدًا على الولايات المتحدة، وقال خلال قمة "مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا" ("سيكا") في كازاخستان، إنه "الآن بعد فشل الولايات المتحدة في العسكرة (ضد إيران) والعقوبات، لجأت واشنطن وحلفاؤها إلى السياسة الفاشلة لزعزعة الاستقرار".

وسُمعت مرة أخرى، الليلة الماضية، هتافات "امرأة، حياة، حرية" في شمال غرب مدينة بوكان، حيث أحرق المتظاهرون العلم الإيراني، حسبما أظهر فيديو تحقّقت منه وكالة "فرانس برس". واحتشد المتظاهرون أيضًا في العاصمة طهران وفي أصفهان في الجنوب ومشهد في الشمال الشرقي ورشت في الشمال وساقز مسقط رأس أميني في الغرب.

ونشرت إيران عناصر من ميليشيا "الباسيج"، وهي قوات تكون عادة في الطليعة لقمع الاضطرابات الشعبية، في المناطق الكردية حيث قُتل سبعة أشخاص في احتجاجات خرجت الليلة الماضية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، عناصر من الباسيج تضرب المتظاهرين في المناطق الكردية.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين في سنندج، عاصمة محافظة كردستان في إيران، أن عناصر الباسيج وشرطة مكافحة الشغب يهاجمان المتظاهرين. وقال شاهد عيان إن المئات من شرطة مكافحة الشغب وقوات الباسيج نُقلوا من أقاليم أخرى إلى كردستان لمواجهة المحتجين.

وأضاف الشاهد "قبل أيام قليلة، رفض بعض عناصر الباسيج من سنندج وبانه تنفيذ الأوامر وإطلاق النار على الناس... الوضع في سقز هو الأسوأ. قوات الباسيج هذه تطلق النار على الناس والمنازل حتى لو لم يكن هناك متظاهرون". فيما يؤكد محللون أن عدد المتطوعين للعمل في الباسيج التابعة للحرس الثوري، ربما يُقدر بالملايين ومن بينهم مليون عضو ناشط.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات الأخيرة مستمرة منذ أسابيع تتمتع السلطات الإيرانية بخبرة في قمع موجات أطول من الاضطرابات. ففي عام 2009، استمرت مظاهرات اندلعت على مستوى البلاد بسبب انتخابات متنازع على نتائجها لمدة ستة أشهر قبل أن تسيطر عليها السلطات في النهاية.

وبينما كانت نبرة العديد من المسؤولين حادة، نُقل عن مستشار رفيع للمرشد الأعلى، علي خامنئي، تساؤله عما إذا كان ينبغي على الشرطة فرض ارتداء الحجاب، وهو انتقاد نادر لجهود الدولة لفرض الحجاب.

وأفادت جماعات حقوق الإنسان بمقتل أكثر من مئتي شخص في حملة قمع ضد الاحتجاجات، التي كانت مكثفة بشكل خاص في المناطق الكردية حيث أخمدت قوات الأمن اضطرابات الأقلية الكردية في الماضي.

وأبلغ مصدر في سنندج أن شرطة مكافحة الشغب تُفتش المنازل وتعتقل عشرات الشباب، قائلا إن الوضع يسوده التوتر الشديد مع وجود مئات من ضباط الشرطة في شوارع المدينة.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته، "لدينا معلومات من مدينتي بانه وسقز أيضا. لقد اعتقلوا عشرات الشبان منذ أمس بينهم مراهقون".

وقالت جماعة "هنجاو" الحقوقية، التي تعد تقارير عن المناطق الكردية في إيران، إن المحتجين في عشر مدن واجهوا "عنف قوات الأمن الشديد" مساء أمس، الأربعاء.

وتابعت أن النيران المباشرة من قوات الأمن قتلت شخصين في مدينة كرمانشاه. ونشرت صورة لجثة شاب يبلغ من العمر 18 عاما قالت إنها لأحد القتلى.

وأظهر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي من كرمانشاه، في ساعة متأخرة من مساء أمس الأربعاء، حريقا مشتعلا على الطريق ويمكن سماع صوت يقول "كرمانشاه جحيم، إنها حرب، إنها حرب".

وأضافت هنجاو أن ثلاثة من أفراد قوات الأمن قُتلوا أيضا في كرمانشاه وأصيب نحو 40 آخرين. وذكرت أن عنصرا رابعا في قوات الأمن قُتل في مهاباد وأن إطلاق النار من جانب قوات الأمن أدى إلى مقتل شخص آخر في سنندج.

وقالت وكالة أنباء ناشطي حقوق الإنسان (HRANA) إنّ "الاستخدام غير المنظّم للبنادق مع الخرطوش من قبل سلطات إنفاذ القانون أدى إلى إصابة العديد من المتظاهرين"، بمن فيهم كبار السن والمراهقون وحتى الأطفال.

وقالت الوكالة، في تقرير نُشر الأربعاء، إنّ لديها أسماء 106 أشخاص على الأقل قُتلوا من قبل القوات الأمنية، وإنها تعلم بمقتل 11 آخرين لم يتمّ التعرف عليهم. وأفادت الوكالة عن مقتل أكثر من 94 شخصًا في زاهدان، إحدى المدن القليلة ذات الغالبية السنية، مشيرة إلى مقتل 20 من عناصر الأمن بينهم ستة في زاهدان.

وقالت المنظمة الحقوقية إنّ "عدد المعتقلين يُقدّر بـ5500 على الأقل".

ونفى المسؤولون أن تكون قوات الأمن قد أطلقت النار على المتظاهرين. وقالوا من قبل إن حوالي 20 من أفراد قوات الأمن قُتلوا خلال الاضطرابات التي عمت البلاد.

وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقرًّا لها، إنّ عمّال صناعة الطاقة انضمّوا إلى إضرابات احتجاجية هذا الأسبوع في مصنع عسلويه للبتروكيميائيات في جنوب غرب البلاد وفي عبدان في الغرب وبوشهر في الجنوب.

من جانبها، أعلنت الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات جديدة على إيران، أنها تتخذ إجراءات لتأمين وصول الإيرانيين إلى الإنترنت.

وفي هذا السياق، صرّحت نائبة وزير الخارجية الأميركية، ويندي شيرمان، بأنّ "حملة القمع العنيف التي تواصل إيران ممارستها على المتظاهرين السلميين إهانة لحقوق الإنسان".

وأضافت "تحدثت مع شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى وطلبت منها... تزويد الشعب الإيراني بخدمات وأدوات تواصل إضافية".

التعليقات