بين أن تكون نبيلاً أو تكونَ نبيل عودة/ أنوار سرحان

أمّا أوّلاً فليسامحني الله وليغفر لي نبيل عودة أنّني تخصّصتُ بدايةً في تربية الأطفال (الذين لم تتدنّس قلوبُهم بعدُ)، ثم اتّجهتُ فيما بعدُ للبحث في اللسانيات

بين أن تكون نبيلاً أو تكونَ نبيل عودة/ أنوار سرحان

أمّا أوّلاً فليسامحني الله وليغفر لي نبيل عودة  أنّني تخصّصتُ بدايةً في تربية الأطفال (الذين لم تتدنّس قلوبُهم بعدُ)، ثم اتّجهتُ فيما بعدُ للبحث في اللسانيات (بعيداً عن نظافة اللسان أو عدمها) ، ولم أتعمّق في معرفة الطبّ النفسيّ بما يكفي  ليكونَ من مهامي أن أعالجَ ما يفور من  عُقد المأزومين المهزومين الذين لا يحرّكهم غيرُ إحساسهم بالدونية والقاعيّة،  وحقدهم على كل قبس نورٍ قد يذكّرهم بعتماتهم التي لا تتبدّد..

 كما إني حقيقةً حقيقةً،لا أومن بالشعوذة والدّجل ولا أدّعي أنّ لديّ جنّيّاً أسخّره لعمل "سحرٍ" شافٍ لمن غلبَهم البؤسُ الثقافيُّ والانحطاطُ النفسيّ والانغلاقُ الفكريّ والتخلّفُ الإنسانيّ.

 وأمّا ثانياً، فللحروب والمعارك أصولُها المقدّسة كما أراها، أبسطُها أن تكون حرباً نبيلةً مع خصمٍ نبيلٍ، وطبعاً طبعاً أعني النّبل صفةً لا اسماً.. وقد كنتُ صريحةً في هذا مع المدعوّ نبيل عودة، منذ أوّل تكشّفٍ ٍ له منذ أكثر من سنة، أمامي وأمام القرّاء في أوّل (وآخر) حوارٍ إلكترونيّ بيننا عبر موقع دروب الأدبيّ، الذي تفسّخ فيه قناعُه فتقشّر عن نفسيةٍ مريضةٍ وقلمٍ مدّعٍ، يطالب بالصراحة، ويرفضها إن أبدت عيوبَه، يدّعي الانفتاحَ وينغلقُ على آرائه وعنصريّته، ينادي بالموضوعيّة ، ثمّ يلغي كلّ من قبله ومن بعده ومَن خالفه أو اختلف عنه ، ولمّا بانت صفاته في ردٍّ متسافلٍ عليّ ، قلتُ له  بكلّ وضوحٍ وصراحة: لن أردّ عليك ولو شتمتَ أبي !!

 ذاك أنّي كما يعرفُ كلّ من يعرفني، أتقبّل وأحتوي وأحترمُ وأسعُ كلّ اختلافٍ ما دام موضوعيّاً وراقياً، ولكنّني أربأ بنفسي عن الانحدار إلى ما نضح به نبيل عودة من سوقيّة الأسلوب ودناءةِ الألفاظِ وسخفِ الطّرح وتزييف الحقيقة، بما لا يليق بمن يدّعي في نفسه الثقافةَ أو الفكرَ أو الأدبَ، بل ولا يليق أصلاً بأدنى أخلاقيّات الإنسان البسيط. ولمّا لم يستطِع السيّد نبيل تحمّل إجابتي (وأعذره فالحقيقة تبدو مُرّةً أحياناً ولا يفيد غمسها بالسكّر)، فراح يفتري ويشتم في المواقع ، بل ويرسل إليّ بالرّوابط لدفعي إلى الردّ ،وكان جوابي الوحيد: إنه لا يليق بي خصماً، ذاك أنّي لا أبارز صغيراً (وإن بدا بشَعرٍ أبيض أو ربطةٍ تخنق فكرَه ورؤاه قبل عنقه)، كما لا أُشهر سيوفي لأصحاب السيوف الصدئة، ممّن سلاحُهم هو الكذبُ والافتراء وتشويهُ الحقائق والتّطاولُ الشخصيّ، سعياً إلى جرّ غيرهم نحو مستنقعات سجالٍ نتنة..

