لقاء مع الكاتبة أنوار سرحان

أنوار سرحان: ما زال البعض ينظر للترجمة من العبرية بعين الشكّ والتخوين..”

لقاء مع الكاتبة أنوار سرحان

 

 موسى حوامدة 06 نوفمبر 2010

أنوار سرحان- كاتبة ومترجمة فلسطينية من الداخل (48) مواليد 1975، محاضرة ومرشدة لغوية ومديرة بستان أطفال، حائزة على الماجستير في اللسانيات، تكتب القصة القصيرة والمقالة وصدرت لها مجموعة قصصية مستوحاة من واقعها كفلسطينية في إسرائيل حملت عنوان (الأفعى والتفاح- سيناريوهات لجرائم محتملة)، تمزج بين الهمّ الفلسطيني والأنثويّ . أشرفت على تحرير موقع “أدب الأطفال العربي” (2006-2008)، محررة بموقع دروب الأدبي. لها في انتظار النشر مشروع ترجمة لنماذج من الأدب العبري عبر أجيال (أصوات من هناك) ومجموعة (حوار مع الموت المعلن). ناشطة في الجمعيات الثقافية والاجتماعية لتطوير المجتمع الفلسطيني في الداخل.

* ماذا تقرئين حالياً؟
-أعيد السفر هذه الأيام في عوالم مقالات الشهيد غسان كنفاني التي وقّعها باسم “فارس فارس” ونُشرت بين عامَي 1968 و1972 لأتلذذ برؤية وجهٍ آخر لغسان، وجهٍ يجيد السخرية من أمراضٍ ثقافية تبدو شبيهةً بنماذج كثيرة مما لا يزال واقعنا الثقافيّ يعاني منها ، ولأرى كم نحن بحاجةٍ هذه الأيام لنقّاد بعمق رؤى غسان كنفاني وبصراحته وموضوعيته ووعيه وبلسانٍ حادّ لا يخشى أحداً كالذي تميّز به “فارس فارس” .كما أتلصص على عوالم الكاتب العبري الشاب “ألموج بيهار” في مجموعته “أنا من اليهود” فيما هو يصرخ ضدّ العنصرية الإسرائيلية ويسعى ليعود راسخاً إلى جذوره العربية.

* كتاب ندمت على شرائه أو قراءته
لا أذكر أني ندمتُ يوماً على شراء كتاب مهما بدا تافهاً ربّما لأنّ لكلّ كتابٍ عندي دورَه ، ثمّ إنّي انتقائية جداً في قراءتي ولا يمكن لي أن أكمل قراءة كتابٍ إن لم يشدّني كما ينبغي.

*هل وجدت شيئا يروق لك في السينما أو المسرح؟ أم شاهدت شيئا لم يعجبك؟
-لست متابعة جيدة للسينما، بيد أن أنظاري التفتت إلى المسرحيات المشاركة في مهرجان “مسرحيد” بعكا هذا العام من الداخل الفلسطيني .

* ما الذي يشد انتباهّك في المحطات الفضائية؟
- بيني وبين الفضائيات عداوةٌ كوني أرى أيّ تأثير قاتل لمعظمها في تسويق الرداءة وتسطيح الوعي وتبديد القيم ونفخ بالونات الهيليوم الفارغة من الجودة ورفعها إلى الفضاء .. بيد أني أسعى باستمرارٍ إلى البرامج الحوارية والثقافية وخاصة في قناة الجزيرة التي تعيد إليّ أملاً في الإعلام العربي.

* ماذا تكتبين هذه الأيام؟
-بعد صدور مجموعتي السردية “الأفعى والتفاح” على شكل سيناريوهات لجرائم محتملة، أحضّر هذه الأيام (إضافةً إلى انشغالي بالترجمة)، مجموعة بورتريهات بعنوان “وشاية بإرهابيين من ريش ودم” وهي بورتريهات مرسومة لنماذج إنسانية نلتقيها في واقعنا أحاول أن أرى ما يختزن وراءها مما قد يعنيني ويعني قارئي وجعاً أو حلماً..

* ما الذي أثار استفزازك مؤخراً?
- أوجعني أن أكتشف أنّ كثيرين من المحسوبين على الثقافة لا يمتّون لها بصلة، وأنّ أحدهم بمجرد أن تختلف معه في رأي ، يغدو قابلاً أن يعكس وجهاً دنيئاً ، فيكذب ويقذف ويسبّ ويقوّلك ما لم تكن لتقوله يوماً ، ويكتب عنك الكذب ويزوّر كلامك ويحرّف مواقفك، لترى فجأةً أن أقنعةً تتساقط ووجوهاً تتكشف فيبين من ورائها كم يبدو ذاك الذي ادّعى الموضوعية غيرَ قابل لتقبّلها إن كانت تعكس حقيقته وأنّ من ادّعى الأخلاق كان عارياً منها.. وقد تعرّضتُ لتزوير أقوالي والادّعاء عليّ من مدّعين للأدب والثقافة فقط لأني واجهتهم برأيي الموضوعي دون محاباة ولا تزلف فلم يحتملوا .

