الموضوعية وتوسيع دائرة النقد الفني

يضيف المؤلف إلى دائرة الجمهور في نفس الوقت، فئة النقاد المتخصصين، مشيرا إلى أن النقاد يتفاوتون فيما بينهم حسب أذواقهم العامة وحسب طبيعة المدارس النقدية والفنية التي ينطلقون منها.

الموضوعية وتوسيع دائرة النقد الفني

في كتابه “توسيع دائرة النقد”، يستعرض مؤلف الكتاب، مصطفى محرم، أركان العمل السينمائي والتلفزيوني وأيضا المسرحي، وفي هذا الإطار يشير إلى أن أركان العمل الفني بكافة أشكاله وأنواعه تشمل ضمن عناصر أخرى الجمهور الذي هو جزء مهم من العملية الفنية، بل إن المؤلف يعتبر أن الجمهور هو الذي أهم عنصر من عناصر العمل الفني، لأن الجمهور في تقدير المؤلف هو الذي يهب الحياة للعمل الفني ويعمل على انتشاره، كما يعتبر أن الجمهور هو الناقد الحقيقي الذي يقوم بتقييم العمل الفني ووضعه في المكان الذي يستحقه.

لكن المؤلف يضيف إلى دائرة الجمهور في نفس الوقت، فئة النقاد المتخصصين، مشيرا إلى أن النقاد يتفاوتون فيما بينهم حسب أذواقهم العامة وحسب طبيعة المدارس النقدية والفنية التي ينطلقون منها.

ويشير المؤلف إلى أن النقاد عند تناولهم لعمل فني بالنقد تحكمهم عوامل كثيرة، أهمها، طبقا لوجهة نظر المؤلف، عدم الموضوعية، لأن الناقد قد يكون مدفوعا بمواقف وأهواء شخصية ومجاملات وأحيانا مصالح، ولذلك فإن المؤلف يعتبر أن الجمهور العادي من غير المتخصصين هو الناقد الحقيقي للعمل الفني سواء كان عملا سينمائيا أو مسرحيا أو تلفزيونيا، لأن فرد الجمهور العادي لا تربطه بالقائمين على العمل الفني أي مصالح أو اعتبارات شخصية أو مهنية، ولذلك فإن المؤلف يطالب بتوسيع دائرة النقد لتشمل أفراد عاديين من الجمهور بجانب النقاد المتخصصين، معتبرا أن ذلك هو أحد السبل للحصول على تقييم موضوعي للعمل الفني بعيدا عن الاعتبارات غير الموضوعية ومجاملات ومصالح بعض النقاد.

ويؤكد المؤلف أن توسيع دائرة النقد لتشمل أفراد الجمهور العاديين سوف يؤدي لتجنب ما يصفه بتجاهل النقاد في كثير من الأحيان للعمل الفني، مشيرا إلى أن هذا التجاهل يحدث في كثير من الأحيان نتيجة الضغائن الشخصية خاصة من حملة الأقلام والمناصب، أو الضغائن الاجتماعية والسياسية التي تسعى للقضاء على بعض الفنانين الذين لا يدينون سوى لفنهم ويرفضون الرياء والكذب، والانصياع سوى للحقيقة الفنية.

إلا أن المؤلف يشير في نفس الوقت إلى ضرورة أن يلتزم الناقد بواجباته في إطار وظائف الناقد الأدبي والفني، ومن أهم هذه الوظائف إثراء العمل الأدبي والعمل الفني وإبراز مدلوله وخصائصه، وليس النقد، كما يظن بعض النقاد، مجرد التجريح والانتقاص من مجهود وعمل فريق العمل الفني والتركيز فقط على جوانب النقص في العمل، بل وتجريح الفريق الفني الذي قام على إنتاج العمل الفني والتقليل من قيمة ما قدمه من عمل.

علاقة تبادلية

ويؤكد المؤلف على العلاقة التبادلية بين المبدع والمتلقي فيما يتعلق بمصطلح الخيال، وذلك في الأعمال الأدبية كالقصة القصيرة أو الرواية أو القصيدة أو المسرحية، لكن هذه العلاقة التبادلية تنشأ فقط عند قراءة النص، وليس عند مشاهدته بعد تحويله لعمل فني.

وفي نفس الوقت، فإن المؤلف يشير إلى أن الفن يقوم في أساسه على خيال المبدع حتى لو اعتمد هذا المبدع في فنه على الواقع أو ما يدور في الحياة، وبدون هذا الخيال لا يصبح العمل الفني إبداعا أصليا، ولكن يصبح مجرد تصوير فوتوغرافي للواقع، ويتشابه مع ما يقوم به المصور بواسطة الكاميرا الفوتوغرافية.

كما يشير المؤلف أيضا في نفس الصدد إلى أن الخيال لا يقتصر في العمل الفني فقط على المبدع، بل يمتد إلى المتلقي أو القارئ، لكن يؤكد المؤلف أيضا أن خيال القارئ يقتصر على النص المكتوب، ولا يتخطى ذلك إلى العمل الفني بعد أن يتحول العمل الفني من العمل المكتوب على الورقي إلى عمل سينمائي أو مسرحي.

وفي نفس الوقت، لا يغفل المؤلف أنه في بعض الأحيان يشعر المشاهد للعمل الفني بالصدمة بسبب ما يراه من اختلاف كبير بين العمل الأدبي المكتوب والعمل الفني الذي نتج عنه، فعندما يقارن المشاهد العمل الذي يراه بالعمل المكتوب يجد فروقا كبيرة بين العملين، وفي مثل هذه الحالة فإن المشاهد يدرك أن السيناريست قد أطلق العنان لنفسه لإدخال تعديلات على جوانب كثيرة في العمل الأدبي المكتوب، وهو ما يجعل هذا العمل مختلفا تمام الاختلاف عن العمل الأصلي.

ويؤكد المؤلف في هذا الصدد أيضا على أن طريقة تناول الناقد المتخصص للعمل الفني بالنقد سوف تختلف بالتأكيد عن طريقة تناول المتلقي العادي لنفس العمل، حتى وإن تشابهت ظروف تلقي العمل في كل الحالات، لأن الناقد يختبر العمل الفني ويقيمه بناء على قواعد نقدية وعلمية وفنية، هذا في حالة تجنب العوامل الشخصية والمجاملات التي تظهر في كثير من الأحيان، لكن المتلقي العادي سوف يحكم على العمل الفني بناء على تذوقه الشخصي، وليس على أي قواعد نقدية أو فنية.

اقرأ/ي أيضًا| المرأة في أدب الأطفال

جدير بالإشارة أن كتاب “توسيع دائرة النقد” لمؤلفه مصطفى محرم، صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، ويقع في نحو160 صفحة من القطع المتوسط.

التعليقات