21/06/2011 - 00:46

خاطرة: ثلاثة وعشرون.. / ربيع عيد*

أنظر إلى صفحتي الشخصية على الفيسبوك.. لا أرى أي تعقيب حتى الآن يُهنئني بعيد ميلادي الثالث والعشرين، غريب!!..

خاطرة: ثلاثة وعشرون.. / ربيع عيد*

أنظر إلى صفحتي الشخصية على الفيسبوك.. لا أرى أي تعقيب حتى الآن يُهنئني بعيد ميلادي الثالث والعشرين، غريب!!..

الساعة الآن الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، لأكتشف بعد فحص أنني لم أضبط الاعدادات في حسابي الشخصي ليظهر موعد عيد ميلادي لأصدقائي في الفيسبوك.. ففعلت سريعًا.. وما أن قمت بذلك حتى انطلقت موجة جارفة من المعايدات والتهاني.. جارفة لكل شيء على حائطي... نعم.. الآن فقط بدأت لأشعر لأنه عيد ميلادي الثالث والعشرون.

 "كل عام وأنت بخير ربيع :)"، "كل سنة وانت سالم رفيق"، "عقبال 48674 سنة يا رب"، "عقبال تحرير فلسطين"، وغيرها من المُعايدات الجميلة، الغريبة والمضحكة، والتي لا تخلو في بعضها من "وطنية" أيضا..

هي مناسبة لأتذكر أنني أملك كما لا بأس به من الأصدقاء على الفيسبوك (1962 صديقا\ـة حتى كتابة هذه السطور)، إضافة إلى أنني أريد أن أعرف كم من هؤلاء سوف يرد الجميل الذي أقوم به أنا نفسي يوميا، إذ أقوم بمعايدة أصدقائي فيسبوكيا.. إنه مشهدٌ فيسبوكي لا يتكرر سوى مرة واحدة في السنة..

تصلني بعض المكالمات والرسائل النصية لتؤكد لي بداية العيد.

في الصباح سوف تستيقظ والدتي من النوم وتسألني لماذا أنا يقظٌ حتى الآن، ولتحذرني من قلة النوم.. فأطمئنها بأنني كنت أنهي بعض أمور هامة لا تقبل التأجيل، خصوصا الأن مع موسم الامتحانات.. لتستدرك قبل دخولها المطبخ أن اليوم ليس ككل يوم، إنه "عيد ميلادي"، فتنظر إلي بابتسامة فخر وقلق في الوقت نفسه وتعايدني.. إبنها الأصغر لم يعد صغيرا..

بعد قليل يستسقظ والدي أيضا.. سوف يقبلني اليوم.. فبعد جيل البلوغ، قليلة هي المواقف والمناسبات التي يقوم بها الأب بتقبيل ابنه، والعكس صحيح أيضا.. ومن ثم يفتح التفاز لمشاهدة نشرات الأخبار على قناة إسرائيل، أو الجزيرة، كما في كل بداية صباح.

خلال النهار سوف يتصل الأصدقاء متمنين لي عاما سعيدا وناجحا، ففي اعتقادي أن من يقوم بالاتصال بك من الأصدقاء خلال عيد ميلادك، ولا يكتفون بالمعايدة على الفيسبوك، هم أشخاص يحبونك حقا.. مع أنني بشكل عام شخصيا مُقصر مع الذين أحبهم.

في المساء حفل شواء.. تلتئم العائلة كلها.. تُنعشك الهدايا التي جلبوها لك، كما وتنتعش اقتصاديا قليلا.

 وبعد معمعان الطعام المكثف، والسلطات العابرة للقارات والثقافات.. تأتي الحلويات، حيث يلتقي الشرق مع الغرب في حوار الكعكات، إذ سوف تتنافس كعكة "ليالي بيروت" مع كعكة الجبنة الفرنسية، وكعكة "المافينز" الأمريكية، كما كل عيد ميلاد في العائلة.. لكن تبقى بالنسبة لي كعكة "الجلي" البسيطة، هي الأوفر حظا والأقوى.

هذا العام حذرت الرفاق من الأعياد المفاجئة.. لأنه وبصراحة، مللت رتابة الأعياد المفاجئة التي نُنظمها لبعضنا على مدار العام، حتى أصبحت فاقدة لشرعية المفاجئة.. كما وأنني مللت من غناء الأغاني نفسها في كل عيد ميلاد، وتكرار السيناريو نفسه.. فما بالكم بالسهرات العادية الأخرى..!!

أنا اليوم أفضل أن ننظم فعاليات تعارف ومصارحة في سهراتنا، لأنني أكتشفت أنها تنقصنا كثيرا.. ومؤخرا أُشدد على لعبة القنينة "إيميت حوفاه" (الحقيقة والأمر).

"الصلاة خيرٌ من النوم".. الساعة الآن الرابعة صباحا تقريبا.. الاجتياح الذي حصل على حائطي في الفيسبوك توقف، يأتي أبي ليقول لي "ربيع قوم نام يابا".. فأقول له "يلا إسا بفوت.." ويغادر..

صوت السيارات المسرعة على الشارع الرئيسي للقرية، مع صوت الهواء القادم من سهل البطوف، يجعلني أخرج لأدخن سيجارة مع كأس من العصير كعادتي في التدخين..

وأعود.. أفكر كثيرا في الخيارات التي أخذتها حتى الآن في حياتي، أشعر أن في هذا الجيل يجب علي أن أحسم أمري في كل القضايا المؤجلة، وأن أراجع ما حسمته من أمور، فبعد بضع سنوات، سيكون الأمر متأخرا.. في هذا الجيل من حياة الإنسان تتبلور الهوية والشخصية والخيارات... هل ما زال أمامي الوقت الكافي لأحقق كل خياراتي وأحلامي..

إنها سنة الحسم بالنسبة لي في أمور حرت في أمرها كثيرا، لكن الجميل هذا العام بالنسبة لي، والذي يفتح لي أفقا، هو ربيع الشعوب العربية.. أجمل الأعياد.

أُرتب قليلا برنامج عملي المكتظ دائما، خصوصا بالمشاريع المؤجلة، والأعمال المستعجلة، أُقرر تأجيل امتحاني يوم غد للموعد "ب"، هناك أشياء أهم يجب أن أعمل عليها حاليا.

أُرسل النص إلى المحرر، وأخلد للتفكير دون حواجز من جديد...

وكل عام وأنتم بخير.

 

* عيلبون - فلسطين

التعليقات