26/09/2018 - 16:05

لماذا تحقق الأفلام الرديئة إيرادات عالية؟

لا بدّ أنكم تساءلتم من قبل، لماذا تتمكّن بعض الأفلام، وإن كانت رديئة، من تحقيق إيرادات عالية في شبابيك التذاكر، فيما تفشل الكثير من الأفلام الجيدة والنوعية في اجتذاب المشاهدين؟

لماذا تحقق الأفلام الرديئة إيرادات عالية؟

(pixabay)

لا بدّ أنكم تساءلتم من قبل، لماذا تتمكّن بعض الأفلام، وإن كانت رديئة، من تحقيق إيرادات عالية في شبابيك التذاكر، فيما تفشل الكثير من الأفلام الجيدة والنوعية في اجتذاب المشاهدين؟

حاول باحثون من جامعة برمنغهام البريطانية فهم الكيفية التي يستطيع بها فيلم "فقير فنيًّا" الوصول إلى أعلى الإيرادات في السينما العالمية، وهي إيرادات ربما لم يتوقّعها منتجوه حتى، فأجروا دراسة اعتمدت على تحليل بيانات أكثر من ستة آلاف سيناريو لأفلام عالمية، حددوا من خلالها "مسارات" للقصة والحبكة، ليتمكّنوا من تحديد نوعية القصة التي تحوز إيرادات عالية وإن كان تقييمها سيئًا.

وأنتج الباحثون تخطيطًا للمحتوى البصري لتتبُّع المسار العاطفي لكل فيلم، ثم قسَّموا البيانات التي حصلوا عليها إلى مجموعات تمثل مجموعات من الرحلات العاطفية التي يمر بها المشاهدون أثناء متابعة الأفلام، ثم استخدموا تلك المجموعات للتنبؤ بمقاييس النجاح الشاملة للأفلام، بما في ذلك حجم الإيرادات ومستويات رضا المشاهد عن طريق تتبُّع قاعدة بيانات موقع IMBD الذي يتم فيه تقييم الأفلام والجوائز التي حصل عليها كل فيلم.

كما قاموا بتصنيف الأفلام إلى ستة "مسارات عاطفية"، وفقًا للتحولات العاطفية التي تمر بها أحداث الفيلم، أول هذه المسارات هو القائم على ثيمة "تحوّل البطل من الفقر إلى الغنى"، وهي أفلام تشهد صعودًا نفسيًّا متواصلًا، أما الثاني فهو القائم على ثيمة "تحول البطل من الغنى إلى الفقر"، لتشهد أحداثه هبوطًا عاطفيًّا متواصلًا.

أما الثالث، فهو المعتمد على ثيمة "البطل الساقط في حفرة، حيث تشهد تحوُّل حياة البطل من السعادة إلى الحزن ثم العودة مجددًا إلى السعادة. فيما يحمل المسار الرابع ما يعرف بأفلام "إيكاروس"، التي تشهد صعودًا كبيرًا للبطل يتبعه هبوط كبير.

ويضم المسار الخامس ما يُعرف بـ"أفلام سندريلا"، التي تقوم على ثيمة "صعود- هبوط- صعود"، فيما يضم المسار السادس أفلامًا عُرِفت بـ"أفلام أوديب"، التي تقوم على ثيمة "الهبوط-الصعود- الهبوط".

واستطاع الباحثون رسم خرائط المجموعات التي كانت الأكثر نجاحًا في شباك التذاكر. وأظهرت النتائج أن الأفلام التي تدور حبكتها حول "البطل الساقط في حفرة"، والتي تمر فيها رحلة البطل بمسار "سعيد- حزين- سعيد" كانت الأكثر نجاحًا من الناحية المالية؛ إذ بلغت تكلفتها الإنتاجية حوالي 40.5 مليون دولار بالمعدّل، وحققت إيرادات بلغت 54.9 مليون دولار.

وتوصل الباحثون إلى نتائج تعطي معلومات عن طبيعة الأفلام الأكثر نجاحًا من الناحية المالية من حيث الإيرادات المحلية، بغض النظر عن "النوع الفني" للفيلم وميزانية إنتاجه؛ إذ جرى التعامل مع الأفلام على كونها قصصًا، وكل قصة يرويها فيلم يحاول إثارة مشاعر الجمهور.

وأظهرت الدراسة أنّ تقييمات النقاد ترتبط بشكل إيجابي بالمسار العاطفي القائم على ثيمة "تحوُّل البطل من الغنى إلى الفقر" في الوقت الذي ترتبط فيه تلك الأفلام بعائدات منخفضة. وتشير هذه النتائج -وفق الباحثين- إلى أن النقاد يميلون إلى تفضيل الأفلام الصارمة (ربما مع نهاية غير سعيدة)، وهذه الأفلام تميل إلى أن تكون أقل نجاحًا في جلب الإيرادات.

كما توصل الباحثون إلى العديد من النتائج المثيرة للاهتمام فيما يتعلق بمؤشرات النجاح الأخرى. فعلى الرغم من أن أفلام "البطل الساقط في حفرة" تنتج إيرادات محلية أعلى إحصائيًّا بشكل ملحوظ من أي قوس عاطفي آخر، فإن تقييمات IMDb المرتبطة بهذا المسار العاطفي تكون سلبية، بمعنى أن تأثير المسار العاطفي لهذه الأفلام على تصنيف مستخدمي IMDb صغير إلى حدٍّ ما ولكنه مهم.

ويُرجِع الباحثون التناقض بين نجاح أفلام "البطل الساقط في حفرة" بمساراتها العاطفية المختلفة في تحقيق إيرادات وعجزها عن الحصول على إعجاب النقاد إلى عدة أسباب، أهمها أن أفراد الجمهور لا يسجلون -على الأرجح- ردود أفعالهم تجاه العمل الفني من حيث تقييمه ومراجعته في حالة عدم استمتاعهم بمشاهدة الفيلم، ما يمكن أن يخلق بعض التحيز في معدلات رضا الجمهور على موقع IMDb، التي عادةً ما تكون أقل من متوسط الرضا الذي يمثله موقف المشاهدين.

وتُظهر النتائج أنه عندما يتم دمج المسارات العاطفية مع أنواع مختلفة، ويتم إنتاجها بميزانيات مختلفة، فإن أيًّا من الأقواس العاطفية الستة قد تنتج أفلامًا ناجحة ماليًّا. ما يعني أن الاختيار الدقيق للتركيبات المناسبة للموضوع من حيث الدمج بين العناصر الثلاثة (النص- الميزانية- النوع) يؤدي إلى تحقيق نجاح مالي عن طريق شباك الإيرادات.

 

التعليقات