22/10/2016 - 10:04

كيف ماتت سارة؟

كيف ماتت سارة؟ مثل عدد من النساء الفلسطينيات، على يد أخيها، في جريمة قتل بذريعة الشرف، ماتت بعد ليالٍ من العنف والحبس والإهانة. في فيلم سارة 2014، يرى المشاهد، صراحة، كيف تتم ما تسمى بـ"جرائم الشرف"، من الداخل، وكيف هو الخلل في التركيبة.

كيف ماتت سارة؟

كيف ماتت سارة؟ مثل عدد من النساء الفلسطينيات، على يد أخيها، في جريمة قتل بذريعة الشرف، ماتت بعد ليالٍ من العنف والحبس والإهانة. في فيلم سارة 2014، يرى المشاهد، صراحة، كيف تتم ما تسمى بـ"جرائم الشرف"، من الداخل، وكيف هو الخلل في التركيبة المجتمعية التي يكون خطر الموت فيها ثمنًا للحب.

"سارة 2014" للمخرج الفلسطيني خليل المزين، فيلم مدته 84 دقيقة، يجسد قصة فتاة فلسطينية من أحد مخيمات غزة تعرضت للعنف الأسري والحبس ثم القتل على خلفية ما يسمى بجريمة الشرف، سعى المخرج من خلاله إلى إعلاء الواقع المجتمعي في إطارٍ يتراوح بين التجريد والفانتازيا والواقعية المفرطة، مبتعدًا عن الصورة النمطية للمرأة وللعلاقات وحيثياتها.

ثلاثة خطوط درامية تتقاطع وتتداخل في الفيلم لتشكل فرجة سينمائية يتجلى فيها الألم الإنساني مجردًا ومُعرّى من المبررات الأخلاقية وبعيدًا عن عادية التنظير الاجتماعي. فيتطرق إلى قضايا مجتمعية شائكة هي العنف الأسري والزواج المبكر والطلاق والعلاقات العاطفية والقتل على خلفية الشرف.

تسير أحداث الفيلم بشكل درامي لافت يجمع عناصر التشويق وتكنيك التصوير، والموسيقى وحبكة الفيلم المركبة بشكل يقوم على تداخل عملية صناعة الفيلم ذاته بداخل مشاهده، فيقوم نعيم (نعيم الخطيب) بكتابة سيناريو يحكي قصته مع سارة (إيناس السقا) يخرجه جمال (جمال أبو القمصان)، وتمثله هيا عاشور، التي تلعب دور سارة في فيلم نعيم الخطيب. تمسك شخصية جمال الخط الدرامي للفيلمين حيث يجمعهما من خلال التلصص على بيت سارة في المخيم ليعرف أخبارها ويتابع عملية هربها من بيتها وقتلها على يد أخيها، ويرفض في الواقع إجابة سؤال نعيم عن حبيبته المفترضة: كيف ماتت سارة يا نعيم؟

وهنا تلتحم الحكايتان في حبكة واحدة متضافرة تجمع الحكايتين في واحدة، فلا يعود المشاهد يفرق بينهما؛ ولا يعود يميّز قصة نعيم من قصة الفيلم الذي يقع بداخل الفيلم، فيصبح كالأحجية القابلة للتأويل من عدة جهات.

يتفوّق الفيلم بصريًا في اختيار زوايا التصوير فيتخطى قواعد المنظور المألوفة ليخرج المشاهد من عاديتها من خلال توظيف بارع للإضاءة والألوان والديكورات والتصميم الفني للمشاهد، والملابس ومواقع التصوير، أما ما يلفت الانتباه بشكل كبير أيضًا فهو قدرة الممثلين على أداء أدوارهم وتمكّنهم منها بشكل يعكس حالة التناقض البشرية بين الحياد الشديد والانفعال الشديد، ففي حين يكاد وجه جمال أبو القمصان ينطق في بعض المشاهد، نرى نعيم الخطيب ونضال دامو يقومان بأدوار شخصياتهما بهدوء عميق.

في غزة التي تغص بالقهر، يعلو الواقع على المتخيّل وتقطع الدراما كل ما هو عادي، فيهدم برج الباشا، على يد قوات الاحتلال في حرب عام 2014 على قطاع غزة، حيث مكتب "شركة لاما فيلم"، لتفقد الشركة بذلك ما أنجزته من مشاهد الفيلم التي تم تصويرها حتى ذلك الحين، فوجبت إعادة العمل عليها من البداية.

في هذا المقطع من الفيلم، والواقع، تصاب شخصية نعيم بالعجز ذاته الذي أصاب خليل المزين في وضع نهاية للفيلم متخّيلة، أو منطقية، ويقوم جمال بمحاولة إخراج نعيم من حالة الإنكار التي يعيشها لموت سارة، ولموت الفيلم، فيوظف تدمير برج الباشا في وضع نهاية الفيلمين معًا، واقعية أكثر مما يحتمل الخيال.

اقرأ/ي أيضًا | وثائقي يسلط الضوء على وحشية زواج القاصرات

فيلم سارة 2014 من إنتاج شركة لاما فيلم في غزة، أخرجه خليل المزين وقام ببطولته نعيم الخطيب، وجمال أبو القمصان، وإيناس السقا، وهيا عاشور، ونضال دامو، كتب الموسيقى التصويرية له جابر الحاج، وقام بالتصوير إبراهيم ياغي. وحاز الفيلم على الجائزة الأولى للأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي، وعرض في مهرجان دبي السينمائي، وحصل على جائزة أفضل تصوير في مهرجان "دكا" السينمائي.

التعليقات