06/08/2016 - 17:05

جرافيتي ثورة يناير... الأبطال والأحداث تشكيلية

كما خلد المصريون القدماء أحداثهم وشخصياتهم الهامة على جدران المعابد الفرعونية القديمة، فإن فناني الجرافيتي المصريين أعادوا نفس طقوس تسجيل الأحداث الهامة، ورسم صور أبطال الثورة المصرية، ولكن على جدران الميادين والشوارع والمنازل.

جرافيتي ثورة يناير... الأبطال والأحداث تشكيلية

شهدت معارض الفن التشكيلي والميادين والشوارع الرئيسية في القاهرة وغيرها من المدن المصرية، انتشارًا غير مسبوق لفنّ الجرافيتي، الذي تحول إلى عامل مشترك بين عدد كبير من الشوارع في مصر، خاصة في المناطق التي شهدت أحداث هامة خلال ثورة 25 يناير عام 2011، التي أطاحت برئيس مصر السابق، حسني مبارك. 

وكم خلد المصريون القدماء أحداثهم وشخصياتهم الهامة على جدران المعابد الفرعونية القديمة، أعاد فنانو الجرافيتي المصريين نفس طقوس تسجيل الأحداث الهامة، ورسم صور أبطال الثورة المصرية، ولكن على جدران الميادين والشوارع والمنازل.

واللافت في عدد كبير من لوحات الجرافيتي، هو أن الفنان الشهيد محمد كريستي، ظل الحاضر الغائب في عدد كبير من اللوحات المرسومة بطريقة الجرافيتي، وكان محمد كريستي، قائد مجموعات الرسم، يوجه الفنانين لرسم شهيد معين وكتابة شعار ثوري بجوار صورته، حتى استشهد. وبعد اسشهاده صار المصريون يشاهدون صورته مرسومة على الحائط مصحوبة بنفس الشعار الثوري الذي كان يحرص على كتابته في كل لوحة.

ولم يكن محمد كريستي هو فقط أيقونة ثورة 25 يناير الذي تم تخليده بواسطة فناني الجرافيتي في مصر، إذ اختار فنانو الجرافيتي اختاروا رسم صورة بأدوات هذا الفن لشهيد الثورة في مدينة السويس، الشهيد كريم جونيور، على حائط بطول ثلاثة طوابق مقابل منزل والدته، ليتاح لها رؤية صورة نجلها الشهيد يوميًا، بمجرد أن تفتح النافذة، وكأنه لا يزال يعيش معها، وكأن المصريين المعاصرين اختاروا أن يسيروا على نفس خطى أجدادهم الفراعنة بتخليد ذكرى أبطالهم وأحداثهم الهامة على لوحات فنية، ولكن هذه المرة على حوائط المنازل وفي الميادين، وليس على جدران المعابد.

خطوات إيجابية

الناقدة التشكيلية هبة عزت الهواري تتفق مع ما سبق، وتعتبر أن هناك ما هو مشترك بين فن الجرافيتي والنقش الفرعوني على جدران المعابد المصرية القديمة.

وأشارت إلى أن هذا الفن أثر على بعض الفنانين التشكيليين، وجعلهم يخطون خطوات إيجابية تجاهه، من بينهم الفنان التشكيلي عمار أبو بكر، والذي صمم مؤخرًا جرافيتي بمدينة الأقصر لشهيدة الورود شيماء الصباغ، التي استشهدت برصاص غادر في ميدان التحرير، بوسط العاصمة المصرية وهي تضع إكليلًا من الزهور على نصب شهداء ثورة 25 يناير.

وهو نفس ما تشير له الفنانة التشكيلية سوزي شكري، والتي ساهمت كثيرًا في توثيق فن الجرافيتي ومقارنته بالتشكيل الفرعوني، وتقول: فنان الجرافيتي يختلف هدفه الفني عن أي فنان آخر، حيث أن فنان الجرافيتي يعمل من منطلق حرية التعبير وليس الفن الدائم، وحددت خصائص هذا الفن، مشيرة إلى أنه عابر للزمن وعابر للمكان، حيث أن الفنان يستطيع أن يتنقل به من مكان إلى آخر حسب تضييق الخناق عليه من قبل السلطات الديكتاتورية، أيضًا هو ليس مرتبطًا بزمن معين، لافتة إلى أنه يمثل لدى الناس أسلوبًا خاصًا في مواجهة المجهول والقوى الخفية، حيث يشعرون بالطمأنينة بعد رسم تلك الصور على الجدران، وكأنها إعلان عمّا يملكونه من الأسلحة لمواجهة من يثورون ضده.

ثورات شعبية

أما الناقد التشكيلي د. زكي سالم، فربط بين الثورات الشعبية وازدهار فن من الفنون التشكيلية، واعتبر سالم أنه كما أن ثورة 1919 م. أدت إلى ثورة إبداعية في عدد من الفنون التشكيلية والرسم والتصوير والنحت، فيمكن اعتبار أن ثورة 25 يناير أدت إلى انتشار كبير لفن الجرافيتي، وتعرف عامة الشعب المصري عليه بشكل واسع، ولم يعد مجرد فن محصور في نطاق تشكيلي ضيق كما كان قبل ثورة 25 يناير، وأكد أن ثورة 25 يناير هي التي حققت طفرة في هذا الفن من حيث الإنجاز والانتشار.

أما فنان الجرافيتي شريف عبد المجيد، فيؤكد أنه أنتج 22 ألف صورة للجرافيتي، أبرزها كانت صورة لجرافيتي للشهيد الفنان محمد كريستي الذي كان قائدًا لمجموعات الرسم، وكان يراه دائمًا يوجه الفنانين، حتى رأى صورة كريستي نفسه مرسومة على الحائط ومكتوب حولها نفس الشعار الثوري الذي كان يحرص على كتابته، فحرص على التقاط هذه الصورة.

وعن أيقونة الثورة الشهيد خالد سعيد، قال عبد المجيد: إن أبرز جرافيتي رسم لسعيد هو الجرافيتي المرسوم في منطقته محرم بك بالإسكندرية، وفي ذهن أهله وجيرانه أن خالد لم يكن أيقونة الثورة مثل ما يتصور الناس، بل هو الشاب الذي كان يستعد لخطوبته.

اقرأ/ي أيضًا| ثورة مصر.. معركة المعنى

وأكد عبد المجيد أن المصريين وجدوا فلسفة ما في هذا الفن جعلتهم يقبلون عليه، مؤكدًا أن العديد من أهالي الشهداء كانوا يجرون بالميادين بحثًا عن صور أبنائهم، وإن لم يجدوها يحاولون أن يحثوا على رسمها، ظنًا منهم أن رسم تلك الصورة يمثل نوعًا من الرفض وحرية التعبير.

التعليقات