08/01/2011 - 11:22

رسالة عشق الى غزالتي ألكََرّملية / د. فؤاد خطيب

رسالة عشق الى غزالتي ألكََرّملية

رسالة  عشق  الى غزالتي  ألكََرّملية / د. فؤاد خطيب

 

هل  تذكرين  أخر لقاء  لنا  يا صديقتي  ألكًَرّملية ؟

تلاشت  أجسدنا وأرواحنا في بوتقة واحدة  سماوية غنّت لها عصافير الحب وانحنى لها الريحان احتراما. عندها رقصت أزهارالياسمين   على أغصانها طرباً  لذالك العشق الذي ربطنا بعلاقة خيوطها من الحرير  الدمشقي ووشائجها من دوالي ذاك الجبل الأبدي الأخضر ومن  أشعة الشمس التي أراها تجفلُ كل صباح  راكضة تبحثُ بلهفةِ عن عِشقنا الذي تركناه أياما في مغاراته السندسية التي تطلُّ على فيروز الشاطئ الأجمل. تركناه وحيدًا  أمناً  كنطفة  قدسية في رحم ألأرض،   محميًا من غدرالزمان وتبدّل الأحوال ومن لوث العصور وشرور  ألاغراب  ومن  ضياع هذا العصر  الذي  يحترقُ ويتآكل ويركضُ  ركضه ألأخير ربما نحو جحيمه  الموعود ؟؟.

قلتِ لي  يا رفيقة روحي  ألكرملية:  حَلمتُ حلماً ً يا حبيبي  أزعجني ... رأيتك   بعيدًا  في مكان عال وسط هالة  من نور نوراني وخلفكَ   غسق  ارجواني  أغبر  ونار ودخان  أسود   وريح  صَرّصر   وكأنك  على  باب الجحيم. أرهقني الشوق   للوصول اليك   وضمك الى صدري . خطواتي   عندها   لم تحملني   وباتت   خاشعة   مُرتعشة   أمام المسافة   بيننا التي غارت   كمئات السنين   الضوئية.  عندها  ضَمَمتكِ   بعنفوان وبقوة الكون كلها  وطبعتُ   قبلاً ً محمومة    على جبينك  وشفتيك  وعلى جيدك  العاجي الذي انحنى واستكان  لقبلاتي التي أعادت له بعضا  من سكينته .

يقولون يا من يغار  الورد  من حُمرة شَفتيها   بأن الحياة   رحلة  بين المهدِ واللحدِ، بين  لحظة الخلق ولحظة الوداع،  بين النور الاول   ومدى   ذاك  الكون  ألأخر المجهول السحيق الذي رأيته   تلك  الليلة  العظيمة على  سفوح  ذالك الجبل ألأخضر  وهو  يذوب  ويتحول   بلحظات من  جبل  ألجنة إلى آتون نار  الجحيم. يسعى الناس  في مناكب الارض ومساربها وتعبرُ مع زمنهم  الارضي   الحياة التي  تقصر أو تطول . عندها  بدا  لي  ألأمر سيان .

فجأة   كدتُ   أجد   نفسي وأجدك معي في المحطة ألأخيرة.  كانت أحلامنا تهرب ُأمامنا و تتلاشى كما   بدأت أزماننا وأبعادنا  وأمالنا.   أوشكت   سَرمدية  الزمن ألأول  أن  تبتلعنا  في جوفها ألأبدي  ويتبخرُ فيها حُلمنا،  حُلمَ  تلك الحياة  ألانسانية الصغيرة  مع أسنة اللهب التي   طاولت عنان السماء  السوداء.

    حُلمك  أنت يا صغيرتي  كحبكِ  ..ذاك المدى الذي يقاس   بالزمن ألابدي  ألجدلي  الذي لا يفنى  ولا يبدأ  انما يصيرُ من حالة الى أخرى . من  سندس ِ أخضرِ الى لهب أصفر ومن  غيمة  بيضاء إلى  سوسنات  حمراء  تغمر الوادي، وادينا  أنا وأنت في  ربيع  قادم  عما   قريب.  حُبك ِ يا سيدة  قلبي أرخى لي العنان  وأطلقَ  روحي ترفُ وتجولُ وتصولُ   في أرجاء  ذاك المدى  ألأخضر الواسع الذي   يأبى أن  يفارق   جفوني.