 لكن ماذا نقول فيمن لا يفقهون معانيَ الصمت ؟؟ "فالنبيل"  حسِبني أصمت رعباً ولم يفهم أنّ ثمة من يقدّس الكلمة حدّ أن يستخسرَ وضعَها في موضعٍ لا يليق بها.. فراح "النبيل جداً" ينشر تهجّماتِه عليّ ، باسمه الصّريح أو المستعار ،  ناسياً أنّ لغته المطعوجة، وسوقيّتَه الممجوجة تشي به ولو تخفّى وراء ألف حجاب... ولم أردّ عليه أيضاً.

 ثمّ راح يكرّرُ ويضيف في المواقع، تلفيقاً وكذباً وافتراءً فيقوّلني ما لم أقل ويدّعي عليّ ما لم أفعل.. وينسبُ إليّ ما أراد لي أن أكون عليه.. ولم أردّ أيضاً (احتراماً لنفسي ولقداسة المعارك!).

 وفيما بعد راح يهاجم اتحاد الكتّاب الذي يشرّفني أن كنتُ من المساهمين في تأسيسه ، وأن مُنحتُ ثقة أعضائه، وإنّما كلمتي هذه تأتي التزاماً بمسؤوليّتي كأمينةٍ عامّةٍ لاتّحاد كتّاب أعتزّ به وبمبادئه وغاياته وأفرادِه، واحتراماً للحقيقة التي يسعى نبيل عودة وأقنعتُه لتشويهها، بنشر ما أمكن من تزييفٍ بهدف وأد مشروعٍ ثقافيّ نبيل (بالمعنى الحقيقيّ لا "العوديّ")، مشروعٍ هدفُه الأساسيّ تفعيلُ حراكٍ ثقافيّ راقٍ يليق بطاقات مبدعينا ،كما يسعى إلى إعادة هذا الجزء العربيّ الفلسطينيّ إلى جسده الحقيقيّ ثقافيّاً.

 فقد تأسّس اتحّاد الكتّاب العرب الفلسطينيين في حيفا،  في أجواءٍ إيجابية، ديمقراطية ومُحبّة، بهمّة وجهودِ كتّاب وأدباء معطائين، واثقين، يلتزمون بالمسؤوليّة الجماعية، ويجمعُهم الهمُّ المشترك، ولا شكّ أنّ لدينا فيه مسؤولياتٍ ثقافيةً واجتماعيةً كبيرةً ككتّابٍ عربٍ فلسطينيين نعيش في ظلّ واقعٍ استثنائيّ، وأمامنا مشاريعُ ضخمةٌ وبرامجُ كبيرةٌ نسعى لإنجاحها وتطبيقها بأمثل صورةٍ، كما لنا طموحاتٌ وتطلّعاتٌ تحتاج إلى تكاتفٍ وتآزرٍ للقوى ، وتستحقّ أن نستثمرَ فيها طاقاتِنا وأوقاتنا بدلاً من هدرها على "النبلاء" من هذه الفئة!

  وما كلمتي  إلا تأكيداً على الإيمان بالمسيرة  وبالدّرب الذي سلكتُه مع رفاقي وسنتابعه بعون الله ، واعتزازي بجميع الأعضاء الذين انتسبوا للاتحاد ، كما بأولئك الذين ما زالوا ينتسبون، (بل وبكلّ مبدعٍ حقيقيّ وإن خالفنا لسببٍ موضوعيّ بيّن غير ذاتيّ أو متخفٍّ).

 وقد حظي اتّحاد كتّابنا  بدعم وانتماء باقةٍ من أهمّ الأسماء والطاقات الإبداعيّة من الرّعيل الأوّل والثاني، والذين يشكّلون مجلساً استشاريّاً ومرجعيةً فكريةً  نعتزّ بهم وبمسيراتهم وعطاءاتهم ، كما يشملُ الاتحاد طاقاتٍ شبابيةً تنضح بمواهبَ إبداعيةٍ تبشّر بالكثير، إضافةً إلى مبدعين دلّ عليهم إنتاجُهم وتاريخهم بما لا يدعُ مجالاً للمزاوَدة على عطائهم ومسيراتهم. وجميعُ الأعضاء الذين فاق عددهم مئة كاتبٍ إلى الآن، هم أكبرُ من الاستخفاف بهم أو الاستهتار بعطائهم وأدبهم ونزاهتِهم ، أو محاولة التنكّر لوجودهم المشرّف كما سعى عودة أن يفعل. وقريباً سيتمّ الإعلانُ عن قائمة الأعضاء بعد أن يُستكمل التوجّه لمَن لم تسعفنا الظروف بالتوجّه إليهم سابقاً من المبدعين الذين نعتزّ بهم، كما أنّ باب الانتساب ما زال مفتوحاً لكلّ مبدعٍ يؤمن برؤى الاتحاد ويرى نفسه جزءاً منه.