* حالة ثقافية لم ترق لك..
- تسوؤني على الصعيد الشخصي حالتان بشكلٍ خاص: أولاهما أن أراني مدينةً لبعض الإخوة العرب بتقديم شهادة حسن انتماءٍ وإخلاص لعروبتي لمجرّد كوني بقيت فوق أرضي المحتلة عام 48 ـ وثانيتهما أن البعض ما زال ينظر إلى الترجمة من العبرية بعين الشك والتخوين، مؤثراً دفن رأسه كالنعامة بدل أن يبحث عمّا يحدث هناك ويسعى للاطّلاع عليه، فلا يكتفي بتقصيره إنما يهاجم من يقوم بذلك أيضاً.

* حالة أو موقف أعجبك
- رغم تحفّظاتي على السلطة الفلسطينية وأدائها السياسي، إلا أنني أُعجبت جداً بموقف وزيرة الثقافة فيها من التواصل الفلسطيني- الفلسطيني وإطلاقها خطةً ساعية إلى ترسيخ التعاون الثقافي فلسطينياً ما بين الداخل والضفة وغزة والشتات، وآمل أن تترجَم هذه الخطة على أرض الواقع لعلّنا نشهد عودة الجسد الفلسطيني للالتئام ثقافياً .

* ما هو آخر نشاط إبداعي حضرته؟
- شاركت في جلسة أدبية قبل أيام وأستعدّ في الأيام القريبة للمشاركة في مهرجان أدبي نعلن فيه عن تشكّل رابطة للكتاب والأدباء الفلسطينيين في الداخل بعد جهود طويلة وجادة، و نسعى فيها لتحريك الثقافة الداخلية والمساهمة في انفتاحها وتواصلها مع الثقافات العربية .

* ما هي انشغالاتك الاجتماعية؟
- أتوزع أجزاءً ما بين أمومتي لأطفالي الخمسة ومهام عملي كمحاضرة ومرشدة لغوية ومديرة لبستان أطفال في آن.. وتطوّعي في بعض الجمعيات الاجتماعية الساعية لتطوير المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، ووسط كل هذا أهرب إليّ وألوذ بي نصّاً.

* فرصة ثمينة ضاعت منك
- نصف حياتي فرصٌ ثمينة ضائعة، ونصفها الآخر فرصٌ أثمن أسعى لالتقاطها لأعوّض خساراتي..

* ما الذي يشغل بالك مستقبلاً؟
- يؤرّقني حدّ الرّعب تصوّري للمجتمع الذي سيحيا فيه أبنائي وأنا أراه يتهاوى سقوطاً فظيعاً، في غياهب العنف والأنانية وضيق الأفق ومحدودية الانتماء.

* هل لديك انشغالات وجودية؟
- هي نفسي وهي طينتي التي جُبلت عليها.. أبحث عني وعن الكون فيّ وعن الله الذي أحبّ وعن روحي وشظاياها . أنشغل بتساؤلات ما أنفكّ كلما قطعت خطوة فيها أرى كم يطول الطريق أمامي .

* ما الذي ينقص الثقافة العربية؟
- .أظن أن ثمة شرخاً بين المثقف ومجتمعه .. تتضاءل الطبقة الجسرُ بينهما فيغدو للمثقف عالمه البعيد عن مجتمعه ليعاني ” شيزوفرينيا ثقافية” ، حتى ليكاد يكون شخصين منفردين: واحداً مثقفاً وآخر يحيا في المجتمع. وبرأيي يتحمل المثقف العربي مسؤولية في سد هذه الفجوات وتجسير العلاقة بين الثقافة والمجتمع.

• ما الذي ينقص بلدك على الصعيد الثقافي؟
كما نعرف فإن لفلسطينيي الداخل وضعيةً خاصة أقساها المحاولات المكثفة لطمس الهوية العربية والفلسطينية ولأسرلة الفكر والثقافة، غير أن المثقف الفلسطيني الساعي باستماتةٍ للتمسك بهويته وانتمائه يجد نفسه وحيدأً إذ يمتنع عن التعامل مع المؤسسات الإسرائيلية ويرفض التطبيع معها، دون أن يجد البديل العربي الداعم إلا نادراً . لذا ينقصنا الكثير الكثير. وحالتنا الثقافية تعاني من أمراضٍ كثيرة أبرزها الركود الثقافي داخلياً وخارجياً . فرغم وجود طاقات إبداعية وثقافية هائلة إلا أن أي إنجاز ظلّ في معظمه على صعيد أفراد ولم يشكّل حالة ثقافية.. تنقصنا مؤسسات تدعم الثقافة وتطوّرها ، تنقصنا حركة نقدية فاعلة ، تنقصنا ترجماتٌ تسوّق للأدب الجاد، تنقصنا إمكانيّات تفعيل الثقافة ونشرها بما يكفي لعلّنا نخرج من طور الجهود الفردية وننجح في تشكيل حالة ثقافية صحية متنوّعة ومنفتحة تجيب على حاجياتنا وخصوصيتنا.

* هل أنت راضية عما حققته حتى اليوم وهل تسعين لمنصب معين؟
لم أحقق بعدُ شيئاً مما أراني موعودةً له، ولم أنجز ما يجعلني راضية ، سوى أنني أومن أني ربّما قد خطوتُ خطوتي الأولى في مسيرتي نحو نفسي . أما المنصب الوحيد الذي أسعى إليه مذ وعيت نفسي فهو أن أكون سيدة نفسي الوحيدة وألا أحتكم إلا لأنوار التي تسكن أعماقي.

الدستور الثقافي -06-11-10
زاوية انشغالات
إعداد: موسى حوامدة.

.

التعليقات