"الحدثة" في لوحات مروان أبو الهيجاء

يستذكر الفنان التشكيلي الفلسطيني مروان أبو الهيجاء (72 عاما) في لوحاته وأعماله الفنية قرية الحدثة المهجرة منذ عام النكبة 1948، وهو من مواليد الحدثة التي تقع شمال فلسطين قضاء عكا، انتقل للعيش في مدينة طمرة،

لوحات فنية لمروان أبو الهيجاء

يستذكر الفنان التشكيلي الفلسطيني مروان أبو الهيجاء (72 عاما) في لوحاته وأعماله الفنية قرية الحدثة المهجرة منذ عام النكبة 1948، وهو من مواليد الحدثة التي تقع شمال فلسطين في مرج ابن عامر، انتقل للعيش في مدينة طمرة، تعلم الفن على نفسه في بداية الأمر، ثم تابع دراسته لأصول الرسم والتلوين والتشكيل على يد الفنان الفلسطيني عبد عابدي، من خلال مجموعة من الدورات الفنية التشكيلية، أعماله الفنية جامعة لمدارات الذاكرة الفلسطينية التي تسكنها الأزقة والحارات والهضاب الخضراء في وطنه فلسطين، والبعض يضج منها ألوان الفرح وضجيج الورود والأشجار، وشموخ أسوار وميناء يثري المشاهد الموصوفة داخل حيز تضمه لوحة تشكيلية.

أقام مجموعة من المعارض الثنائية والجماعية في الداخل الفلسطيني. تشي تجاربه الفنية، بحقيقة مشاعره وأحاسيسه وانحيازه لذاته ومحيطه وموطنه وناسه، من خلال أساليبه المتفردة والعاكسة لمقدرته على صياغة مواضيعه وتقنياته وخصوصية أسلوبه الفني التشكيلي، المربوط بحبال الوجد والبساطة والتبسيط الشكلي للأماكن والشخوص.

 

تهجير وأسر الأخوة في الحدثة

يقول أبو الهيجاء: 'هُجرت من أرضي مع أهالي القرية عندما كنت في السادسة من عمري، وذلك في العام 1948، حيث أتت العصابات الصهيونية تبحث عن بنادق في القرية أكثر من مرة ولم يلب أهالي البلد الذين بلغ عددهم قرابة الـ 600 نسمة في تلك الفترة طلبها، إلى أن تلقينا تهديدا لتسليم البنادق خلال ثلاثة أيام، أذكر أن حالة الخوف كانت تسيطر على الفلسطينيين بسبب مجزرة دير ياسين التي ارتكبت آنذاك، لقد تم أسر أخوتي الاثنين لمدة ثلاث سنوات بعد أن قبضت عليهم العصابات عندما ذهبوا لإحضار ما تم قطفه من ثمار المزروعات في الأرض'.

وتابع: 'لقد هُجرنا من القرية إلى مناطق كثيرة في فلسطين المحتلة وخارجها، على أمل أننا سنعود بعد أسبوع حتى تهدأ الأمور، إلا أننا نتواصل مع بعضنا البعض إلى يومنا هذا، وهناك ارتباط وثيق مع تراب الحدثة وأرضها، فالوطن غال وتراب الوطن أغلى من الذهب، هناك ترابط روحي وجسدي مع الحدثة، حيث تميل أعمالي الفنية أكثر إلى كروم الزيتون في الحدثة وإلى تلالها وأطلالها، ففي إحدى اللوحات التي أطلقت عليها اسم 'على أطلال الحدثة' رسمت إمرأة وابنتها تقفان على أطلال الحدثة في حالة تأمل وانتظار لتحقيق العودة، وفي لوحة أخرى رسمت كروم الزيتون التي تعود مليكتها لأهالي الحدثة، فبالرغم من تهجيري من القرية إلا أن صورة القرية لا تزال عالقة في ذهني وأذكر معالمها، فصورة أمي مع نساء القرية عندما كن يذهبن لإحضار 'البقل' لا تزال راسخة في ذهني. أتوجه كل يوم أنا وعائلتي للحدثة لجلسات عائلية في أرضنا التي سُلبت، وآمل أن يعود الناس إلى ديارهم التي هُجروا منها، نحن نعقد اجتماعات تقريبا يومية لتنظيم مسيرة إلى قرية الحدثة المهجرة في ذكرى النكبة'.

ولمدن الساحل الفلسطينية وخاصة ميناء عكا قيمة خاصة في أعمال الفنان أبو الهيجاء، ففي إحدى لوحاته يرسم ميناء عكا ويضيف عليه من وحي الخيال إضافات تزيده جمالا.

'لوحات تحارب الطائفية'

القضايا الإجتماعية تأخذا حيزا من الاهتمام في أعمال الفنان أبو الهيجاء حيث تضم أعماله لوحة تحارب الطائفية والتي وصفها قائلا: 'الدين لله وجميعنا نعبد الله الواحد لا أحد يعبد محمدا أو المسيح، فنحن بأشد الحاجة للوحدة في هذه الأيام'. كما يرسم الأسوار والحارات القديمة العربية، ويضيف: 'أترجم حياة الإنسان إلى عمل فني، فأنا أعشق الصحراء وسكونها وكم أتمنى أن أسكن الطبيعة وهذه الحياة التي ترتكز على البساطة'.

وتابع الفنان أبو الهيجاء قائلا إن 'الوجع الفلسطيني يوحد صفوفنا نحن الفلسطينيين، فليس وحدهم أهالي الحدثة من يتألمون لوطنهم بل هي القرى المهجرة والوطن المنكوب الذي يجمعنا في قالب الحزن الواحد، أحمل في ذاكرتي من معاناة شعبي 72 عاما من الذكريات، لكن من رحم هذا الألم صقلنا الإيمان بالعودة، عودة الأبناء لهذه الأرض، وأثق جيدا بأننا سنجتمع من جديد وأهلنا في قرية الحدثة، لكنني لا أعلم من سيبقى إلى ذلك اليوم الذي تعود الأرض فيه لأهلها، فالظلم لا يدوم ولا بد لشمس الحق أن تشرق'.

التعليقات