وإذ يعتزّ الاتحاد بكلّ مبدعٍ فيه ويحترم نتاجَه الأدبيّ والفكريّ، فإنّه يسعى أيضاً بما أوتي واستأتى لتوفير الإمكانيات التي تستحقّها هذه المواهبُ في سبيل حراكٍ ثقافيٍّ حقيقيّ يُعيد رسمَ الخريطة الثقافيّة بما يليق بالطّاقات والإبداع وبثقافة مجتمعنا .

 أما "نبيل" المبدع "العظيم جداً جداً"، الذي "لا يضاهى" والذي" يقبع على رأس الحربات الثقافية" (كما يقول)  والذي ما زال يقيس الإبداع بكمّ ما ينشر (وإن كان يهطل حروفاً مبعثرةً تنكّل بالقارئ فتلقي بمبتدأ دون أن يتواجد في النصّ كلّه خبرُه، أو ترمي بجملةٍ شرطيّةٍ وتخبئ جواب الشرط في عقل كاتبها) "وحزّر فزّر يا قارئ ما الذي يعنيه نبيل؟"، فإن كان يخشى أن ينسحبَ بساطُ الوصاية من تحت أمثاله، فليعلم أنّنا لا نسعى لوصايةٍ على أدبٍ ولا أدباء، ولا نحلم بمناصب تمنحنا شرفاً وتميّزاً، لقناعةٍ في أنفسنا بأنّ الكنز الحقيقيّ هو ذاك الموجود فينا لا في كرسيّ أو لقبٍ لا يدوم.. ثمّ فليتفضّل السيّد النبيل ويترشح لما يشاء من المناصب التي يراه موعوداً لها .. فرّبما حينها يرى الحقيقة في مرآةٍ شفّافةٍ غير مصبوبة من الباطون.

 ولا ريبَ أنّ اتحادنا يسمو فوق أيّ انتماءٍ حزبيٍّ ، ولا يُحسَب على جهةٍ أيّاً كانت، وهو مستقلٌّ فكريّاً وسياسيّاً وإبداعيّاً، غيرَ أنّه يسعى للتّواصل والتّعاون  مع كلّ جهةٍ ثقافيّةٍ نزيهةٍ، تخدمُ غايتَنا المقدَّسة في تفعيل ساحتنا الثقافيّة وتطويرها، وفي إعادة هذا الجزء من شعبنا وثقافتنا، إلى الكلّ الفلسطينيّ والعربيّ والإنسانيّ ، فمهما جزّأتنا حدود الجغرافية والتاريخ تظلُّ ثقافتنا واحدةً، لذا، نعتزّ بالتّعاون مع أبناء شعبنا الفلسطينيّ والعربيّ ومع كلّ الشّرفاء في كلّ مكانٍ فوق الأرض.

 أخيراً أؤكّد مجدّداً،  رفضَ الانجرافِ وراء نبيل عودة ومحاولاته البائسة لتزييف الأمور وتشويه حقائقها، وأنّي وزملائي سنتابع معاً دربَنا الذي آمنّا به، وأبسطُ أسسه أنّ الفردانيّة تتكامل بالجهد الجماعيّ، وأنّ أروعَ السّبل لرؤية نورنا الحقيقيّ، هي أن نجمعه بأنوار حقيقيّةٍ كثيرة يتميّز عنها ويتكامل بها في آن، وأنّ السّاعين إلى إخماد الأنوار من حولهم وإطفاء بريقها، إنّما يؤكّدون خوفَهم منها كاشفةً لزيف بريقهم وواشيةً بوهن حقيقتهم.

ومحبّة للجميع...

التعليقات