شم النسيم: الموروث الفرعوني الحي

يحتفل المصريون عذا الإثنين 2 أيار/ مايو بعيد "شم النسيم"، وهو موروث ثقافي قديم، حيث احتفل فيه قدماء المصريين من الأسرة الفرعونية الثالثة، وتوارثته الأجيال إلى يومنا هذا.

شم النسيم: الموروث الفرعوني الحي

يحتفل المصريون عذا الإثنين 2 أيار/ مايو بعيد 'شم النسيم'، وهو موروث ثقافي قديم، حيث احتفل فيه قدماء المصريين من الأسرة الفرعونية الثالثة، وتوارثته الأجيال إلى يومنا هذا.

ويعود بدء احتفال الفراعنة بـ'شم النسيم'، إلى عام 2700 ق.م، أي في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، ويرجح بعض المؤرخين أنه كان معروفا ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة 'أون'، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات.

وجاء اسم شم النسيم اشتقاقا من الاسم الفرعوني 'شموش'، أي بعث الحياة، حيت آمن الفراعنة أن الربيع هو مبعث الحياة وبدأ الخلق.

 

ويخرج المحتفلون بعيد 'شم النسيم' في جماعات إلى الحدائق والحقول والمتنـزهات، ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم أطعمة ومشروبات خاصة من مواريث هذا العيد، ويقضوا يومهم في الاحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها، وكانوا يحملون معهم أدوات لعبهم، ومعدات لهوهم، وآلات موسيقاهم، فتتزين الفتيات بعقود الياسمين 'زهر الربيع'، ويحمل الأطفال سعف النخيل المزين بالألوان والزهور، فتقام حفلات الرقص الزوجي والجماعي على أنغام الناي والمزمار والقيثار ودقات الدفوف، تصاحبها الأغاني والأناشيد الخاصة بعيد الربيع، كما تجري المباريات الرياضية والحفلات التمثيلية.

ويستمر الاحتفال بالعيد بعد عودتهم من المزارع والمتنـزهات والحقول إلى المدينة، ليستمر حتى شروق الشمس سواء في المساكن حيث تقام حفلات الاستقبال، وتبادل التهنئة أو في الأحياء والميادين والأماكن العامة حيث تقام حفلات الترفيه والندوات الشعبية.

وكان لـ'شم النسيم' أطعمته التقليدية المفضلة، وما ارتبط بها من عادات وتقاليد أصبحت جزءا لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد نفسه، والتي انتقلت من الفراعنة عبر العصور الطويلة إلى عصرنا الحاضر.

وتشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم: (البيض والفسيخ والبصل والخس والملانة)

وتوارث المحتفلون بأعياد الربيع في دول الغرب والشرق مظاهر عيد شم النسيم ونقلوها في أعيادهم الربيعية.

ويعتبر البيض الملون من أهم مظاهر عيد شم النسيم، ومختلف أعياد الفصح والربيع في العالم أجمع، واصطلح الغربيون على تسمية البيض 'بيضة الشرق'.

وبدأ ظهور البيض على مائدة أعياد الربيع 'شم النسيم'، مع بداية العيد الفرعوني نفسه أو 'عيد الخلق' حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة، كما ورد في متون كتاب الموتى وأناشيد 'أخناتون الفرعوني'.

وهكذا بدأ الاحتفال بأكل البيض كأحد الشعائر المقدسة التي ترمز لعيد الخلق، أو عيد شم النسيم عند الفراعنة.

والسمك المملح 'الفسيخ' من بين الأطعمة التقليدية في عيد الأسرة الفرعونية الخامسة، عندما بدأ الاهتمام بتقديس النيل، أو 'الإله حعبى' كما أطلق عليه الفراعنة، حيث ورد في متونه المقدسة عندهم أن الحياة في الأرض بدأت في الماء، ويعبر عنها بالسمك الذي تحمله مياه النيل من الجنة حيث ينبع، حسب اعتقادهم.

أما البصل فقد ظهر ضمن أطعمة عيد شم النسيم في أواسط الأسرة الفرعونية السادسة، وارتبط ظهوره بما ورد في إحدى أساطير منف القديمة، التي تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد، وأصيب الأمير الصغير بمرض غامض أقعد الأمير الصغير عن الحركة، وعجز الأطباء والكهنة عن علاجه.

وأمر أحد الكاهن بوضع ثمرة ناضجة من ثمار البصل تحت رأس الأمير، بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ، ثم شقها عند شروق الشمس في الفجر ووضعها فوق أنفه ليستنشق عصيرها، ليشفا بذلك الأمير، وتعلق رزم البصل على مداخل البيوت، وتعتمد رسميا كأحد مأكولات شم النسيم الأساسية.

والخس من النباتات التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها ونضجها، وقد عرف ابتداء من الأسرة الفرعونية الرابعة حيث ظهرت صوره من سلال القرابين التي يقربونها لآلتهم، بورقه الأخضر الطويل وعلى موائد الاحتفال بالعيد.

وثمرة الحمص الأخضر، وأطلق عليه الفراعنة اسم 'حور بيك'، أي رأس الصقر لشكل الثمرة التي تشبه رأس حور الصقر المقدس عندهم.

واعتبروا الفراعنة أن نضج 'ثمرة الحمص' وامتلاءها إعلانا عن ميلاد الربيع، وهو ما أخذ منه اسم الملانة أو الملآنة.

اقرأ/ي أيضًا | تونس: توجان ومرايا الغياب تفوزان بكومار الرواية العربيّة

ومن بين تقاليد شم النسيم الفرعونية القديمة التزين بعقود زهور الياسمين وهو محرف من الاسم الفرعوني القديم 'ياسمون'، حيث وصفوا الياسمين بأنه عطر الطبيعة تطلقه استقبالا للربيع.

التعليقات