عندها   أحبكِ   كما   لم أحبك ِ من قبل. كنت دوما ً ذاك الحبيب المجهول   الذي  طالما  رغبت في وصله   ألأبدي . عندما أحبك ِ    حدودي هي الشمس وكل شيء تحت وفوق  الشمس. أهبُّ مع النسيم وأركب جناح العاصفة وأرقصُ مع  خيوط   ألأشعة القمرية وأتوه مع  النجم  الهارب  تلك الليلة   الى عينيك   وأرخي سدولي مع الليل الهابط على شعرك  ألابنوسي  وأفردُ   أنفاسي    مع النور ألاول على السفوح  الشرقية   للكرمل تلتقط ُرضاب شفتيك . كنتُ   وسأبقى   متعلقا ً    في السفوح   المعذبة تلك   التي   تكتوي بنار الجحيم   في   هذا  الزمن العقيم   ,    عاشقاً    باحثاً    عن  شرفات  ساهرة  باقية  أبدية عذبها  الهوى   وشَغلَ  حالها وبالها  ضنى  العشق  . سأطرق   أبواب الناس النيام   هنا  وهناك   موزعاًً ً  عليهم  حزما ً    من  حُزمات عِشقنا  الذي غَمرني  والكون من بعدي . سأردد    بجوارحي   مع عمر الخيام   أغنيته   ألأبدية   ولسان حالي يقول "   أفق   خفيفَ الظل ِ هذا   السحر لا دع النوم   وناغي الوتر ..  فما أطال  النوم عمرا ً  ولا قصر بالاعمار طول السهر .." .

الحب طاقة الروح   وحبك  طاقتي الى حدود الشمس  .. نعم تلك الشمس  التي تكتب  أسمك  كل  صباح باشعتها الذهبية   وهي تغسل وتطرد   النوم  من غفاة البشر  وتبعث الحياة كل يوم من جديد . دائما ً  أقول عند لقائك  بان رسائلي  لن تكون عادية راحلة  مع أفول الزمن  .  سأكتب  وأكتب  حتى  تصبح  قصة حُبنا على كل لسان فتى وصبية  في  هذا الوطن  الكبير.   سأسعى  لتبقى  قصة حبنا  أغنية  يرددها الصيادون   ويغنيها  الرعاة  بين  السفوح    الخضراء ويحكيها ألسرو  للسنديان   هناك وترويها  زهرة الياسمين لزهرة  الحناء  وينشدها  الحسون للهدهد. 

مابين   الوصل   والوصل زمنان وحالتان   زمن   الشوق   قبل اللقاء  وزمن  اللوعة  بعد اللقاء .   أنا   وأنت   نعيش  ألان حالة الاندثار والانحسار  وحالة الخلق والانصهار .   أشعر بك ِ كل مرة من جديد   تدخلين الجسد  وتسكنين القلب   وأحس  بك ُ  تنتشرين   بين الظلوع  وتبعثين  نبض  الحياة  في الجسد  العاشق حتى الثمالة .   تصبح  خطواتي    عندها هدارة  واثقة  تسرح ُ مع وحوش   الفلا   وتصاحب  " حيّ بن يقظان  "  وأمه الغزالة السارحة  في ملكوت  أبدية  بين ألأرض والسماء تناشد " بن   الطفيل "    على اعادة الكتابة  كل  يوم من جديد  وتشويق

   الو صف المنطقي  العاري  الا من  الحقيقة العارية ،   ومن ثم  الغوص   في العرض الفلسفي  الشمولي  لمعظلة الحياة   في رسالته  الخالدة التي   كتُبت رُبما لعيون  كعيونك .

هيهات..  أن تكوني  الغزالة السارحة    وأن أكون أنا  ذاك الصبي   الذي تعلم الحياة وامتص رحيقها    الاول من فم الطبيعة  الخالدة  . هيهات .. أن أكون  " بن الطفيل "   أكتب لكِ  وفيك  رسالة  تعبر  المدى والزمن   وتنطلق الى الخلود .

أنا   يارفيقة  روحي.. من أنا ؟؟.. سأحاول  أن أكون ذاك العاشق  الذي لا يكل ُولا ينام    يبحث دائما ً  عن  صورة  وحالة  غير  عادية ليضع حبك  في صدر الخلود .

اترين  ..  مرة أخرى  أتوه   وتذهب بي  الضنون    ويمتنعُ  قلبي  وقلمي  من خط رسالة  حب عادية كسائر البشر .  لا اعرف  لماذا  أهوى الجنون  وأتوق  الى التيه  ألأبدي بحبك المجنون .

 

د.  فؤاد    خطيب 

التعليقات