عرض مسرحي لفنان بريطاني في بيروت: ثورة اطفال فلسطين على الملك كروك

عنوان العرض المسرحي الذي قدمه أطفال من مخيم شاتيلا في بيروت الشهر الماضي، وعلى مدى أسبوع على خشبة مسرح مونو التابع للجامعة اليسوعية في الأشرفية. عرض أعد نصه وأخرجه الفنان البريطاني بيتر مورتيمر خلال عيشه لحوالى سنتين في المخيم، وإنجازه كتاباً يحمل عنوان مخيم شاتيلا. وقد ترافق العرض مع موسيقى حية عزفها فنانون من بريطانيا.

عرض مسرحي لفنان بريطاني في بيروت: ثورة اطفال فلسطين على الملك كروك

من زهرة مرعي: 'Croak,the King and a Change in the Weather' عنوان العرض المسرحي الذي قدمه أطفال من مخيم شاتيلا في بيروت الشهر الماضي، وعلى مدى أسبوع على خشبة مسرح مونو التابع للجامعة اليسوعية في الأشرفية. عرض أعد نصه وأخرجه الفنان البريطاني بيتر مورتيمر خلال عيشه لحوالى سنتين في المخيم، وإنجازه كتاباً يحمل عنوان مخيم شاتيلا. وقد ترافق العرض مع موسيقى حية عزفها فنانون من بريطانيا.
نص روى قسوة الملك وأنانيته، جشعه وجوعه الدائم، وروى نهمه المتواصل لالتهام أطايب الدنيا، فيما تعيش رعيته حرماناً وقهراً وفقراً. وفي مسار الأمور الطبيعي أن تكون نهاية هذا الملك الإعدام، وهذا ما كتبه الفنان مورتيمر خاتمة لنصه. لكن كانت المفاجأة أن الأطفال الذين اختارهم لتجسيد نصه، وبعد زمن قصير من التدريبات جاؤوا جميعهم ليطلبوا من المخرج عدم إعدام الملك، بل بمنحه فرصة أخرى ليثبت حسن سلوكه. هو اختيار أذهل المخرج، ولم يكن أمامه سوى الاستجابة له.
في هذا العرض الذي سبق تقديمه في إنكلترا بدا الأطفال مرتاحين للغاية في المهمات الفنية الموكلة إليهم. كانوا فرحين لأن بيتر مورتيمر عرّفهم للمرة الأولى على المسرح وجعلهم أبطاله. كانوا فرحين لأنه رافقهم إلى إنكلترا، ومن ثم إلى شارع مونو في الأشرفية. فسكان المخيمات في لبنان نادراً ما يغادرونها. لكنّ فناناً من إنكلترا جعلهم يعيشون فيها لأيام، كما عرّفهم إلى الأشرفية في بيروت.
مع بيتر مورتيمر كان هذا الحوار حول رحلته الاستكشافية لمخيم شاتيلا وحول العرض المسرحي. هنا التفاصيل:
* لماذا أنت في مخيم شاتيلا؟
* صديقة لي زارت مخيم شاتيلا ولدى عودتها قدمت لي صوراً عن المخيم الذي كنت أجهله تماماً، وعندها قررت زيارة المكان والكتابة عنه. إنجاز خطتي هذه استغرق سنتين، حيث ولد بعدها كتابي 'مخيم شاتيلا'، وبما أني كاتب مسرحي فكرت وكتبت مسرحية للأطفال.
* ومتى نشر الكتاب؟
* استغرق الكتاب مني وخلال وجودي في المخيم تسعة أشهر، ونشر سنة 2009. وذلك العام خصصته للكتاب وتحصيل المال من أجل أن يزور الأطفال إنكلترا لتقديم عملهم المسرحي.
* ماذا قال لك البؤس الذي شاهدته في شاتيلا؟
* المسرحية التي كتبتها استندت لأحد كتبي وهو يحكي عن أسطورة كتبتها سنة 1997، لكن المسرحية والكتاب معاً ينتقمان من أوضاع البؤس التي يعيشها أهل المخيم. واللافت أنه خلال التمرين على المسرحية جاءني الأطفال طالبين أن يبقى الملك على قيد الحياة في القلعة. فقلت لهم كما تشاؤون. وفي ختام المسرحية يقولون نحن أطفال شاتيلا قررنا أن يعيش الملك ويعطى فرصة أخرى. وهذا الموقف مهم وملحوظ في مخيم للاجئين، حيث الموت يعيش بين الناس. لافت جداً أن يقول الأطفال بإعطاء فرصة للطاغية.
