داعشيات: حداء على يوتيوب/ رائد وحش

المعركة التي صار لها رصيدٌ من الفيديوهات تقوم على نمط "الرديّة"، وهو لون شعريّ غنائيّ معروفٌ في نجد والحجاز. الداعشيون اتخذوا ذلك الفلكلور البدويّ أسلوباً في الدعاية الحربية، حيث تتكرّر في الأغنية لازمة "يا عاصب الراس وينك". وعاصب الرأس هذا هو الشخص الذي يتلفّع بشماخ أو حطة رأس استعداداً للحرب. والأغنية إذ تسأل عن ذلك الشخص إنما تدعوه للالتحاق بهذا التنظيم في "أرض الجهاد"، الأرض التي أقام عليها دولته، وكلمات الأهزوجة تقول: "وبالشام دولة شريعة، ورجال تهوى الطليعة"، و"في عراقنا مبتداها، وبالشام وصّل مداها".

داعشيات: حداء على يوتيوب/ رائد وحش
تدور منذ أشهر على "يوتيوب" معركة شعرية بدأها سعوديون يقاتلون في صفوف "داعش"، وتفاعل معها سعوديون آخرون لا يزالون في بلادهم.
المعركة التي صار لها رصيدٌ من الفيديوهات تقوم على نمط "الرديّة"، وهو لون شعريّ غنائيّ معروفٌ في نجد والحجاز. الداعشيون اتخذوا ذلك الفلكلور البدويّ أسلوباً في الدعاية الحربية، حيث تتكرّر في الأغنية لازمة "يا عاصب الراس وينك". وعاصب الرأس هذا هو الشخص الذي يتلفّع بشماخ أو حطة رأس استعداداً للحرب. والأغنية إذ تسأل عن ذلك الشخص إنما تدعوه للالتحاق بهذا التنظيم في "أرض الجهاد"، الأرض التي أقام عليها دولته، وكلمات الأهزوجة تقول: "وبالشام دولة شريعة، ورجال تهوى الطليعة"، و"في عراقنا مبتداها، وبالشام وصّل مداها".
 
في المقابل ردّ السعوديون على تلك الدعاية بنفس اللحن، لكن بأسلوب رافض للدعوة، باعتبارها نوعاً من الكذب والتدليس، وتفاعل معها شعراء شعبيون كثر، وقدّموا كلماتهم في جلسات غنائية عادية، وهو ما يعكس مزاجاً شعبياً رافضاً لما يجري، فرد السعوديين غيّر اللازمة إلى "يا عاصب الراس ويلك"، في محاولة لتحويل النداء إلى تحذير. ومما جاء في إحدى الأهازيج: "سفكت دمن حراما، تذبح رجالن صياما"، "يا مدعي بالجهادي، ما شفت غزة تنادي". الفارق أن جلسات الداعشيين ملأى بالأسلحة.
 
ثم صار الردّ بالرد، حربٌ من النقائض، وصراعٌ لغوي تحوّل إلى هجاء آل سعود و"عبيدهم" المستريحين في بيوتهم، حسب فريق داعش، إضافة إلى النيل من شخصيات بارزة في النظام السعودي كوزير الداخلية محمد بن نايف، حيث يخصونه بالقول: "بالآر بي جي والقذايف، ندعس على نجل نايف". وتحوّل الفريق الآخر إلى تقديم أنفسهم بوصفهم "صقور بن نايف"، وهو ما أخذ المعركة الشعرية إلى مطارح أخرى، فبدا الأمر مختلطاً، لدرجة تشعر فيها أن "داعش" حزب سعوديّ معارض.
 
الطريقة التي جاءت فيها "الرديّة" تؤكّد أن "الدولة الإسلامية" تريد أن تثير النزعة البدوية بالذات، وهي تتعدّى كونها طريقة دعائية للتنظيم وفكره ومشروعه، ذلك أن الدعاية السياسية والعقائدية تتولّى شؤونها "مؤسسة الفرقان" ذراع داعش الإعلامي. وفي تاريخ تنظيم القاعدة، بمختلف أسمائه وتحولاته، العديد من الأغاني الحربية التي تعرض لفكره، وتلعب دور الدعاية والتبشير للجمهور المستهدف من جهة، كما توصل رسائل التهديد والوعيد للفريق المناوئ من جهة أخرى. ولعلّ آخر ما اشتهر من هذه الأغاني "بالذبح جيناكم" التي ظهرت على لسان طفل سوري في بلدة "بنّش" في إدلب.
 
الجديد الآن هو النزعة البدوية التي تريدها منزوعة من كل السياقات الزمنية لتلك الثقافة، باستثناء الإيمان بالقوة والقتل. هي بداوة أخرى، تقريباً بداوة قطّاع الطرق. ولعلّ ما يجعلنا نرى ذلك أن من يتولى المسألة هم بدو، ويخاطبون أبناء المناطق البدوية، في حين أن المهاجرين إلى "دولة الخلافة"، من العرب والجانب، لم يفعلوا ذلك، ولم يقدّموا أغانيهم وفلكلوراتهم، بل العكس تماماً، هم تماهوا مع مقاصد وأسلوب "يا عاصب الراس".
 

عن "العربي الجديد"

التعليقات