04/08/2016 - 11:50

"اليهود العرب": تيار ثوري في نقد الصهيونية

عقد مركز "مدار" في رام الله ندوة حول كتاب "اليهود العرب" لمؤلفه عالم الاجتماع، البروفيسور يهودا شنهاف، وشارك في الندوة د. سليم تماري ود. عبد الرحيم الشيخ من جامعة بير زيت

"اليهود العرب": تيار ثوري في نقد الصهيونية

قال مشاركون في ندوة نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية 'مدار' في رام الله، أول من امس، حول كتاب 'اليهود العرب: قراءة ما بعد كولونيالية في القومية والديانة والاثنية' لمؤلفه يهودا شنهاف، إن الكتاب يعبر عن تيار ثوري في نقد الصهيونية، ويقدم قراءة مختلفة لتجربة اليهود العرب وموقعهم من المشروع الصهيوني وعلاقتهم معه، وإن كان هذا التيار صغيرا بالمعنى السياسي، فهو مهم بالمعنى الثقافي والمعرفي.

وشارك في الندوة التي أدارها الكاتب أكرم مسلم، كل من أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة بير زيت د. سليم تماري، وأستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية فيها د. عبد الرحيم الشيخ.

واعتبر تماري أن الكتاب على درجة كبيرة من الأهمية، ما عزاه إلى عدة عوامل، من ضمنها أنه يمثل رحلة في السيرة الذاتية لليهود العرب ولجوانب حاولت الحركة الصهيونية طمسها فيما يتصل بالشق العروبي لليهود.

وذكر أن الكتاب يتضمن بعدا جديدا حول اليهود الشرقيين، وعلاقتهم بالحركة الصهيونية، موضحا أن مصطلح 'المزراحيين' حديث، وهو عبارة عن كلمة اثنية سوسيولوجية.

ورأى أن شنهاف ومعه بعض الكتاب والمثقفين الإسرائيليين الآخرين على قلتهم، يطرحون عبر تركيزهم على ما يعرف بـ'تطهير اليهودي العربي من عروبته' فكرا ثوريا غير مقبول سواء من اليهود أو العرب، مبينا أن الفكرة المتصلة بعروبة اليهود العرب تحاول استعادة ماض تم القضاء عليه من قبل الحركة الصهيونية.

وقدم تماري نقاشا لمفهوم اليهود العرب، وما يعتريه من التباسات، وما يحمله من تناقضات، واضعا إياه في سياقه التاريخي ابتداء من الحقبة العثمانية مرورا بأحداث البراق والخليل ويافا أواخر العشرينيات، وصولا إلى ما بعد قيام إسرائيل.

وركز تماري على تجربة القاص اليهودي الفلسطيني اسحق شامي، اليهودي الخليلي، الذي كتب بالعربية، وكتب أيضا بعبرية حديثة أرادت أن تتحرر من هيمنة العبرية القديمة في تحد للطابع الديني لها، موضحا أن التطورات الميدانية الناجمة عن الهجرة والصهيونية لم تترك لليهود في فلسطين خيارات رغم أنهم في معظمهم اعتبروا الصهيونية مشكلة لهم، أولا لأنها تعمق مشاكلهم مع المجتمع المحلي، إلى جانب ما تحمله من أفكار بعيدا عن عالمهم المتدين.

واعتبر تماري أن اليهود العرب ضموا أيضا تيارا صهيونيا منذ وقت مبكر عكس الانطباع بأن الصهيونية مشروع أشكنازي غربي، ومنهم من أراد تحقيق كيان يهودي عبر الدولة العثمانية. 

وفي السياق ذاته، قال الشيخ في مداخلته، إن الكتاب يشتمل على مضامين نقدية مهمة للمشروع الصهيوني، وتعبر عن تيار يستحق التشجيع، الأمر الذي لا يعني عدم وجود انتقادات وتساؤلات حول مضامين الطروحات.

ففي الحديث عن منهج الكتاب، اعتبر الشيخ تطبيق شنهاف لمعايير النظرية ما بعد الكولونيالية تطبيقا غير دقيق، إلى جانب ما اعتبره توظيفا خاطئا لمنجزات ميشيل فوكو ورولان بارت وديفيد هارفي وأورن يفتحئيل وإيلا شوحاط، وتجاهلا لكافة أعمال جيل أنيجار التي وضعت مسألة اليهودي العربي في سياقها النظري، والسياسي، والثقافي، والتاريخي الصحيح. 

 وركز الشيخ على إشكالية اعتبار أن بداية مسألة اليهود العرب تتمثل بوصول المبشرين الصهاينة إلى عبدان الإيرانية بالشراكة مع الاستعمار البريطاني العام 1948، معتبرا مسألة اليهود العرب تعود إلى 500 سنة للوراء، بالخروج من الأندلس.

سياسيا، اعتبر الشيخ أن انتقادات الكثيرين ضمن هذا التيار، ومن بين اليهود العرب والأشكناز أيضا، لا تترجم إلى سلوك سياسي يصل بالأمور إلى نهاياتها، إذ ينحاز هؤلاء في النهاية للحاضنة القومية في كيان استعماري، بدل تبني تغيير الواقع الاستعماري، وصياغة بديل ميثاقي فلسطيني يشكل حاضنة لكل المواطنين.

 وتساءل الشيخ في هذا الإطار: لماذا لا نستعيد المكوِّن اليهودي في الثقافة العربية، والمكوِّن اليهودي في الثقافة الفلسطينية؟ لماذا نسلم به للصهيونية؟ ولماذا لا تكون العبرية لغة محلية فلسطينية حالها حال العربية والأوغاريتية والآرامية؟ لماذا نسلّم بها كلغة صهيونية؟

التعليقات