* لماذا برأيك كان قرار الأطفال هو التسامح؟
* تعاطفت معهم وقد يكونون قد انزعجوا لأن النص ينتهي بالموت. بالنسبة لي لم أعش حالات الموت، لكن أطفال شاتيلا شاهدوا الكثير من الموت.
* التغيير الذي طرأ على نص المسرحية هل له علاقة بتجربتك المسرحية أم لا؟
* السؤال مهم لكني لا أعرف الجواب. لقد فاجأني الأطفال تماماً. وذهلت لتفكيرهم هذا بالموضوع. فهم يملكون المسرحية تماماً كما أملكها وهذه إرادتهم وليكن كما يشاؤون.
* هل غيرت تجربتك وعيشك في شاتيلا أفكاراً مسبقة لديك عن المسرح؟
* هذا أصعب ما قمت به خلال 25 سنة من العمل في مدارس إنكلترا كتبت خلالها أكثر من 20 مسرحية. كان عليَ العمل مع أطفال لا يعرفون أمراً عن المسرح. كما أنهم لم يروه مرة من قبل، ولا يعرفون عنه أية معلومة. ولهذا كان الأطفال يجهلون أمور التوقيت والمواعيد والانضباط. كنت أحتاجهم وأجدهم قد رحلوا لمكان أجهله. وعندما حان وقت أن يرتدي الأطفال ثياب المسرحية، خمسة منهم رفضوا. فزرنا أهلهم للوصول إلى حل. كما وتجلت صعوبة أخرى خلال التجربة تمثلت في اللغة.
* ما هي الآثار التي تركتها هذه المسرحية على الأطفال وعليك شخصياً؟
* اكتشفت أن المواهب موجودة حتى لدى الأطفال الذين يعيشون في هذا المخيم. وقد يكون للمكان تأثيره على مواهبهم. وهم فعلاً أظهروا هذه المواهب في إنكلترا وبيروت. وكان هذا أمراً عظيماً في إكساب هؤلاء الأطفال ثقة بذاتهم. من الصعب تحديد مشاعري حيال هذا الواقع الذي عشته في شاتيلا، لكن من الواضح أنه مطلوب المزيد من المحترفين للعمل مع أطفال المخيمات. ربما في محاولة لنشر الثقافة والفن لدى أطفال مخيمات الشعب الفلسطيني. وهذا قد يساهم في إلهام إضافي لهذا الشعب.
* ما هو هدف عرض المسرحية في إنكلترا؟
* عندما بدأنا التمارين على المسرحية واجهتنا المصاعب في كل ما نحتاجه من مسرح وملابس وديكور. ولأنهم كانوا على درجة جيدة من التمثيل طرحت فكرة أخذهم لتقديم العرض في إنكلترا. وبمجرد أن وصلتهم الفكرة صاروا ملحاحين على السفر والسؤال عن الموعد. ولتحقيق هذه الفكرة كان علينا جمع 25 ألف جنيه تكاليف الرحلة. وهذا ما تم. والعروض في إنكلترا أدهشت المتفرجين. وجرى ذلك على مدى عشرة أيام. وفي آخر عرض وبعد نهايته كان الجمهور مصراً على بقاء الأطفال لمزيد من العروض. وصار هذا الجمهور يقدم للأطفال هدايا مما يملك في هذه اللحظة مثل الخواتم. وفي عرضنا في إنكلترا سعينا لتقديم معلومات للناس عن الحياة في المخيمات في لبنان، خاصة عن مخيم شاتيلا وتاريخ نشوئه.
* وأخيراً ماذا تقول؟
* كما أثرت المسرحية على الأطفال تركت كذلك أثرها على نفسي. وهي شكلت بالنسبة لي عملية تعليمية ككاتب مسرح. لذلك تغيرت حياتي خلال هاتين السنتين ومن خلال هؤلاء الأطفال. وعندما عرضنا في إنكلترا شاهدها زملائي مع تلامذتهم، ومنهم من تحمس للمجيء إلى المخيم، من بينهم موسيقيون ورسامون شغوفون بعيش التجربة ذاتها.

بيروت ـ 'القدس العربي'

التعليقات